في الوقت الحالي، غالباً ما يعني شحن السيارة الكهربائية البحث عن شاحن وتوصيلها معه لساعات. إلا أنها قد تتمكن قريباً من القيام بذلك على الطريق، إذ تم تصميم جزء قصير من الطريق السريع قيد الإنشاء في غرب منطقة لافاييت بولاية إنديانا الأميركية، لاختبار تقنيات يمكنها شحن السيارات الكهربائية -بما في ذلك السيارات شبه الكهربائية- في أثناء قيادتها بسرعة 65 ميلاً (104 كلم) في الساعة.
شحن لاسلكي
تشبه التكنولوجيا الأساسية الشحن اللاسلكي للهاتف الخلوي، حيث يرسل جهاز الإرسال الطاقة عبر مجال مغناطيسي.
ويعمل فريق من جامعة «بوردو» مع وزارة النقل بولاية إنديانا في المشروع. ويقول ستيف بيكاريك، أستاذ الهندسة الكهربائية وهندسة الكومبيوتر في الجامعة: «الأمر هنا مشابه جداً (لشحن الهاتف)، باستثناء أن مستويات الطاقة أكبر بكثير».
يقوم الملف المدمج تحت الأسفلت أو الخرسانة بنقل الطاقة من الشبكة لاسلكياً إلى جهاز الاستقبال الموجود على السيارة. وفي أثناء قيادة السيارة الكهربائية، يمكن للنظام تتبع كمية الكهرباء المستخدَمة لشحنها. وإذا تم تثبيت التكنولوجيا بشكل دائم، فسيدفع السائقون مبالغ مقابل مقدار الطاقة التي يستخدمونها بالضبط.
أول مشروع للطرقات السريعة
تجدر الإشارة إلى أن مدناً أخرى ركّبت تكنولوجيا مماثلة في الطرق، بما في ذلك في شارع بالقرب من وسط مدينة ديترويت. لكنّ هذه التجربة هي الأولى لتوظيفها على طريق سريعة، كما أنها أول مشروع لخدمة السيارات الكهربائية والشاحنات الكهربائية الأكبر حجماً.
كيف يمكن لطريق الشحن اللاسلكي أن يساعد إذا أمكن شحن السيارات الكهربائية في أثناء القيادة؟ يكمن الجواب في حل بعض التحديات الأكبر التي تواجه اعتماد هذه السيارات، إذ في الوقت الحالي يستخدم مصنعو السيارات الكهربائية بطاريات ضخمة لأن السائقين يشعرون بالقلق بشأن المدى الذي يمكنهم قطعه عند تزودهم بشحنة واحدة فقط. وهذا يعني أنه عند توصيل السيارة بالكهرباء، يستغرق شحنها وقتاً أطول.
تحديات استخدام البطاريات
ونظراً لأن البطاريات هي الجزء الأكثر تكلفة في السيارة الكهربائية، فإنها تضيف أيضاً إلى التكلفة. وتضيف البطاريات الأكبر حجماً أيضاً إلى التأثير البيئي لصنع سيارة كهربائية، كما أنها أكثر خطورة في حالات الاصطدام.
وبالنسبة إلى الشاحنات الضخمة ذات 18 عجلة التي تقوم بالتوصيل لمسافات طويلة في جميع أنحاء البلاد، فإن البطاريات ليست قابلة للتطبيق بعد. المعروف أن الشاحنات الضخمة تقوم بالفعل بعمليات تسليم لمسافات أقصر -إلا أن أوقات الشحن الطويلة تجعل من غير العملي قيامها برحلات أطول.
بدائل الشحن الكهربائي
يعمل بعض الشركات الناشئة على إيجاد بدائل، بما في ذلك تبديل البطاريات تماماً حتى لا يضطر السائقون إلى الانتظار لساعات للشحن. كما يمكن أن تكون الطرق التي يمكن شحنها لاسلكياً حلاً آخر، وتساعد بشكل كبير على تقليل تكلفة المركبات الكهربائية.
وقد عمل باحثو بوردو على تطوير تقنية في انتظار الحصول على براءة اختراع يمكنها العمل مع أنواع مختلفة من المركبات. ويرصد نظامهم المطوَّر مقدار الطاقة المطلوبة. يقول بيكاريك: «يجب أن تكون هناك (مصافحة) بين السيارة والطريق. في جوهر الأمر، تخبر السيارة الطريق: أنا هنا... ثم تقول أيضاً: هذا هو مقدار الطاقة الذي أحتاج إليه».
مشروع تجريبي
وستثبت هذه التجربة ما إذا كان بإمكان هذه التكنولوجيا التوسع أم لا. وقد اختبر الفريق بالفعل متانة هذه التكنولوجيا باستخدام معدات تحاكي وزن الشاحنات الثقيلة التي تمر على الطريق. كما جرى اختبار نقل الطاقة في المختبر.
بدأت أطقم البناء الآن في تثبيت التقنية على امتداد ربع ميل من الطريق السريع. وبعد اكتمال التثبيت، من المتوقع أن يبدأ الإصدار التجريبي الجديد في مايو (أيار) 2025 ويستمر حتى فصل الصيف.
ستوفر «كامنس Cummins»، الشركة المصنِّعة للشاحنات، شاحنة كهربائية ستختبر كيفية أداء التكنولوجيا. نظراً لأن المركبات تحتاج إلى ملحق حتى تعمل عملية نقل الطاقة، فإن الشخص الذي يقود سيارة كهربائية نموذجية على الطريق لن يدفع أي رسوم. وسيتعين تصميم السيارات المستقبلية أو تحديثها باستخدام الملحقات لاستخدام التكنولوجيا.
دراسة الأداء والديمومة
ويخطط الباحثون لدراسة كيفية أداء الطريق مع مرور الوقت. يتضمن ذلك ما يحدث إذا كان هناك صدع، على سبيل المثال، والمدة التي سيستمر فيها الرصيف من دون حدوث أضرار لأن الملفات مدمجة تحت السطح ببوصتين. كما سيدرسون ما يحدث إذا لم تسر السيارة مباشرةً فوق جهاز الإرسال. وستنظر التجربة أيضاً فيما يحدث في الأحوال الجوية السيئة، وسيتعلم الباحثون المزيد عن الكفاءة وتكلفة تشغيل النظام.
وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن الخطوة التالية ستكون تركيب عدة أميال من الطريق السريعة اللاسلكية خلال السنوات القليلة المقبلة. يقول بيكاريك: «أعتقد أن ما ستراه هو توسيع ممرات الشحن المهمة».
* خدمة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».