طرق للتغلب على الشعور بالوحدة وفق عمرك

قد يصيب الشعور بالوحدة الأشخاص في أي سن (رويترز)
قد يصيب الشعور بالوحدة الأشخاص في أي سن (رويترز)
TT

طرق للتغلب على الشعور بالوحدة وفق عمرك

قد يصيب الشعور بالوحدة الأشخاص في أي سن (رويترز)
قد يصيب الشعور بالوحدة الأشخاص في أي سن (رويترز)

قد يصيب الشعور بالوحدة الأشخاص في أي سن، على الرغم من أنه أكثر شيوعاً بين المسنين.

وقد ربط كثير من الدراسات بين الوحدة والإصابة بمجموعة من الأمراض؛ بينها أمراض القلب والخرف والسكتة الدماغية والاكتئاب. ولفتت دراسة نشرت العام الماضي إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالعزلة الاجتماعية أو الوحدة يكونون أكثر عرضة للوفاة مبكراً من جميع الأسباب.

ووفقاً لخبراء تحدثت إليهم صحيفة «التلغراف» البريطانية، فإن طرق التصدي للوحدة تختلف وفق عمر الإنسان.

كيف يمكنك التغلب على الشعور بالوحدة وفق عمرك؟

مرحلة الشباب

تقول شيرلي راندل، وهي مدربة عقلية من «أكسفورد» تدير برنامجاً تدريبياً لأولئك الذين يعانون من الوحدة: «نظراً إلى أن الطريقة التي نتواصل بها اجتماعياً قد تغيرت كثيراً، فقد أصبح من الصعب إجراء اتصالات حقيقية، خصوصاً بين الشباب، الذين أصبحوا يقضون معظم وقتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تفصلهم عن الطبيعة، وعن أنفسهم، وعن الآخرين».

وتنصح راندل الأشخاص في هذه المرحلة العمرية باتخاذ بعض الخطوات لتقليل شعورهم بالوحدة؛ من بينها بدء اليوم بقراءة الصحف، وتدوين بعض المذكرات، لافتة إلى أن الصحف تجعلهم يتواصلون مع أخبار العالم، في حين أن التدوين يساعدهم على التواصل مع أنفسهم.

وتضيف: «بعد ذلك، يمكنك التواصل مع الآخرين؛ سواء العائلة والزملاء في العمل والأصدقاء، لكن الشيء المهم هنا هو ضرورة ممارسة (الاستماع الفعال) مع الغير؛ أي منحهم كامل اهتمامك». وتابعت: «ضع هاتفك جانباً، واستمع جيداً للشخص الذي يحدثك. يمكن أن تكون هذه الممارسة واحدة من أقوى أدوات الاتصال التي يمكننا استخدامها في هذا العالم المشتت».

أما خبيرة العلاقات عادلة حسين، فاقترحت أن يقوم كل شاب بسؤال نفسه أسبوعياً: «هل كل تفاعلاتي عبر الإنترنت؟ هل علاقتي بالآخرين سطحية؟ هل أحتاج إلى مزيد من التواصل مع عائلتي وأصدقائي وزملائي؟».

الآباء الجدد

حين يرزق الرجال والنساء بطفل، فقد يضطرون إلى البقاء في المنزل لمدة أطول للاعتناء به، وهو الأمر الذي قد يزيد شعورهم بالوحدة مع مرور الوقت، وفق ما قالته عالمة النفس أوليفيا ساغان.

وتقترح ساغان على الزوجين في هذه المرحلة أن يقوما بالتواصل مع آباء جدد، وأن ينضما إلى مجموعات وصفحات مواقع التواصل التي قد تمكنهما من الحصول على الدعم اللازم في هذه المرحلة.

وتقول حسين إنها انعزلت عن المجتمع بشكل كبير بعد الإنجاب، ولكن في أحد الأيام حين خرج زوجها بصحبة طفلهما لزيارة أقاربه وبقيت هي بالمنزل وحاولت التواصل مع أصدقائها، وجدت أن بعضهم منشغل بالاعتناء بأطفاله، في حين أصبحت علاقة البعض الآخر بها سطحية بسبب بُعدها عنهم لفترة طويلة.

وأضافت: «شعرت حينها أنني وحيدة بالفعل، وأيقنت أنه من الضروري على الآباء الجدد الاهتمام بالحفاظ على علاقتهم مع الغير».

تختلف طرق التصدي للوحدة وفق عمر الإنسان (رويترز)

منتصف العمر

مع تقدمنا ​​في السن، تكون لدينا طاقة أقل، وقد ينشغل أبناؤنا عنا بسبب عملهم وحياتهم الخاصة، وحينها قد نشعر بأننا غير مرئيين بشكل أكبر.

ولذلك تؤكد ساغان على ضرورة شعور الأشخاص في هذه المرحلة بـ«الأهمية».

وأجرت ساغان دراسة بحثية كبيرة في أسكوتلندا عن عدد من اللاجئين، وأجرت مقابلات معهم حول تجربتهم مع الوحدة. وقالت إن «أكثر ما أرادوه هو أن يصبحوا مرئيين، وأن يتواصل معهم الآخرون، وحتى لو لم يتمكنوا من التحدث معهم باللغة نفسها، فقد أكد أولئك اللاجئون أن هناك بعض التصرفات التي قد تقلل من مشاعر الوحدة لديهم؛ من بينها: التواصل البصري، والابتسامة والترحيب، والإيماءة الصغيرة».

وأكدت أنه نظراً إلى أن الشعور بالأهمية يقل في مرحلة منتصف العمر، فإن الشخص في هذه المرحلة يجب أن يفعل شيئاً يجعله مرئياً. قد يتمثل ذلك في ممارسة رياضة جديدة، أو القيام بتحديات مع الأهل والأصدقاء.

وقد تأتي هذه التحديات في شكل فقدان قدر معين من الوزن، أو ممارسة قدر معين من التمارين، أو حتى تحقيق رقم قياسي في لعبة ما.

سن التقاعد

تقول راندل: «يمكن أن يؤدي التقاعد إلى الشعور بالوحدة؛ فيتلاشى التفاعل الاجتماعي اليومي الذي يقدمه زملاء العمل، ويشعر الشخص بعدم وجود هدف لحياته».

وتضيف: «يعدّ فقدان الهوية أيضاً خطراً في هذه المرحلة، حيث يربط كثير منا هويته بمسيرته المهنية. لكن هي فرصة لإعادة اكتشاف نفسك وقدراتك الأخرى التي لم تكتشفها خلال فترة عملك».

ونصحت راندل الأشخاص بتجربة العمل التطوعي في قضية يؤمنون بها، أو البحث عن وظيفة بدوام جزئي، أو القيام ببعض المشاريع المستقلة.

كما اقترحت على الأشخاص في هذه المرحلة التفكير في الحصول على حيوان أليف، مؤكدة أن هذه الحيوانات تمنع الشعور بالوحدة.


مقالات ذات صلة

ضغوط العمل قد تؤدي إلى صعوبة التحكم في السلوك والانفعالات

يوميات الشرق ضغوط العمل يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة باتخاذ القرار والتحكم في المشاعر والانفعالات (رويترز)

ضغوط العمل قد تؤدي إلى صعوبة التحكم في السلوك والانفعالات

أكدت دراسة جديدة أن ضغوط وإرهاق العمل ومحاولة الشخص الدائمة لدفع نفسه للصبر وممارسة ضبط النفس، يمكن أن تستنزف أجزاء من الدماغ مرتبطة بالتحكم في المشاعر.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق العُمر الطويل خلفه أسرار (أ.ف.ب)

إيطالية تبلغ 125 عاماً تكشف سرَّ عمرها الطويل

تنفرد إيما مورانو المولودة في إيطاليا عام 1899 بوصفها آخر إنسان وُلد في القرن الـ19، وببلوغها 125 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أمكن لعشّاق الموج «الاطمئنان» (شاترستوك)

«خديعة» لردع أسماك القرش عن مهاجمة ركّاب الأمواج

الخوف من أسماك القرش البيضاء قائم منذ فترة طويلة، وأحد أسبابه هو عدم فهمنا لهذه الحيوانات بشكل جيد...

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق تترجم ميشلين نهرا أفكارها الصباحية بريشة انسيابية

ميشلين نهرا لـ«الشرق الأوسط»: مجموعتي تعكس مشهدية حرب نعيشها

في مجموعتها «اللبناني» تطلّ ميشلين نهرا على هموم وشجون مواطن يعيش مصيراً مجهولاً في عزّ الحرب، بدءاً من طائرة الـ«ميدل إيست» مروراً بمواطن يتردّد في هجرة الوطن.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق ماري تيريز جدة مايكل (وسائل التواصل)

أنسباء دونالد ترمب في كفرعقا اللبنانية يحتفلون بالفوز

أهالي قضاء الكورة احتفلوا بفوز دونالد ترمب؛ لأن ابنهم مايكل بولس له منه نصيب. وتدفّق المهنئون على منزل العائلة، ولم يتوقف الهاتف عن الرنين.

سوسن الأبطح (بيروت)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)
السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

توصّلت دراسة حديثة إلى أن النظام المناعي يتأثر بالساعة الداخلية في جسم الإنسان، وهو ما يؤثر بدوره في عملية اختزان الدهون وضبط درجة حرارة الجسم. ويرى باحثون أن هذا الاكتشاف ينطوي على أهمية بالغة بالنسبة إلى من يعملون وفق ساعات عمل متغيرة، وعلى العادات الغذائية بوجه عام، وعلى تغيير أنماط النوم الناجمة عن متطلبات الحياة العصرية التي يعيشها الإنسان في الوقت الحالي.

وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق بحثي في آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية التي توجد داخل الأنسجة الدهنية في الجسم، ويُطلق عليه اسم «إنترلوكين - 17 إيه» (IL17- A)؛ يؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون، وهو ما يفسح المجال أمام بحث علمي جديد لعلاج مشكلات صحية مختلفة، مثل: السمنة، ومنع هدر المغذيات، وتخفيف آثار اضطرابات الأيض.

ويرى الباحثون أنه من خلال استهداف جزيئات الخلايا المناعية المذكورة يمكن تطوير أدوية مجدية لعلاج مثل هذه المشكلات الصحية.

وأوضح باحثون أن النظام اليوماوي للجسم الذي اصطُلح على تسميته «الساعة البيولوجية»، يضمن تنفيذ وظائف حيوية رئيسية داخل الجسم في أوقات معينة على مدار اليوم، ويساعد في إيجاد شكل من أشكال التزامن بين الوظائف الحيوية ومتغيرات البيئة الخارجية، مثل اختلاف ساعات الليل والنهار على سبيل المثال، ولعل أهم نموذج لوظيفة هذا النظام هو دورة النوم والاستيقاظ التي تتواكب مع الحركة الطبيعية للشمس.

ويعمل النظام المناعي وفق إيقاع الساعة البيولوجية للجسم؛ حيث يحفّزه على مقاومة العدوى في أوقات معينة من النهار، وتوصلت دراسات حديثة إلى وظيفة إضافية للمناعة، وهي الحفاظ على سلامة الأنسجة ووظائفها، لا سيما في الجهاز الهضمي حيث تتلقى خلايا مناعية متخصصة إشارات الأيض وتزيد من فاعلية عملية الامتصاص في أوقات التغذية. وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية «ناتشر»، تقول الباحثة ليديا لينش، من كلية «الكيمياء الحيوية وعلم المناعة» بجامعة «ترينيتي» في دبلن إن الخلايا المناعية الرئيسية التي تُعرف باسم الخلايا «تي» تفرز جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» التي تتجاوب بشكل واضح مع الجينات المسؤولة عن الساعة البيولوجية. وتلعب هذه الجينات دوراً رئيسياً في آلية اختزان الدهون.

وأضافت -في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية- أن فئران التجارب التي تفتقر إلى هذه الجينات تضطرب لديها منظومة معالجة الدهون واختزانها. كما أن تحليل عملية الأيض لدى هذه الفئران أظهر اضطراباً في النظام اليوماوي واختلالاً في منظومة حفظ حرارة الجسم.

وكانت دراسات سابقة قد أثبتت زيادة في معدلات دوران جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» في الجسم لدى البشر والفئران بعد تناول الغذاء، وهو ما يعني أن الأنسجة الدهنية تتجاوب مع سلوكيات الغذاء حيث تتمدّد في أوقات التغذية وتنكمش مع الصوم على سبيل المثال. وقد حرص الباحثون خلال التجربة على قياس مدى تأثر الخلايا المناعية بالسلوكيات الغذائية في حالة تغيير أوقات تناول الغذاء في عكس مواعيد الساعة البيولوجية للجسم عن طريق تغذية مجموعة فئران في الفترة من السابعة صباحاً إلى السابعة مساء، وتغذية مجموعة أخرى من السابعة مساء وحتى السابعة صباحاً على مدار ثلاثة أسابيع.

وتأكد من هذه التجربة وجود صلة بين جزيئات «إنترلوكين - 17 إيه» وتوقيت التغذية، وتبيّن أيضاً أن الفئران التي تتناول الغذاء في غير الأوقات المعتادة تتناول كميات أقل بنسبة 50% من السعرات الحرارية، مقارنة بالفئران التي كانت تتغذّى في الأوقات المعتادة.

وتوضح لينش -وهي أيضاً أستاذة علوم الأحياء على مستوى الجزيئات في مركز «لودفيج» لأبحاث السرطان، التابع لجامعة «برينستون» الأميركية- أنه «في كثير من الأحيان، تؤدي الحياة العصرية إلى اضطراب أنماط النوم الطبيعية لأسباب؛ من بينها: تباين أوقات نوبات العمل، أو التعرض لفترات مطولة للإضاءة الزرقاء التي تنبعث من شاشات الكومبيوتر أو الاتصال الدائم بشبكات الهاتف الجوال، وعلى الرغم من الشعور بالإرهاق، تجد الكثيرين يتصفحون مواقع التواصل الاجتماعي في ساعات الليل».

وأضافت: «لقد توصلنا إلى أن جزيئات الخلايا المناعية داخل الأنسجة الدهنية في الجسم والمسؤولة عن ضبط عملية اختزان الدهون تؤدي دوراً محورياً بصفة خاصة، ومن الممكن أن توفّر وسائل علاجية لمشكلات السمنة وأمراض اضطراب الأيض، لا سيما في أوساط الأشخاص الذين يعملون بنظام النوبات المختلفة في مواعيد غير ثابتة». وأكدت لينش أن «السمنة هي مشكلة تنتشر بشكل متزايد، ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم، كما تشكل عبئاً على أنظمة الرعاية الصحية في مختلف أنحاء العالم»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية».

ومن جانبه، يرى اختصاصي الكيمياء الحيوية وأمراض المناعة في معهد الأبحاث الطبية والحيوية التابع لجامعة «ترينيتي»، أرون دوغلاس، أن «هذا الاكتشاف العلمي يفسح المجال أمام مزيد من الأبحاث العلمية في مجالات شتى»، مضيفاً أن «السؤال الرئيسي يكمن في ما إذا كانت الخلايا المناعية (تي) يمكنها ضبط إيقاع النظام اليوماوي في أنسجة أخرى لدى الجسم، وما إذا كان هذا التشابه يؤثر في إيقاع أنسجة الجسم المختلفة». وأشار إلى أن «الأمر اللافت هو أن الخلايا (تي) تقع بالقرب من المخ، وربما تؤثر أنشطتها بشكل ملموس في وظائف أعلى مثل التعلم والذاكرة، ومن الممكن أن تؤثر أيضاً في مناطق في المخ تتعلّق بنظام الأيض في الجسم بأسره وضبط درجات حرارته».