باحثو «كاوست» يطورون طريقة لرصد الهجمات السيبرانية بدقة تتجاوز 97 %

تقوم على تطويع نهج التعلُّم العميق المُدمَج لرصد الاختراقات

باحثو «كاوست» يطورون طريقة لرصد الهجمات السيبرانية بدقة تتجاوز 97 %
TT

باحثو «كاوست» يطورون طريقة لرصد الهجمات السيبرانية بدقة تتجاوز 97 %

باحثو «كاوست» يطورون طريقة لرصد الهجمات السيبرانية بدقة تتجاوز 97 %

في محاولة لمواجهة التهديدات المتزايدة للهجمات السيبرانية على نظم التحكم الصناعية، عمل فريقٌ من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، يضمّ الباحثين الدكتور وو وانج والدكتور فوزي هاررو، وتقوده الدكتورة يِنج سون أستاذة علوم الإحصاء المشاركة، على تطوير طريقةٍ لرصد هجمات الاختراق الخبيثة.

نظم التحكم الصناعي

تكمن أهمية نظم التحكم الصناعية القائمة على الإنترنت في استخدامها على نطاقٍ واسع لمتابعة وتشغيل المصانع ومنشآت البنية التحتية الحيوية. وكانت هذه النظم في الماضي تعتمد على شبكات مُخصَصة باهظة التكلفة، لكن نقلها إلى شبكة الإنترنت قلل تكلفتها وسهَل الوصول إليها. إلا أن ذلك جعلها أيضاً أكثر عرضةً للهجمات التي تتزايد خطورتها مع نمو استخدام تقنية إنترنت الأشياء (IoT).

ولا تبدو الحلول الأمنية التقليدية كالجدران النارية وبرمجيات مكافحة الفيروسات مناسبةً لحماية نظم التحكم الصناعية، بسبب السمات التي تختصّ بها. كما أن التعقيد الشديد لتلك النظم يجعل من الصعب حتى على أفضل الخوارزميات أن ترصد الحوادث الشاذة التي قد تنبئ بتعرضها للاختراق.

وعلى سبيل المثال، قد تكون هناك أسبابٌ طبيعية لأي سماتٍ تُلاحظ في أداء تلك النظم وتبدو مريبةً، كتدفقات الطاقة المفاجئة، أو التعطُّل التسلسلي لقواطع الدوائر الكهربائية. ويفاقم من تلك المشكلة أنَ المتمرسين من منفّذي الهجمات السيبرانية ربما يكونون بارعين في تمويه تحركاتهم.

لكن بينما عجزت الخوارزميات في الماضي عن التصدّي لتلك الهجمات، فقد تبين أنَ هناك نهجاً في تعلُّم الآلة يستطيع رصد نوعية الأنماط المعقَّدة المذكورة بكفاءةٍ أكبر بكثير، وهو نهج «التعلم العميق».

حلول «التعلم العميق»

يعتمد نهج «التعلم العميق» في عمله على دوائر يُطلَق عليها اسم الشبكات العصبية، والنماذج القائمة على هذا النهج تُدرَب ولا تُبَرمَج. فبدلاً من كتابة تعليماتها باستخدام الأكواد (الرموز المشفّرة)، يَعرِض عليها مطوّروها أمثلةً مختلفة لتتعلّم منها، مما يسمح لها بتحسين دقتها مع كل خطوة.

ودرَب فريق سون خمسة نماذج مختلفة للتعلّم العميق واختبرها، باستخدام بياناتٍ وفَّرها مركز حماية البنى التحتية الحيوية التابع لجامعة ولاية ميسيسبي الأميركية. كانت النماذج الخمسة عبارة عن نماذج محاكاة متاحة للعامة، تحاكي أنواعاً مختلفة من الهجمات، مثل هجمات حَقْن الحزم packet injection (عملية يتداخل عبرها المهاجمون السيبرانيون في شبكة اتصال قائمة عبر حزم إضافية لتعطيلها أو اعتراضها)، والهجمات الموزعة للحرمان من الخدمة (DDOS)، التي تتعرَّض لها نظم الطاقة وخطوط الغاز.

قارن الباحثون بين قدرتي «نماذج التعلم العميق»، وأحدث الخوارزميات على رصد هجمات الاختراق. وتبيَّن أنَه بينما تراوح معدل دقة أفضل الخوارزميات إجمالاً بين 80 و90 في المائة، فإن دقة نماذج التعلم العميق تراوحت بين 97 و99 في المائة.

ومن اللافت للاهتمام بشدة أنَه عندما دمج الباحثون بين نماذج التعلم العميق الخمسة، زادت نسبة الدقة لتتجاوز 99 في المائة بفارقٍ معتبر. هذا الدمج يعني ببساطة إضافة نتائج جميع النماذج الخمسة وحساب متوسطها. وأوضح هاررو ذلك قائلاً: «جرَّبنا دمج نموذجين معاً، ثم ثلاثة نماذج، ثم أربعة، حتى وصلنا إلى مستوى الدقة الذي ننشده بعد دمج خمسة نماذج».

 


مقالات ذات صلة

لماذا يمكن أن يُفسد وضع الشواحن المحمولة داخل الحقائب رحلتك؟

سفر وسياحة يسمح فقط بحمل الشاحن في حقائب اليد (شاترستوك)

لماذا يمكن أن يُفسد وضع الشواحن المحمولة داخل الحقائب رحلتك؟

من الممكن أن يتسبب الشاحن المحمول (Power Bank) في انطلاق أجهزة الإنذار، ومن ثم خضوعك لفحص إضافي عند نقاط التفتيش الأمنية بالمطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص إنريكي لوريس لـ«الشرق الأوسط»: المملكة العربية السعودية هي أرض واعدة للفرص (اتش.بي)

خاص الرئيس التنفيذي لـ«اتش.بي»: سنطور التقنيات في السعودية ونتوسع بها من هناك

في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يصف الرئيس التنفيذي لشركة «اتش.بي» إنريكي لوريس، المملكة العربية السعودية بالأرض الواعدة للفرص.

نسيم رمضان (بالو ألتو (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق الاستخدام «الإشكالي» لشبكات التواصل الاجتماعي يتزايد لدى الشباب الأوروبيين (رويترز)

تزايد الاستخدام «الإشكالي» لمواقع «التواصل الاجتماعي» لدى الشباب الأوروبيين

نبّهت منظمة الصحة العالمية إلى أن الاستخدام «الإشكالي» لشبكات التواصل الاجتماعي يتزايد لدى الشباب الأوروبيين

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
تكنولوجيا الأداة يمكنها إجراء التحريات بسرعة وفاعلية (رويترز)

أداة ذكاء اصطناعي قد تساعد الشرطة في التحريات الجنائية

قد تساعد أداة ذكاء اصطناعي جديدة رجال الشرطة في التحريات الجنائية بسرعة وفاعلية؛ إذ إنها قد تحلل قضايا قد تستغرق من الشرطة 81 عاماً لإنجازها، في 30 ساعة فقط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ سيارة «تسلا» كهربائية تشحن بطارياتها في برلين 13 نوفمبر 2019 (رويترز)

واشنطن تريد حظر بيع السيارات بتكنولوجيا صينية وروسية في أسواقها

تريد الحكومة الأميركية أن تحظر في أسواقها بيع السيارات التي تدخل في صناعتها التكنولوجيا الصينية والروسية باسم الأمن القومي الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية
TT

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

لطالما التزمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الصمت بشأن كوكبة أقمار التجسس الأميركية التي تراقب منذ عام 2014 السفن الفضائية الأجنبية الدائرة في مدارات متزامنة مع الأرض. لكن هذا لم يمنع الأقمار الاصطناعية الصينية من التهرب منها، كما كتب مايك غروس*.

وكان المسؤولون الأميركيون رفعوا السرية عن برنامج «رصد الموضع الفضائي المتزامن مع الأرض» Geosynchronous Space Situational Awareness Program قبل عقد من الزمان، إلا أنهم نادراً ما ناقشوا أقمار «GSSAP» الأميركية الستة العاملة، ولا بياناتها المخصصة للحد من الاصطدامات.

الآن، يستكشف بحثٌ جديدٌ من «معهد دراسات الفضاء الجوي الصيني»، التابع لسلاح الجو الأميركي، ما يعرفه الصينيون عن البرنامج، وما يفعلونه حيال ذلك.

مناورات اقتراب لرصد الأقمار الأجنبية

وقالت كريستين بيرك، الباحثة الرئيسية في المعهد في مجال الفضاء والفضاء المضاد، في البحث الجديد إن «مهمة (جي إس إس إيه بي)، والعناصر المدارية في موقعها الحالي ليست سرية؛ لكن الحكومة الأميركية والخبراء الغربيين لا يتحدثون عنها كثيراً... وبالتالي، فإن الصينيين وغيرهم يملأون الفراغ».

وقال قادة الفضاء العسكريون الأميركيون إن أقمار «جي إس إس إيه بي» تقوم بمناورات الالتقاء والقرب؛ للسماح بإلقاء نظرة عن قرب على المركبات الفضائية في مدارات متزامنة مع الأرض، على ارتفاع نحو 36 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض. ووصفوا المهمة بأنها نوع مشابه لعملية «مراقبة الحيّ السكني».

الصينيون يكتشفون عمليات الترصد

وفي ورقة بحثية في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي بعنوان «الصين تستطيع تعقب جي إس إس إيه بي»، قالت بيرك إنه في حين قد لا يرغب المسؤولون الأميركيون في مناقشة «جي إس إس إيه بي»، فإن علماء الفلك الصينيين يقومون بتحليل البيانات بعناية حول المكان الذي تُحلّق فيه، ويجمعون ملفاً عن أنماط أقمار «جي إس إس إيه بي». وهذا يعني أنهم يعرفون أين يبحثون وماذا يتوقعون من القمر الاصطناعي (الأميركي).

مراوغة فضائية صينية

كما يعني هذا، كما كتبت، أن الصين تعمل على الأرجح على طرق «لاكتشاف (القمر الاصطناعي الصيني) وإصدار الأوامر له بالمناورة بشكل مستقل عندما تلاحظ أجهزة استشعاره أي شيء مشابه لأساليب (جي إس إس إيه التاريخية)». أي بعبارة أخرى، الاندفاع بعيداً قبل أن تلقي أقمار الولايات المتحدة نظرة فاحصة عليه.

ومن جهته قال بريندان مولفاني، مدير معهد دراسات الفضاء الصيني: «لقد رأينا أقماراً اصطناعية صينية تناور وتثبت بوضوح شديد أنها تعرف ما هو (جي إس إس إيه بي)، وماذا يفعل، وتُغيّر مساراتها المدارية، إما لوضعها في وضع يسمح بمراقبتها (أي الأقمار الاصطناعية الأميركية)، أو لجعل من الصعب علينا مراقبة (القمر الاصطناعي الصيني)».

تدريبات لخوض حرب مدارية

وأضافت: «إن الصين تعمل هناك على تطوير التقنيات والتكتيكات والإجراءات اللازمة لخوض حرب مدارية. إنهم يتدربون». كل هذا يخلق لعبة القط والفأر. وتشير بيرك في الورقة البحثية إلى حالة وقعت في فبراير (شباط) 2022 عندما توقّع قمران اصطناعيان صينيان اقتراب القمر الاصطناعي الثالث الأميركي من كوكبة «جي إس إس إيه». ونتيجة لذلك، أعاد أحد الأقمار الاصطناعية الصينية تموضعه. ومن المحتمل أنه التقط صورة للقمر الاصطناعي الأميركي في ظروف إضاءة أكثر ملاءمة.

قائمة الرصد الأميركية لدى الصينيين

بالإضافة إلى ذلك، كتبت بيرك أنه باستخدام البيانات من «الشبكة البصرية العلمية الدولية (International Scientific Optical Network)»، حددت المنظمات البحثية المرتبطة بالأكاديمية الصينية للعلوم، والأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، الأقمار الاصطناعية التي كان برنامج «جي إس إس إيه بي» يستكشفها. وتضمنت القائمة اقتراباً في عام 2017 للقمر الاصطناعي الروسي «لوتش (Luch)»، الذي أُصيب الخبراء التجاريون والحكوميون بالإحباط باقترابه الوثيق.

كما تقدم بيرك، التي تتحدث وتقرأ لغة الماندرين، مزيداً من التفاصيل حول تحركات برنامج «جي إس إس إيه بي» في الورقة البحثية. وعلى سبيل المثال، أوضحت أن تقريراً عسكرياً صينياً في عام 2021 أظهر أنه قبل عام تحرك القمر الاصطناعي «GSSAP-2» على بعد 8.71 كيلومتر من قمر اصطناعي آخر.

وكانت دراسة أجراها «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، وجدت أن المسافة المتوسطة بين الأقمار الاصطناعية في مدار متزامن مع الأرض هي 207 كيلومترات. وقال مولفاني: «لا يوجد سبب كبير للاقتراب إلى هذا الحد، بخلاف إظهار أن قمراً ما يقول لآخر: (بمقدوري الاقتراب إلى هذا الحد، وإنك لن تفعل أي شيء حيال ذلك)».

* مجلة «ديفينس وان» - خدمات «تريبيون ميديا».