«جنة البكتيريا»... هل إسفنجة المطبخ مضرة بالصحة؟

استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)
استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)
TT
20

«جنة البكتيريا»... هل إسفنجة المطبخ مضرة بالصحة؟

استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)
استخدام الإسفنجة نفسها في جميع أنحاء المطبخ يمكن أن يتسبب في نشر الجراثيم بين الأسطح (معهد التنظيف الأميركي)

تعد إسفنجة المطبخ من الأدوات المهمة، حيث نستخدمها لتنظيف الأطباق التي نتناولها، لكنها بيئة رطبة مليئة بالفتات وتعتبر مثالية لنمو البكتيريا، والتي تتميز أنواع عديدة منها بمهاراتها في التعامل مع البيئة القاسية لكن أفضل مكان تفضل العيش فيه، هو إسفنجة المطبخ، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

حيث إن الإسفنج هو جنة البكتيريا فهو دافئ ورطب ومليء بفتات الطعام المغذي الذي تتغذى عليه الميكروبات.

ولفتت «بي بي سي» إلى أن ماركوس إيغرت، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة فورتفاغن في ألمانيا نشر في عام 2017، بيانات جديدة عن البكتيريا في إسفنجات المطبخ المستعملة، حيث اكتشف عدداً هائلاً من الميكروبات في تلك الإسفنجيات، بلغ 362 نوعاً، وفي بعض الأماكن، وصلت كثافة البكتيريا إلى 54 مليار فرد لكل سنتيمتر مربع، وقال: «هذه كمية هائلة، تُقارب عدد البكتيريا الموجودة في عينة براز بشرية».

وتوفر الإسفنجيات المليئة بالثقوب والجيوب، بيئةً مناسبةً لتجمع الميكروبات.

ووفقاً لما وجده لينغتشونغ يو، عالم الأحياء في جامعة ديوك الأميركية، وفريقه، في دراسة أجريت عام 2022 أن الإسفنجيات ذات الجيوب ذات الأحجام المختلفة تُشجع على نمو الميكروبات بشكل أكبر.

ويقول إيغرت: «وجود مجموعة متنوعة من أحجام المسام المختلفة في إسفنجات المطبخ أمرٌ بالغ الأهمية لتشجيع نمو البكتيريا، وهذا منطقي، فبالنسبة للميكروبات، هناك كائنات فردية مثل البكتيريا التي تفضل النمو بمفردها، وهناك بكتيريا تحتاج إلى صحبة غيرها. داخل الإسفنجة، يوجد العديد من التراكيب أو البيئات المختلفة التي تُسعد الجميع».

وقالت الصحيفة إنه لا شك إن الإسفنج مكان جيد للبكتيريا ومع ذلك، لا يعني هذا بالضرورة أن هذه الأدوات تُشكل خطراً على صحتنا أيضاً فالبكتيريا موجودة في كل مكان على جلدنا، وفي التربة، وفي الهواء المحيط بنا وليست جميعها ضارة، بل إن العديد منها يؤدي وظائف حيوية. لذا، السؤال المهم هو: هل تستحق البكتيريا الموجودة في الإسفنج القلق حقاً؟

وفي الدراسة التي أجراها إيغرت عام 2017، قام بتتبع تسلسل الحمض النووي لأكثر أنواع البكتيريا شيوعاً على الرغم من استحالة تحديد النوع الدقيق لكل بكتيريا، فإن خمسة من كل عشرة أنواع من أكثر الأنواع شيوعاً كانت وثيقة الصلة ببكتيريا معروفة بأنها تُسبب عدوى للأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة كما أن إجراءات التنظيف مثل التسخين في الميكروويف أو الشطف بالماء الساخن والصابون، لم تنفع، فرغم أنها قضت على بعض البكتيريا، فإنها سمحت لسلالات أخرى أكثر مقاومة بالازدهار.

ويقول إيغرت: «فرضيتنا هي أن إجراءات التنظيف قد تُؤدي إلى نوع من عملية الانتقاء، حيث يُمكن للبكتيريا الناجية القليلة أن تنمو وتتكاثر بأعداد كبيرة مرة أخرى، وإذا كررت هذا الأمر عدة مرات، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور مجموعة من البكتيريا أكثر تكيفاً مع التنظيف».

ولفتت الصحيفة إلى دراسة أجريت في عام 2017، حيث جمعت جينيفر كوينلان، أستاذة سلامة الغذاء في جامعة برايري في الولايات المتحدة، وزملاؤها، إسفنجات مطبخ من 100 منزل، ووجدت أن 1-2 في المائة فقط من هذه الإسفنجات تحتوي على بكتيريا مرتبطة بالتسمم الغذائي.

إسفنجة مستخدمة في تنظيف الأطباق (أ.ف.ب)
إسفنجة مستخدمة في تنظيف الأطباق (أ.ف.ب)

ودُعمت هذه النتيجة بدراسة أجريت عام 2022، قارنت فيها سولفيج لانغسرود، العالمة في معهد نوفيما النرويجي لأبحاث الأغذية، البكتيريا الموجودة في إسفنجات وفرش غسل الأطباق، ووجدت مجموعة شائعة من البكتيريا غير الضارة وغير المسببة للأمراض في كلا النوعين من الأدوات.

وقالت كوينلان: «الغالبية العظمى من البكتيريا الموجودة على الإسفنج لا تسبب الأمراض، بل تُسبب فقط رائحة كريهة، ستجعلها كريهة مع مرور الوقت مع ذلك، هناك احتمال أن يكون استخدام إسفنجة لمسح اللحوم النيئة أو الدجاج النيء سبباً في وجود بعض هذه البكتيريا المسببة للأمراض عليها، وقد وجدت الدراسات أنه يمكن عزل مسببات الأمراض من إسفنج المطبخ».

لذا، في حين أن البكتيريا التي تنمو في الإسفنجة ليست ضارة عادةً، إلا أنه في حال ظهور بكتيريا خطيرة مثل السالمونيلا، فإن بنية الإسفنجة تجعلها مكاناً مثالياً لنمو هذه البكتيريا.

وهناك أدلة على ذلك، ففي دراسة لانغسرود، عندما أدخل الباحثون السالمونيلا إلى إسفنجات المطبخ، ازدهرت، ولكن عندما أضافوا هذه البكتيريا إلى الفرش، ماتت، وقد يكون ذلك لأن الفرش غالباً ما تجف بشكل أكثر فعالية بين الاستخدامات، مما يؤدي إلى قتل بكتيريا السالمونيلا، بينما يمكن أن تظل الإسفنجة رطبة من الداخل إذا استُخدمت يومياً.

وبشأن المدة التي يجب عندها تغيير إسفنجة المطبخ؟ قالت كوينلان إنه من منظور النظافة، يُفضّل استبدالها أسبوعياً، ولكن هناك أشياء يمكنك القيام بها لإطالة عمرها الافتراضي.

وأضافت: «هناك طريقتان سهلتان لتنظيفها يمكنك وضعها في غسالة الأطباق في نهاية المساء، أو تسخينها في الميكروويف لمدة دقيقة حتى ترى البخار يتصاعد، وهذا سيقضي على معظم مسببات الأمراض».

وكانت الدراسات أظهرت أن غسل الإسفنجة في غسالة الأطباق أو الميكروويف يُقلل من تراكم البكتيريا، ويكون أكثر فعالية من نقعها في المُبيّض. ولكن كما أوضحت دراسة إيغرت، فإن هذا قد يُؤدي إلى ظهور سلالات أكثر مقاومة، وبالتالي يُصبح التنظيف أقل فعالية مع مرور الوقت.

كما أن وضع الإسفنجة في الماء المغلي والمطهر يقضي على معظم البكتيريا، مع أن بعضها قد يبقى على قيد الحياة، وخاصة تلك التي تُشكّل أغشية حيوية لزجة واقية ولكن وُجد أن هذه الطريقة فعالة في الحد من مُسببات الأمراض المُحتملة مثل السالمونيلا.

ومن جانبها قالت إيغرت: «لا أنصح باستخدام إسفنجات المطبخ إطلاقاً. في الواقع، لا أجد أي معنى لاستخدامها في المطبخ. الفرشاة أفضل بكثير لأنها تحتوي على بكتيريا أقل وتجف بسهولة أكبر، كما أنها أسهل في التنظيف».


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون من تناول الطعام بسرعة... ويقدمون نصائح

صحتك البعض يتناول الطعام سعياً لملء الفراغ وإيجاد بعض الإلهاء (أرشيفية-رويترز)

خبراء يحذرون من تناول الطعام بسرعة... ويقدمون نصائح

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن خبراء التغذية ينصحون بالتمهل أثناء تناول الطعام للحصول على فوائده كاملة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا أطفال باكستانيون بانتظار الحصول على لقاح التطعيم ضد شلل الأطفال في بيشاور (متداولة)

باكستان: العثور على فيروس شلل الأطفال في عينات من مياه الصرف الصحي بـ18 مدينة

أفاد مسؤولون الاثنين بالعثور على فيروس شلل الأطفال في عينات من مياه الصرف الصحي الخاصة بـ18 مدينة على الأقل في باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
صحتك ازداد في السنوات الأخيرة اهتمام الناس باستهلاك البروتين (رويترز)

مخاطر الإفراط في تناول البروتين

الإفراط في تناول البروتين قد يؤدي إلى مشكلات صحية على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك عبارات ينبغي أن نتجنب قولها للشخص المكتئب (رويترز)

عبارات تجنب قولها للشخص المكتئب

قال موقع «سايكولوجي توداي» إن هناك 3 عبارات ينبغي أن نتجنب قولها للشخص المكتئب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النظام الغذائي الغني بالبروتين والألياف يحسِّن بشكل كبير من جودة النوم (أرشيفية - رويترز)

نظام غذائي يحسّن جودة نومك... تعرف عليه

كشفت دراسة جديدة عن أن النظام الغذائي الغني بالبروتين والألياف يحسِّن بشكل كبير من جودة النوم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

خبراء يحذرون من تناول الطعام بسرعة... ويقدمون نصائح

البعض يتناول الطعام سعياً لملء الفراغ وإيجاد بعض الإلهاء (أرشيفية-رويترز)
البعض يتناول الطعام سعياً لملء الفراغ وإيجاد بعض الإلهاء (أرشيفية-رويترز)
TT
20

خبراء يحذرون من تناول الطعام بسرعة... ويقدمون نصائح

البعض يتناول الطعام سعياً لملء الفراغ وإيجاد بعض الإلهاء (أرشيفية-رويترز)
البعض يتناول الطعام سعياً لملء الفراغ وإيجاد بعض الإلهاء (أرشيفية-رويترز)

قالت وكالة أسوشييتد برس للأنباء إن خبراء التغذية ينصحون بالتمهل أثناء تناول الطعام للحصول على فوائده كاملة.

وأضافت أن الخبراء يميلون إلى التركيز على أنواع الأطعمة التي يمكنك تناولها لتحسين صحتك، لكن سرعة التهام الوجبات لا تقل أهمية، ذك أن هناك مخاطر لتناول الطعام بسرعة كبيرة.

وقدَّم خبراء، للصحيفة، نصائح لكيفية التمهل أثناء تناول نظامك الغذائي.

وطرحت الصحيفة سؤالاً حول المدة التي تُعد سريعة جداً أثناء تناول الطعام، وأجابت ليزلي هاينبرغ، من مركز الصحة السلوكية في عيادة كليفلاند: «تستغرق المعدة نحو 20 دقيقة للتواصل مع الدماغ، عبر مجموعة كاملة من الإشارات الهرمونية التي تُشير إلى امتلائها، لذلك عندما يأكل الناس بسرعة، قد تفوتهم هذه الإشارات، ومن السهل جداً تناول الطعام بعد الشعور بالشبع».

الزبائن يتناولون الطعام ويشربون في الهواء الطلق بمطعم مارثا بفيلادلفيا (رويترز)
الزبائن يتناولون الطعام ويشربون في الهواء الطلق بمطعم مارثا بفيلادلفيا (رويترز)

وقالت هاينبرغ إن الأشخاص الذين يأكلون بسرعة يميلون إلى ابتلاع مزيد من الهواء، مما قد يؤدي إلى الانتفاخ أو عسر الهضم، كما أن عدم مضغ الطعام جيداً قد يُضعف عملية الهضم، مما يعني أنك لن تحصل على جميع العناصر الغذائية من طعامك، كما أن قِطع الطعام غير الممضوغة قد تَعلق في المريء.

ووفقاً للصحيفة، كانت بعض الدراسات السابقة قد أشارت إلى أن الأشخاص الذين يأكلون بسرعة هم الأكثر عرضة للإصابة بالسمنة، بينما كان أبطؤهم في الأكل هم الأقل عرضة للإصابة بالسمنة.

وقالت هاينبرغ عن تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفزيون: «يميل الناس إلى تناول الطعام حتى ظهور إعلان أو انتهاء العرض، لكنهم يكونون أقل ميلاً إلى الانتباه إلى إشارات الجسم التي تدل على الشبع. وعندما نفعل أشياء أثناء تناولنا الطعام، فإننا نأكل بوعي أقل، وهذا غالبًا ما يدفعنا إلى تناول مزيد من الطعام».

وأضافت أنه عندما يركز الناس على تناول الطعام، فإنهم يميلون إلى الاستمتاع بالوجبة أكثر، وتناول كميات أقل من الطعام.

وأقرّت هاينبرغ أيضاً بأن سرعة تناول الطعام، غالباً ما تكون عادة متأصلة، لكنها قالت إن التغيير لا يزال ممكناً.

واقترحت أشياء مثل استخدام اليد غير القوية لتناول الطعام، وتجربة أدوات قد لا تستخدمها عادةً؛ مثل عيدان تناول الطعام، أو أخذ استراحة متعمدة لشرب الماء عندما يكون طبقك فارغاً جزئياً، وإذا كانت حياتك مزدحمة، فقد يكون من غير الممكن تجنب تناول الغداء في اجتماع عمل أو تناول وجبة خفيفة أثناء أداء العمل.

ولفتت سارة بيري، كبيرة العلماء بشركة تغذية بريطانية، إلى ضرورة الانتباه لمذاق الطعام وملمسه. وقالت: «إذا لم نكن منتبهين تماماً، فمن السهل جداً تناول الطعام بسرعة أكبر وعدم ملاحظة الكمية التي استهلكناها».

شخص أثناء تناول الطعام (رويترز)
شخص أثناء تناول الطعام (رويترز)

وتنصح هيلين مكارثي، اختصاصية علم النفس السريري في الجمعية البريطانية لعلم النفس، بـ«مضغ طعامك، تماماً كما أخبرتك والدتك». وقالت إن من أبسط الأشياء التي يمكنك القيام بها زيادة عدد اللقمات التي تتناولها.

وأضافت: «إذا مضغت كل لقمة لفترة أطول قليلاً، فسيؤدي ذلك إلى إبطاء عملية تناول الطعام»، وقد يُحدث نوع الطعام الذي تتناوله فرقاً أيضاً، مشيرةً إلى أنه من الأسهل بكثير تناول الأطعمة فائقة المعالجة أو السريعة بشكل أسرع؛ لأنها عادةً ما تكون ذات ملمس أكثر نعومة.