التعايش الصحي مع الأمراض العقلية الخطيرة... آمال تتغلب على التحديات

«مايو» شهر التوعية بالصحة العقلية

شعار شهر الصحة العقلية
شعار شهر الصحة العقلية
TT

التعايش الصحي مع الأمراض العقلية الخطيرة... آمال تتغلب على التحديات

شعار شهر الصحة العقلية
شعار شهر الصحة العقلية

شهر مايو (أيار) هو شهر التوعية بالصحة العقلية والذي كان، منذ إنشائه في عام 1949، بمثابة حجر الزاوية في حملات التوعية للتصدي للتحديات التي يواجهها ملايين الأميركيين الذين يعانون من حالات الصحة العقلية. تلا ذلك اعتراف إدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية (Substance Abuse and Mental Health Services Administration (SAMHSA بشهر التوعية بالصحة العقلية في كل عام لزيادة الوعي حول الدور الحيوي الذي تلعبه الصحة العقلية في صحتنا، ورفاهيتنا بشكل عام، وتوفير الموارد والوسائل اللازمة.

يتم في هذا الشهر تكريس الجهود لزيادة الوعي بأهمية الصحة العقلية والعافية في حياة الأميركيين، والاحتفال بالتعافي من الأمراض العقلية، وأيضاً للقضاء على وصمة العار، وتوسيع نطاق الدعم، وتعزيز التعليم العام، والدعوة إلى السياسات التي تعطي الأولوية لرفاهية الأفراد والأسر المتضررة من المرض العقلي.

حقائق

الصحة العقلية هي حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي. وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه اللذين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات، وإقامة العلاقات، وتشكيل العالم الذي نعيش فيه.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الصحة العقلية حق أساسي من حقوق الإنسان، وهي حاسمة الأهمية للتنمية الشخصية، والمجتمعية، والاجتماعية، والاقتصادية، ولا تقتصر على غياب الاضطرابات النفسية. إنها جزء من سلسلة متصلة معقدة تختلف من شخص إلى آخر، وتتسم بدرجات متفاوتة من الصعوبة والضيق، وبحصائل اجتماعية وسريرية يُحتمل أن تكون مختلفة للغاية.

يأتي هذا الاهتمام العالمي بالصحة العقلية، وإقامة شهر سنوي للتوعية بها من خلال توفر حقائق رئيسية عن الصحة العقلية، منها:

• للصحة العقلية قيمة جوهرية وأساسية، وهي جزء لا يتجزأ من رفاهنا العام.

• تتأثّر الصحة النفسية بتفاعل معقد بين الضغوط ومواطن الضعف الفردية، والاجتماعية، والهيكلية.

• ضرورة اتخاذ إجراءات بشأن الصحة النفسية أو العقلية، فهي أمر بديهي، ومُلِح.

• هناك استراتيجيات ميسورة التكلفة، وفعالة، ومجدية لتعزيز الصحة النفسية، وحمايتها، واستعادتها.

حملات داعمة

تحتفل المنظمة الوطنية الأميركية للوعي الوطني حول الأمراض العقلية National Awareness on Mental Illness (NAMI) في هذا العام بشهر التوعية بالصحة العقلية من خلال حملة تعزز فيها الحوارات المفتوحة، وتنمي التعاطف لدعم الأقران على المستوى الوطني، وتوفر المعلومات، وإحالات الموارد والدعم للأشخاص الذين يعانون من حالة صحة عقلية، وأفراد أسرهم، ومقدمي الرعاية، ومقدمي خدمات الصحة العقلية. تدافع هذه الحملة أيضاً عن أهمية إزالة وصمة العار عن الصحة العقلية من خلال تطبيع ممارسة تخصيص لحظات لتحديد أولويات رعاية الصحة العقلية دون الشعور بالذنب، أو الخجل.

وتشمل اعتلالات الصحة العقلية الاضطرابات النفسية، وحالات الإعاقة النفسية الاجتماعية، فضلاً عن الحالات النفسية الأخرى المرتبطة بالضيق الشديد، أو ضعف الأداء، أو خطر إيذاء النفس. ومن المرجح أن يعاني الأشخاص المصابون باعتلالات الصحة العقلية من تدنّي مستويات الراحة النفسية، ولكن لا يحدث هذا دائماً، أو بالضرورة.

المعرّضون للاضطرابات العقلية

من الذي يتأثر بحالات الصحة العقلية؟ تقول الدكتورة أنيتا إيفريت (Anita Everett)، دكتوراه في الطب والعلاج السلوكي مديرة مركز خدمات الصحة العقلية في إدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية، جلينوود مريلاند أميركا: إن شهر مايو هو شهر التوعية بالصحة العقلية، وهو تذكير جيد بأهمية الصحة العقلية، وتأثيرها على رفاهيتنا. يمكن أن تؤثر حالات الصحة العقلية على أي شخص، بغض النظر عن الجنس، أو العمر، أو العرق، أو مستوى الدخل.

تشير البيانات الحديثة إلى التأكيد على أن أمتنا تواجه أزمة صحة نفسية غير مسبوقة بين الأشخاص من جميع الأعمار، والخلفيات، بما في ذلك الأطفال الصغار، وكبار السن. لوضع هذا في الاعتبار، فإن من المحتمل أن واحداً على الأقل من كل خمسة أشخاص بيننا يكون قد عانى من القلق، أو الاكتئاب، أو غيرهما من حالات الصحة العقلية في العام الماضي.

وتضيف الدكتورة أنيتا أن الخبر السار هنا هو أن حالات الصحة العقلية قابلة للعلاج. وكما يتضح من العديد من الشخصيات، من مختلف الطبقات، الذين تحدثوا بصراحة عن تجاربهم، فإن الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي يمكنهم أن يعيشوا حياة سعيدة، ومنتجة. وهذا يشمل الأمراض العقلية الخطيرة، مثل الاضطراب ثنائي القطب، والاضطراب الاكتئابي الشديد، والفصام، والتي يمكن أن تتداخل مع حياة الشخص، وقدرته على أداء وظائفه. وكما هو الحال مع الحالات الطبية، مثل مرض السكري، مع العلاج المبكر والمتسق يمكن للأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية خطيرة إدارة حالاتهم، والتغلب على التحديات، والتمتع بحياة هادفة، ومنتجة.

فاعلية العلاج

تتساءل الدكتورة أنيتا إيفريت: هل كنت تشعر بالقلق من أنك، أو أحد أفراد أسرتك، قد تعاني من مرض عقلي؟

وتجيب: لا بأس، فأنت لست وحدك. يمكنك الحصول على المساعدة المتخصصة، فعلاج المرض العقلي فعال، والمساعدة لا تستغرق سوى مكالمة هاتفية. إن الصحة العقلية تعد جزءاً مهماً من الصحة العامة والرفاهية، إلا أن المرض العقلي يؤثر على ملايين الأشخاص وأسرهم في جميع أنحاء العالم، إنه مرض شائع، ولكن في كثير من الأحيان لا يتم علاجه.

قبل جائحة كوفيد - 19، كان هناك نحو واحد من كل خمسة بالغين يعاني من مرض عقلي. ومما لا شك فيه أن الوباء أثر على حالة الصحة العقلية وجعل المرض النفسي أكثر شيوعاً. من النادر ألا تتأثر الأسرة بحالة صحية عقلية يمكن أن تتداخل مع القدرة على العمل، والنوم، وتناول الطعام، والاستمتاع بالحياة.

أشكال الاضطرابات العقلية

تشمل اضطرابات الصحة العقلية القلق، الاكتئاب، الاضطراب العاطفي الموسمي، أو الأمراض الأكثر خطورة، مثل الاضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الشديد، والفصام، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وغيرها. ولسوء الحظ، فإن معظم الأشخاص المصابين بمرض عقلي لا يحصلون على خدمات الصحة العقلية التي يحتاجون إليها. يمكن أن يعاني الأشخاص المصابون بمرض عقلي من أعراض تشمل مجموعة من المشاعر، أو العواطف، أو التجارب، بما في ذلك: تغيرات المزاج – الحزن – القلق – التهيج - الطاقة المنخفضة – الأوهام – الهلوسة - ومشكلات النوم.

ليس من السهل دائماً اكتشاف المرض العقلي. ولا يحتاج الشخص إلى ظهور كل هذه الأعراض، ربما ظهور واحد أو اثنين منها فقط يكفي.

أما علاج المرض العقلي، فمثله مثل العديد من الحالات الصحية، يتطلب تشخيصاً متخصصاً، وكلما كان في وقت مبكر، كان ذلك أفضل... إن العلاج متاح وناجح. لقد أظهرت الأبحاث أن علاج الأمراض العقلية فعال. ومن خلال العلاج المناسب يستطيع الأشخاص إدارة مرضهم، والتغلب على التحديات، وعيش حياة منتجة.

درء الانتحار

الانتحار... هل يمكن منعه؟ يودي الانتحار بأرواح وحياة ثمينة، ويمكن أن يمس الانتحار أي شخص، في أي مكان، وفي أي وقت، ويدمر الأسرة، وحتى المجتمعات بأكملها. ولكن هذا ليس أمراً حتمياً، فهناك أمل في منع الانتحار، وتقديم الدعم لأولئك الذين يعانون من الأزمات، ويشعرون بالوحدة، ولديهم أفكار انتحارية -سواء كانوا يمرون بأزمة أم لا–، فعليهم التحدث إلى من يثقون بهم.

إن الأشخاص في منتصف العمر (البالغين فوق سن 45 عاماً)، وخاصة الرجال، لديهم أعلى معدل انتحار مقارنة بالمجموعات الأخرى. فثمانون في المائة من جميع الوفيات الناجمة عن الانتحار في الولايات المتحدة تحدث بين الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و54 عاماً. الرجال الذين تبلغ أعمارهم 85 عاماً فما فوق لديهم أعلى معدل من أي مجموعة أخرى. وتساهم عوامل كثيرة في هذا الخطر، بما في ذلك العزلة، وتاريخ العنف، والوصول إلى الوسائل المميتة.

في أميركا، وُجد من الدراسات المرجعية أن الشباب الأميركيين من الهنود الحمر -وخاصة في السهول الشمالية- معرضون لخطر الانتحار بشكل كبير مقارنة بالمجموعات الأخرى. في حين أن العديد من عوامل الخطر هي نفس تلك التي تؤثر على مجموعات أخرى، يواجه الشباب الهنود الأميركيون تحديات إضافية، مثل الصدمة التاريخية، والضيق الثقافي، والفقر، والعزلة الجغرافية، والانتحار في المجتمع الذي يمكن أن يسبب زيادة التوتر.

كما وُجد أن الشباب الذين يعيشون في ألاسكا يتأثرون بشكل كبير بالانتحار، ويتصارعون مع وصمة العار، والصمت. في عام 2017، سجلت ألاسكا ثاني أعلى معدل انتحار في العالم. لكن جهود الوقاية والمعرفة الجديدة تحرز تقدماً في مواجهة التحديات، مثل مشكلات الصحة العقلية، وتعاطي المخدرات.

التعايش مع الأمراض العقلية

الأمراض العقلية هي اضطرابات تؤثر على تفكير الشخص و/ أو مزاجه و/ أو سلوكه، ويمكن أن تتراوح من خفيفة إلى شديدة. وفقاً للمعهد الوطني للصحة العقلية (the National Institute on Mental Health)، يعيش ما يقرب من واحد من كل خمسة بالغين مع مرض عقلي.

الأمراض العقلية الخطيرة (Serious Mental Illness (SMI تُطلق على المرض العقلي الذي يتداخل مع حياة الشخص وقدرته على أداء وظائفه. ومن خلال العلاج المناسب المبكر والمتسق، يمكن للأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية خطيرة (SMI) إدارة حالاتهم، والتغلب على التحديات، والعيش حياة ممتعة هادفة ومنتجة.

هناك أنواع كثيرة من الأمراض العقلية الخطيرة. وأكثرها شيوعاً ما يلي:

الاضطراب ثنائي القطب، هو اضطراب في الدماغ يسبب تغيرات شديدة في مستويات المزاج، والطاقة، والنشاط. يعاني الأشخاص من نوبات هوس يشعرون فيها بالسعادة الشديدة، أو البهجة والنشاط. عادةً ما يعانون أيضاً من نوبات اكتئاب يشعرون فيها بالحزن العميق، وانخفاض الطاقة.

اضطراب الاكتئاب الشديد (MDD)، يُعد أحد الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً. تختلف الأعراض من شخص لآخر، ولكنها قد تشمل الحزن، واليأس، والقلق، والتشاؤم، والتهيج، وعدم القيمة، والتعب. تتعارض هذه الأعراض مع قدرة الشخص على العمل، والنوم، وتناول الطعام، والاستمتاع بحياته.

الفصام، هو اضطراب عقلي مزمن وشديد يجعل الناس يفسرون الواقع بشكل غير طبيعي. قد يعاني الأشخاص من الهلوسة، والأوهام، والتفكير المضطرب للغاية، وانخفاض القدرة على العمل في حياتهم اليومية.

رغم المفاهيم الخاطئة الشائعة، فإن وجود مرض عقلي خطير (SMI) ليس خياراً، أو ضعفاً، أو عيباً في الشخصية. إنه ليس شيئاً «عابراً»، أو يمكن «قطعه» بقوة الإرادة. الأسباب المحددة غير معروفة، ولكن هناك عوامل مختلفة يمكن أن تزيد من خطر إصابة شخص ما بمرض عقلي، بما في ذلك تاريخ العائلة، وكيمياء الدماغ، وأحداث الحياة المهمة، مثل التعرض لصدمة، أو وفاة أحد أفراد الأسرة.

اعتلالات الصحة العقلية تشمل أيضاً الاضطرابات النفسية وضعف الأداء أو خطر إيذاء النفس

الصحة العقلية في عالم متغير

إن العالم يتغير باستمرار -للأفضل أو للأسوأ- وقد يكون من الصعب التعامل مع كل ما يجري من حولنا. في حين أن المجتمع أصبح أكثر راحة في مناقشة الصحة العقلية، فلا يزال من الصعب معرفة «من أين نبدأ» عندما يتعلق الأمر بالعناية بالرفاهية.

في شهر مايو من هذا العام، تقدم منظمة الصحة العقلية الأميركية Mental Health America (MHA) Organization مساعدات عديدة من أجل:

التعرف على كيفية تأثير الحياة الحديثة على الصحة العقلية من خلال موارد جديدة للتنقل في عالمنا المتغير.

التصرف من خلال إنشاء مجموعة أدوات للتكيف الخاص بكل شخص حتى يتمكن من إدارة التوتر، والمشاعر، والمواقف الصعبة.

الدفاع عن تحسين الصحة العقلية للفرد، والأسرة، والأصدقاء، والمجتمع ككل.

وعليه، فأي شخص يعاني من ضغوط عالم اليوم، أو يشعر بالوحدة، أو يتساءل عما إذا كان بإمكانه أن يشعر بالتحسن، فهذا هو المكان والوقت الذي يبدأ فيه.

• استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)
ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)
ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

مع دخول موسم الشتاء، يقل ضوء النهار، ويلاحظ البعض سرعة الشعور بالتعب والإرهاق... ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

وسواء أكان الأمر متعلقاً بصعوبة مغادرة السرير عندما تكون السماء مظلمة، أم بالإرهاق في العمل، أم بإغراء القيلولة بعد الاستمتاع بوجبة شهية، فإن أجمل وقت في العام يمكن أن يكون أيضاً الأشد إرهاقاً.

وتنصح إيمي جودسون، اختصاصية التغذية المسجلة ومستشارة التغذية الرياضية ومؤلفة كتاب «دليل التغذية الرياضية»، بضرورة وجود استراتيجيات تجمع بين الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية والتخطيط المتوازن للوجبات وبعض عادات نمط الحياة؛ لتثبيت مستويات الطاقة والتغلب على التعب.

1- اشحن طاقتك بوجبات غنية بالبروتين

وتوصي جودسون بالبدء بقوة بوجبة غنية بالبروتين: «ابدأ يومك بوجبة إفطار متوازنة تتضمن البروتين للمساعدة في كسر صيام الليل وتغذية عضلاتك».

وتستطرد الخبيرة: «يجمع خيار مثل الشوفان اللذيذ بالنقانق واللحم البقري بين قوة البروتين عالي الجودة والشوفان الغني بالألياف. تساعد هذه الوصفة على استقرار نسبة السكر في الدم وتوفر طاقة ثابتة طوال الصباح».

ويوصي الخبراء بتناول وجبة الإفطار في غضون ساعة من الاستيقاظ من النوم لتنشيط عملية التمثيل الغذائي.

وأشارت الأبحاث التي أجريت عام 2019 إلى أنه من المفيد تناول وجبتين أو 3 وجبات يومياً - خصوصاً الإفطار - وتجنب تناول الوجبات الخفيفة في وقت متأخر من الليل، وكذلك من المفيد الصيام لما بين 12 و16 ساعة.

ووفق صحيفة «نيويورك بوست»، فقد يؤدي اتباع هذا الجدول الزمني إلى تقليل الكولسترول والالتهابات والجوع مما يحسن الإيقاع اليومي، وهو الساعة البيولوجية التي تعمل على مدار 24 ساعة والتي تتحكم في نمط نومك، وإطلاق الهرمونات، والشهية، والهضم، ودرجة حرارة الجسم.

2- استقرار نسبة السكر في الدم

تقول جودسون إن الوجبات الخفيفة التي تجمع البروتينات، مثل لحم البقر الخالي من الدهون ومنتجات الألبان والبيض، مع الكربوهيدرات الغنية بالألياف، يمكن أن تساعد في منع انخفاض الطاقة والرغبة الشديدة في تناول الطعام، عبر تثبيت نسبة السكر في الدم طوال اليوم.

وتفسر: «الوجبات الخفيفة المتوازنة، مثل الزبادي مع التوت والغرانولا، والجبن مع البسكويت المصنوع من الحبوب الكاملة، ولحم البقر المجفف والفواكه، تحافظ على مستويات الطاقة ثابتة طوال اليوم».

ويعدّ تثبيت نسبة السكر في الدم أمراً ضرورياً للحفاظ على الطاقة؛ حيث يعمل الدماغ على الغلوكوز. فعندما نشعر بالجوع، ينخفض ​​مستوى السكر في الدم، وتنخفض طاقتنا العقلية معه. عندما يحدث هذا الانخفاض، يتعثر التحكم في الانفعالات والعواطف واتخاذ القرار.

ويمكن أن يؤدي انخفاض نسبة السكر في الدم إلى إطلاق هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول والأدرينالين، والتي، بعد أن يهدأ شعور «القتال أو الهروب»، يمكن أن تترك الجسم منهكاً.

3- ممارسة الرياضة لمقاومة التعب

إذا كنت تريد أن تشعر بالنشاط، فإن جودسون تنصح بأنه «يجب عليك أن تمشي خطواتك وأن تتدفق دماؤك».

وتزيد: «يمكن أن تعمل ممارسة الرياضة - حتى المشي السريع - على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل. حاول ممارسة نحو 150 دقيقة من الحركة متوسطة الشدة أسبوعياً؛ لمقاومة التعب وتحسين القدرة على التحمل».

4- أعطِ النوم الأولوية للبقاء مرناً

ووفقاً للصحيفة، ففي أحدث الاستطلاعات، يقول 6 من كل 10 أميركيين إن نمط نومهم يختلف خلال فصل الشتاء عن المواسم الأخرى.

كما وجدت دراسة أجريت عام 2023 أن نهاية التوقيت الصيفي لها تأثير خطر على النوم؛ إذ قال 48 في المائة من المشاركين بالاستطلاع إنهم يشعرون بالتعب في وقت مبكر، بينما يؤجل 41 في المائة وقت نومهم عندما يحل الظلام مبكراً.

كما أفاد نحو 4 من كل 5 من المشاركين (78 في المائة) بأنهم يستطيعون تمييز متى يختل إيقاعهم اليومي. وقال ربع الأشخاص إنه من الصعب للغاية الاستيقاظ خلال فصل الشتاء مقارنة بأي وقت آخر من العام. بالإضافة إلى ذلك، يجعل الشتاء الناس يشعرون بالتعب بشكل خاص (21 في المائة من المشاركين)، أو الحزن (20 في المائة)، وفقاً للاستطلاع.

وفي هذا الصدد، تقول جودسون إن البقاء نشطاً في أثناء النهار، والحفاظ على روتين مناسب للاسترخاء في المساء، هما استراتيجية رابحة للراحة المناسبة، كما أن استهداف ما بين 7 و9 ساعات من النوم في الليلة أمر بالغ الأهمية لاستعادة الطاقة. وأوضحت أن «الراحة الجيدة تسمح للجسم بالتعافي، وتحافظ على مرونتك في مواجهة التعب الموسمي».

5- ضرورة شرب المياه

قالت جودسون للصحيفة إن شرب المياه هو الحل الأمثل للطاقة؛ لأنه يسهل نقل وامتصاص العناصر الغذائية الحيوية. وأضافت أن «البقاء رطباً يدعم نقل العناصر الغذائية، ويساعد في الحفاظ على مستويات الطاقة. حاول استهلاك ما بين 8 و10 أكواب من الماء يومياً؛ للمساعدة في إبعاد التعب، خصوصاً في أشهر الشتاء» التي لا يشعر فيها الشخص بالعطش كثيراً.