اكتشف فريق دولي من علماء الفلك جزيئات عضوية معقدة في أبعد مجرة حتى الآن باستخدام تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا).
ويوضح اكتشاف الجزيئات، المألوفة على الأرض من الدخان والسخام والضباب الدخاني، قوة تلسكوب ويب للمساعدة في فهم الكيمياء المعقدة التي تسير جنبًا إلى جنب مع ولادة النجوم الجديدة حتى في الفترات الأولى من الكون.
وفي السياق، عثر عالم الفلك جاستن سبيلكر بجامعة تكساس إيه آند إم ومعاونوه على جزيئات عضوية في مجرة تبعد أكثر من 12 مليار سنة ضوئية، وذلك وفق ما نشر موقع «eurekalert» العلمي.
وتم اكتشاف المجرة لأول مرة بواسطة تلسكوب القطب الجنوبي التابع لمؤسسة العلوم الوطنية عام 2013؛ ومنذ ذلك الحين تمت دراستها من قبل العديد من المراصد، بما في ذلك التلسكوب الراديوي ALMA وتلسكوب هابل الفضائي.
ويشير سبيلكر إلى أن الاكتشاف، الذي نُشر هذا الأسبوع بمجلة «Nature»،كان ممكنًا من خلال القوى المشتركة لويب مع القليل من المساعدة من ظاهرة تسمى «عدسة الجاذبية»؛ التي تنبأت بها في الأصل نظرية النسبية لألبرت آينشتاين ، وتحدث عندما تكون مجرتان متوازيتان تمامًا تقريبًا من وجهة نظرنا على الأرض. فيتم شد الضوء من المجرة الخلفية وتضخيمها بواسطة المجرة الأمامية إلى شكل يشبه الحلقة، يُعرف باسم حلقة آينشتاين.
وفي هذا الاطار، يقول سبيلكر الأستاذ المساعد بقسم الفيزياء وعلم الفلك بالجامعة عضو معهد سينثيا وودز ميتشل للفيزياء الأساسية وعلم الفلك «هذا المستوى من التكبير هو في الواقع ما جعلنا مهتمين بالنظر إلى هذه المجرة باستخدام ويب في المقام الأول، لأنه يتيح لنا حقًا رؤية كل التفاصيل الغنية لتكوينات مجرة في بدايات الكون ولم نتمكن من ذلك قبلا».
كما وجدت البيانات المأخوذة من التلسكوب توقيعًا واضحًا للجزيئات العضوية الكبيرة المشابهة للضباب والدخان (وهي كتل بناء من نفس انبعاثات الهيدروكربون المسببة للسرطان على الأرض والتي تعد من المساهمين الرئيسيين في تلوث الغلاف الجوي).
مع ذلك، يبين سبيلكر أن الآثار المترتبة على إشارات دخان المجرة أقل كارثية على نظمها البيئية الكونية. موضحا «هذه الجزيئات الكبيرة شائعة جدًا في الفضاء. وقد اعتاد علماء الفلك على الاعتقاد بأنها كانت علامة جيدة على تشكل نجوم جديدة. ... لكن تظهر النتائج الجديدة لبيانات ويب أن هذه الفكرة قد لا تكون صحيحة تمامًا في بدايات الكون؛ إذ انه بفضل الصور عالية الدقة من التلسكوب، وجدنا الكثير من المناطق التي بها دخان وليس بها تشكل نجوم، وأخرى بها نجوم جديدة تتشكل ولكن لا يوجد دخان».
من جهته، أشار كيدار فادك طالب دراسات عليا بجامعة إلينوي الذي قاد التطوير التقني لملاحظات ويب «ان اكتشافات مثل هذه هي بالضبط ما تم بناء ويب من أجل فهمها وفهم المراحل الأولى من الكون بطرق جديدة ومثيرة؛ إنه لأمر مدهش أن نتمكن من تحديد الجزيئات التي تبعد مليارات السنين الضوئية التي نعرفها هنا على الأرض، حتى لو ظهرت بطرق لا نحبها كالضباب الدخاني».