مرض البهاق وآثاره العضوية والنفسية على الأطفال

نصائح للآباء للتعامل معه

مرض البهاق وآثاره العضوية والنفسية على الأطفال
TT

مرض البهاق وآثاره العضوية والنفسية على الأطفال

مرض البهاق وآثاره العضوية والنفسية على الأطفال

من المعروف أن مرض البهاق (Vitiligo) من الأمراض الجلدية المزمنة التي تتميز باختفاء صبغة الميلانين المميزة للون الجلد، ما يجعل المنطقة أو المناطق المصابة به مختلفة عن بقية الجسم، ويكون شكلها أقرب ما يكون لبقعة بيضاء. وفي الأغلب يحدث بسبب تفاعلات مناعية في خلايا الجلد، وبالتالي يتوقف إنتاج الميلانين melanin.

وعلى الرغم من أن المرض غير معدٍ، ولا يسبب مخاطر صحية عضوية، فإن تأثيره النفسي على الطفل أو المراهق المصاب به بالغ السوء، ويؤثر بالسلب على الصورة الذاتية، ويؤدى إلى تراجع ثقته بنفسه ومظهره، كما أنه يجعله أكثر عرضة للتنمر والنبذ المجتمعي.

وتعمل الصبغة الجلدية على حماية الجسم من التأثير الضار لأشعة الشمس، وكلما كانت البشرة داكنة كلما زادت فرص الحماية والعكس صحيح. ولا يعتمد لون البشرة على عدد الخلايا المكونة للصبغة melanocytes (لأنها متماثلة في الجميع) ولكن يعتمد على مدى نشاطها. وأصحاب البشرة الداكنة لديهم خلايا تنتج بشكل طبيعي الكثير من الميلانين، في حين أن الخلايا لدى الأشخاص ذوي البشرة الفاتحة تنتج أقل بكثير.

مرض البهاق

• أنواع البهاق. يتم تقسيم البهاق بناءً على كمية البقع وأماكن وجودها إلى نوعين أساسين:

- البهاق المحدد (focal vitiligo) في حالة وجود عدد قليل من البقع في منطقة واحدة، وهو نوع نادر.

- البهاق العام (generalized vitiligo) في حالة وجود كثير من البقع على الجانبين الأيمن والأيسر من الجسم، وهو النوع الشائع من المرض.

ويمكن أن تظهر البقع في أي مكان بالجسم، لكن في الأغلب تحدث في المناطق المعرضة للشمس، مثل الوجه أو اليدين، وكذلك الركبتان أو الفخذ، وأيضاً مناطق مثل العينين وفتحتي الأنف، وعلى الرغم من أن المرض يحدث في كل الأجناس إلا أن البقع تكون أكثر وضوحاً عند ذوي البشرة الداكنة بطبيعة الحال، وتتسبب في تشوه الجلد.

• التشخيص والعلاج. في الأغلب يعتمد تشخيص المرض على الحالة الإكلينيكية بمجرد النظر إلى الجلد. وفي بعض الأحيان في الأطفال الذين يمتلكون بشرة بيضاء، يتم فحص الأجزاء المصابة باستخدام مصباح معين (Woods lamp) لتمييز المناطق المصابة.

ولا يوجد شفاء من المرض حتى الآن، ولكن هناك بعض العلاجات التي يمكن أن تحسن الحالة، مثل العلاج الكيميائي الضوئي بالأشعة «فوق البنفسجية أيه»، المعروف باسم «PUVA» حيث يتم تعريض الجلد للأشعة فوق البنفسجية بعد أن يتم وضع كريم معين على الأماكن المصابة . ويؤدي هذا الإجراء إلى تغيير لون الجلد إلى اللون الوردي، ومع الوقت يصبح أقرب للون الجسم الطبيعي.

ويمكن أيضاً الاستعانة ببعض مستحضرات التجميل التي تقوم بإخفاء المناطق المصابة، وتجعل لونها متجانساً مع بقية الجلد. وفي بعض الأحيان، يمكن استخدام كريمات تحتوي على الكورتيزون في بداية الإصابة، ولكن لا يفضل استخدامه لفترات طويلة. ويجب على الأطفال المصابين وضع كريم واقٍ من الشمس (Sunscreen) يومياً للحماية من الأشعة الضارة التي يمكن أن تلعب دوراً لاحقاً في الإصابة بسرطان الجلد.

• التعامل مع المرض. هناك كثير من العوامل التي يمكن أن تؤثر على كيفية استجابة الأطفال للإصابة بالبهاق، والتي يجب وضعها في الاعتبار عند التعامل معه.

ومن أهم هذه العوامل جنس الطفل، لأن الضرر النفسي الواقع على الفتيات يكون أكثر من الذكور بطبيعة الحال، وأيضاً موقع البقعة المصابة، لأن الأجزاء الظاهرة للآخرين، خاصة الوجه والرقبة واليدين، تسبب الحرج وتؤثر بشدة على المظهر العام، بالإضافة إلى الثقافة العامة التي تتقبل الاختلاف، والتي ينتشر فيها الوعي الطبي، بجانب الانتماء العرقي، لأن التشوه يكون أكثر حدة ووضوحاً في أصحاب البشرة السمراء، كما يلعب عمر الطفل دوراً مهماً في تقبله للإصابة وتعامله معها.

نصائح للآباء

يجب أن يقوم الآباء بتقديم الدعم المعنوي لأطفالهم ومساعدتهم في التعايش مع المرض من خلال تقبلهم الكامل لمظهرهم وطمأنتهم بعدم وجود خطورة صحية وعدم التعليق على انتشاره مع الوقت. ويفضل أن يقوم الآباء بشرح طبيعة المرض للمحيطين بالطفل، وتوضيح أن المرض ليس معدياً للآخرين، لأن كثيرين يخشون التعامل مع المريض خوفاً من انتقال العدوى، مثل كثير من الأمراض الجلدية.

يجب أن يتفهم الآباء حزن الطفل عند الإصابة بالمرض، والتأكيد على أن هذه المشاعر طبيعية، وليست نوعاً من الضعف، ولكن يجب على الأم أن تقول للطفل: «أنا بجانبك دائماً، سواء أكنت سعيداً أم حزيناً، وأنا واثقة من تغلبك على المرض».

يمكن أن يلعب تبادل الأدوار (Role playing) دوراً مهماً في مساعدة الطفل على التأقلم مع الحياة اليومية. وعلى سبيل المثال، تقوم الأم بتمثيل أنها هي المصابة بالمرض، وتجيب على أسئلة الأخرين فيما يتعلق به، ما يسمح للطفل بالشعور بالراحة في معظم المواقف، لمعرفة أنه يمتلك إجابات على الأسئلة المستقبلية المتعلقة بالبهاق، التي يمكن أن تكون محرجة. ويفضل أن يقوم الآباء بترك الحرية للطفل في التعامل مع الواقع الجديد في اختيار الملابس التي تشعره بالراحة، وتخفي المناطق التي يريد عدم ظهورها.

يجب عدم التسامح مع التنمر أو السخرية والإهانة وإبلاغ المسؤولين في المدرسة والنادي وبقية الأماكن التي يتردد عليها الطفل، ويجب أن يدرك الجميع الفرق بين الفضول وعدم الاحترام. وعلى سبيل المثال، إذا قام الأطفال بسؤال الطفل المصاب عن المرض يعدّ ذلك فضولاً، ولكن في حالة تنمرهم على شكل الجلد أو القيام بالابتعاد عن الطفل بغرض عزله مجتمعياً، يُعد ذلك نوعاً من الاعتداء عليه.

• استشاري طب الأطفال.


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.