دراسة أميركية: مياه الصنبور تحتوي على «مواد كيميائية أبدية»

تصل من نصف مصادر الشرب في الولايات المتحدة تقريباً

دراسة أميركية: مياه الصنبور تحتوي على «مواد كيميائية أبدية»
TT

دراسة أميركية: مياه الصنبور تحتوي على «مواد كيميائية أبدية»

دراسة أميركية: مياه الصنبور تحتوي على «مواد كيميائية أبدية»

ذكرت دراسة حكومية، صدرت الأربعاء، أن مياه الشرب من نحو نصف صنابير الولايات المتحدة تحتوي على الأرجح على «مواد كيميائية أبدية»، قد تسبب السرطان ومشكلات صحية أخرى. وتبقى هذه المواد الأبدية في جسم الإنسان لسنوات، ولا تتحلل في البيئة.

تلوث مياه الصنبور

وذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن هذه المركبات الاصطناعية المعروفة مجتمعة باسم «PFAS»، تلوث مياه الشرب بدرجات متفاوتة في المدن الكبيرة والبلدات الصغيرة... في الآبار الخاصة، وأنظمة ضخ المياه العامة.

ووصف الباحثون الدراسة بأنها «أول جهد على الصعيد الوطني لاختبار المواد الكيميائية الأبدية في مياه الصنبور من مصادر خاصة، بالإضافة إلى المصادر الخاضعة للإشراف».

وتأتي الدراسة بعد النتائج العلمية السابقة التي تفيد بأن المواد الكيميائية منتشرة على نطاق واسع، وتظهر في منتجات استهلاكية متنوعة مثل المقالي غير اللاصقة، ومواد تغليف المواد الغذائية، والملابس المقاومة للماء... وتشق طريقها إلى إمدادات المياه. ونظراً لأن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية هي وكالة بحث علمي، فإن التقرير لا يقدم أي توصيات بشأن السياسة، وقال كيلي سمولينغ، الباحث في علوم المياه المؤلف الرئيسي للدراسة إن المعلومات «يمكن استخدامها لتقييم مخاطر التعرّض، وإبلاغ القرارات حول ما إذا كنت تريد معالجة مياه الشرب الخاصة بك أو اختبارها».

وكانت وكالة حماية البيئة الأميركية قد وضعت في مارس (آذار) الماضي أول لائحة فيدرالية لستة أنواع من المواد الكيميائية الأبدية في مياه الشرب، أو المواد المشبعة بالفلور والبلاستيك، التي لا تتحلل أبداً.

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن سكوت فابر، النائب الأول لرئيس «مجموعة العمل البيئية»، وهي منظمة مناصرة للبيئة، أن الحكومة لم تمنع الشركات التي تستخدم المواد الكيميائية من إلقائها في أنظمة الصرف الصحي العامة. وأضاف: «يجب أن نعالج هذه المشكلة من حيث تبدأ، بدلاً من التنبيه بعد الحادث... يجب أن نطلب من الملوثين معالجة نفاياتهم».

المواد الكيميائية الضارة توجد في المقالي غير اللاصقة ومواد تغليف المواد الغذائية والملابس المقاومة للماء

مواد مسرطنة

وكانت دراسات أُجريت على حيوانات المختبر وجدت روابط محتملة بين المواد الكيميائية الأبدية وبعض أنواع السرطان، بما في ذلك سرطانا الكلى والخصية، بالإضافة إلى مشكلات مثل ارتفاع ضغط الدم وانخفاض الوزن عند الولادة.

ويشار إلى أن البرامج الفيدرالية، والخاصة بالولايات تقيس عادةً التعرض للملوثات في محطات معالجة المياه أو آبار المياه الجوفية التي تزود السكان. وفي المقابل، استند تقرير هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إلى عينات من الصنابير في 716 موقعاً، بما في ذلك 447 تعتمد على الإمدادات العامة و269 تستخدم الآبار الخاصة. وأُخذت العينات بين عامي 2016 و2021 في مجموعة من المواقع، معظمها مساكن، ولكن أيضاً عدد قليل من المدارس والمكاتب. وشملت الأراضي المحمية مثل المتنزهات الوطنية؛ المناطق السكنية والريفية التي لا تعرف فيها مصادر لتلك المواد الكيميائية، وكذلك المراكز الحضرية التي توجد بها مواقع صناعية أو نفايات معروفة بتوليد «PFAS»، تلك المواد الضارة الأبدية... وأخذت عينات من معظم الصنابير مرة واحدة فقط.

و كانت أكبر حالات التعرض في المدن وبالقرب من المصادر المحتملة للمركبات، لا سيما في الساحل الشرقي؛ المراكز الحضرية للبحيرات الكبرى والسهول الكبرى، ووسط وجنوب كاليفورنيا. و قدر الباحثون أنه يمكن العثور على شكل واحد على الأقل من «PFAS» في نحو 45 في المائة من عينات مياه الصنبور على مستوى البلاد.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو المجتمع الدولي للمشاركة الفاعلة في «كوب 16» بالرياض

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية رئيس وفد المملكة والمهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة خلال جلسة «الطريق إلى الرياض» («الشرق الأوسط»)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للمشاركة الفاعلة في «كوب 16» بالرياض

شدّدت السعودية، الخميس، على أهمية تعزيز التعاون الدولي على الأصعدة كافة لمواجهة التحديات البيئية، ومضاعفة الجهود للحد من تدهور الأراضي، وتقليل أثار الجفاف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد تريد «رينو» تجنّب الأزمة بعد أن حققت وفورات (رويترز)

الانبعاثات تهدد شركات السيارات الأوروبية بـ 15 مليار يورو غرامات

حذر رئيس مجموعة «رينو» لوكا دي ميو، السبت، من أن شركات السيارات الأوروبية مهددة بغرامات بقيمة 15 مليار يورو إذا لم تحترم قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن الانبعاثات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك التعرض المطول لتلوث الهواء والضوضاء قد يزيد من خطر العقم (رويترز)

تلوث الهواء والضوضاء يزيدان خطر العقم

كشفت دراسة جديدة عن أن التعرض المطول لتلوث الهواء والضوضاء قد يزيد من خطر العقم.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
أوروبا تظهر صورة التقطتها طائرة من دون طيار مئات الآلاف من الأسماك الميتة في مجرى مائي بالقرب من ميناء فولوس باليونان (رويترز)

نفوق أطنان من الأسماك يدفع مدينة يونانية لإعلان حالة طوارئ

أعلنت مدينة فولوس الساحلية في وسط اليونان حالة الطوارئ للتعامل مع تبعات تلوث بحري ناجم عن العثور على أطنان من الأسماك النافقة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (اثينا)
بيئة حفرة بعمق 8 أمتار حيث سيتم وضع كبسولة نحاسية للوقود النووي المستنفد في منشأة «أونكالو» بفنلندا (رويترز)

تدوم 100 ألف عام... فنلندا ستدفن النفايات النووية في «مقبرة جيولوجية»

قررت فنلندا البدء في طمر الوقود النووي المستنفد في أول مقبرة جيولوجية بالعالم، حيث سيتم تخزينه لمدة 100 ألف عام.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)

أول متحف فني للذكاء الاصطناعي في العالم يتحدى العقول

صور أنشأها «نموذج الطبيعة الكبير» للذكاء الاصطناعي
صور أنشأها «نموذج الطبيعة الكبير» للذكاء الاصطناعي
TT

أول متحف فني للذكاء الاصطناعي في العالم يتحدى العقول

صور أنشأها «نموذج الطبيعة الكبير» للذكاء الاصطناعي
صور أنشأها «نموذج الطبيعة الكبير» للذكاء الاصطناعي

يتأهب مؤسسو «استوديو رفيق أناضول» Refik Anadol Studios لافتتاح متحف فني غامر للذكاء الاصطناعي، في وسط مدينة لوس أنجليس عام 2025.

أول متحف في العالم

ويعتبر متحف «داتالاند» الأول من نوعه في العالم يُخصص لفن الذكاء الاصطناعي، ويقع في «غراند إل إيه»، وهو مبنى صممه فرانك جيري في قلب لوس أنجليس.

وأسس المتحف كل من رفيق أناضول وإفسون أركيليك، ويهدف إلى أن يكون مكاناً «حيث يلتقي الخيال البشري بإبداع الآلة».

معروضات «داتالاند»

مَعْلم متميز

وقد أخبرني أناضول ذات مرة أنه لا يرى الذكاء الاصطناعي كفنان، بل كوسيلة لتطبيق نوع جديد من «الصبغة» (الفنية)، النابعة من بياناته. ووفقاً للبيان الصحافي للاستوديو، فمن المقرر أن يعيد المشروع تشكيل كيفية تفاعلنا مع الفن والتكنولوجيا والطبيعة؛ ما يخلق حدوداً جديدة في عالم التعبير الفني.

وأمضى أناضول سنوات في دفع حدود الإمكانات الإبداعية للذكاء الاصطناعي. ويُعرف عن أناضول استخدامه لبيانات العالم الحقيقي - من الظروف الجوية إلى الضوضاء إلى أرشيفات الصور في متحف الفن الحديث - أنه يستخدم هذه المعلومات كصبغة، والشبكات العصبونية كفرشاة.

كان أناضول رائداً في تقاطع فريد بين الفن والتكنولوجيا، ويمثل متحف «داتالاند» الخطوة التالية في هذه الرحلة، حيث يعمل كمساحة دائمة للفن الناتج عن الذكاء الاصطناعي، تماماً كما توجد متاحف مخصصة للرسم أو النحت.

اختار لوس أنجليس لإنشاء هذه المساحة، لأن المدينة كانت تثير اهتمامه منذ الطفولة. وقد بدأت حياته المهنية هناك باستكشافات مبكرة على Commodore 64، ثم في «غوغل» بوادي السيليكون.

معارض فنون الذكاء

ينفصل «داتالاند» عن المعارض المؤقتة لفن الذكاء الاصطناعي التي ظهرت في بعض المعارض والمؤسسات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عمل أناضول الأخير في متحف الفن الحديث المسمى Unsupervised، وهي شاشة رقمية ضخمة مقاس 24 × 24 قدماً تملأ بهو متحف الفن الحديث.

يبدو تركيب الشاشة حياً، حيث تولد أشكالاً جديدة وتتطور بناءً على مدخلات في الوقت الفعلي مثل حركة الزوار وطقس مانهاتن. يقول أناضول، واصفاً العمل بأنه إبداع حي يتنفس: «إنه مثل كيانه الخاص». وعندما أطلقه، أخبرني أن نموذج Unsupervised تم تدريبه على 380000 صورة عالية الدقة الضخمة، بما في ذلك أعمال بيكاسو وغيره من الفنانين البارزين.

وعلى مدار ستة أشهر، قام فريق أناضول، بالتعاون مع مهندسي شركة «نيفيديا»، بتغذية النموذج بهذه البيانات لإنتاج تجربة بصرية متغيرة باستمرار.

يقول أناضول: «عندما يرى الخبراء أرشيف الأعمال الفنية هذا الذي يمتد لـ200 عام، وكيف أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إنشاء عوالم جديدة (منه)... تتملكهم الدهشة».

موقع المتحف سيكون في مدينة لوس أنجليس

نظام بيئي رقمي

وهو يتصور المتحف كنظام بيئي رقمي، حيث تندمج البيانات والذكاء الاصطناعي والإبداع البشري على نطاق واسع. ويقول أناضول إن «داتالاند» ملتزمة بالشفافية والمسؤولية في استخدامها لبيانات الطبيعة وتقنيات الذكاء الاصطناعي. ويضيف: «تعمل (داتالاند) أيضاً على إنشاء لجنة أخلاقية لتقديم المشورة بشأن القضايا الحاسمة، مثل حوكمة الذكاء الاصطناعي والمسؤولية البيئية والاعتبارات الأخلاقية حول جمع البيانات».

ذكاء اصطناعي مسؤول

يعتمد «نموذج الطبيعة الكبير» (LNM) The Large Nature Mode - وهو نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر قيد التطوير بالتعاون مع الأمم المتحدة الذي سيصبح أول معرض للمتحف - على مبادئ أخلاقية صارمة. وهو يتضمن جمع البيانات من الغابات المطيرة والأنهار الجليدية والنظم البيئية الأخرى لتغذية نموذج الذكاء الاصطناعي؛ ما يخلق تجربة وسائط متعددة مذهلة تربط المشاهدين بالعالم الطبيعي.

يقول أناضول: «نستخدم الحوسبة التي تعمل بالطاقة المتجددة لتقليل بصمتنا الكربونية»، ويتم تنفيذ عمليات جمع البيانات الخاصة بهم بشكل مسؤول، من خلال أذونات موثقة، ما يضمن أن فنهم المدفوع بالذكاء الاصطناعي يتماشى مع القيم التي تكرم الطبيعة والإبداع البشري.

ويضيف: «تتجاوز رؤيتنا لنموذج الطبيعة الكبير كونه مستودعاً أو مبادرة بحثية إبداعية. إنها أداة للرؤية والتعليم والدعوة للبيئة المشتركة للإنسانية»، مضيفاً أنه سيكون متاحاً للجمهور كأداة تعليمية للطلاب والمعلمين لتجربة الإبداع القائم على الذكاء الاصطناعي، مما يمنحهم طريقة عملية لاستكشاف كيف يمكن للتكنولوجيا الكشف عن أبعاد جديدة للطبيعة.

تأثير الذكاء الاصطناعي على العقل

كما تعاون أنادول مع عالم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو آدم غزالي لقياس تأثير فن الذكاء الاصطناعي واسع النطاق على العقل والجسم البشري. ويوضح: «بعد هذا التفاعل الكبير من زوار Unsupervised، تعاوننا مع غزالي وقمنا بأبحاث معتمدة سريرياً لقياس تأثير الذكاء الاصطناعي علمياً في نفسية الناس». ويتوقع أن يفتح البحث، المقرر نشره العام المقبل، فصلاً جديداً في فهم كيفية تأثير فن الذكاء الاصطناعي على المشاعر والإدراك البشري.

ما زلنا لا نعرف كيف سيبدو المتحف، لكن أناضول أخبرني أن تصميمه المادي سيلعب دوراً محورياً بنفس القدر في تحقيق رؤية «داتالاند». ويقول إنه سيصمم لدمج العالمين الحقيقي والرقمي بسلاسة بطريقة فريدة.

ويصمم «داتالاند» ليصبح الكون الفعلي الذي يسمح لك بالانغماس العميق؛ حيث يتم إنشاء كل شيء حولك في الوقت الفعلي، ويتطور باستمرار، ويتفاعل... تماماً مثل الكون الحقيقي نفسه.

في محادثاتي مع أناضول، كان دائماً يعترف بالمخاوف المجتمعية الأوسع المحيطة بالذكاء الاصطناعي، خصوصاً تأثيره العاطفي والاقتصادي عبر الصناعات. إنه يفهم الضيق الذي يمكن أن يسببه الذكاء الاصطناعي، لكنه يظل متفائلاً بشأن إمكاناته الإبداعية. يقول: «الفن، كما حدث في الماضي، قد ينقذنا من أسوأ شياطيننا».

كما أن تفاؤله ينبع أيضاً من دوره كمدرس في قسم فنون الوسائط التصميمية بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس. ويقول أنادول، وهو يتأمل كيف يتبنى المبدعون الشباب الذكاء الاصطناعي كأداة للتغيير الإيجابي: «أرى تغييراً متفائلاً للغاية في حياة الطلاب».

من المحتمل أن تصبح «داتالاند» الاختبار الأكبر والأهم لهذه الأفكار؛ حيث تقف عند مفترق طرق الفن والتكنولوجيا، وتدفع حدود ما هو ممكن عندما يتعاون البشر مع الآلات.

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»