«الأذن... نافذة على القلب»

أول أعضاء الجسم تأثراً بأمراضه

«الأذن... نافذة على القلب»
TT

«الأذن... نافذة على القلب»

«الأذن... نافذة على القلب»

تفيد «الأكاديمية الأميركية لعلم السمع» (American Academy of Audiology) حول العلاقة بين أمراض القلب وأمراض الأوعية الدموية من جهة، وصحة الأذن وفقدان السمع (Hearing Loss) في الجهة المقابلة، أن الأمر تمت دراسته على مرّ السنين. وهناك مجموعة كبيرة من الأدلة تشير إلى وجود علاقة بين الاثنين.

تضرر الأذن الداخلية

يشير كثير من الباحثين إلى أن الأذن الداخلية هي في كثير من الأحيان أول عضو في الجسم يتأثر بأمراض القلب. لكن وضوح هذه العلاقة، وبدء اهتمام الأطباء والمرضى في الربط بينهما، تأخر كثيراً ومرّ بمراحل متعددة.

وتوضح الأكاديمية الأميركية لعلم السمع أن الأذن يتم تزويدها بالدم من خلال كثير من الشرايين الصغيرة، وأن الأذن بحاجة إلى أن تكون الشرايين التي تغذيها بالدم سليمة وخالية من الالتهابات أو التضيقات. وأيضاً تحتاج الأذن إلى ضمان تدفق كافٍ وغني من الدم، للحفاظ على أداء وظائفها بكفاءة.

ومعلوم أن الأذن تقوم بعدة وظائف. ومن بين أهم تلك الوظائف، كل من السمع وضبط آلية توازن الجسم. وتضيف الأكاديمية أنه يُعتقد أن أمراض القلب وأمراض الأوعية الدموية يمكن أن تقلل من تدفق الدم إلى الأذن، وبالتالي يمكن لذلك أن يتسبب بالتلف لأجزاء مختلفة من الجهاز السمعي.

وعادةً ما يؤدي هذا التلف إلى فقدان السمع الحسي العصبي، وهو دائم، وغالباً تمكن معالجته بالمعينات السمعية (سماعات) Hearing Aids. كما قد يؤدي تدني أو توقف أو ارتفاع ضغط تدفق الدم إلى الأذن، إلى اضطرابات أخرى، مثل اضطرابات التوازن، وطنين تشويش الأذن، وألم الأذن، والتهابات الأذن، وخروج صديد من الأذن.

«نافذة على القلب»

في دراسته بعنوان «الأذن نافذة على القلب»، أفاد الدكتور تشارلز إي بيشوب، أستاذ مشارك وطبيب الأنف والأذن والحنجرة في المركز الطبي لجامعة ميسيسيبي، قائلاً: «ما يمكننا قوله بثقة هو أن حالات مرض القلب، سواء أكانت طبيعتها قلبية وعائية (Cardiovascular) أم قلبية استقلابية (Cardiometabolic)، التي تنتج عن أنماط السلوك المرتبطة عموماً بسوء التغذية، وقلة التمارين الرياضية، والإجهاد، والتدخين، ترتبط بوضوح بحالة فقدان حدة السمع. وتدعم دراسات إضافية هذه الفكرة. ويشير البعض إلى أن الارتباط قد يلعب دوراً رئيسياً في الكشف المبكر عن أمراض القلب والأوعية الدموية». والدراسة هذه تم نشرها عام 2012 في مجلة «طب الأنف والأذن والحنجرة» (Otolaryngology).

وقبل ذلك، أشارت نتائج دراسة أجريت عام 2009، ونشرها الدكتور ديفيد آر فريدلاند، طبيب الأنف والأذن والحنجرة في كلية الطب «جونز هوبكنز»، وقبلها في كلية الطب بولاية ويسكونسن، إلى أن ضعف السمع الشيخوخي قد يعمل كمؤشر على الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وقال: «الأذن الداخلية حساسة للغاية لتدفق الدم لدرجة أنه من الممكن ملاحظة التشوهات في الجهاز القلبي الوعائي هنا - أي الأذن - في وقت أبكر من الأجزاء الأخرى الأقل حساسية في الجسم».

حتى إنه افترض أن أنماط نتائج فحص مخطط السمع (Audiogram) قد تعمل كوسيلة فحص للمسح الإحصائي لاحتمال وجود أمراض القلب المرافقة لضعف السمع. وأضاف ما ملخصه أنه يجب على الأطباء في مجالات تخصصية متعددة (أمراض القلب والغدد الصماء وعلم السمع) أن يشجعوا على التوصية بهذه التحسينات في نمط الحياة لمرضاهم، كإجراء وقائي، ليس ضد أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني فقط، بل فقدان السمع كذلك.

السمنة وضعف السمع

في أحد جوانب عوامل خطورة الإصابة بأمراض وضعف السمع أيضاً، أشارت نتائج دراسة «صحة الممرضين» بجامعة هارفارد، التي استمرت لمدة 20 عاماً، وشملت ممرضين إناثاً وذكوراً، ونشرتها المجلة الأميركية للطب في عام 2013، إلى أن السمنة قد تعرّض المرء لارتفاع خطورة الإصابة بضعف السمع. وتمت ملاحظة أن الذين لديهم سمنة كانوا أكثر عرضة بنسبة 17 إلى 22 في المائة للإبلاغ عن فقدان السمع، مقارنة بمن أوزانهم ومؤشر كتلة الجسم لديهم ضمن النطاق الطبيعي. أما الذين كان قياس محيط الخصر لديهم أعلى من 86 سنتيمتراً، فكانوا أكثر عرضة بنسبة 27 في المائة للإبلاغ عن فقدان السمع، مقارنة بمن يقل قياس خصرهم عن 70 سنتيمتراً.

وكشفت النتائج أيضاً أن ممارسة الرياضة أثّرت بشكل إيجابي على صحة السمع، حيث من بين المشاركين الذين مارسوا 4 ساعات أو أكثر من النشاط البدني أسبوعياً، انخفض خطر فقدان السمع بنسبة 15 في المائة. وتشير هذه النتائج إلى أن «عوامل نمط الحياة القابلة للتعديل» (Modifiable Lifestyle Factors)، مثل الوزن ومستوى النشاط البدني، يمكن أن تقلل من خطر فقدان السمع، مع تحسين صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام. ولكن العلاقة بين السمع وصحة القلب والأوعية الدموية لا تنتهي عند هذا الحد.

إن الارتباط بين السمنة وصحة القلب والأوعية الدموية والسمع، والافتراض بأن كلاً منها قد يلعب دوراً في إمكانية التنبؤ بالآخر، يدعم اعتقاد بيشوب بأن التعاون بين التخصصات الطبية مفيد للمرضى. حيث يقول: «هناك ببساطة كثير من الأدلة التي تشير إلى أن فقدان السمع مرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها من الحالات الصحية».

وفي مقالتها بعنوان «الرابط بين قلبك وأذنيك» (29 سبتمبر - أيلول 2021)، وتعقيباً على دراسة الدكتور تشارلز إي بيشوب، تقول ليندسي روبنسون، منسقة برنامج تقييم السمع: «تبع ذلك مزيد من الأبحاث لإثبات الصلة بين صحة القلب وصحة السمع، ما يدل على أن الدورة الدموية تؤثر على مدى قدرتنا على السمع وأن فقدان السمع قد يكون علامة تحذيرية لمشاكل القلب والأوعية الدموية الكامنة».

وأضافت موضحة: «تتكون حاسة السمع لدينا من كثير من الأجزاء المعقدة الحساسة جداً لأي تغيرات في تدفق الدم. ويحتوي العضو الموجود في أذننا الداخلية، الذي يُسمى القوقعة، على خلايا شعرية صغيرة تلتقط الاهتزازات من الضوضاء الصوتية، وتحول الاهتزازات إلى إشارات كهربائية، وترسل هذه الإشارات إلى أدمغتنا لمعالجة الأصوات. ولا يسمح ضعف الدورة الدموية بوصول كمية كافية من الأكسجين إلى أذننا الداخلية، وقد يؤدي حرمان الخلايا الشعرية والأعصاب الصغيرة من الأكسجين، إلى إتلافها بشكل دائم، ما يتركنا نعاني من فقدان السمع. والقلب السليم يوفر الدم والأكسجين الضروريين لآليات السمع لدينا».

هل يمكن لتحسين تدفق الدم إلى الأذن الداخلية أن يمنع فقدان السمع؟

يتم تزويد القوقعة بالدم بشكل أساسي من شريان الأذن الداخلية (الشريان المتاهي Labyrinthine Artery)، الذي عادة ما يكون فرعاً من الشريان المخيخي السفلي الأمامي (Anterior Inferior Cerebellar Artery). و«كمية» تدفق الدم إلى القوقعة تعتمد على «ضغط» تدفق الدم إليها، الذي يتم حسابه على أنه الفرق بين متوسط ضغط الدم الشرياني وبين ضغط سائل الأذن الداخلية.

إن القوقعة في الأذن الداخلية عضو صغير، لكنه قوي للغاية. وهذا يجعلها حساسة للتغيرات في تدفق الدم. وقد يؤدي عمل الجهاز القلبي الوعائي بشكل غير طبيعي إلى تثبيط تدفق الدم إلى الأذن الداخلية، ما يتسبب في فقدان قوة ونقاء السمع على المدى الطويل.

وبالإضافة إلى ذلك، حدّدت دراسة أجرتها جامعة هارفارد (2018) وجود علاقة مهمة بين أمراض القلب وفقدان السمع، حيث وجدت أن فقدان السمع كان أكثر شيوعاً بنسبة 54 بالمائة لدى الأشخاص المصابين بأمراض القلب. لكن 16.3 بالمائة فقط من هؤلاء يرتدون أجهزة معينة للسمع (سماعات).

وثمة مشروع بحثي في جامعة كلية لندن وجامعة ليفربول لدراسة كيفية تأثير تدفق الدم إلى الأذن الداخلية على السمع، وما إذا كانت الأدوية التي تستهدفها يمكن أن توفر علاجات لمنع فقدان السمع.

ويحدث فقدان السمع عادةً بسبب تلف مباشر للخلايا الحساسة للصوت في الأذن الداخلية (أو الأعصاب التي تربط هذه الخلايا بالدماغ). لكن هذه ليست القصة كاملة، حيث إن ثمة بنية معينة في الأذن الداخلية تسمى الخطوط الوعائية لقناة القوقعة (Stria Vascularis). وهي حلقة من الخلايا الشعرية في الجدار الجانبي العلوي الخارجي للقناة القوقعية (Cochlea)، ضمن منظومة الشعيرات الدموية (Capillary Network) المغذية للقوقعة (وحدة القوقعة والأوعية الدموية Cochlear - Vascular Unit). ويمكن أن يؤدي تلفها خاصة إلى في فقدان السمع أيضاً، ويُطلق عليه أحياناً فقدان السمع «الخطي» أو «الأيضي».

وسلامة «الخطوط الوعائية»، وأيضاً حاجز المتاهة الدموي (Blood - Labyrinth Barrier)، تُعد أمراً بالغ الأهمية لقدرتنا على السمع، وذلك من جانبين.

الأول يتعلق بمنع وصول السموم والمواد الضارة (الموجودة في الدم) إلى التراكيب الحساسة جداً داخل الأذن الداخلية. أما الثاني فلأنها «تُمد» الخلايا الشعرية بالطاقة كي ترسل إشارات حول الأصوات، بشكل متكرر، إلى الدماغ. وذلك عبر عملية معقدة تعتمد على اختلاف تكوين «الجهد الكهربائي الداخلي للقوقعة»، الذي يجب أن تتوفر فيه القدرة على حصول ذلك مراراً وتكراراً.

وللتقريب، فإنها تعمل بشكل أساسي مثل البطارية، حيث تُخزّن فيها الطاقة حتى الحاجة إليها. ومن دون هذه البطارية، نفقد قوة قدرة سمعنا. وهذه العملية برمتها تتطلب كثيراً من الطاقة، وبشكل كافٍ ومتواصل. ويتم الحصول على هذا إلى حد كبير من إمدادات الدم إلى الأذن الداخلية. وإذا تضرر هذا الإمداد الدموي المُحمّل بالأكسجين والمغذيات، فإن سمعنا معرض للخطر.

ويعتمد التحكم في إمداد الدم هذا على مدى قدرة الخلايا الفردية في الأوعية الدموية على الانقباض والاسترخاء لتغيير عرضها، حيث يحدد هذا مقدار الدم الذي يصل إلى الأذن الداخلية. وهناك أدلة على أن حالات مثل مرض السكري، وبشكل عام الشيخوخة، تلحق الضرر بالأوعية الدموية، وتعطل التحكم في تدفق الدم إلى الأذن، ما قد يؤدي إلى فقدان السمع. وعلى الرغم من ذلك، فإننا حتى اليوم لا نعرف الكثير عن كيفية التحكم في إمداد الدم إلى الأذن الداخلية، أو كيف يتأثر بعوامل مثل مرض السكري أو الشيخوخة. ونتيجة لذلك، لا توجد علاجات متاحة سريرياً تؤثر بشكل خاص على إمداد الدم إلى الأذن الداخلية.

ومن المرجّى أن يمنحنا عمل الباحثين الحالي والمستقبلي فهماً أفضل لكيفية عمل إمدادات الدم إلى الأذن الداخلية، وكيف قد تؤثر التغييرات على هذا على سمعنا. والأفضل من ذلك أنه قد يحدد أيضاً الأدوية المحتملة للتحكم بشكل فعّال في إمدادات الدم في الأذن الداخلية عندما تفشل، وبالتالي منع فقدان السمع.



استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول
TT

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

المغنيسيوم والنوم

• ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

- هذا ملخص أسئلتك. والواقع أن إحدى الدراسات الطبية الواسعة النطاق قد كشفت أن تناول المغنيسيوم بكميات صحية يرتبط بنوم عدد طبيعي من الساعات. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول المغنيسيوم بكميات أقل ارتبط إما بمدة نوم أقصر أو أطول من الطبيعي.

ولكن تجدر ملاحظة أن الجرعة المثلى من المغنيسيوم للنوم تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العمر والأمراض المصاحبة التي قد تكون لدى الشخص.

وبالأساس، ووفقاً للمبادئ التوجيهية الطبية الحديثة، يوصى بتناول ما بين 310 و360 مليغراماً يومياً من المغنيسيوم للنساء، وما بين 400 و420 مليغراماً للرجال. وتحتاج النساء الحوامل إلى ما بين 350 و360 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً.

وأشارت إحدى الدراسات الإكلينيكية إلى أن تناول 500 مليغرام يومياً من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم، لمدة 8 أسابيع، يزيد من مدة النوم (Sleep Duration)، ويقلل من زمن فترة «كمون بدء النوم» (Sleep Latency)، وذلك لدى كبار السن. وتُعرّف فترة «كمون بدء النوم» بأنها الفترة الزمنية اللازمة للانتقال من حالة اليقظة التامة إلى حالة النوم وفقدان الوعي.

ومع ذلك، يجدر أيضاً ملاحظة أن هناك أنواعاً مختلفة من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم في الصيدليات، بما في ذلك أكسيد المغنيسيوم، وسترات المغنيسيوم، وهيدروكسيد المغنيسيوم، وغلوكونات المغنيسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وأسبارتات المغنيسيوم. وكل نوع من هذه الأنواع من مكملات المغنيسيوم له معدل امتصاص مختلف.

ولذا يُنصح كبار السن (وفق ما تسمح به حالتهم الصحية والأمراض المرافقة لديهم) الذين يعانون من الأرق، بتناول ما بين 320 و729 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً من نوع أكسيد المغنيسيوم أو سترات المغنيسيوم. وهذا يمكن التأكد منه عبر سؤال الصيدلي.

وللتوضيح، استخدمت العديد من الدراسات مؤشر جودة النوم في بيتسبرغ (PSQI) كمقياس أساسي للنوم لتقييم تأثير مكملات المغنيسيوم المختلفة. وتمت مقارنة تأثيرات أنواع أكسيد المغنيسيوم وكلوريد المغنيسيوم وسترات المغنيسيوم وأسبارتات المغنيسيوم، على جودة النوم.

وأشارت هذه الدراسات إلى أنه من بين جميع مكملات المغنيسيوم، تعمل أقل جرعة من أكسيد المغنيسيوم على تحسين جودة النوم. وعلى النقيض من ذلك، لم يُظهر كلوريد المغنيسيوم أي تحسن كبير في النوم. ويمكن لمكملات حبوب أسبارتات المغنيسيوم أن تعزز النوم فقط عند تركيز مرتفع للغاية يبلغ 729 مليغراماً.

كما يجدر كذلك ملاحظة أنه ليس من الضروري الحصول على المغنيسيوم من خلال تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم فقط؛ لأنه أيضاً موجود في أنواع مختلفة من الأطعمة، وبكميات وفيرة تلبي حاجة الجسم وزيادة. ولذا يمكن أن يلبي الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالمغنيسيوم المتطلبات اليومية. وعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة غير الحامل البالغة من العمر 40 عاماً تلبية توصيات تناول المغنيسيوم اليومية، بتناول كوب واحد من الكينوا المطبوخة أو كوب واحد من السبانخ المطبوخة أو نحو 30 غراماً من مكسرات اللوز.

ورابعاً، تجدر ملاحظة ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول مكملات المغنيسيوم، لسببين رئيسيين. الأول: أن تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم قد يتفاعل مع أدوية أخرى. وعلاوة على ذلك، فإن تناول جرعة عالية من مكملات المغنيسيوم يمكن أن يسبب الغثيان والإسهال والتشنج العضلي لدى بعض الأشخاص. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول كميات أكبر من المغنيسيوم من مصادر غذائية يعد آمناً إلى حد كبير لأنه يتم هضمه ببطء أكبر ويفرز الزائد منه عن طريق الكلى.

ولا توجد إجابة محددة حتى اليوم لتفسير ذلك الدور الدقيق للمغنيسيوم في تنظيم النوم. وعلى الرغم من أن الأمر غير مفهوم بشكل جيد، فقد اقترح العلماء كثيراً من الآليات التي يمكن من خلالها التأثير على النوم. ومن ذلك الدور النشط للمغنيسيوم في «ضبط» مدى استثارة الجهاز العصبي المركزي. وتحديداً دوره في «خفض» استثارة الجهاز العصبي عبر تأثير المغنيسيوم على النوم من خلال مشاركته في تنظيم نظام جابا (GABA) في الدماغ.

وأيضاً الدور النشط للمغنيسيوم في تحفيز استرخاء العضلات من خلال خفض تركيز الكالسيوم داخل خلايا العضلات. وكذلك تأثيره على مناطق تشابك الأعصاب بالعضلات.

كما يُطرح علمياً تأثير المغنيسيوم على تنظيم الساعة البيولوجية وعلى إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون النوم الذي يفرزه الدماغ بكميات متصاعدة من بعد غروب الشمس وانخفاض تعرّض الجسم للضوء. وقد أظهرت دراسات أن نقص المغنيسيوم يقلل من تركيز الميلاتونين في البلازما، ما قد يعيق سهولة الخلود إلى النوم.

كما أشارت الأبحاث الحالية إلى أن مكملات المغنيسيوم تقلل من تركيز الكورتيزول في الدم (هرمون التوتر)، وبالتالي تُهدئ الجهاز العصبي المركزي وتتحسن جودة النوم.

عدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

• تناولت دواء خفض الكوليسترول، وتسبب لي بالتعب وآلام العضلات... بمَ تنصح؟

- هذا ملخص أسئلتك عن تناولك أحد أنواع أدوية خفض الكوليسترول من فئة أدوية الستاتين، وتسببه لك بآلام عضلية. وأول جانب من النصيحة هو التأكد من وجود هذه المشكلة المرتبطة بأدوية الستاتين بالفعل؛ لأن من المهم تناول أدوية خفض الكوليسترول وعدم التوقف عنها، إلا لضرورة.

ولذا لاحظ معي أن أدوية فئة ستاتين (مثل ليبيتور أو كرستور) تُعد الخط الأول لمعالجة ارتفاع الكوليسترول. إلا أن بعض المرضى قد يعانون من آثار جانبية، إما أن تمنعهم من استخدام أحد أدوية الستاتين على الإطلاق، أو تحد من قدرتهم على تحمل الجرعة اللازمة منها لخفض الكوليسترول كما هو مطلوب ومُستهدف علاجياً. وهو ما يُطلق عليه طبياً حالة «عدم تحمّل الستاتين».

ووفق ما تشير إليه الإحصاءات الطبية، فإن «عدم تحمّل الستاتين» قد يطول 30 في المائة من المرضى الذين يتناولون أحد أنواع هذه الفئة من أدوية خفض الكوليسترول. وعدم تحمل الستاتين يشير إلى مجموعة من الأعراض والعلامات الضارة التي يعاني منها المرضى وتتخذ عدة مظاهر. والشكوى الأكثر شيوعاً هي أعراض: إما آلام (دون اللمس والضغط) أو أوجاع (عند اللمس والضغط) أو ضعف أو تشنجات عضلية مختلفة. وتؤثر عادةً على مجموعات العضلات المتناظرة (على الجانبين) والكبيرة والدانية في القرب إلى منتصف الجسم.

وقد يرافق ذلك ارتفاع أنزيم العضلات أو عدم حصول ذلك. كما قد يتسبب بمشاكل في الكلى، أو لا يتسبب بذلك.

ولذا يحتاج الأمر تشخيص وجودها والتعامل الطبي معها لدى مريض ما، وأيضاً تنبه المرضى إلى «بوادر» ظهورها ووضوح في كيفية تعاملهم معها.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تم تحديد عوامل خطر الإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، بما في ذلك التقدم في السن، والجنس الأنثوي، والتاريخ العائلي للإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، وتعاطي الكحول، والأمراض الروماتيزمية، ونقص فيتامين دي المُصاحب. كما أن بعض الأدوية يمكن أن تزيد من المخاطر: الكولشيسين (مضاد التهابات)، فيراباميل أو ديلتيازيم (أدوية قلبية)، الفايبريت (لخفض الدهون الثلاثية)، كلاريثروميسين والإريثروميسين (مضادات حيوية).

ولكن التشخيص الإكلينيكي لهذه الحالة قد يَصعُب على الطبيب. ومع ذلك قد يكون ارتفاع مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) مشيراً إلى وجود هذه المشكلة. إلا أنه عادة ما يكون مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) طبيعياً؛ أي دون وجود التهاب وتحلل في الخلايا العضلية. وهنا يلجأ الطبيب إلى مدى وجود العوامل التي ترجح التشخيص الإكلينيكي للاعتلال العضلي المرتبط بالستاتين، والتي منها:

· ألم أو ضعف في العضلات الكبيرة القريبة، يتفاقم بسبب ممارسة الرياضة.

· تبدأ الأعراض بعد 2 إلى 4 أسابيع من بدء تناول الستاتين.

· زوال الأعراض خلال أسبوعين من التوقف.

· تعود الأعراض خلال أسبوعين بعد إعادة تناول الستاتين.

· ظهور الأعراض عند تعاقب تناول نوعين مختلفين أو أكثر من الستاتينات؛ حيث يتم وصف واحدة منها على الأقل بأقل جرعة.

ووفق عدة مُعطيات، يتعامل الطبيب المتابع لحالة الشخص المعين مع هذه المشكلة لكل مريض على حدة.