ما هو «وجه الكورتيزول»؟ ولماذا يضج «تيك توك» به؟

بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي يشيرون إلى أن الإفراط في الإجهاد يسبب وجهاً مستديراً (رويترز)
بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي يشيرون إلى أن الإفراط في الإجهاد يسبب وجهاً مستديراً (رويترز)
TT

ما هو «وجه الكورتيزول»؟ ولماذا يضج «تيك توك» به؟

بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي يشيرون إلى أن الإفراط في الإجهاد يسبب وجهاً مستديراً (رويترز)
بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي يشيرون إلى أن الإفراط في الإجهاد يسبب وجهاً مستديراً (رويترز)

هل ينتفخ وجهك أحياناً بينما تشعر بالإجهاد؟ وفقاً لكثير من مؤثري منصة «تيك توك»، فإن هذه ليست مجرد حالة صحية عادية؛ بل إنها علامة على أنك قد تعاني مما يُسمى «وجه الكورتيزول»، وفقاً لتقرير لصحيفة «الغارديان».

«الكورتيزول» هو هرمون التوتر الرئيسي في الجسم. وفقاً لمئات المقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الإفراط في الإجهاد - وبالتالي زيادة الكورتيزول - يؤدي إلى وجه مستدير ومنتفخ.

«أنت لست قبيحاً، لكنك تعاني من وجه الكورتيزول»، تلك هي إحدى العبارات الشائعة في المقاطع التي تتحدث عن انتفاخ الوجه. في المنشورات، يشارك المستخدمون صوراً قبل وبعد لأنفسهم، حيث ينتقلون من وجه مستدير وممتلئ إلى وجه نحيف، مع عظام وجنتين بارزة وخطوط فك حادة.

يزعم أحد المؤثرين في فيديو عبر «تيك توك»، أن «السبب وراء حصولك على ذقن مزدوج، وجفون منتفخة، هو أن نسبة الكورتيزول المرتفعة لديك تُغيِّر بصمتٍ مظهر وجهك».

وبصرف النظر عن التشهير الصريح بالبدانة في هذه الرسائل، فإن العلم لا يؤيد ذلك تماماً. توضح الدكتورة بريا جايسينغاني، أخصائية الغدد الصماء في لانغون هيلث بجامعة نيويورك، أن مصطلح «وجه الكورتيزول» ليس طبياً.

قد تكون لمستويات الكورتيزول المرتفعة لفترات طويلة آثار صحية ضارة. بمرور الوقت، يمكن أن تؤدي زيادة الكورتيزول إلى متلازمة «كوشينغ»، وهي حالة قد تسبب ارتفاع ضغط الدم، وفقدان قوة العظام، ومرض السكري من النوع 2 في بعض الأحيان. لكن الخبراء يؤكدون أن متلازمة «كوشينغ» نادرة نسبياً.

ما هو الكورتيزول... وكيف يؤثر في صحتنا؟

يقول الدكتور آدم فريدمان، أستاذ ورئيس قسم الأمراض الجلدية في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة جورج واشنطن: «الكورتيزول هو هرمون ستيرويدي تنتجه الغدد الكظرية». ويوضح أن هذا الهرمون يلعب دوراً أساسياً في عدد من وظائف الجسم، بما في ذلك تنظيم التمثيل الغذائي، وإدارة استجاباتنا المناعية، والإجهاد، والحفاظ على ضغط الدم.

يوضح فريدمان: «دون الكمية المناسبة من الكورتيزول لا يمكننا البقاء على قيد الحياة... لكن كثيراً منه لا يعدّ أمراً جيداً».

يمكن للأطباء التأكد من مستويات الكورتيزول لديك عن طريق اختبار الدم أو البول أو اللعاب.

ما هي متلازمة «كوشينغ»؟

تقول الدكتورة ماريا فليسيريو، مديرة مركز الغدة النخامية في جامعة أوريغون للصحة والعلوم، «هناك نوعان من متلازمة (كوشينغ): خارجي (نتيجة لعامل خارج الجسم)، وداخلي (نتيجة لعامل داخل الجسم)».

متلازمة «كوشينغ» الخارجية هي عادة نتيجة لعلاجات الستيرويد، خصوصاً أدوية الغلوكوكورتيكويد مثل الكورتيزون والبريدنيزون. يمكن لهذه الأدوية رفع مستويات الكورتيزول في الجسم.

يعدّ ذلك أكثر شيوعاً من متلازمة «كوشينغ» الداخلية، التي يمكن أن يسببها ورم في الغدة النخامية أو اضطراب الغدة الكظرية.

في حين أن الإجهاد اليومي يسهم في زيادة الوزن، كما يقول فريدمان، إلا أنه من غير المرجح أن يفعل ذلك «بالقدر الذي نراه في المتلازمات الطبية مثل (كوشينغ)».

توضح فليسيريو، التي تقدر أن هناك بين 4 و5 حالات من متلازمة «كوشينغ» الداخلية لكل مليون شخص سنوياً في جميع أنحاء العالم: «متلازمة كوشينغ نادرة».

هل «وجه الكورتيزول» واقعي؟

يعدّ الأمر موجوداً في الواقع نوعاً ما، ولكن ليس بالطريقة التي تتم مناقشتها عموماً عبر «تيك توك»، حيث إن ذلك لا يعدّ مصطلحاً طبياً.

زيادة الوزن في الوجه والرقبة من الأعراض الشائعة لمتلازمة «كوشينغ»، لكن ذلك وحده لا يكفي للتشخيص.

وتوضح فليسيريو: «التشخيص السريري لمتلازمة (كوشينغ) صعب للغاية. عند تحديد ما إذا كان المريض يعاني من الحالة أم لا يجب البحث عن أكثر من عارض واحد».

تشمل الأعراض الأخرى لمتلازمة «كوشينغ» علامات تمدد وردية وأرجوانية على البطن، وارتفاع ضغط الدم، وجلداً رقيقاً يصاب بالكدمات بسهولة، وكتلة من الدهون بين الكتفين، وزيادة الوزن في الوجه، بينما تظل الأطراف نحيفة.


مقالات ذات صلة

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال