«ذا لاين»... مشروعٌ رائد في الصحراء السعودية

موقع مدني متميز بـ«صفر انبعاثات»

مخطط مشروع «ذا لاين»
مخطط مشروع «ذا لاين»
TT

«ذا لاين»... مشروعٌ رائد في الصحراء السعودية

مخطط مشروع «ذا لاين»
مخطط مشروع «ذا لاين»

عندما أخبرتُ النّاس أنّني ذاهب إلى المملكة العربية السعودية لكتابة بعض التقارير، افترض الكثيرون أنّني سأزور «نيوم»، أو ما يشبه «تلك المدينة الغريبة في الصحراء». ولكنّني لم أكن ذاهباً إلى هناك، بل لتحضير تقرير عن مشروع «ديب كلايميت» (المناخ العميق) الذي يبحث في تأقلم البشر مع الظروف المناخية المتطرّفة كالحرّ الشديد في الصحراء العربية. ومع ذلك، عرفتُ خلال زيارتي الكثير عن «نيوم» وبعض التغييرات الأخرى التي تسير على قدمٍ وساق في المملكة.

«نيوم» الخضراء

سمعتُ للمرّة الأولى عن مدينة «نيوم» وتفاصيلها في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021، حيث تحدّث مديرها التنفيذي جينس مادريان، عن مهمّته في ابتكار نظام طاقة يعتمد على الموارد المتجدّدة بالكامل. في ذلك الوقت، وكما هو حال الكثيرين، ظننتُ أنّ «نيوم» هي نفس المدينة الطولية المستقبلية التي سمعنا عنها، المعروفة بـ«ذا لاين»، ولكنهما في الحقيقة ليستا مدينة واحدة ولا تشبه إحداهما الأخرى، إذ إن «نيوم» هي مجموعة من المشاريع الخضراء التي تضمّ أيضاً مطاراً، ومجمعاً صناعياً، ومنتجعاً للتزلّج.

«نيوم» أكبر مشروع بنى تحتية خضراء في العالم، ومختبر حي لمستقبل التطوّر المدني، ومسرّعٌ للتقدّم البشري

وصف مادريان «نيوم» على أنّها «أكبر مشروع بنى تحتية خضراء في العالم، ومختبر حي لمستقبل التطوّر المدني، ومسرّعٌ للتقدّم البشري»؛ أمّا مشروع «لاين»، التي انطلقت عجلة العمل فيه عام 2021، فتُظهر خرائطه أنّه سيمتدّ على مساحة 170 كيلومتراً، وبعرض 200 متر فقط.

مشروع «لاين» سيمتدّ على مساحة 170 كيلومتراً وبعرض 200 متر فقط

«خط» مدني

وإذا نجح هذا المشروع المدني الواسع في النهوض من الرمال، من المفترض أنّ يكون صفر انبعاثات وخالياً من السيّارات، ومجهّزاً بخطّ قطار سريع تحت الأرض للمواصلات. يُقال إن هذا المشروع سيستقبل 9 ملايين نسمة، وسيصبح المدينة الأكثر كثافة سكّانياً في السعودية والعالم، بمعدّل 265 ألف شخص في الكيلومتر المربّع الواحد.

هنا، لا بدّ لنا من الثناء على الأهداف المستدامة لا سيّما أنّها وُضعت في بلدٍ تعتمد ثروته الهائلة على العائدات النفطية بشكلٍ أساسي. ولكن ما لم أفهمه هو التصميم الطّولي.

يشرح أحد الأسباب أنّ هذا التصميم سيخفّف تأثير المشروع على الطبيعة، ولكنّ الأمر ليس منطقياً لأنّ الحواجز الطّولية، كالأسوار الفاصلة، تشكّل عائقاً بارزاً للحياة البريّة، غير أنّ مدينة بهذا الطول ستقسم الصحراء إلى القسمين.

بعض التصورات يشير إلى أن مشروع «ذا لاين» ربما له بعض السلبيات، فقد أظهر تحليلٌ أخير أنّ أي شخصين اُختيرا عشوائياً من «ذا لاين» ستفصل بينهما مسافة 57 كيلومتراً، مقارنةً بـ30 متراً لأي اثنين آخرين يعيشان في منطقة مدنيّة كبيرة في العالم.

واجه هذا المشروع انتقادات كثيرة، وتعرّض للتسخيف، ووصفه البعض بالغسل الأخضر. لا أعلم ما إذا كان «ذا لاين» سيبصر النور حقاً، ولكنّني أعتقد أنّ المملكة العربية السعودية تسعى بصدق لتغيير أساليبها –إلى حدٍّ ما.

وكان وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان آل سعود، قد أطلق مبادرة السعودية الخضراء عام 2021، التي تتعهد بتوليد نصف الطاقة الكهربائية في المملكة باستخدام الموارد المتجدّدة (الجزء الأكبر من الطاقة الشمسية) بحلول عام 2030، وتصفير الانبعاثات بحلول 2060.

عندما كنتُ في السعودية، رأيتُ بعيني أنّ المملكة تسير باتجاه أكثر تقدّمية خصوصاً في المجال البيئي.

* «نيو ساينتست» – خدمات تريبيون ميديا


مقالات ذات صلة

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

الاقتصاد تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

قالت شركة «بوني إيه آي»، الأربعاء، إنها تستهدف تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي الموسع في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة سعودية البطولة اختتمت بمشاركة 93 من أفضل المتسلقين من 31 دولة (الشرق الأوسط)

93 لاعباً يشعلون منافسات «نيوم ماسترز» لرياضة التسلق

اختتمت الأربعاء فعاليات بطولة «نيوم ماسترز لرياضة التسلق»، بمشاركة 93 لاعباً من أفضل المتسلقين من 31 دولة، في أجواء استثنائية شهدتها قرية نيوم الجبلية في جدة.

«الشرق الأوسط» (نيوم)
الاقتصاد المهندس أيمن المديفر

تعيين أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً لـ«نيوم»

أعلن مجلس إدارة شركة «نيوم» تعيين المهندس أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً للشركة، وذلك بعد مغادرة نظمي النصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تصميم يُظهر جانباً من مشروع «ذا لاين» في مدينة «نيوم» السعودية (الشرق الأوسط)

«نيوم» السعودية تعيّن 3 شركاء عالميين لإنجاز المرحلة الأولى من «ذا لاين»

أعلنت «نيوم»، الاثنين، تعيين 3 شركاء عالميين رائدين لتسليم المخطط الأساسي والتصاميم والأعمال الهندسية الخاصة بالمرحلة الأولى من مدينة «ذا لاين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية جانب من تتويج «الزلاق» البحريني للسيدات (نيوم)

«ألعاب نيوم الشاطئية»: الجماهير تشعل منافسات «الجولة العالمية - 3×3 لكرة السلة»

شهدت «بطولة نيوم للألعاب الشاطئية» ختام فعاليات «الجولة العالمية 3x3 لكرة السلة - نيوم 2024»، بتتويج فريق ميامي بلقب الرجال، وفريق الزلاق البحريني بلقب السيدات.

عبد الله المعيوف (نيوم (غرب السعودية))

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.