تحديد جين يرتبط بالفشل الكلوي

اكتشاف دوره يفتح الأبواب أمام علاجات جديدة

تحديد جين يرتبط بالفشل الكلوي
TT

تحديد جين يرتبط بالفشل الكلوي

تحديد جين يرتبط بالفشل الكلوي

حدد علماء من كلية الطب جامعة ديوك في سنغافورة Duke-NUS الجين الذي يلعب دوراً حاسماً في تنظيم إمدادات الطاقة للخلايا التي تسبب الفشل الكلوي kidney failure.

خلل «مراكز الطاقة»

ويقدم هذا الاكتشاف المتعلق بالجين المسمى «دبليو دبليو بي 2» WWP2 هدفاً جديداً للعلاجات التي تهدف إلى تخفيف تندب الكلى kidney scarring وتلفها، خاصة في سياق تطور مرض الكلى المزمن المعروف أيضاً باسم تصلب كبيبات الكلى glomerulosclerosis، وهي وحدات الترشيح الصغيرة في الكلى.

ونُشرت الدراسة في «مجلة الجمعية الأميركية لأمراض الكلى» Journal of the American Society of Nephrology في 18 مارس (آذار) 2024، وكانت بقيادة جاك بهموراس من برنامج اضطرابات القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي في جامعة ديوك سنغافورة وهو أيضاً نائب مدير مركز البيولوجيا الحاسوبية بالجامعة.

وقد وجد الباحثون أن جين WWP2 يلعب دوراً حاسماً في تنظيم الميتوكوندريا، وهي مراكز الطاقة في الخلية والتي تسمى أيضاً «محطات الطاقة» في الخلية، لأنها تنتج الطاقة اللازمة لوظائف الخلية.

الجين وتليّف الكلية

وأشرف إنريكو بيتريتو، أستاذ علم الوراثة ومدير مركز مجموعة علم الوراثة للأنظمة في كلية الطب سنغافورة المشارك بالدراسة، على تحليل أكثر من 130 عينة خزعة من كلى المرضى في الصين وإيطاليا. وكشف تحليل عينات الخزعة من الذين يعانون من مرض الكلى المزمن، أن المستويات الأعلى من هذا الجين ترتبط بتليّف fibrosis الكلى في حين أن تقليل مستويات الجين يعزز عملية التمثيل الغذائي في خلايا الكلى ويبطئ تكوين الندبات مما يقلل من شدة خلل وظائف الكلى وتليفها.

ويعد هذا الاكتشاف مهماً لأن مرض الكلى المزمن يمثل مشكلة صحية عالمية مع خيارات علاجية محدودة، وغالباً ما يؤدي إلى تلف الأعضاء بشكل لا رجعة فيه وإلى الفشل الكلوي في المرحلة النهائية. كما أن النتائج التي توصل إليها الفريق تسلط الضوء على الآليات الوراثية الكامنة وراء أمراض الكلى، وكذلك تفتح آفاقاً جديدة للتدخل العلاجي.

ويعدّ مرض الكلى المزمن مصدر قلق صحي عالمي يساهم في ارتفاع معدلات الوفيات في جميع أنحاء العالم وتتأثر سنغافورة بشكل خاص، حيث تحتل المرتبة الخامسة في العالم من حيث حالات الفشل الكلوي الجديدة. ويتم تشخيص ما يقرب من ستة مرضى جدد يومياً في المرحلة المتقدمة من مرض الكلى. وفي العادة تصبح أنسجة الكلى متليفة؛ مما يؤدي إلى تندب دائم وتلف الأعضاء الذي لا يمكن علاجه.

الجين واعتلال عضلة القلب

في دراسة سابقة نُشرت في مجلة «نتشركوميونيكيكشن» Nature Communications في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، توصل العلماء في كلية الطب بجامعة ديوك NUS إلى اكتشاف رائد يتعلق بالجين نفسه WWP2 ودوره في التحكم في سلوك خلايا بلعمية macrophages قلبية محددة مسؤولة عن التندب المفرط في أمراض القلب الشائعة أو اعتلال عضلة القلب.

وعن طريق منع الجين من التحكم في سلوك الخلايا البلعمية القلبية يمكن تحسين وظيفة القلب، ويمكن إبطاء تكوين الأنسجة الندبية، وبالتالي تأخير التقدم إلى مرحلة فشل القلب.

نظرة مستقبلية

يعد هذا الاكتشاف مهماً لأن مرض الكلى المزمن يمثل مشكلة صحية عالمية مع خيارات علاجية محدودة وغالباً؛ ما يؤدي إلى تلف الأعضاء بشكل لا رجعة فيه والفشل الكلوي في المرحلة النهائية.

ولا تسلط النتائج التي توصل إليها الفريق الضوء على الآليات الوراثية الكامنة وراء أمراض الكلى فحسب، بل تفتح أيضاً آفاقاً جديدة للتدخل العلاجي.

ويستكشف الباحثون الآن تطوير مثبطات تستهدف الجين WWP2 كعلاج محتمل لأمراض القلب والكلى؛ لذا فإن هذا الاكتشاف الرائد يعد بآمال تحسين النتائج لملايين مرضى مرض الكلى المزمن في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المرضى في سنغافورة.


مقالات ذات صلة

علاج نفسي يخفف آلام مرضى الغسل الكلوي

صحتك مرضى الفشل الكلوي المزمن يعتمدون على الغسل الكلوي للبقاء على قيد الحياة (جامعة ستانفورد)

علاج نفسي يخفف آلام مرضى الغسل الكلوي

أفادت دراسة أميركية بأن تدريب مهارات التكيف مع الألم، وهو نوع من العلاج النفسي، ساعد مرضى الفشل الكلوي الذين يعتمدون على الغسل الكلوي في تقليل تأثير الألم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق مرض الكلى المزمن قد يؤدي إلى الفشل الكلوي (جامعة ماريلاند)

ما أسباب تضاعف مرض الكلى المزمن بين النساء عالمياً؟

كشفت دراسة تحليلية أن عدد حالات الإصابة بمرض الكلى المزمن بين النساء حول العالم، ازداد بقرابة ثلاثة أضعاف خلال العقود الثلاثة الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك اتباع نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه قد يقلل من ضغط الدم (رويترز)

نظام غذائي يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والكلى... تعرَّف عليه

أكدت دراسة جديدة أن اتباع نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه قد يقلل من ضغط الدم، ويخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والكلى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم اختبار الدم يساعد في اكتشاف إصابة الكلى الحادة (جامعة روكفلر)

الاختبارات الجينية... هل من الضروري إجراؤها لمرضى الكلى المزمن؟

شدّدت مجموعة العمل، التي شكّلتها «المؤسسة الوطنية للكلى» في الولايات المتحدة، على أهمية الاختبارات الجينية في إدارة أمراض الكلى وتشخيصها.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
يوميات الشرق في لبنان رفع كثيرون الصلاة لشفائه (صور إيلي مرعب)

إيلي مرعب... صحافي لبناني يعاند الامتحان الصعب

الغد ليس في اليد. هذه قناعة المتعقّلين في حياة دولابها دوّار. يسير الصحافي إيلي مرعب بهذا الزهد نحو أيامه المقبلة؛ وهو المولود من نضج التجربة ومرارة الاختبار.

فاطمة عبد الله (بيروت)

هل يمكن الوثوق باختبارات ميكروبيوم الأمعاء المنزلية؟

هل يمكن الوثوق باختبارات ميكروبيوم الأمعاء المنزلية؟
TT

هل يمكن الوثوق باختبارات ميكروبيوم الأمعاء المنزلية؟

هل يمكن الوثوق باختبارات ميكروبيوم الأمعاء المنزلية؟

كان تحليل البراز في وقت ما يشكل اهتماماً خاصاً. واليوم تكشف نظرة سريعة على متجر «أمازون» عن عشرات الاختبارات المنزلية المصممة للكشف عن تكوين برازك.

ميكروبيوم الأمعاء

تعكس مثل هذه المنتجات زيادة في شهية الجمهور للحصول على معلومات حول ميكروبيوم الأمعاء. يقول جيانلوكا إيانيرو من الجامعة الكاثوليكية في روما في حديث نشر في مجلة «نيوساينتست» البريطانية اليوم: «بغض النظر عن البلد الذي تعيش فيه، يأتي الكثير من المرضى إلى الأطباء يسألون عن اختبار ميكروبيوم الأمعاء» gut microbiome.

علاقة الميكروبيوم بالأمراض

ولا تزال المناقشات تدور حول مدى موثوقية ما تقدمه لنا هذه الاختبارات نظراً للتحديات في تحديد الجوانب التي تشكل الميكروبيوم المثالي - وكيفية تحقيقه.

ويظل إثبات رابط السببية بين الميكروبيوم والأمراض - أي أن مجموعة معينة من الكائنات الحية متورطة بشكل مباشر في حالة طبية - موضع نقاش. ويقول نيكولا سيجاتا من جامعة تورينو في إيطاليا: «لدينا بعض الأدلة من النماذج الحيوانية وبعض الأدلة من تجارب التدخل، ولكن ليس هناك الكثير منها».

* 30 إلى 40 في المائة من الأنواع مشتركة بين ميكروبيوم من شخصين منفردين*

ميكروبيوم «شخصي»

والأمر الأكثر تحدياً هو الاختلاف الهائل بين الناس. يقول سيجاتا: «إن ميكروبيوم الأمعاء شخصي للغاية لكل منا. إذا قارنا بين ميكروبيوم أمعائي وميكروبيوم أمعائك، في المتوسط، سيكون لدينا 30 إلى 40 في المائة من الأنواع المشتركة، ويمكن أن تكون سلالات تلك الأنواع مختلفة للغاية». يعتمد سلوك كل ميكروب أيضاً على جيرانه وعمرك ونظامك الغذائي. ويضيف سيجاتا: «لا تعمل أي من البكتيريا في عزلة».

لا معنى للحديث عن «ميكروبيوم صحي»

ولهذه الأسباب، لا معنى للحديث عن «ميكروبيوم صحي» واحد، كما يقول سيجاتا، فهناك العديد من التكوينات التي قد يرتبط كل منها بخطر أعلى أو أقل للإصابة بأمراض معينة في مراحل مختلفة من الحياة.

أنماط ميكروبيوم عامة

لكن بعض الأنماط العامة أصبحت واضحة. وقد وجدت دراسة حديثة استخدمت بيانات جمعتها شركة التغذية ZOE ونشرت في مجلة «نتشر» (Nature, doi.org/g8xtnx)، أن النباتيين لديهم مستويات أعلى من البكتيريا في عائلة Lachnospiraceae وجنس Butyricicoccus، وكذلك نوع Roseburia hominis، التي تنتج جميعها أحماضاً دهنية قصيرة السلسلة مثل الزبدات butyrate.

يقول سيجاتا، الذي كان أحد مؤلفي الدراسة ومستشاراً لشركة ZOE: «هذه الكائنات مفيدة جداً لنا - فهي تقلل الالتهاب، وتحافظ على جهاز المناعة لدينا في حالة جيدة، وتحافظ على توازن حاجز الأمعاء».

اختبارات شخصية

يمكن للاختبارات التشخيصية بالفعل التقاط بعض هذه الاختلافات. يقول إيانيرو: «ليس لدينا توقيع صحي ميكروبي ثابت، لكن لدينا بيانات متزايدة تُظهر ما هي أحجار الأساس للصحة، مثل وجود أو غياب مجموعات محددة من البكتيريا».

إن ميكروبيوم الأمعاء شخصي للغاية لكل منا، وهناك تباين كبير (بين مختلف الأشخاص). لذا فإن موثوقية هذه الاختبارات يمكن أن تختلف.

ادعاءات ومزاعم

وقد أوضحت ورقة بحثية حديثة نشرت في مجلة «لانسيت» إجماع الخبراء على مثل هذه الاختبارات. ويزعم إيانيرو وزملاؤه أننا بحاجة إلى إرشادات أفضل لضمان قيامها بما تدعيه تلك الاختبارات.

ويتوخى الفريق الحذر بشكل خاص من المنتجات التي يتم بيعها مباشرة للمستهلك، التي تخضع لتنظيم ضعيف. ويقول إيانيرو: «في إجماعنا، قلنا إن الاختبار يجب أن يوصف من قبل طبيب».

كما تعتقد إنريكيتا غارسيا جوتيريز من جامعة بوليتكنيك في قرطاجنة في إسبانيا أن الحذر مطلوب قبل أن نستثمر في اختبارات ميكروبيوم الأمعاء في المنزل، لأنها غالباً لا توفر سياقاً كافياً لمساعدة المستهلكين على فهم نتائجها. وتضيف: «لقد رأيت بعض هذه التقارير، وهي عالية المستوى للغاية - إنها ليست مفيدة على الإطلاق».

إمكانات المستقبل

على الرغم من كل هذه المخاوف، قد يحمل المستقبل إمكانات كبيرة. إذ تعمل آشلي سايدبوتوم من معهد دوشويس العائلي بجامعة شيكاغو على اختبار سريع يقيس المستقلبات التي تنتجها بكتيريا الأمعاء. وتعمل هذه الميكروبات كمؤشرات لوظيفة الميكروبيوم الكلية، وليس للإشارة إلى وجود أنواع فردية. وفي نهاية المطاف، فهي تأمل أن تصبح قياسات الميكروبيوم المعوي روتينية مثل اختبارات الدم.

اقرأ أيضاً