ليس للرياضيين فحسب... ما هي أفضل المكملات الغذائية لنمو العضلات؟

مكملات البروتين مفيدة أيضاً لكبار السن
مكملات البروتين مفيدة أيضاً لكبار السن
TT

ليس للرياضيين فحسب... ما هي أفضل المكملات الغذائية لنمو العضلات؟

مكملات البروتين مفيدة أيضاً لكبار السن
مكملات البروتين مفيدة أيضاً لكبار السن

مكملات البروتين ليست مخصصة فقط للشباب الذين يسعون لزيادة عضلاتهم في صالة الألعاب الرياضية.

ووفق تقرير لصحيفة «تلغراف»، تشير الأبحاث الحديثة إلى أنها قد تحمل فوائد لمن هم في منتصف العمر وكبار السن، حيث تزداد احتياجاتنا من البروتين مع التقدم في السن.

ولمكافحة فقدان العضلات المستمر، الذي يحدث مع التقدم في السن، اقترح خبراء التغذية زيادة كمية البروتين التي نستهلكها يومياً.

وقالت الدكتورة كولين دين، المحاضرة في بيولوجيا الخلايا العضلية بجامعة ساوثهامبتون: «تشير الجمعية البريطانية لعلوم الرياضة والتمارين إلى أن كبار السن يحتاجون بالفعل إلى كمية أكبر. ربما يحتاجون إلى نحو 1 إلى 1.2 غرام، وهو ما أتفق معه».

لكن عملياً، ليس الأمر بهذه السهولة كما يبدو. بالنسبة لامرأة تزن 60 كيلوغراماً (9 ستون و6 أرطال)، يعني ذلك الانتقال من 45 غراماً من البروتين يومياً إلى 72 غراماً، وهو ما يعادل، كما تقول دين، ما يقارب صدر دجاجة ونصف الصدر (100 غرام من الدجاج تحتوي على نحو 30 غراماً من البروتين).

وأضافت: «المشكلة هي أنه مع تقدمنا ​​في السن، نفقد أيضاً رغبتنا أو قدرتنا على تناول الكمية نفسها. لذلك؛ يمكن أن تساعدنا المكملات الغذائية في امتصاص البروتين والحفاظ على العضلات».

كيف تعمل مكملات البروتين... وأيها أنسب؟

مكملات البروتين، التي تأتي عادةً على شكل مساحيق تُخلط بالماء أو الحليب، مصممة لتكون سهلة الهضم ومريحة للغاية.

إذا كنتِ ترغبين في بناء أنسجة عضلية، فأنتِ في حاجة إلى ممارسة الرياضة وتناول كميات كافية من البروتين لتحفيز عملية بيولوجية تُعرف باسم تخليق العضلات. وقالت دين: «لا يمكنكِ مجرد تناول البروتين وتنمية العضلات. كما أن ممارسة الرياضة وحدها لا تُعزز نمو جسمكِ».

ووصفت أبيغيل غرين، اختصاصية فسيولوجيا الصحة والرفاهية في نوفيلد هيلث، الفوائد الرئيسية لهذه المكملات الغذائية بأنها سريعة وسهلة، واقتصادية، ومتعددة الاستخدامات.

وأشارت إلى أن «مساحيق البروتين ديناميكية، وتمكن إضافتها إلى الكعك، والبسكويت، والشوفان، والخبز، والعصائر، والعصيدة، وغيرها الكثير».

وأضافت: «إنها طريقة سريعة ومريحة لزيادة استهلاكك من البروتين بعد التمرين. قد تشعر برغبة في تناول طبق كامل من الدجاج والأرز في الساعة العاشرة مساءً، بينما يكون تناول مشروب مخفوق أسهل على المعدة قبل النوم».

ومع ذلك، أكدت ضرورة اعتبارها مكملات غذائية للبروتين، وليست ضرورية للحفاظ على العضلات أو بنائها.

إذا كنا نلبي بالفعل احتياجاتنا اليومية من البروتين؟

بداية، أي فائض من المكملات الغذائية سينتهي به الأمر إلى التحلل إلى أحماض أمينية تنتشر في مجرى الدم. ونتيجة لذلك؛ قالت دين إن العلماء لا يزالون يحاولون معرفة ما إذا كان الإفراط في تناول البروتين قد يكون ضاراً بصحتنا.

وأوضحت غرين أنه «بالنسبة لبعض الناس، مجرد تناول وجبة غنية بالبروتين يُحدث النتيجة نفسها. معظم الناس لا يحتاجون إلى إضافة مسحوق البروتين إلى نظامهم الغذائي».

عند اختيار مكمل البروتين، تتوفر خيارات متعددة. إليك بعض الخيارات الأكثر شيوعاً واستخداماتها:

1- بروتين مصل اللبن

يُعد بروتين مصل اللبن من أكثر مكملات البروتين دراسةً على الإطلاق، حيث وصفته دين بأنه «الأساس» لجميع أبحاث مكملات البروتين.

مصل اللبن منتج ألبان، وهو السائل المتبقي بعد تحويل الحليب جبناً. ولأنه منتج حيواني، يتميز باحتوائه على جميع الأحماض الأمينية الأساسية التسعة بشكل طبيعي، وهي اللبنات الأساسية للبروتين الذي يحتاج إليه الجسم لنمو الأنسجة.

ويتوفر عادةً بنوعين:

مركز مصل اللبن (Whey concentrate)، وهو أرخص ثمناً ويحتوي على مزيج من البروتين والكربوهيدرات والدهون.

مسحوق مصل اللبن المعزول (Whey isolate powder)، وهو أغلى ثمناً، وقد تمت معالجته بحيث يحتوي المسحوق على أكثر من 90 في المائة من البروتين. كما أنه يحتوي على نسبة أقل من اللاكتوز؛ ما يجعله خياراً أفضل لمن يعانون عدم تحمل اللاكتوز.

وفقاً للدكتور سوارغيت ساركار، المحاضر الأول في التغذية بجامعة سيتي بلندن، فقد وجدت دراسات مختلفة أن بروتين مصل اللبن قادر على زيادة كتلة العضلات الهيكلية، وقوة العضلات الكلية، وحتى سرعة المشي لدى كبار السن الذين جمعوا بين المكملات الغذائية وتمارين المقاومة. وكان التأثير أعمق لدى أولئك الذين تناولوا بروتين مصل اللبن المعزول.

وقال ساركار: «إذا كانوا يتمتعون بصحة جيدة وتناولوه مع ممارسة تمارين الجزء السفلي أو العلوي من الجسم، فسيحدث فرقاً بالتأكيد».

2- الكازين

مثل مصل اللبن، يُستخرج الكازين أيضاً من الحليب. في الواقع، بروتين الكازين هو ما يعطي الحليب لونه الأبيض.

وأشارت الكثير من الدراسات أيضاً إلى أن الكازين يمكن أن يكون فعالاً في بناء العضلات، لكن الفرق الرئيسي مقارنةً بمصل اللبن هو أنه أبطأ في الهضم. وأوضح ساركار أن ذلك قد يجعله أقل جاذبية لكبار السن الذين لا يهضمون الأطعمة بسهولة.

ومع ذلك، فقد جعل الكازين شائعاً لدى الرياضيين الهواة والمحترفين على حد سواء، حيث يُعتقد أن الكازين يشجع على إصلاح العضلات على مدى فترة زمنية أطول، على سبيل المثال أثناء النوم. وأضاف ساركار: «يُنصح الأشخاص النشطون بدنياً بتناول الكازين قبل النوم».

3- الليوسين

يُعتقد أن الليوسين فعال بشكل خاص في تحفيز نمو العضلات.

وجدت دراسة أجريت عام 2023 ونُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية السريرية أنه عندما أُعطيت مكملات الليوسين لـ37 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 20 و65 عاماً، وكان جميعهم يتبعون نظاماً غذائياً مُقيداً بالسعرات الحرارية لإنقاص الوزن، فقد ساعد ذلك في الحفاظ على أنسجة عضلاتهم.

وقالت دين إن إحدى مزايا الليوسين هي أنه يُقدم فوائد حتى بجرعات منخفضة نسبياً.

وأضافت: «إنه حمض أميني أساسي قوي للغاية؛ إذ يُحفز استجابة نمو العضلات. ونظراً لأنه لا يزال بإمكانك تحقيق ذلك بكميات قليلة من الليوسين، فهو مُكمل غذائي واعد للأشخاص الذين يعانون ضعف الشهية، مثل كبار السن».

بينما يمكن تناول الليوسين إما من خلال كبسولات الليوسين أو مكملات البروتين المُدعّمة بالليوسين، يُنصح ساركار المستهلكين الذين يشترون هذه الأخيرة بالبحث عن منتجات تحتوي على 40 في المائة على الأقل من الليوسين.

وأضاف: «إذا احتوى المنتج على 40 في المائة من الليوسين، فيُمكن أن يزيد ذلك من كتلة الجسم الخالية من الدهون ووظيفة العضلات. ومن المهم تحسين كليهما حتى تتمكن من ممارسة المزيد من النشاط البدني».

4- الكرياتين

الكرياتين، وهو مُركّب يُخزّن في أنسجة العضلات والدماغ، اكتسب اهتماماً متزايداً لقدرته على تجديد أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) بسرعة، وهي مادة كيميائية تستخدمها الخلايا طاقةً.

ونتيجة لذلك؛ يُعتقد أن مكملات الكرياتين قيّمة لتحسين أداء العضلات وتوفير دفعات من الطاقة أثناء التمارين.

في حين أن الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالبروتين يمتلكون بالفعل ما يكفي من الكرياتين في عضلاتهم؛ نظراً لوجود هذه المادة بشكل شائع في المأكولات البحرية واللحوم الحمراء، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً، أو أولئك الذين يمارسون الرياضة حديثاً نسبياً، قد يستفيدون من مكملات الكرياتين.

في بعض الحالات، أظهرت الأبحاث أنه يمكن أن يحسن كمية الوزن التي يمكن للأشخاص رفعها بنسبة تصل إلى 32 في المائة ويزيد كتلة العضلات بنسبة 7.2 في المائة، خصوصاً في الجزء العلوي من الجسم.

أشارت إحدى أوراق المراجعة لعام 2021 إلى أن الكرياتين قد يكون فعالاً بشكل خاص للنساء عند استخدامه مع تمارين المقاومة. ولأن بعض الكرياتين يُخزن في الدماغ، فقد أشارت المراجعة أيضاً إلى أنه يمكن أن يساعد في تحسين المزاج والوظائف الإدراكية.

5- فول الصويا

بالنسبة للنباتيين، قد تكون المكملات الغذائية المشتقة من الحيوانات مثل بروتين مصل اللبن والكازين غير مناسبة. وأشار الدكتور ديفيد روجرسون، الباحث في أكاديمية الرياضة والنشاط البدني بجامعة شيفيلد هالام، إلى أن هذه المكملات قد لا تكون مناسبة للأشخاص الذين يعانون بعض الحساسية.

وقال: «يواجه بعض الأشخاص مشاكل في تحمل منتجات الألبان. ويمكن أن يُفاقم مصل اللبن والكازين هذه المشكلة؛ ولذلك قد يجدون مصدراً نباتياً أسهل في الاستهلاك».

يُقال إن فول الصويا هو البديل الأكثر بحثاً لمكملات البروتين الحيواني، وقد وجدت دراسة مراجعة أجريت عام 2023 أنه في بعض الحالات، يمكن أن يكون فول الصويا بنفس فعالية بروتين مصل اللبن في تعزيز نمو العضلات.

6- بروتين البازلاء

إلى جانب الصويا، يُعد بروتين البازلاء مكملاً بروتينياً نباتياً شائعاً آخر.

ووصفه ساركار بأنه سهل الهضم، بينما أشارت دين إلى أنه يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية التسعة نفسها الموجودة في بروتين مصل اللبن والكازين، لكن بكميات أقل.

وأوضحت دين أنك «ستحتاج إلى كمية أكبر بكثير منه للحصول على فاعلية بروتين مصل اللبن نفسها. هذا يعني أنه قد يكلف الناس أكثر؛ لأنهم مضطرون إلى تناول كميات أكبر، وقد لا يلتزم كبار السن الذين لا يرغبون في تناول الكثير من الطعام بذلك».

7- الكولاجين

يوجد الكولاجين، وهو نوع من البروتين، بوفرة مذهلة في بشرتنا وغضاريفنا وأنسجتنا الضامة الأخرى. يُشكل الكولاجين ما يقرب من ثلث البروتينات في جسم الإنسان، لكن بدءاً من العشرينات من العمر، تتضاءل قدرتنا على إنتاجه بأنفسنا؛ ما يجعلنا أكثر تجاعيد وصلابةً تدريجياً.

وقد أدى هذا إلى ظهور سوق ضخمة لمكملات الكولاجين، التي يُركز الكثير منها على صحة البشرة. وبينما لا يزال الجدل قائماً حول ما إذا كانت هذه المكملات الغذائية تُساعد حقاً في الحفاظ على مظهر شاب للبشرة الشاب، يُركز العلماء على ما إذا كانت تُساعد في الوقاية من الهشاشة. ويدرس باحثون في جامعة ليفربول جون مورز حالياً ما إذا كانت هذه المكملات تُقلل من خطر التعثر والسقوط على كبار السن.

ولفتت دين إلى أن «الكولاجين مصدر ضعيف للأحماض الأمينية الأساسية التسعة؛ لذا فهو ليس بنفس فاعلية بروتينات مثل بروتين مصل اللبن أو البازلاء في الحفاظ على العضلات أو نموها». لكنه غني بالأحماض الأمينية الأحد عشر الأخرى؛ لذا قد تكون له فوائد في هذه المجالات الأخرى.

8- مساحيق البروتين المخلوطة

أوضح روجرسون أن مساحيق البروتين المخلوطة، التي تحتوي أحياناً على مزيج من بروتينات مصل اللبن والكازين والبيض أو بروتينات نباتية مختلفة، تزداد رواجاً.

ويضيف: «تتوفر خلطات مختلفة من البروتينات منذ فترة، وغالباً ما تكون غنية بالسعرات الحرارية لاحتوائها على الكربوهيدرات والدهون. ومن فوائدها أنها تُعالج لتكون سهلة الاستهلاك، ومريحة للغاية، وتحتوي على ألياف وعناصر غذائية أخرى».

لكن إذا لم تكن حذراً، فقد تزيد من استهلاكك للسعرات الحرارية إذا كنت تتناولها مع الوجبات. يجب أن تكون خياراً عرضياً بدلاً من أن تكون بديلاً كاملاً لوجبة كاملة.

ما الذي يجب الانتباه إليه مع مكملات البروتين؟

في حين أن المكملات الغذائية تُعدّ وسيلة جيدة لزيادة استهلاكك من البروتين، حث روجرسون المستهلكين على مراجعة قائمة المكونات بعناية؛ إذ يُضيف الكثير من المصنّعين سكريات إضافية لتحسين مذاق منتجاتهم.

وقال: «لا نريد هذه الإضافات التي تُضيف سعرات حرارية. إذا لم تكن حذراً، فقد تحتوي بعض هذه المكملات على نسبة عالية من الكربوهيدرات».

قبل عامين، لفت تقرير صادر عن منظمة أميركية غير ربحية تُدعى «مشروع الملصق النظيف» الانتباه إلى مشكلة التلوث في مكملات البروتين. بعد فحص 134 منتجاً مختلفاً، تبيّن أن الكثير من المكملات تحتوي على معادن ثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والكادميوم والزئبق، وهي مادة كيميائية موجودة في البلاستيك تُسمى بيسفينول-أ (BPA)، والمبيدات الحشرية، أو غيرها من المواد المسرطنة المعروفة. غالباً ما كانت مستويات هذه الملوثات مرتفعة بشكل خطير، حيث احتوى أحد مساحيق البروتين على 25 ضعف الحد المسموح به من بيسفينول-أ.

وأشار روجرسون إلى أن هذا الموضوع «أثار جدلاً»، وأضاف: «لكن وجهة نظري هي أنه إذا كنت تشتري منتجات عالية الجودة، فربما لا داعي للقلق حيال ذلك كثيراً».

وقال روجرسون: «يجب أن نكون حذرين للغاية بشأن التوصية بكميات أكبر من البروتين لكبار السن إذا كانوا يعانون مشاكل في الكلى».


مقالات ذات صلة

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

صحتك دماغ (أرشيفية - رويترز)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أبرزت دراسة جديدة أن المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر التي يتم تسويقها غالباً كبدائل صحية للسكر لديها ارتباطات محتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية (أ.ب)

دراسة: المُحلّيات الصناعية وبدائل السكر مرتبطة بشكل مباشر بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية

تخضع المُحلَّيات الصناعية وبدائل السكر التي تسوَّق غالباً كبدائل صحية للسكر، للتدقيق من الخبراء بسبب ارتباطاتها المحتملة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

اختبار إجهاد القلب يتنبأ بأمراضه... وبحالات سرطانية مميتة

رغم بدء استخدامه في ستينات القرن الماضي، فإن المصادر الطبية لا تزال تؤكد أن اختبار إجهاد القلب هو أحد أكثر الاختبارات شيوعاً وأهمية في الطب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

الصداقة الإنسانية الحقيقية تؤثر في الصحة النفسية بـ«قوة»

كشفت دراسة نفسية حديثة عن التأثير القوي للصداقة الحقيقية في الحفاظ على الصحة النفسية للمراهقين

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

التصوير الفلورسنتي... ثورة في جراحة الدماغ

يُعد استئصال أورام الدماغ أحد التحديات الكبرى في مجال الجراحة العصبية، حيث تؤمن الإزالة الدقيقة والكاملة للورم عاملاً حاسماً في نجاح العلاج

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة تفسر عدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم

دماغ (أرشيفية - رويترز)
دماغ (أرشيفية - رويترز)

طرحت دراسة، نُشرت الخميس، في مجلة «ساينس»، تفسيراً جديداً لعدم تذكر بعض الأشخاص لذكريات طفولتهم؛ حيث أرجعت هذا إلى صعوبة الوصول إليها في ذكريات المخ.

ووفقاً لشبكة «سي إن إن» الأميركية، اعتمدت الدراسة على تجربة من أجل التوصل لهذا التفسير حيث فحصت 26 رضيعاً تتراوح أعمارهم بين 4.2 و24.9 شهراً، مُقسَمين إلى فئتين عمريتين: أقل من 12 شهراً، ومن 12 إلى 24 شهراً.

وخلال التجربة، وُضع الأطفال في جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي، وعُرضت عليهم سلسلة من الصور لمدة ثانيتين لكل صورة؛ حيث سعى الباحثون إلى تسجيل نشاط الحُصين وهو جزء من الدماغ مرتبط بالعواطف والذاكرة والجهاز العصبي اللاإرادي.

وبعد فترة عُرضت على الأطفال صورتان جنباً إلى جنب: إحداهما لصور مألوفة شاهدوها من قبل والأخرى جديدة.

وتتبع الباحثون حركات عيون الأطفال، ولاحظوا أي صورة ركزوا عليها لفترة أطول.

وإذا أمضى الرضيع وقتاً أطول في النظر إلى الصورة المألوفة، فهذا يدل على تعرّفه عليها، مما يدل على استرجاعه للذاكرة أما إذا لم يُبدِ أي تفضيل، فمن المرجح أن ذاكرته كانت أقل تطوراً، وفقاً للدراسة.

معظم البالغين لا يمكنهم استرجاع الذكريات التي عاشوها قبل سن الثانية أو الثالثة (أ.ف.ب)

وقال الدكتور نيك تورك براون، الباحث الرئيسي في الدراسة والأستاذ في قسم علم النفس بجامعة ييل الأميركية، عبر البريد الإلكتروني، إن «الحُصين منطقة عميقة في الدماغ لا يمكن رؤيتها بالطرق التقليدية، لذلك اضطررنا إلى تطوير نهج جديد لإجراء تجارب الذاكرة على الأطفال داخل جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي».

وأضاف: «أُجري هذا النوع من الأبحاث سابقاً في الغالب أثناء نوم الأطفال، نظراً لكثرة اهتزازهم، وعدم قدرتهم على اتباع التعليمات، وقصر فترة انتباههم».

وذكرت الدكتورة سيمونا غيتي، الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة كاليفورنيا، التي تركز أبحاثها على تطور الذاكرة في مرحلة الطفولة، أنه في حين أثبتت العديد من الدراسات قدرة الأطفال على ترميز الذكريات، فإن هذا البحث الأخير فريد من نوعه لأنه يربط ترميز الذاكرة بتنشيط الحُصين.

وأضاف غيتي: «استخدمت حركات العين في مئات الدراسات حول ذاكرة الرضع وتصنيفهم»، وتابعت: «ينظر الرضع إلى ما يجدونه مثيراً للاهتمام، وقد استفاد الباحثون منذ فترة طويلة من هذا السلوك العفوي لاستخلاص معلومات حول وظائف الذاكرة».

تحليل نشاط الحُصين

وبمجرد جمع البيانات الأولية، حلل الفريق فحوصات الرنين المغناطيسي للأطفال الذين نظروا إلى الصورة المألوفة لفترة أطول، وقارنوها بمن لم يكن لديهم أي تفضيل.

واستبعدت التجارب التي لم يكن فيها الطفل مُركّزاً على الشاشة أو كان يتحرك أو يرمش بشكل مفرط.

وكشفت النتائج أن الحُصين كان أكثر نشاطاً لدى الرضع الأكبر سناً عند تشفير الذكريات، وبالإضافة إلى ذلك، أظهر الرضع الأكبر سناً فقط نشاطاً في القشرة الجبهية الحجاجية، التي تلعب دوراً رئيسياً في اتخاذ القرارات والتعرّف على الأشياء المتعلقة بالذاكرة.

وقالت الدكتورة ليلى دافاشي، الأستاذة في قسم علم النفس بجامعة كولومبيا: «من الأمور التي تعلمناها عن الذاكرة لدى البالغين أن المعلومات التي نميل إلى التقاطها وترميزها في الذاكرة هي أمور وثيقة الصلة بتجربتنا».

وأضافت: «الأمر المذهل في هذه الدراسة هو إظهارها بشكل مقنع عمليات ترميز الحُصين لدى الأطفال لمحفزات غير مهمة لهم إلى حد ما».

ورغم أنه لا يزال من غير الواضح سبب قوة ترميز الذاكرة لدى الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 شهراً، فإنه من المرجح أن يكون ذلك نتيجة لتغيرات كبيرة تحدث في الجسم.

وقال براون: «يخضع دماغ الرضيع للعديد من التغيرات الإدراكية واللغوية والحركية والبيولوجية وغيرها في هذه المرحلة، بما في ذلك النمو التشريحي السريع للحُصين».

دماغ (أرشيفية - رويترز)

ووفقاً للشبكة، يعمل براون وفريقه بنشاط لمعرفة سبب عدم قدرة الدماغ على استرجاع هذه الذكريات المبكرة في الحياة، لكنه يتكهن بأن معالجة الدماغ لدى الرضع قد تشير إلى أن الحُصين لا يستقبل «مصطلحات البحث» الدقيقة للعثور على الذاكرة كما خُزنت بناءً على تجارب الطفل في ذلك الوقت.

ماذا تعني هذه المرحلة للآباء؟

تشجع غيتي الآباء على التفكير في تأثير الطفولة المبكرة على أطفالهم، حتى لو لم يتمكنوا من استرجاع الذكريات التي عاشوها في هذه السن المبكرة.

وأوضحت غيتي أن الرضع يتعلمون قدراً هائلاً في هذا العمر، وهكذا يبدأون في استيعاب لغة كاملة من خلال ربط الأصوات بالمعاني. وأضافت أن الرضع يُكوّنون أيضاً توقعات حول أفراد أسرهم ويدرسون خصائص الأشياء والعالم من حولهم.

وغالباً ما يلاحظ الآباء هذا السلوك المكتسب عندما يغنون نفس الأغنية أو يقرأون نفس الكتاب، وهو ما أشارت دافاتشي إلى أنه يُنتج استجابة مألوفة لدى الأطفال الأكبر سناً، وقالت إن «استخدام التكرار مع الأطفال سيُعزز التواصل بين الوالد والطفل».

وقالت غيتي إن هذه التجارب قد تُعزز الشعور بالانتماء، وأضافت: «هذا يُذكر الآباء بأن الطفولة ليست وقتاً فراغاً، وأن الأطفال يتعلمون الكثير وقد يكون توفير فرص للاستكشاف البصري أمراً مهماً لتنمية مهارات التعلُّم».