كيف يرصد الأطفال طريقة تقديم الذات لنيل إعجاب الآخرين؟

يقيّمون التصرفات الصادقة بشكل إيجابي

كيف يرصد الأطفال طريقة تقديم الذات لنيل إعجاب الآخرين؟
TT

كيف يرصد الأطفال طريقة تقديم الذات لنيل إعجاب الآخرين؟

كيف يرصد الأطفال طريقة تقديم الذات لنيل إعجاب الآخرين؟

من الطبيعي أن يرغب الجميع في كسب إعجاب الآخرين، خصوصاً في مرحلة الطفولة، لأن حب الآخرين وتقديرهم يعززان الثقة بالنفس ويُحسنان من الحال النفسية.

لذلك يقوم الشخص بتقديم نفسه بالطريقة التي يتصور أنها الأمثل لكسب حب واحترام الآخرين تبعاً لشخصيته، بمعنى أن بعض الأشخاص يعرضون أنفسهم كما لو كانوا غير جديرين بمكانة معينة حتى يظهروا متواضعين ومن ثم ينالون الإعجاب. والعكس صحيح أيضاً، حيث يظهر البعض كما لو كانوا جديرين تماماً بالمكانة نفسها حتى يظهروا قادرين. ولهذا حاول العلماء معرفةَ لأي مدى تؤثر طريقة تقديم الذات في التقييم الحقيقي للشخص.

المظهر والإنجاز الحقيقي

أظهرت أحدث دراسة نفسية نُشرت في نهاية شهر مارس (آذار) من العام الحالي في «مجلة علم النفس التجريبي للأطفال» (Journal of Experimental Child Psychology) أن تقييم الآخرين لا يتأثر بالتواضع أو التباهي، لكن بالإنجاز الحقيقي. وكلما تقدم الأطفال بالعمر كلما كان حكمهم على إنجاز الآخرين أهم من حكمهم على صفاتهم الشخصية، وذلك حسب الأبحاث التي شارك فيها باحثون من «جامعة كوبي» (Kobe University) باليابان و«جامعة ساسكس» (University of Sussex) بالمملكة المتحدة.

أجرى الباحثون الدراسة في المدارس الابتدائية اليابانية. وتراوحت أعمار الأطفال بين 7 و 8 سنوات في الصف الثاني، وأيضاً 10 و11 عاماً في الصف الخامس الدراسي. وشارك البالغون أيضاً في الدراسة لمعرفة تأثير العمر على التقييم.

ووضع الباحثون في الاعتبار أن تكون التجارب التي تُجرى على الأطفال بسيطة قدر الإمكان حتى يستطيعوا المشاركة فيها والإجابة على الأسئلة بسهولة، حيث تم عرض سيناريوهات لأشخاص بدون تاريخ مسبق حتى يكون الحكم على سلوكهم وأدائهم محايداً، لأن التفاعل اليومي مع الآخرين ومعرفة أدائهم السابق تجعل الحكم على إنجازهم في الأغلب غير صحيح.

تم عرض سيناريو تمثيلي يظهر فيه شخصية رئيسية وشخص آخر وقيل للمشاركين إن هذا الشخص الآخر يعرف الأداء المعتاد للشخصية الرئيسية في مهمة معينة (سواء كان هذا الأداء جيداً أو ضعيفاً في المعتاد)، ثم يقوم الشخص الرئيسي بأداء هذه المهمة بشكل جيد، وبالتالي يتلقى الثناء من الشخص الآخر. ويستجيب البطل الأساسي إما بطريقة تقلل من نفسه، وتظهر التواضع، أو بطريقة تظهر التفاخر والتباهي بالإنجاز.

ثم قام الباحثون بسؤال المشاركين في الدراسة بعض أسئلة متعلقة بالسيناريو للتأكد من فهمهم للأحداث، وطلبوا منهم تقييم تقدير الشخص الآخر لقدرة البطل الأساسي وشخصيته.

لاحظ الباحثون أن البالغين الذين يفترض أن لديهم نظرةً ذهنيةً متطورةً بالكامل (القدرة على أن ينسبوا إلى الآخرين أفكاراً ومشاعر مختلفة عن أفكارهم ومشاعرهم) قاموا بتقييم التصريحات التي تقلل من الذات من قبل البطل الرئيسي بشكل أكثر سلبيةً على الرغم من إظهاره للتواضع ونفس التقييم السلبي أيضاً تمت ملاحظته من طلاب الصف الخامس، لكنه كان أقل وضوحاً في طلاب الصف الثاني الأصغر عمراً.

تصرفات صادقة

أوضحت الدراسة أن الأشخاص في الأغلب يأخذون في الاعتبار تصرف البطل الرئيسي والإنجاز الذي تمكن أو لم يتمكن من تحقيقه. وعلى هذا الأساس يتم تقييم رد فعله على تلقي الثناء، لأن الطريقة التي تظهر التواضع وتقليل الذات حينما يكون الأداء سيئاً يُنظر إليها على أنها رد فعل صادق ولطيف. ولكن الطريقة نفسها التي تقلل من الذات حينما يكون الأداء جيداً قد يُنظر إليها على أنها نوع من التواضع الزائف، ومن ثم لا تنال إعجاب الآخرين بل سخطهم.

أيضاً لاحظ الباحثون أن الأمر نفسه ينطبق على الطريقة التي تظهر التفاخر بالنفس، لأنه في حالة أن يكون الأداء سيئاً يُنظر لها على أنها نوع من الكذب الصارخ، بالتالي تعرض صاحبها للحرج والاستهجان، وفي حالة أن يكون الأداء جيداً بالفعل يُنظر لها على أنها نوعٌ من الغرور والتباهي، وتنال السخط أيضاً، لذلك يكون التقييم الحقيقي على جودة العمل من عدمه بعيداً عن تقديم الذات، سواء بصورة إيجابية أو سلبية، خصوصاً مع تقدم الطفل في العمر والإدراك.

في التجربة كان أداء المهمة المطلوبة هو الفيصل في التقييم، بعيداً عن شخصية وتاريخ البطل الرئيسي (بمعنى أن البطل صاحب الأداء السيئ في المعتاد ولكن حسب العرض التمثيلي كان جيداً نال التقدير الإيجابي الذي يستحقه) بغض النظر عن معرفة تاريخه السابق من عدمه. وهو ما يعني أن نمو الإدراك الفكري تبعاً للعمر يُكسب الطفل نوعاً من الحيادية في الحكم على الأمور.

قال الباحثون إن الدراسة تُعد مهمةً جداً للمتعاملين مع الأطفال، سواء الآباء والمدرسين أو المدربين في النوادي وحتى مقدمي الخدمة الطبية، حيث أظهرت النتائج كيف تختلف تقييمات طريقة عرض الذات من تواضع وتفاخر مع تقدم العمر اعتماداً على الأداء، مما يضع مسؤولية كبيرة على أي شخص يؤدي خدمة للطفل، ويظن أن طريقة تقديمه لنفسه يمكن أن تكون كافيةً لإرضاء الأطفال بعيداً عن جودة الخدمة المقدمة.

أكدت الدراسة أن الأداء المعتاد للناس يُعد عاملاً رئيسياً في التأثير على التقييمات والأحكام الاجتماعية التي يصدرها الآخرون عنهم، لذلك يجب على الآباء ملاحظة الطريقة التي يقوم بها أبناؤهم بتقديم أنفسهم للآخرين، وكيف يمكن أن تكون هذه الطريقة جيدة أو منفرة ومثيرة للسخط، سواء كانت بالغة التواضع أو بالغة التفاخر خلافاً لظنهم أنها يمكن أن تثير الإعجاب، ويجب نصحهم بالتركيز على إنجاز ما يُطلب منهم، ومحاولة أن يكونوا صادقين في تقديمهم لذواتهم.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
TT

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)
استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

وجدت دراسة حديثة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد غالباً في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

وحسب الدراسة التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) ونُشرت في المجلة الدولية للسرطان، أنه كلما زاد انتشار دهون «أوميغا 3» و«أوميغا 6» بدم المشاركين في الدراسة، انخفض احتمال إصابتهم بالسرطان بشكل عام، فيما أشارت جمعية السرطان الأميركية إلى 14 نوعاً مختلفاً من السرطان، بما في ذلك القولون والمعدة والرئة والدماغ والمثانة، وغيرها.

وأوضح مؤلف الدراسة، الدكتور كايكسونغ كالفين يي، من قسم علم الوراثة بجامعة جورجيا الأميركية، أن هذه النتائج تؤكد ما أشارت إليه الدراسات السابقة، وقال: «كانت هناك تقارير سابقة حول الفوائد المحتملة للأحماض الدهنية (أوميغا 3) و(أوميغا 6) في الحد من الإصابة بالسرطان والوفيات»، وفقاً لما ذكره موقع «هيلث» المختص بأخبار الصحة.

ومع ذلك، أعلن يي أن البحث الجديد حاول تجنب بعض القيود التي فرضتها الدراسات السابقة، مثل الاعتماد على البيانات المبلغ عنها ذاتياً، واستخدام أحجام عينات صغيرة، والحد من عدد أنواع السرطان التي تم فحصها.

وأشار يي إلى أن «الأحماض الدهنية (أوميغا 3) تسهم بشكل أكبر في نمو الدماغ، والوظائف الإدراكية، وصحة القلب والأوعية الدموية»، أما «(أوميغا 6) فتسهم بشكل أكبر في وظائف المناعة وصحة الجلد».

ونظراً لأن الجسم لا ينتج دهون «أوميغا 3» و«أوميغا 6» بشكل طبيعي، فلا يمكنك الحصول عليها إلا من مصدر خارجي مثل الطعام.

وتشمل قائمة الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 3»: سمك السلمون، الأنشوجة، السردين، الجوز، بذور الشيا، بذور الكتان وفول الصويا.

فيما تشمل الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 6»: زيت عباد الشمس، الجوز، بذور اليقطين، بذور عباد الشمس، صفار البيض واللوز.