7 حلول معمارية لتبريد «بيئي» للمباني الجديدة

طرق للتعامل مع الحرّ الشديد تستبعد المكيّفات الهوائية

مبنى بسطح اخضر لمقر شركة "فيتيل" في فيتنام
مبنى بسطح اخضر لمقر شركة "فيتيل" في فيتنام
TT

7 حلول معمارية لتبريد «بيئي» للمباني الجديدة

مبنى بسطح اخضر لمقر شركة "فيتيل" في فيتنام
مبنى بسطح اخضر لمقر شركة "فيتيل" في فيتنام

تزداد موجات الحرّ سخونةً وطولاً وتكراراً، ولم يعد التكييف الهوائي كافياً للحصول على الراحة، وقد بات علينا إعادة تصميم المباني بطريقة تساعد في الحفاظ على برودتها، وعلى تجنّب استخدام ملايين المكيّفات الهوائية التي تضغط على الشبكة الكهربائية حتّى انقطاع التيّار.

"سقف مظلة" لتخفيف الحر في مبنى بلوس انجليس

استراتيجيات معمارية

اليوم، تمثّل التصميمات التي أثبتت جدواها في مدن الجنوب الغربي مثل فينيكس، حلاً منطقياً في مناطق الشمال الغربي مثل بورتلاند وأوريغون. نقدّم لكم 7 استراتيجيات يستخدمها المهندسون المعماريون حالياً لهذه الغاية:

1) أسقف «المظلّة». تعتبر الجدران الزجاجية في المباني المكتبية الشائعة غير فعّالة في منع الحرّ حتّى ولو كان الزجاج ثلاثي الألواح، ولكنّ سقفاً كبيراً معلّقاً فوقها قد يلعب دوراً بارزاً في تظليل النوافذ. يساعد هذا السقف، الذي يُعرف أيضاً بـ«سقف المظلّة»، في حماية المارّة الذين يسيرون في الخارج.

يقول أنتوني براور، مدير حركة المناخ العالمي والاستدامة في شركة «جنسلر» للعمارة والتصميم: «يُعدّ الحرّ في فينيكس مشكلة مسيطرة منذ زمنٍ بعيد، ولهذا السبب نرى مزيداً من الأسقف المعلّقة»، مشيراً إلى أنّ هذه الميزة التصميمية باتت تُستخدم في أنحاء أخرى من البلاد بعد أن أصبحت مضطرّة فجأة للتعامل مع الحرّ المتطرّف.

2) إضافة «مساحات شمسية». يعتزم مهندسون معماريون من شركة «ميثون» بالتعاون مع جامعة أوريغون، البدء باختبار تعديلٍ تحديثيّ جديد هذا الخريف: غرفة مقسّمة لابتكار «مساحة شمسية»، أو فناء مغلق في الجانب الجنوبي من الوحدة يؤدّي دور الواجهة الإضافية لتخفيف الحرّ عن المبنى. تضمّ الوحدة أيضاً باباً زجاجياً يمكن إغلاقه عندما تصل درجات الحرارة في الخارج إلى ذروتها، بالإضافة إلى ظلال تساعد في حجب الحرارة، وبلاط من السيراميك يساعد في التقاطها.

سيقود المهندسون دراسة لمقارنة درجات الحرارة واستهلاك الطاقة بين غرفة المشروع التجريبي وأخرى مجاورة، وإذا سارت الأمور على ما يُرام، يمكن استخدام الاستراتيجية نفسها لتحديث المباني السكنية.

"مساحة شمسية" لتخفيف الحر في مبنى بجامعة اوريغون

شكل المبنى

3) تغيير الشكل. يؤثّر الشكل الرئيسي لأي مبنى في قدرته على الحفاظ على برودته. يملك الشكل الكروي مثلاً أصغر مساحة سطح مقارنة بمساحته الداخلية، أي أنّه يتطلّب طاقة أقلّ لتخفيف الحرّ الخارجي. (يحلّ الشكل المثمّن في المرتبة الثانية لناحية الفاعلية في التبريد، يليه المربّع، ثمّ المستطيل). عندما صمّمت شركة «جنسلر» مختبر الدفع النفاث التّابع لـ«ناسا»، كان المخطّط الرئيسي للمبنى على شكل مستطيل بثلاث طبقات.

يقول براور إنّ «الشركة أعادت النظر بالمخطّط»، لافتاً إلى أنّهم وضعوا تصميماً آخر لمبنى مربّع يتألّف من 4 طبقات لأنّه كان «أكثر فاعلية بكثير». وأضاف المهندس أنّ الطابق الداخلي الإضافي يعزّز فاعلية المبنى لأنّه مساحة معزولة أكثر عن الخارج.

4) أسطح خضراء. تقدّم مدنٌ كثيرة حوافز لاعتماد طبقات الطلاء الأبيض على الأسطح للمساعدة على الحفاظ على برودة المباني، وذلك بعكس الحرارة إلى الخارج؛ وفي كاليفورنيا، يُفرض على المباني الجديدة في بعض المناطق استخدام أسطح «باردة» مثل هذه. المفاجئ في هذا الأمر، بحسب براور، هو أنّ «هذه الأسطح جيّدة للمبنى ولكنّها مضرّة للمناخ المجهري».

عندما تنعكس الحرارة بعيداً عن السطح، تجعل المحيط أكثر حرّاً، إلّا أنّ هذا الأمر قد يتغيّر مع طبقات «الأبيض الأكثر بياضاً» الحديثة التي تعكس الحرّ على مسافات أبعد عبر الغلاف الجوّي إلى الفضاء العميق. ولأنّ هذا النوع من الطلاء ليس متوفراً على المستوى التجاري بعد، ينصح براور باعتماد الأسطح الخضراء المليئة بالنباتات للحفاظ على الحرارة الداخلية.

5) تغيير المناخ المستقبلي. قبل بضع سنوات، عندما قرّر مسؤولو جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، تحويل مرآب لركن السيارات إلى حرمٍ جديد مع وحدات للسكن الطلابي وصفوف دراسية، استخدم مهندسون من شركة «إتش كي إس» برنامجاً لتعزيز فهمهم لأرجحية تغيّر المناخ المحلّي في المستقبل، وصنعوا نماذج تستعرض تصاميم عدّة أبنية وأدائها.

تبنّى الخيار الأخير زعانف أفقية وعمودية على واجهة المبنى لإضافة الظلّ. ويستفيد المبنى أيضاً من انخفاض الحرارة في المنطقة ليلاً، عبر النوافذ وفتحات التهوية المتحرّكة، وأنظمة التهوية المتعاكسة التي تجذب الهواء

المنعش إلى المكان.

6) تحويل موقع نواة المبنى. في المباني المكتبية الكبيرة، غالباً ما تكون المصاعد، والسلالم، والأنظمة الميكانيكية في الوسط، أي في النواة. ولكن إذا انتقلت هذه النواة إلى الجهة الجنوبية من المبنى، يمكنها أن تساعد في عزل مساحة المكاتب عن الحرارة وتقليل الحاجة إلى التكييف، حسب ما شرح براور. تساعد هذه النقلة أيضاً في تكبير المساحة المفتوحة في الداخل.

7) التفكير الأفقي. تمتصّ الواجهات الزجاجية التي نراها عادةً في المباني الشاهقة، الحرارة، إلّا أنّ تصميم الجدران بشكلٍ أفقي وتزويدها بمجموعة من الشرفات من شأنهما تظلّيل الطوابق تحتها. تستخدم شركة «جنسلر» هذه المقاربة في المباني السكنية، وحتّى المكتبية العالية التي نادراً ما نرى فيها شرفات.

ترتبط الاستراتيجيات المنطقية في تصميم مبنى معيّن بموقعه وغيره من المواصفات. ولكنّ من الممكن جداً تقليل التكييف الهوائي الذي تحتاجه المباني من خلال التصميم الغيابي، أي التبريد الطبيعي. ويشدّد براور على أنّ الحلّ للتعامل مع الحرّ الشديد يبدأ مع خيارات تصميمية قليلة التقنية وليس باعتماد معدّات مطوّرة تقنياً.

* «فاست كومباني»

- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

السعودية تحشد مجتمع الملكية الفكرية لـ«الويبو» للمرة الأولى خارج جنيف

الاقتصاد الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية د. عبد العزيز السويلم يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

السعودية تحشد مجتمع الملكية الفكرية لـ«الويبو» للمرة الأولى خارج جنيف

تجمع السعودية حالياً مجتمع الملكية الفكرية العالمي لتشكيل رؤية واضحة لمستقبل التصاميم، خلال المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
تكنولوجيا «كانفا» تعزز مكانتها في عالم التصميم بالاستحواذ على «أفينيتي» مفتتحةً فصلاً جديداً من الإبداع والابتكار (كانفا)

«كانفا» تُعزز مكانتها في عالم التصميم بالاستحواذ على «أفينيتي» لمنافسة «أدوبي»

قامت «كانفا Canva»، الشركة الرائدة في توفير أدوات التصميم الغرافيكي عبر الإنترنت، بالإعلان عن ضمها «أفينيتي Affinity»، وهي منصة برمجيات إبداعية معروفة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
يوميات الشرق التصاميم البسيطة برؤية مستقبلية (السفارة الإيطالية)

«يوم التصميم الإيطالي»... وجهات نظر مختلفة في عالم الإبداع

كان اللبنانيون على موعد مع الإبداع في النسخة الجديدة من «يوم التصميم الإيطالي» لعام 2024، الذي اختارت السفارة الإيطالية إقامته بين قلب بيروت وقصر سرسق.

فيفيان حداد (بيروت)
عالم الاعمال فنادق «روكو فورتيه» تعلن عن افتتاح جناح السير بول سميث في فندق «براونز» بمايفير

فنادق «روكو فورتيه» تعلن عن افتتاح جناح السير بول سميث في فندق «براونز» بمايفير

كشف فندق «براونز» عن إطلاق جناح السير بول سميث، الذي صممه بول سميث شخصياً بالتعاون مع أولغا بوليتزي، مديرة التصميم في فنادق «روكو فورتيه».

يوميات الشرق أحد الأعمال التركيبية المعروضة القائمة على لعبة الضوء (أسبوع دبي للتصميم)

«أسبوع دبي للتصميم»... معروضاته تتناغم مع عناصر الطبيعة وحركتها

بمشاركة أكثر من 500 مصمّم ومهندس معماري، يفتتح أسبوع دبي للتصميم، اليوم، حيث يعرض أعمالاً تركيبية مفاهيمية، ومشاريع تصميمية نفذت خصيصاً للمناسبة.

سوسن الأبطح (بيروت)

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
TT

كيف يُسرّع الذكاء الاصطناعي مسار الاكتشافات العلمية؟

باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)
باحثون بجامعة نورث كارولينا يعتمدون على روبوت لتنفيذ مهام بالمختبر (جامعة نورث كارولينا)

في عصر تزداد فيه الحاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية في مجالات الصحة والطاقة، لا يزال كثير من المختبرات الحديثة تعتمد بشكل كبير على العمل اليدوي، ما يحد من سرعة ودقة التجارب العلمية.

لكن تحولاً جذرياً قد تشهده مختبرات العلوم في مجالات الكيمياء، والكيمياء الحيوية، وعلوم المواد؛ بفضل التقدم في التشغيل الآلي للروبوتات والذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام المتكررة في المختبرات.

وتُمكّن الأتمتة، الروبوتات من إجراء التجارب بدقة وتناسق عالٍ دون تعب؛ ما يسرع من وتيرة البحث بشكل كبير ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتعامل مع المواد الخطرة.

يمكن الاعتماد على الروبوتات في تنفيذ المهام المتكررة بالمختبرات (جامعة نورث كارولينا)

ويحرر هذا التحول العلماء من الأعمال الروتينية؛ ما يسمح لهم بالتركيز على أسئلة بحثية أكثر تعقيداً، ويعزّز من سرعة وفاعلية الاكتشافات العلمية في مجالات مثل الطب والطاقة والاستدامة.

5 مراحل

يعمل باحثون في قسمي علوم الكومبيوتر والكيمياء بجامعة نورث كارولاينا الأميركية على دراسة كيفية دمج الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الروتينية في المختبرات، باستخدام روبوت متحرك لأتمتة مهام مختبر الكيمياء.

ويشير الباحثون، في الدراسة المنشورة بدورية «ساينس» في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن هذه الخطوة لا تعزز الكفاءة فحسب، بل تمثل أيضاً تحولاً جذرياً في طريقة إجراء الأبحاث العلمية، ما يتيح تحقيق نتائج مذهلة بشكل أكثر أماناً وموثوقية.

أوضح الباحثون أن أتمتة المختبرات تمر بـ5 مراحل تبدأ بالمساعدة في المهام البسيطة وتنتهي بالتشغيل الآلي الكامل. في المرحلة الأولى، يتم تنفيذ مهام فردية كالتعامل مع السوائل لتخفيف العبء الروتيني، ثم في المرحلة الثانية، ينفّذ الروبوت خطوات متتالية مع بقاء العاملين من البشر للإعداد والإشراف.

أتمتة المختبرات قد تحدث تحولاً جذرياً في طريقة إجراء الأبحاث العلمية (جامعة نورث كارولينا)

وفي المرحلة الثالثة، يدير الروبوت التجارب بالكامل مع تدخل بشري عند الظروف الطارئة، بينما في الرابعة يصبح الروبوت قادراً على التعامل مع هذه الظروف بمرونة أكبر.

أما في المرحلة الخامسة، فتعمل الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل تماماً؛ ما يمكّن المختبرات من العمل المستمر دون تدخل بشري، ويعزز سرعة الاكتشافات العلمية والابتكار.

فوائد وتحديات

يقول الدكتور رون ألتيروفيتز، الباحث في الروبوتات الطبية بجامعة نورث كارولاينا، إن تطوير جزيئات ومواد كيميائية جديدة يتطلب جهوداً بشرية مكثفة، تشمل تصميم التجارب وتوليف المواد وتحليل النتائج، فيما يمكن لأتمتة المهام الروتينية أن تسرّع هذه العمليات وتزيد دقتها، عبر تنفيذ الخطوات بتناسق أعلى وتقليل الأخطاء، ما يعزز إمكانية إعادة إنتاج النتائج.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الروبوتات يمكن أن تساهم في نقل العينات وإجراء القياسات وتقليل المخاطر المرتبطة بالمواد الخطرة؛ ما يعزز سلامة الباحثين. كما يمكنها تحليل كميات ضخمة من بيانات التجارب، واكتشاف الأنماط والرؤى غير الملحوظة للبشر، خصوصاً في التجارب التي تتطلب مراقبة مستمرة أو إنتاج كميات كبيرة من البيانات، مثل الفحص عالي الإنتاجية المستخدم في اكتشاف الأدوية.

ووفق شركة «يونايتد روبوتيكس غروب» المتخصصة في تطوير الروبوتات وحلول الأتمتة، فإن الروبوتات توفر فائدة مالية رئيسية تتمثل في زيادة الكفاءة والإنتاجية؛ إذ يمكن لأتمتة أنظمة المختبرات الأساسية تقليل خطوات المعالجة اليدوية بنسبة تصل إلى 86 في المائة، ما يعزز الكفاءة ويخفض تكاليف العمالة.

يمكن للروبوتات تحليل كميات ضخمة من بيانات التجارب واكتشاف الأنماط والرؤى غير الملحوظة للبشر

في السياق نفسه، كشفت مؤسسة «مايو كلينيك» الطبية الأميركية أن الأتمتة أدت إلى زيادة حجم العمل اليومي لـ10 أضعاف في بعض المختبرات، ما يرفع الإنتاجية ويتيح التعامل مع الطلب المتزايد في الأبحاث الطبية والعلمية.

وفي مجال الكيمياء المناعية، وهي تقنية مخبرية تستخدم لتحديد توزيع البروتينات والجزيئات داخل الأنسجة، ساعدت الأتمتة في معالجة المزيد من شرائح الأنسجة بزمن أقل، مما خفض زمن المعالجة بنسبة 15.22 في المائة والتكلفة لكل شريحة بنسبة 37.27 في المائة، وفق «يونايتد روبوتيكس غروب».

ولا تقتصر الفوائد على تقليل الزمن والتكلفة، بل تشمل تحسين الدقة وتقليل الأخطاء، وهو أمر حيوي في مجالات حساسة كعلم الجينوم واكتشاف الأدوية، وفق الباحثين.

وأظهرت تجربة، بمستشفى «إلبلاند كلينيكوم مايسن» في ألمانيا عام 2023، كيف تسهم الروبوتات في تحسين كفاءة المختبرات وتقليل عبء العمل، خصوصاً مع نقص الكوادر.

وفيما يتعلق بالتحديات، أشار ألتيروفيتز إلى أن الأتمتة تُنفذ حالياً في مهام محدودة بالمختبرات، ولتحقيق التنفيذ الكامل، يتطلب الأمر تطوير مهارات في الروبوتات وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى ضخ استثمارات في البنية التحتية وبرامج التدريب، ما قد يشكل عبئاً مالياً كبيراً. كما يتطلب تعاوناً بين الباحثين والمهندسين وعلماء الكومبيوتر لتحقيق الفائدة الكاملة من هذه التقنية.