جهاز كشف فيروس «كورونا»... من نَفَسٍ واحد

ينتج بطابعة ثلاثية الأبعاد

جهاز كشف فيروس «كورونا»... من نَفَسٍ واحد
TT

جهاز كشف فيروس «كورونا»... من نَفَسٍ واحد

جهاز كشف فيروس «كورونا»... من نَفَسٍ واحد

يعدّ إجراء اختبار الكشف عن فيروس «كوفيد-19» كابوساً؛ إذ يجب أخذ مسحة أنف غير ملائمة، وحفظ المخاط في أنبوب، وضغط السائل في ثقب صغير، والانتظار 15 دقيقة، بهدف فك شفرة النتائج.

بديل بسيط لكشف «كورونا»

منذ أغسطس (آب) 2020، يعمل الباحثون بجامعة واشنطن في سانت لويس على بديل أبسط بكثير قد يكون مألوفاً لأي شخص جرى إيقافه بسبب القيادة تحت تأثير الكحول: جهاز قياس التنفس.

يتكون النموذج الأولي الحالي من صندوق مطبوع ثلاثي الأبعاد يمكن وضعه في راحة يدك، مجهز بقشة صغيرة، وحالما تنفخ فيه، وتنتظر نحو 17 ثانية، تقرأ نتيجتك على جهاز منفصل لا يزال قيد التطوير ولكنه يشبه إلى حد ما قارئ بطاقات من دون تلامس.

ووفقاً لدراسة نُشرت مؤخراً في مجلة «ACS Sensors»، تشير الدراسات السريرية الأولية إلى أن الجهاز يتمتع بدقة تشخيصية تبلغ 95 في المائة (وقد أجريت التجربة على 36 شخصاً فقط)، لكن الدراسة مستمرة ولن تكتمل حتى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. و إذا تمت الموافقة على جهاز قياس التنفس من قبل «إدارة الغذاء والدواء الأميركية»، فسوف يكون استخدامه في المهرجانات الموسيقية والمؤتمرات والأماكن الرياضية الكبيرة أمراً سهلاً. كما يمكن أن يحدث الجهاز في منظومة الرعاية الصحية؛ إذ، ومن الناحية النظرية، يمكنك إجراء الاختبار في صيدلية أو في عيادة، والحصول على نتائج فورية، ثم العلاج الفوري في غضون دقائق.

يقول الخبراء إن «كوفيد» موجود ليبقى؛ مثل الإنفلونزا. و عندما يحدث ذلك، فإنه يمكن لمحلل التنفس هذا اكتشاف الفيروسات الأخرى أيضاً.

جهاز سريع لرصد جزيئات الفيروس

وتجدر الإشارة إلى أن هذا ليس أول جهاز لقياس التنفس لفيروس «كورونا». تتضمن المنتجات السابقة أجهزة تحليل التنفس التي تستغرق من 3 دقائق إلى ساعة كاملة لتقديم النتائج. ولكن هذا الجهاز الجديد ليس أسرع فحسب؛ بل يمكنه أيضاً اكتشاف وجود جزيئات فيروسية فعلية، وليس فقط المركبات العضوية المتطايرة (VOCs) التي تتوافق مع الفيروس.

ويقول راجان تشكرباتي؛ المؤلف المشارك للدراسة والأستاذ المشارك في كلية الهندسة بجامعة واشنطن، إن كثيراً من أجهزة تحليل التنفس في السوق تتطلب أيضاً من 10 أنفاس إلى 15 نفساً، والتي يمكن بالطبع أن تتعب المرضى. ويضيف: «كنا نأمل أن يستغرق الأمر من 6 إلى 8 أنفاس، وكانت الدراسة السريرية هي اختبار ذلك، وما وجدناه أنه كان مجرد نفس أو اثنين، على الأكثر. قد يكون ذلك بسبب التصميم المبتكر للجهاز». ويتابع القول إن «إدارة الغذاء والدواء الأميركية» نصحت الفريق بصنع جهاز يستخدم مرة واحدة ولا يلزم تطهيره في كل مرة.

طباعة ثلاثية الأبعاد

ونتيجة لذلك، بدأ الفريق في تجربة الطباعة ثلاثية الأبعاد، التي سمحت لهم بتصنيع الجهاز بسرعة وسهولة، مع الحفاظ على انخفاض التكاليف بالنسبة للمستهلك. قام الفريق بطباعة الصندوق ثلاثي الأبعاد، ولكن بداخله تكون الأشياء مثيرة للاهتمام. بمجرد النفخ في الأنبوب، تتكثف أنفاسك على سطح بلاستيكي بارد؛ «مثل المرآة الباردة»، كما يقول جون سيريتو، أحد مؤلفي الدراسة. وهذا السطح مغطى بغشاء كاره للماء ويميل بزاوية 45 درجة، بحيث عندما تضرب أنفاسك السطح، تتحول إلى قطرات صغيرة تنزلق مباشرة من السطح على جهاز استشعار حيوي كهروكيميائي موجود في الأسفل.

من المحتمل أن تكون قطعة من البلاستيك أبرد من أنفاسك، ولكن لتسهيل التكثيف، يقول الفريق إن التصميم النهائي سيأتي أيضاً مع أداة سحب صغيرة تنشط تفاعلاً كيميائياً داخل الصندوق لتبريد السطح، وهو ما يشابه وضع كمّادة باردة فورية. ومن نواح كثيرة، يكمن مفتاح النجاح العلمي لمحلل التنفس في هذا المستشعر الحيوي، الذي أعاد الفريق استخدامه من جهاز استشعار حيوي أنشئ في الأصل لاختبار مرض ألزهايمر في أدمغة الفئران.

تقول المؤلفة المشاركة كارلا يود: «قضيت كثيراً من الوقت في تعلم الكيمياء الكهربائية ومعرفة كيفية تغيير هذه الأقطاب الكهربائية لاكتشاف أهداف مختلفة». وفي وقت سابق من الشهر الماضي، نشر الفريق نفسه من الباحثين دراسة أخرى حول جهاز مراقبة الهواء الذي يستخدم الشيء نفسه للكشف عن متغيرات «كوفيد19» في الهواء الداخلي في نحو 5 دقائق. ويعمل الفريق الآن مع شركة تصميم لتحويل كلا النموذجين الأوليين إلى منتجات نهائية. ويتوقع طرح الأجهزة في السوق في غضون عام.

* مجلة «فاست كومباني» - «خدمات تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages
TT

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages

أثار التغيير الأخير في إرشادات البحث الصحي الوطنية بجنوب أفريقيا الذي صدر في مايو (أيار) 2024 موجة من الجدل الأخلاقي، إذ يبدو أنه يفتح الطريق أمام استخدام تقنية تحرير الجينوم لإنجاب أطفال معدلين وراثياً مما يجعل جنوب أفريقيا أول دولة تتبنى هذ ا التوجه بشكل علني.

القصّ الجيني

ويعود السبب في الخلاف الحاد حول تحرير الجينوم البشري الوراثي (الفصّ الجيني) إلى تأثيراته الاجتماعية وإمكانياته المتعلقة بالانتقاء الجيني، ويعدُّ هذا التوجه مثيراً للاستغراب نظراً للمخاطر العالية التي تحيط بهذه التقنية.

وقد لفتت الانتباه إلى أن جنوب أفريقيا بصدد تسهيل هذا النوع من الأبحاث، كما ذكرت كاتي هاسون المديرة المساعدة في مركز علم الوراثة والمجتمع المشاركة في تأليف مقالة نشرت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة The Conversation.

وكان عام 2018 شهد قضية عالم صيني قام بتعديل جينات أطفال باستخدام تقنية «كريسبر» CRISPR لحمايتهم من فيروس نقص المناعة البشرية، مما أثار استنكاراً عالمياً وانتقادات من العلماء والمجتمع الدولي الذين رأوا أن هذا الاستخدام غير مبرر. وانتقد البعض سرية الطريقة، في حين شدد آخرون على ضرورة توفير رقابة عامة صارمة حول هذه التقنية ذات الأثر الاجتماعي الكبير.

معايير جديدة

ومع ذلك يبدو أن جنوب أفريقيا قد عدلت توجيهاتها للأبحاث في الصحة لتشمل معايير محددة لأبحاث تحرير الجينوم الوراثي لكنها تفتقر إلى قواعد صارمة تتعلق بالموافقة المجتمعية رغم أن التوجيهات تنص على ضرورة تبرير البحث من الناحية العلمية والطبية مع وضع ضوابط أخلاقية صارمة وضمان السلامة والفعالية. إلا أن هذه المعايير ما زالت أقل تشدداً من توصيات منظمة الصحة العالمية.

* التوافق مع القانون. وتأتي هذه الخطوة وسط انقسام في القانون بجنوب أفريقيا حيث يحظر قانون الصحة الوطني لعام 2004 التلاعب بالمواد الوراثية في الأجنة لأغراض الاستنساخ البشري. ورغم أن القانون لا يذكر تقنيات تعديل الجينات الحديثة مثل «كريسبر» فإن نصوصه تشمل منع تعديل المادة الوراثية البشرية ما يُلقي بتساؤلات حول التوافق بين القانون والتوجيهات الأخلاقية.

* المخاوف الأخلاقية. ويثير هذا التطور مخاوف واسعة بما في ذلك تأثيرات تقنية كريسبر على النساء والآباء المستقبليين والأطفال والمجتمع والنظام الجيني البشري ككل. وأثيرت تساؤلات حول إمكانية أن تكون جنوب أفريقيا مهيأة لاستقطاب «سياحة علمية»، حيث قد تنجذب مختبرات علمية من دول أخرى للاستفادة من قوانينها الميسرة.

استخدام تقنية «كريسبر»

وفي سابقة هي الأولى من نوعها في العالم وافقت الجهات التنظيمية الطبية في المملكة المتحدة العام الماضي على علاج جيني لاضطرابين في الدم.

ويعد علاج مرض «فقر الدم المنجلي» و«بيتا ثلاسيميا» أول علاج يتم ترخيصه باستخدام أداة تحرير الجينات المعروفة باسم كريسبر. ويعد هذا تقدماً ثورياً لعلاج حالتين وراثيتين في الدم وكلاهما ناتج عن أخطاء في جين الهيموغلوبين، حيث ينتج الأشخاص المصابون بمرض فقر الدم المنجلي خلايا دم حمراء ذات شكل غير عادي يمكن أن تسبب مشكلات لأنها لا تعيش طويلاً مثل خلايا الدم السليمة، ويمكن أن تسد الأوعية الدموية مما يسبب الألم والالتهابات التي تهدد الحياة.

وفي حالة المصابين ببيتا ثلاسيميا فإنهم لا ينتجون ما يكفي من الهيموغلوبين الذي تستخدمه خلايا الدم الحمراء لحمل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم، وغالباً ما يحتاج مرضى بيتا ثلاسيميا إلى نقل دم كل بضعة أسابيع طوال حياتهم

علاج واعد لاضطرابات الدم

الموافقة عليه أخيراً في المملكة المتحدة على تحرير الجينات باستخدام طريقة مطورة من تقنية «كريسبر - كاس 9» CRISPR - Cas 9 لعلاج مرض فقر الدم المنجلي ومرض بيتا ثلاسيميا، من خلال تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» بدقة حيث يتم أخذ الخلايا الجذعية من نخاع العظم وهي الخلايا المكونة للدم في الجسم من دم المريض.

ويتم تحرير الجينات باستخدام مقصات «كريسبر» الجزيئية بإجراء قطع دقيقة في الحمض النووي لهذه الخلايا المستخرجة واستهداف الجين المعيب المسؤول عن إنتاج الهيموغلوبين المعيب. ويؤدي هذا إلى تعطيل «الجين - المشكلة» وإزالة مصدر الاضطراب بشكل فعال ثم يعاد إدخال الخلايا المعدلة إلى مجرى دم المريض. ومع اندماج هذه الخلايا الجذعية المعدلة في نخاع العظم تبدأ في إنتاج خلايا الدم الحمراء الصحية القادرة على العمل بشكل طبيعي حيث يصبح الجسم الآن قادراً على توليد الهيموغلوبين المناسب.

وقد أظهرت هذه العملية نتائج واعدة في التجارب السريرية فقد تم تخفيف الألم الشديد لدى جميع مرضى فقر الدم المنجلي تقريباً (28 من 29 مريضاً) ولم يعد 93 في المائة من مرضى ثلاسيميا بيتا (39 من 42 مريضاً) بحاجة إلى نقل الدم لمدة عام على الأقل. ويشعر الخبراء بالتفاؤل بأن هذا قد يوفرعلاجاً طويل الأمد وربما مدى الحياة.

ويقود البروفسور جوسو دي لا فوينتي من مؤسسة إمبريال كوليدج للرعاية الصحية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، التجارب في المملكة المتحدة لهذا العلاج لكل من البالغين والأطفال، ويصفه بأنه اختراق تحويلي مع وجود نحو 15 ألف شخص في المملكة المتحدة مصابين بمرض فقر الدم المنجلي ونحو ألف مصابين بالثلاسيميا، إذ يمكن أن يحسن «كاسجيفي» نوعية الحياة بشكل كبير، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يواجهون نطاق علاج محدود.

وتُعد «كريسبر - كاس 9» واحدة من الابتكارات الرائدة التي أحدثت تحولاً في الأبحاث الطبية والأدوية رغم أن استخدامها يثير جدلاً أخلاقياً، نظراً لاحتمالية تأثير تعديل الجينات على الأجيال المقبلة. وقد مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 لجنيفر دودنا وإيمانويل شاربنتييه لمساهمتهما الأساسية في اكتشاف طريقة فعالة لتحرير الجينات، أي التدخل الدقيق الذي يسمح بإدخال التعديلات المطلوبة داخل الحمض النووي بطريقة بسيطة بكفاءة وسريعة واقتصادية.