اختبار دم للأطفال الخدّج يتنبأ بحالتهم الصحية المقبلة

يرصد احتمالات إصاباتهم بالأمراض التنفسية المزمنة

اختبار دم للأطفال الخدّج يتنبأ بحالتهم الصحية المقبلة
TT

اختبار دم للأطفال الخدّج يتنبأ بحالتهم الصحية المقبلة

اختبار دم للأطفال الخدّج يتنبأ بحالتهم الصحية المقبلة

كشفت أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر أغسطس (آب) من العام الحالي في المجلة الأميركية لخلايا الجهاز التنفسي the American Journal of Respiratory Cell and Molecular Biology، عن إمكانية أن يساعد اختبار بسيط للدم في التنبؤ بالأطفال الخدج (المبتسرين) الذين سوف سيصابون بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي. وسوف يتيح هذا فرصة التشخيص المبكر لهذه الأمراض ومحاولة علاجها على الوجه الأمثل بشكل عاجل.

خلل الرئة والشعب الهوائية

الدراسة التي قام بها باحثون من معهد مردوخ لأبحاث الأطفال (MCRI) في أستراليا أوضحت أن التغيرات في بعض البروتينات الموجودة بالدم بالإضافة إلى مدة شهور الحمل في الجنين ولأي مدى تمت ولادته مبكراً عن ميعاده الطبيعي بجانب وزنه وقت الولادة وأيضاً جنس الرضيع كلها، تتيح التنبؤ بوجود خلل معين في الرئة والشعب الهوائية bronchopulmonary dysplasia في أول 72 ساعة من الحياة وهذا الخلل يمهد لاحقاً للإصابة بالأمراض المزمنة المختلفة.

الأكسجين المركز قد يضر أنسجة الرئة

ويعاني معظم الأطفال المبتسرين نتيجة لولادتهم قبل اكتمال نموهم، من مشكلات في التنفس، لذلك يحتاجون إلى دعم للجهاز التنفسي بشكل خاص من خلال إمدادهم بالأكسجين المركز. وعلى الرغم من أن هذا العلاج يمكن أن ينقذ حياتهم، فإنه مثل أي علاج آخر له أعراض جانبية خطيرة، خاصة مع الفترات الطويلة في الحضانة، حيث يمكن لاستخدام الأكسجين أن يتسبب في حدوث هذا الخلل في أنسجة الرئة ويؤثر عليها بشكل دائم، مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض الرئة المزمنة مدى الحياة، فضلاً عن مشكلات في الجهاز العصبي أيضاً. وهذه الأعراض الجانبية تصيب نحو 65 في المائة من الأطفال المبتسرين.

تغيرات في بروتينات الدم

شملت الدراسة 23 طفلاً ولدوا بعد 29 أسبوعاً من بداية الحمل. وقام الباحثون بفحص 493 نوعاً من البروتينات في الدم وتم اكتشاف التغييرات الموجودة في 49 من هذه البروتينات في الأطفال الذين أصيبوا لاحقاً بالفعل بالخلل في الرئة والشعب الهوائية. والجدير بالذكر أن بعض التغييرات تمت ملاحظتها في غضون أربع ساعات من ولادة الطفل.

وقال الباحثون إن تشخيص خلل الرئة والشعب عادة ما كان يحدث في الأسبوع 36 من بداية الحمل أي عند اكتمال نمو الجنين، ولذلك كان يصعب تشخيص الأطفال الذين يولدون قبل نموهم الكامل، مما يجعل الخلل مزمناً. وهذا ما يحد من الخيارات المتاحة للعلاج التي يمكن أن تقلل من إصابة الرئة وتحسن حالة الجهاز التنفسي.

تنبؤ مبكر

ولكن باستخدام الطريقة الجديدة لفحص بروتينات الدم تم التنبؤ بالخلل في وقت مبكر جداً يصل إلى أربع ساعات فقط بعد الولادة، مما يسمح بالتشخيص المبكر ويجعل العلاج أكثر استهدافاً للإصابة.

وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من خطورة الخلل الرئوي لكن من الممكن تحقيق تحسن كبير إذا تم توفير التدخلات المناسبة لحماية الرئة في الوقت المناسب، خاصة في وجود طاقم مدرب للتعامل مع هذه المشكلات وتخصيص رعاية لهؤلاء الرضع فقط للتركيز عليهم والتعامل مع الأكسجين الموجه لهم بحرص لتفادي احتمالية تعرضهم لتلف الرئة بجانب احتمالية تعرضهم لمضاعفات أخرى أهمها تلف في الجهاز العصبي.

بروتوكول لتقييم إصابة الرئة

وقال الفريق البحثي إنهم بصدد عمل ما يشبه البروتوكول الموحد لتقييم إصابة الرئة والتعامل معها يمكن استخدامها لجميع الأطفال حديثي الولادة الذين يتم إدخالهم إلى وحدة العناية المركزة (NICU)، ما يمنح الأطباء القدرة على التدخل بشكل مبكر لإنقاذ حياة هؤلاء الأطفال خاصة وأن الإجراء بسيط عن طريقة فحص عينة من الدم من دون عمليات معقدة أو احتياج لإجراءات يمكن أن تستهلك الوقت.

حقائق

49

من البروتينات في الدم، تم اكتشاف التغييرات الموجودة في الأطفال الذين أصيبوا لاحقاً بالفعل بالخلل في الرئة والشعب الهوائية


مقالات ذات صلة

هل يصبح ارتفاع ضغط الدم ظاهرة منتشرة لدى الأطفال؟

صحتك هل يصبح ارتفاع ضغط الدم ظاهرة منتشرة لدى الأطفال؟

هل يصبح ارتفاع ضغط الدم ظاهرة منتشرة لدى الأطفال؟

على الرغم من أن ارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال pediatric hypertension لا يُعد من الأمراض الشائعة في مرحلة الطفولة، فإنه في ازدياد مستمر.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق ترتبط المستويات الأعلى من الشدائد في الطفولة بارتفاع خطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية (جامعة ييل)

التعرض للشدائد بالصغر يولد اضطرابات القلق في الكبر

أظهرت دراسة جديدة أن الشباب الذين يواجهون الشدائد مثل الأحداث المؤلمة أو المجهدة أثناء نمو الدماغ في الطفولة هم أكثر عرضة بنسبة 40 في المائة للإصابة بالقلق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)

الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

باشر الأردن، اليوم (الثلاثاء)، عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في عمان.

«الشرق الأوسط» (عمان)
يوميات الشرق التوأم السيامي بين أحضان والديهما بعد نجاح عملية الفصل (العمانية)

نجاح أول عملية فصل لتوأم سيامي في سلطنة عُمان

في إنجاز طبي غير مسبوق، تمكن الأطباء في سلطنة عمان من فصل أحد أندر أنواع التوائم الملتصقة في عملية استمرت 19 ساعة، وتكللت بالنجاح.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
صحتك علاج وقائي محتمل للصداع النصفي لدى الأطفال

علاج وقائي محتمل للصداع النصفي لدى الأطفال

خفض عدد أيام النوبات المؤلمة

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي
TT

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي

كشفت دراسات حديثة عن وجود علاقة بين صحة الفم والأداء الإدراكي؛ حيث تشير الأبحاث إلى أن التهاب اللثة وفقدان الأسنان قد يكونان من العوامل التي تؤثر سلباً على وظائف الدماغ، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض عصبية مثل ألزهايمر والخرف.

دراسة حديثة من الصين

أجرى فريق بحثي بقيادة الدكتور لي وي (Li Wei) من المستشفى الأول التابع لجامعة آنهوي الطبية في الصين دراسة حديثة نُشرت في مجلة طب اللثة (Journal of Periodontology) بتاريخ 2 مارس (آذار) 2025. شملت الدراسة 51 شخصاً مسناً يعانون من درجات متفاوتة من صحة اللثة. وكشفت النتائج عن أن الأفراد الذين يعانون من التهاب اللثة المتوسط إلى الشديد أظهروا أنماطاً مختلفة من النشاط الدماغي مقارنة بالأشخاص ذوي اللثة السليمة.

ويفترض الباحثون أن الالتهابات الفموية قد تسهم في إدخال البكتيريا إلى مجرى الدم، ما يؤدي إلى تفاعلات مناعية قد تؤثر سلباً على أنسجة الدماغ وتسرّع من عملية التدهور الإدراكي، وهو ما قد يكون مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

دراسة أميركية واسعة النطاق

في دراسة أخرى نشرتها مجلة الجمعية الأميركية لطب الأسنان (JADA) في فبراير (شباط) 2025، تم تحليل بيانات أكثر من 11000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 45 و64 عاماً في إطار دراسة وطنية حول تصلب الشرايين في المجتمعات (ARIC).

وقد أُجريت اختبارات لقياس الوظائف الإدراكية، مثل الذاكرة والطلاقة اللفظية، بالإضافة إلى فحوصات لصحة الفم. وأظهرت النتائج أن:

• 13 في المائة من المشاركين الذين فقدوا جميع أسنانهم، سجلوا درجات أقل في جميع الاختبارات الإدراكية مقارنة بمن لديهم أسنان.

• بين المشاركين الذين لديهم أسنان، كان انخفاض عدد الأسنان وزيادة نزيف اللثة مرتبطين بأداء أقل في اختبارات الطلاقة اللفظية واستبدال الرموز بالأرقام.

• لم يكن لعمق الجيوب اللثوية تأثير كبير على الإدراك، مما يشير إلى أن فقدان الأسنان ونزيف اللثة أكثر ارتباطاً بالتدهور العقلي.

كيف تؤثر صحة الفم على الدماغ؟

تشير النتائج إلى عدة تفسيرات محتملة لهذه العلاقة:

• الالتهابات الفموية ودخول البكتيريا إلى الدماغ: قد تسمح التهابات اللثة للبكتيريا والسموم الناتجة عنها بالانتقال إلى الدماغ عبر مجرى الدم، مما يؤدي إلى استجابة مناعية قد تسبب تلف الخلايا العصبية.

• التأثير غير المباشر للأمراض المزمنة: المصابون بالسكري أو أمراض القلب، الذين يعانون أيضاً من مشكلات في صحة الفم، قد يكونون أكثر عرضة لخطر التدهور المعرفي بسبب عوامل التهابية مشتركة.

• الإهمال الصحي بسبب التراجع الإدراكي: يمكن أن يكون هناك تأثير عكسي؛ حيث يؤدي انخفاض القدرات المعرفية إلى تراجع في العناية بصحة الفم، مما يفاقم مشاكل اللثة والأسنان.

توصيات: صحة الفم لصحة الدماغ

• العناية اليومية بالأسنان من خلال التنظيف المنتظم بالفرشاة والخيط وفرشاة ما بين الأسنان واستخدام غسول الفم إذا ما وصفه طبيب الأسنان.

• زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري للكشف عن التهابات اللثة وعلاجها قبل تفاقمها.

• اتباع نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن لدعم صحة اللثة وتقليل الالتهابات.

• مراقبة الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، التي قد تزيد من خطر التهابات اللثة والتدهور المعرفي.

• التواصل بين أطباء الأسنان وأطباء الأعصاب لمتابعة الحالات التي تعاني من فقدان كبير في الأسنان أو التهاب لثوي مزمن، وإجراء تقييمات إدراكية عند الضرورة.

وأخيراً، تبرز هذه الدراسات الدور الحاسم لصحة الفم في الحفاظ على وظائف الدماغ والوقاية من التدهور المعرفي. والعناية بالأسنان واللثة ليست فقط للحفاظ على الابتسامة الجميلة، بل قد تكون أيضاً مفتاحاً لصحة الدماغ على المدى الطويل.