طريقة مبتكرة لتعزيز إنتاجية «الديزل الحيوي» من بذور «الجاتروفا» بمصر

بذور الجاتروفا (الباحثة سهى أمين عبدالله)
بذور الجاتروفا (الباحثة سهى أمين عبدالله)
TT

طريقة مبتكرة لتعزيز إنتاجية «الديزل الحيوي» من بذور «الجاتروفا» بمصر

بذور الجاتروفا (الباحثة سهى أمين عبدالله)
بذور الجاتروفا (الباحثة سهى أمين عبدالله)

اكتسبت زراعة «الجاتروفا» زخماً في مصر أخيراً، باستخدام مياه الصرف الصحي في المناطق الصحراوية بصعيد مصر والوادي الجديد. ونبات «الجاتروفا» من المحاصيل غير الغذائية، يُزرع في الأراضي شبه القاحلة، ويعيش في الأرض لمدة 50 عاماً، وينتشر بوصفه محصولاً لإنتاج الطاقة البديلة الصديقة للبيئة.

ويعد المناخ الأفريقي أفضل مناخ استوائي جاف لإنتاج هذه النبتة، عبر استغلال الأراضي الصحراوية الشاسعة.

ومن خلال التركيز على بذور الجاتروفا، المعروفة بتحملها للجفاف، ونموها السريع، ومحتواها العالي من الزيت، سعى فريق بحثي من جامعة «بنها» في مصر، إلى تعزيز إنتاجية وكفاءة إنتاج الوقود الحيوي من بذور الجاتروفا.

ونجح الباحثون في زيادة إنتاج الزيت الحيوي والديزل الحيوي من بذور الجاتروفا المصرية من خلال استخدام أحدث طرق المعالجة المسبقة بالموجات فوق الصوتية والميكروويف، ونشرت النتائج، في العدد الأخير من دورية «ساينتفك ريبورتس».

الباحثون استخدموا أحدث طرق المعالجة المسبقة بالموجات فوق الصوتية والميكروويف (جامعة بنها)

عالمياً، تبلغ المساحة المزروعة بالجاتروفا حوالي 900 ألف هكتار، بينها 760 ألف هكتار في آسيا، و120 هكتارًا في أفريقيا، و20 ألف هكتار في أميركا اللاتينية، وفق الدراسة.

وتُعد جميع المناطق الصحراوية بمحافظات الصعيد والوادي الجديد في مصر، مناسبة لزراعة الجاتروفا، وتبلغ مساحة هذه الأراضي الهامشية المزروعة بالجاتروفا في مصر حالياً 844 هكتاراً، حسب الباحثين.

وقود الديزل الحيوي

ويعرّف الوقود الحيوي، على أنواعه، بأنه الطاقة المستدامة ‏التي تصنف بوصفها لاعبا رئيسيا في مصادر الطاقة المتجددة، في ظل تزايد الاهتمام بالبحث عن مصادر صديقة للبيئة للوقود الأحفوري.

ومن بين أنواع الوقود الحيوي، هناك اهتمام بوقود الديزل الحيوي، وهو زيت يتم استخلاصه من النبات ويستخدم بديلا للديزل البترولي أو ممزوجا به في السيارات ‏والأساطيل الصناعية بمحركات الديزل.

تقول سهى أمين عبد الله، الباحثة المشاركة بالدراسة من قسم الهندسة الزراعية والنظم الحيوية، بكلية الزراعة جامعة بنها: «وقود الديزل الحيوي هو سائل يتم الحصول عليه من خلال العمليات الكيميائية من الزيوت النباتية أو الدهون الحيوانية، ويمكن استخدامه في محركات الديزل بمفرده أو يكون ممزوجاً بوقود الديزل التقليدي بنسبة 20 في المائة».

وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «وقود الديزل الحيوي يتمتع بكثير من المزايا بوصفه بديلا لوقود الديزل، أبرزها أنه يأتي من مصدر متجدد، كما أنه منخفض السمية، ولديه قابلية للتحلل، بالإضافة لانخفاض انبعاثاته، وانخفاض مخاطره الصحية، حيث لا يحتوي على ثاني أكسيد الكبريت وهو غاز ملوّث للهواء، ينتج عن حرق الوقود الأحفوري، بما في ذلك الفحم والنّفط والغاز».

ويمكن استخلاص وقود الديزل الحيوي من زيت بذور اللفت وزيت النخيل وزيت جوز الهند وزيت دوار الشمس أو الزيوت غير الصالحة للأكل مثل الجاتروفا والخروع.

وبالإضافة لاستخدامه وقودا حيويا، يعد زيت الجاتروفا مصدراً مهماً لإنتاج وقود الديزل الحيوي في مصر بوصفه منتجاً مستداماً؛ لأنه يمكن زراعته في ظروف مختلفة، وهو زيت متجدد لا ينافس في سوق المواد الغذائية، وفق سهى أمين. وأضافت أن ما يميز وقود الديزل الحيوي من بذور الجاتروفا أيضا أن حرارة احتراقه قريبة جداً من حرارة احتراق وقود الديزل العادي، كما أنه صديق للبيئة، حيث إنه خال من الكبريت وقابل للتحلل.

طرق الاستخلاص

ويمكن استخلاص زيت الجاتروفا من البذور بعدة طرق، مثل الطرق الميكانيكية مثل العصر على البارد، والعصر الساخن، بالإضافة للاستخلاص باستخدام المذيبات، لكن الطرق الحديثة تعتمد على الاستخلاص باستخدام الموجات فوق الصوتية لكسر جدران الخلايا النباتية وزيادة استخراج الزيت من البذور.

وتنتج نبتة الجاتروفا التي تنتمي إلى عائلة «الفربيون» كمية كبيرة من الزيت من بذورها، هذا الزيت غير صالح للأكل بسبب وجود مركب سام بالنسبة للبشر، وبالتالي أصبح الزيت مصدراً جذاباً للغاية لوقود الديزل الحيوي.

ويتراوح محتوى الزيت في بذور الجاتروفا من 30 إلى 50 في المائة من وزن البذرة ويتراوح من 45 إلى 60 في المائة من وزن النواة نفسها.

وأثبتت نتائج الدراسة أن أعلى إنتاجية لزيت الجاتروفا الحيوي وصلت إلى (25.1 في المائة) عند درجة حرارة استخلاص 120 درجة مئوية وسرعة لولبية 60 دورة في الدقيقة.

وفيما يتعلق باستخدام طرق المعالجة المسبقة بجهاز الموجات فوق الصوتية وجهاز الميكروويف، أضافت الدراسة أن نسبة التحسن بلغت 5.03 في المائة نتيجة المعالجة بالميكروويف و6.75 في المائة للموجات فوق الصوتية.

وأخيراً، خلصت النتائج إلى أن إنتاج 1 كلغم من وقود الديزل الحيوي يحتاج إلى 1.1 كلغم من الزيت الخام. وبخلاف إنتاج وقود الديزل الحيوي، تتمتع نبتة الجاتروفا بكثير من الخصائص المفيدة، مثل استخدامها لإنتاج مواد التنظيف، ومستحضرات التجميل، والأصباغ، والأسمدة العضوية، والأدوية المختلفة. كما يتم استخدام أوراقها علفا لدودة القز من بين استخدامات أخرى، وهي شجرة سريعة النمو وسهلة التكاثر.


مقالات ذات صلة

«أوبن إيه آي» تطلق واجهة جديدة باسم «كانفاس» لمنصة «شات جي بي تي»

تكنولوجيا شعار شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية «أوبن إيه آي» (رويترز)

«أوبن إيه آي» تطلق واجهة جديدة باسم «كانفاس» لمنصة «شات جي بي تي»

أطلقت شركة الذكاء الاصطناعي الأميركية «أوبن إيه آي» طريقة جديدة للتفاعل مع منصة محادثة الذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» بواجهة مستخدم تسمى «كانفاس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
تكنولوجيا شعارا «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

الذكاء الاصطناعي التوليدي... فقاعة أم ثورة؟

يستقطب الذكاء الاصطناعي التوليدي استثمارات مالية طائلة، إلى حد إثارة مخاوف من ظهور فقاعة جديدة.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو )
تكنولوجيا تعكس هذه التحسينات التزام «يوتيوب» بالتطور مع مستخدميه وتقديم أدوات تلهم عملياتهم الإبداعية (أدوبي)

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

«يوتيوب» يوسّع نطاق «شورتس» بميزات جديدة مثيرة للمبدعين والمشاهدين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا على غرار الميزات المتوفرة عبر منصات مثل «زووم» يقدم «واتساب» خياري «اللمسات الأخيرة» و«الإضاءة المنخفضة» (واتساب)

ميزات جديدة من «واتساب» لتحسين جودة الاتصال عبر الفيديو

يكثف «واتساب»، الذي يُعد أكبر تطبيق مراسلة في العالم، مع أكثر من ملياري مستخدم عبر 180 دولة، جهوده لإثراء تجربة المستخدم في مجال مؤتمرات الفيديو.

نسيم رمضان (لندن)

«النملة الانتحارية»... نمل أبيض يفجر نفسه في وجه الأعداء عند تعرض المستعمرة للخطر

تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)
تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)
TT

«النملة الانتحارية»... نمل أبيض يفجر نفسه في وجه الأعداء عند تعرض المستعمرة للخطر

تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)
تقوم فصيلة من النمل الأبيض بتفجير نفسها في وجه الأعداء في حالة تعرض مستعمرتها للخطر (أرشيفية)

توصل فريق بحثي متخصص في علم الحشرات بجمهورية التشيك إلى أن فصيلة من النمل الأبيض تقوم بتفجير نفسها في وجه الأعداء، في حالة تعرض المستعمرة للخطر.

وبحسب «وكالة الأنباء الألمانية»، يندرج النمل الأبيض ضمن فصائل الحشرات التي تتغذى على السليولوز، ويشار إليه باسم النمل الأبيض؛ للتمييز بينه وبين فصائل النمل الأخرى، ويعيش داخل خلايا يبلغ تعدادها عدة ملايين من النمل، في ظل نظام اجتماعي يتشابه مع أنظمة الحياة الخاصة بأنواع النمل الأخرى والنحل.

ويقول الباحثون إن هناك 2750 نوعاً مختلفاً من النمل الأبيض، وينقسم إلى ثلاث فئات أساسية، وهي: النمل الأبيض الجوفي الذي يعيش في أعشاش داخل التربة قرب مصادر الغذاء مثل الأشجار والمنازل، والنمل الأبيض الجاف الذي يعيش داخل جذوع الأشجار الميتة والأرضيات الخشبية الصلبة، وأخيراً النمل الأبيض الرطب الذي يعيش داخل الأخشاب التي تحتوي على نسب مرتفعة من الرطوبة.

ويقول الباحثون من أكاديمية العلوم التشيكية وكلية العلوم الزراعية الاستوائية بجامعة علوم الحياة في براغ، إن النمل الأبيض من فصيلة Neocapritermes taracua يحمل على ظهره حويصلات تحتوي على نوع من الإنزيمات قابل للانفجار إذا ما تم خلطه بمادة أخرى موجودة أيضاً في جسم النملة.

وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية Structure، تبين للباحثين أن النمل العامل الأكبر سناً في المستعمرة يعتمد على آلية دفاعية ليس لها مثيل في عالم الحشرات، حيث يقوم في حالة تعرض المستعمرة لهجوم من حشرات أخرى بالتضحية بنفسه، عن طريق تنشيط تفاعل كيميائي داخل الجسم يؤدي إلى تكون مادة سامة تنفجر في وجه الخصم وتصيبه بالموت أو الشلل.

وتقول الباحثة يانا سكيرلوفا إنه على مدار عمر النملة، يتكون إنزيم يطلق عليه اسم «اللاكاز الأزرق بي بي 76» داخل حويصلات خاصة على ظهرها، وعندما تتعرض المستعمرة للخطر، تقوم النملة الأكبر سناً بشق هذه الحويصلات بنفسها، حيث يختلط الإنزيم بشكل شبه فوري بمادة أخرى مختزنة داخل جسم النملة، وينتج عن ذلك تكون مادة لزجة تحتوي على مركبات عالية السمية من مادة البنزوكينون، حيث تنفجر هذه المادة في وجه أعداء الخلية، وتقضي في الوقت نفسه على النملة ذاتها.

ويرى الباحثون أن احتفاظ هذه الفصيلة من النمل بهذا الإنزيم القابل للانفجار داخل أجسامها في صورة صلبة طوال فترة حياتها يعدّ لغزاً علمياً في حد ذاته.

ونجح علماء الحشرات، من معهد الكيمياء الحيوية والعضوية التابع لأكاديمية العلوم التشيكية، في اكتشاف السر وراء هذه المادة بواسطة التصوير بالأشعة السينية لعلم البلورات.

ووجدت الباحثة يانا سكيرلوفا أن إنزيم اللاكاز الأزرق الذي تحمله النملة يحتوي على نوعين من الأحماض الأمينية، وعندما ينتقل الإنزيم إلى الحالة النشطة، يحدث التحام بين جزيئات الحمضين بواسطة رابطة كيميائية قوية، ويبدأ التفاعل الذي يسفر في النهاية عن الانفجار.

ونقل الموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية عن الباحثة سكيرلوفا، قولها إن «سبر أغوار الهيكل ثلاثي الأبعاد لإنزيم (اللاكاز الأزرق بي بي 76) كشف عن أن هذا الإنزيم يحتوي على مجموعة من الاستراتيجيات التي تكفل استقراره من الناحية الكيميائية داخل جسم النملة، وهو ما يجعله طويل البقاء، وقابلاً للاستخدام في أي لحظة، وذلك في خضم ظروف الحياة القاسية التي تعيشها النملة في الغابات المطيرة والاستوائية». وبفضل تركيبه الفريد، يظل الإنزيم متماسكاً، بل نشطاً حتى وإن ظل داخل حويصلات في جسم النملة طوال حياتها. وتعدّ هذه الصفة أساسية وتنطوي على أهمية خاصة من أجل تفعيل آلية الدفاع عن مستعمرة النمل، حيث يتعين أن يتم التفاعل بأثر فوري، بمجرد أن تهب النملة العاملة للدفاع عن الخلية.

ويقول الباحثون إن فصيلة Neocapritermes taracua من النمل الأبيض تعيش طوال حياتها وهي تحمل على ظهرها هذه العبوة الناسفة، كما أن النمل العامل الأصغر سناً الذي يمكنه القيام بمهام متعددة من أجل الخلية، يحمل كمية ضئيلة من هذا الإنزيم على ظهره، وتتزايد كمية الإنزيم الذي تحمله كل نملة مع تقدمها في السن وتراجع قدرتها على العمل والكد، بحيث إن تفجير النملة نفسها في وجه أعداء المستعمرة قد يكون الخدمة الأخيرة التي تسديها للمستعمرة قبل أن تفارق الحياة.

وكان فريق بحثي بجزيرة جويانا الفرنسية هو أول من لاحظ قبل عدة سنوات أن هذه الفصيلة من النمل تحمل شحنة متفجرة داخل حويصلات مثل جيوب معطف المطر، وتم نشر ذلك البحث في الدورية العلمية «Science» بالاشتراك مع باحثين من معهد الكيمياء الحيوية والعضوية التشيكي.

وتؤكد الباحثة بافلينا ريزاكوفا، رئيسة المختبر العلمي الذي أجرى الدراسة على الإنزيم المشار إليه، أن «هذا الاكتشاف يمثل نموذجاً مثالياً للدور الفريد الذي يلعبه علم الأحياء الهيكلية، حيث إن فهم كل مادة أو مركب داخل جسم الكائن الحي يسلط الضوء على طريقة عمله أو الوظيفة التي يؤديها، علماً بأن التركيب ثلاثي الأبعاد لكل مادة، والذي يقصد به موقع الذرات داخل المادة، يساعد في فهم العملية البيولوجية بأسرها... وهي في هذه الحالة آلية الدفاع الفريدة للنمل الأبيض».