سبب جديد وراء زيادة تعرض أطفال المدن للحساسية

الحساسية من أكثر الحالات الصحية المزمنة شيوعاً في مرحلة الطفولة (جامعة كولومبيا البريطانية)
الحساسية من أكثر الحالات الصحية المزمنة شيوعاً في مرحلة الطفولة (جامعة كولومبيا البريطانية)
TT

سبب جديد وراء زيادة تعرض أطفال المدن للحساسية

الحساسية من أكثر الحالات الصحية المزمنة شيوعاً في مرحلة الطفولة (جامعة كولومبيا البريطانية)
الحساسية من أكثر الحالات الصحية المزمنة شيوعاً في مرحلة الطفولة (جامعة كولومبيا البريطانية)

كشفت دراسة أميركية سبباً جديداً قد يفسر لماذا يكون أطفال المدن أكثر عرضة للإصابة بالحساسية مقارنةً بأقرانهم في المناطق الريفية، وهو وجود نوع محدد من الخلايا المناعية في أجسامهم.

وأوضح الباحثون من جامعة روتشستر، أن هذه النتائج توفر رؤى جديدة حول كيفية تشكُّل جهاز المناعة في السنوات الأولى من حياة الأطفال، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Allergy).

وتُعد الحساسية لدى الأطفال من أكثر الحالات الصحية المزمنة شيوعاً في مرحلة الطفولة، وتشمل استجابات مناعية غير طبيعية تجاه مواد غير ضارة عادة، مثل حبوب اللقاح، بعض الأطعمة، الغبار، أو وبر الحيوانات. تتنوع أعراضها ما بين طفح جلدي، وحكة، وسيلان الأنف، وضيق التنفس، وحتى نوبات ربو شديدة. وقد تؤثر الحساسية بشكل كبير على جودة حياة الطفل، وأدائه الدراسي، ونشاطه اليومي؛ ما يتطلب متابعة طبية دقيقة وتوعية الأهل لتجنب المحفزات المسببة وتقديم العلاج المناسب.

وقارنت الدراسة عينات دم من أطفال رُضع يعيشون في بيئة حضرية مع عينات من أطفال ينتمون إلى بيئات ريفية تُعرف بانخفاض معدلات الإصابة بالحساسية بين أفرادها.

وحدد الباحثون نوعاً فرعياً غير موصوف سابقاً من خلايا المناعة التائية يُعرف باسم «الخلايا المساعدة 2» (Th2) التي تتميز بخصائص التهابية فريدة. وهذه الخلايا تهاجم بروتينات غذائية معينة، عادَّة إياها مواد ضارة؛ ما يؤدي إلى رد فعل تحسسي.

وتعدّ خلايا المناعة التائية جزءاً أساسياً من جهاز المناعة، لكنها في هذا السياق تستجيب بشكل مفرط لمواد غذائية معينة وتتعامل معها كأنها تهديدات؛ ما يؤدي إلى ظهور أعراض الحساسية، حيث تلعب خلايا «Th2» دوراً رئيساً في تعزيز الاستجابة التحسسية لدى الأطفال.

وأظهرت النتائج أن أطفال المدن لديهم مستويات أعلى من خلايا «Th2» الالتهابية، بينما كان لدى أطفال البيئات الريفية خلايا تنظيمية مناعية أكثر تساعد على تحقيق التوازن في الاستجابة المناعية وتقليل فرص الإصابة بالحساسية.

تنوع الميكروبات

ويرجح الباحثون أن الاختلاف في تكوين جهاز المناعة بين أطفال المدن والريف يعود إلى تنوع الميكروبات في البيئة المحيطة؛ إذ توفر الحياة الريفية تعرضاً أكبر لأنواع مفيدة من البكتيريا، تسهم في تنمية جهاز مناعي أكثر توازناً لدى الأطفال. أما البيئة الحضرية، فتبدو أنها تعزز وجود خلايا مناعية تميل إلى الالتهاب والتحسس.

وقالت الباحثة الرئيسة للدراسة، الدكتورة كيرسي يارفينين - سيبو، إن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة نحو فهم كيف تؤثر البيئة في السنوات الأولى من عمر الطفل على صحته المناعية لاحقاً.

وأضافت عبر موقع الجامعة: «إذا استطعنا فهم الظروف التي تؤدي إلى نشوء هذه الخلايا المناعية المحفزة للحساسية، فقد نتمكن في المستقبل من تطوير وسائل وقائية، مثل مكملات «البروبيوتيك» أو التدخلات التي تدعم تنوع الميكروبيوم للوقاية من الحساسية».


مقالات ذات صلة

لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

صحتك لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

الإصابات تصبح أكثر خطورة بسبب ضعف المناعة وضيق المجاري الهوائية

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك مضادات الاكتئاب أثناء المراهقة تزيد حساسية الألم لاحقاً لدى الفتيات

مضادات الاكتئاب أثناء المراهقة تزيد حساسية الألم لاحقاً لدى الفتيات

وجدت دراسة حديثة، أن الاستخدام المفرط لمضادات الاكتئاب مثل دواء «بروزاك» في فترة المراهقة يمكن أن يساهم في زيادة الحساسية تجاه الألم لاحقاً، خصوصاً لدى الفتيات

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك قلة الوعي والمعلومات المضللة من أسباب تفشي الحصبة في أميركا

قلة الوعي والمعلومات المضللة من أسباب تفشي الحصبة في أميركا

مع ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، حاول العلماء معرفة آراء الآباء فيما يتعلق بتناول اللقاح الواقي من الحصبة.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك سيدتان تبيعان مجموعة متنوعة من المواد الغذائية بما في ذلك البازلاء والأرز والفاصوليا والطماطم (أ.ف.ب)

«لا يحظى بتقدير كافٍ»... طبيبة تكشف طعاماً «خارقاً» عليك تقديمه لطفلك

يحاول العديد من الآباء تنويع الوجبات الغذائية لأطفالهم بهدف تزويدهم بكل ما تحتاج إليه أجسامهم من طاقة وفيتامينات أساسية للنمو والنشاط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العقاب البدني يؤدي إلى تراجع العلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل

العقاب البدني يؤدي إلى تراجع العلاقة الوجدانية بين الوالدين والطفل

كشفت أحدث دراسة نفسية، عن الآثار السلبية الكبيرة الناتجة من معاقبة الأطفال جسدياً على المدى القريب ولاحقاً في البلوغ، سواء على المستوى العضوي أو النفسي والعاطفي

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
TT

علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي

الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)
الصداع النصفي يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس (جامعة كاليفورنيا)

كشف باحثون من جامعة نابولي الإيطالية عن نتائج دراسة واعدة، أظهرت أن دواءً شائعاً لعلاج السكري من النوع الثاني قد يقلّل بشكل كبير من نوبات الصداع النصفي المزمن.

وأوضح الباحثون أن فعالية الدواء ترجع إلى آلية غير تقليدية تتعلق بخفض ضغط سوائل الدماغ، وعُرضت النتائج، الجمعة، ضمن فعاليات مؤتمر الأكاديمية الأوروبية لعلم الأعصاب، الذي يُعقد بين 21 و24 يونيو (حزيران) 2025 في هلسنكي، بفنلندا.

ويُعد الصداع النصفي اضطراباً عصبياً شائعاً، يتميز بنوبات متكررة من الألم النابض في الرأس، وغالباً ما يتركز في جانب واحد. وتُصاحب النوبات أحياناً أعراض مثل الغثيان، والتقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء أو الصوت، وقد تستمر من ساعات لأيام.

وتختلف شدة وتكرار النوبات من شخص لآخر، ويُعد الصداع النصفي من أبرز أسباب الإعاقة المؤقتة عالمياً، لا سيما بين النساء. وعلى الرغم من توفر عدة أدوية للتخفيف من حدة النوبات أو الوقاية منها، فإن بعض المرضى لا يستجيبون للعلاجات التقليدية، مما يدفع للبحث عن بدائل علاجية جديدة وفعالة.

وأُجريت الدراسة على 26 من البالغين المصابين بالسمنة والصداع النصفي المزمن، بهدف اختبار فعالية دواء «ليراجلوتيد» (liraglutide)، وهو من فئة أدوية (GLP-1) المعروفة بتأثيرها في خفض سكر الدم، وكبح الشهية، وتقليل الوزن، ويُستخدم على نطاق واسع لعلاج السكري.

وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في عدد أيام الصداع، بمعدل 11 يوماً أقل شهرياً، بعد استخدام الدواء لمدة 12 أسبوعاً. كما انخفضت درجات الإعاقة على مقياس تقييم إعاقة الصداع النصفي بمقدار 35 نقطة، وهو تحسن كبير ذو دلالة سريرية، يعكس استعادة المرضى لقدرتهم على العمل، والدراسة، والنشاط الاجتماعي.

وأشار الباحثون إلى أن معظم المرضى شعروا بتحسن ملحوظ خلال أول أسبوعين من بدء العلاج، واستمر هذا التحسن طوال فترة الدراسة التي امتدت لثلاثة أشهر.

آثار جانبية طفيفة

ورغم أن «ليراجلوتيد» معروف بفعاليته في تقليل الوزن، فإن التغير في مؤشر كتلة الجسم للمشاركين لم يكن ذا دلالة إحصائية، ما يُعزز فرضية أن التحسن في الصداع ناجم عن خفض ضغط السائل الدماغي الشوكي، وليس عن خسارة الوزن.

ويعتقد الفريق أن تقليل ضغط هذا السائل يخفف من الضغط على الجيوب الوريدية داخل الجمجمة، مما يؤدي لتقليل إفراز أحد المحفزات الرئيسية لنوبات الصداع النصفي.

وسُجّلت آثار جانبية طفيفة لدى 38 في المائة من المشاركين، تمثلت غالباً في الغثيان والإمساك، لكنها لم تؤدِ إلى توقف أي من المرضى عن الاستمرار في العلاج.

ويُخطط الفريق حالياً لإجراء تجربة سريرية جديدة لاختبار أدوية أخرى تنتمي للفئة نفسها، قد تحقق التأثير العلاجي ذاته مع آثار جانبية أقل. وإذا تم تأكيد هذه النتائج، فقد تُفتح آفاق جديدة لعلاج الصداع النصفي، خصوصاً أولئك الذين لم تنجح معهم العلاجات المتوفرة حالياً.