بروتين مناعي يؤدي إلى الخرف لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم

إضافة مثبطاته إلى أدوية العلاج توقف التدهور المعرفي

بروتين مناعي يؤدي إلى الخرف لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم
TT

بروتين مناعي يؤدي إلى الخرف لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم

بروتين مناعي يؤدي إلى الخرف لدى المصابين بارتفاع ضغط الدم

توصل باحثون في كلية طب وايل كورنيل في الولايات المتحدة إلى أن السيطرة على ارتفاع ضغط الدم قد لا تكون كافية لمنع التدهور المعرفي المرتبط به.

بروتين مناعي يقلل تدفق الدم

وكشفت الدراسة عن دور بروتين مناعي يسمى «إنترلوكين17» في التسبب بالخرف، وأن زيادته في الدماغ تؤدي إلى تثبيط تدفق الدم وتسبب الضعف الإدراكي. وتم تحديد أن «إنترلوكين17» يتفاعل مع المستقبلات في الدماغ ويؤثر على الأوعية الدموية؛ مما يسبب إجهاداً تأكسدياً وتلفاً في الأنسجة.

وأضاف الباحثون، أن إزالة خلايا مناعية معينة أدت إلى استعادة الوظيفة الإدراكية؛ ما يشير إلى الدور الحاسم للـ«إنترلوكين17» في الضعف الإدراكي المرتبط بارتفاع ضغط الدم. ويقترح الباحثون، أن إضافة مثبطات «إنترلوكين17» قد تكون فعالة في علاج الضعف الإدراكي بجانب العلاجات التقليدية لضغط الدم. ونُشرت الدراسة في 4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي 2023 في مجلة نتشر نيوروساينس Nature Neuroscience

تأثيرات ضارة على الدماغ

يؤثر ارتفاع ضغط الدم على أكثر من مليار شخص على مستوى العالم ويعاني نصفهم تقريباً «حساسية الملح»، وهي زيادة في ضغط الدم مرتبطة بزيادة استهلاك الملح. ومما يزيد الأمور تعقيداً، أن ارتفاع ضغط الدم هو عامل خطر رئيسي في الإصابة بالخرف، لكن هذه العلاقة ليست مفهومة جيداً حتى الآن.

وقالت المؤلفة الأولى للدراسه الدكتورة مونيكا سانتيستيبان، التي تعمل حالياً أستاذاً مساعداً في الطب في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت ناشفيل تينيسيب الولايات المتحدة: كان هناك بعض الجدل حول ما إذا كان علاج الضغط بأدوية ارتفاع ضغط الدم كافية لمنع التدهور المعرفي.

لذلك؛ حاول الباحثون فهم لغز العلاقة بشكل أفضل، حيث يرتبط ارتفاع ضغط الدم لدى البشر بالخلايا التائية في الجهاز المناعي التي تطلق المزيد من «إنترلوكين17»؛ مما يتسبب في زيادة مستوياته المنتشرة في جميع أنحاء الجسم. وقد دفعهم هذا إلى التركيز على «إنترلوكين17» وارتباطه المحتمل بالصحة المعرفية؛ إذ إن «إنترلوكين17» عادةً ما يكون جزءاً من الاستجابة المناعية لمسببات الأمراض، ولكنه يمكن أن يساهم في الإصابة بالأمراض الالتهابية أيضاً.

اختبار نوع من بروتينات «إنترلوكين» في الدم

مصدر الـ«إنترلوكين17»

كرر الباحثون المشكلات المعرفية في نموذج ما قبل السريري مع زيادة مستويات الـ«إنترلوكين 17». ويشارك الـ«إنترلوكين17» الذي تنتجه الخلايا التائية في الأمعاء والجهاز الدوري للدم في تقليل تدفق الدم إلى الدماغ من خلال العمل على الخلايا البطانية التي تبطن الأوعية الدموية من الداخل. ويمكن أن يؤدي نقص تدفق الدم اللازم إلى تلف خلايا الدماغ؛ لذلك أزال الباحثون مستقبلات «إنترلوكين17» الموجودة على الخلايا البطانية لمنع هذا التفاعل ومعرفة ما إذا كان هذا يمنع الضعف الإدراكي cognitive impairment، لكنهم وجدوا أنه حتى بعد منع تأثيرات «إنترلوكين17»على الدماغ ظلت المشكلات المعرفية قائمة ثم فحصوا الغشاء الواقي حول الدماغ الذي يسمى السحايا، حيث أشارت الدراسات السابقة إلى الخلايا المناعية ومصدر محتمل للـ«إنترلوكين17» في هذه المنطقة، ومن خلال عزل الجافية dura وهي الطبقة الخارجية من السحايا.

وحدد الفريق الخلايا التائية التي تنتج الـ«إنترلوكين17» بشكل مستقل عن القناة الهضمية، واكتشفوا أيضاً أن «إنترلوكين17» كان قادراً على التسلل إلى الدماغ بسبب تلف الطبقة العنكبوتية arachnoid وهي الطبقة الوسطى في السحايا، وهناك تفاعل «إنترلوكين17»مع المستقبلات الموجودة على الخلايا البلعمية المرتبطة بالدماغ وهي نوع آخر من الخلايا المناعية. وقد أدى هذا إلى الإجهاد التأكسدي الذي تسبب في إصابة الأنسجة وقمع تدفق الدم الضروري إلى الدماغ.

إزالة البروتين لاستعادة الإدراك

والمثير للدهشة، أنه عندما أزال الفريق الخلايا التائية في السحايا أو الخلايا البلعمية في الدماغ استعادوا الوظيفة الإدراكية الكاملة، وأن هذه النتائج تكشف عن دور حاسم لم يكن معروفاً سابقاً تلعبه الخلايا التائية في السحايا و«إنترلوكين17» في الضعف الإدراكي المرتبط بارتفاع ضغط الدم الحساس للملح.

ويعتقد المشاركان الأساسيان في الدراسة الدكتورة سانتيستيبان والدكتور كوستانتينو إياديكولا، مدير ورئيس معهد أبحاث الدماغ وعلم الأعصاب في كلية طب وايل كورنيل، أن هذا الاكتشاف يخلق فرصاً لدراسة العلاجات المركبة الجديدة؛ إذ يمكن أن تشمل الطرق إضافة مثبطات «إنترلوكين17» لعلاج الضعف الإدراكي مع العلاجات التقليدية لخفض ضغط الدم؛ إذ إن مثبطات «إنترلوكين17» تُستخدم حالياً بشكل شائع لعلاج أمراض المناعة الذاتية مثل الصدفية.

ارتفاع ضغط الدم يرتبط بالخلايا التائية في الجهاز المناعي التي تطلق المزيد من «إنترلوكين 17»

الخرف و ضغط الدم

وقالت الدكتورة سانتيستيبان: إنها ستجري المزيد من الأبحاث في أنواع الخلايا الأخرى الموجودة في الجافية والتي تساهم في العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم والخرف، لكن أهم ما يمكن استنتاجه هنا هو أن التحكم بضغط الدم قد لا يكون كافياً للسيطرة على التدهور المعرفي، ووفقاً لمقال نُشر في «مدونة صحة هارفارد» Harvard Health Blog article في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، فإن خفض ضغط الدم الانقباضي إلى أقل من 120 مليمتر زئبق يمكن أن يقلل خطر التأثر بالقدرة العقلية والخرف. ويقترح المقال، أن تغييرات في نمط الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضية في الهواء الطلق واتباع نظام غذاء دول البحر المتوسط والحفاظ على وزن صحي يمكن أن تساعد في خفض ضغط الدم.

ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أنه لا توجد وسيلة مؤكدة لمنع جميع أنواع الخرف، لكن يمكن أن يساعد نمط الحياة الصحي في تقليل خطر الإصابة بالخرف في الكبر؟ بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أن فقدان السمع وعدم علاج الاكتئاب والوحدة أو العزلة الاجتماعية والجلوس لمعظم اليوم قد تكون أيضاً عوامل خطر مهمة للخرف. وباختصار، وعلى الرغم من وجود أدلة تشير إلى أن التحكم في ضغط الدم يمكن أن يساعد في تقليل خطر تأثر القدرة العقلية وحدوث الخرف، فإنه ليس هناك آلية مضمونة لمنع جميع أنواع الخرف.


مقالات ذات صلة

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يتحدث الكثير من الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم، وهو ما يُطلق عليه عادةً الحديث الذاتي الخارجي أو الحديث الخاص، فما مميزات أو عيوب هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
صحتك الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بدقة بحدوث تفاقم في الأعراض قبل ما يصل إلى 7 أيام من بدء ظهورها (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

كشفت دراسة أن تحليل عينات البول باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتنبأ بتعرض المصابين بالانسداد الرئوي المزمن لتفاقم أعراض مرضهم، قبل أسبوع من ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»