الزنجبيل يعالج البرد وقرحة المعدة ويخفض الوزن

كشفت خبيرة التغذية الروسية الدكتورة تاتيانا زاليتوفا أن مغلي وشاي ومنقوع الزنجبيل يساعد في تحسين حالات أمراض البرد وقرحة المعدة. موضحة «يعتقد أن للزنجبيل خصائص مضادة للالتهابات، سواء في تجويف الفم أو الجهاز الهضمي بصورة عامة. لذلك يوصى باستخدام شاي الزنجبيل أو مغليه عند الإصابة بنزلات البرد. ولكن يجب أن نعلم أن هذا لا يمكن أن يكون إلا عاملا مساعدا في علاج نزلات البرد. كما يمكن استخدام منقوع الزنجبيل أو الشاي لعلاج قرحة المعدة». مضيفة «في حالة أمراض البرد يمكن إضافة الليمون والعسل إلى مشروب الزنجبيل لتقوية فعاليته العلاجية». مؤكدة أن «الليمون، كما هو معروف مصدر مهم لفيتامين C المضاد للبرد. أما العسل فيحتوي على العكبر (صمغ النحل) الذي له تأثير مضاد للالتهابات، وعناصر دقيقة تساعد على تقوية منظومة المناعة. بالإضافة إلى ذلك، يحسن العسل الطعم اللاذع لشاي الزنجبيل، والذي قد لا يستسيغه البعض».وأضافت «قد يفيد تناول مشروب الزنجبيل في حالات تصلب الشرايين والوزن الزائد». وذلك وفق ما ذكرت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية.

وبينت الأخصائية الروسية «يمكن استخدام مشروب الزنجبيل في المراحل الأولى من تصلب الشرايين، عندما تكون هناك لويحات صغيرة أو زيادة في مستوى الكوليسترول لا تتطلب تناول أدوية خاصة. كما أن مشروب الزنجبيل، بسبب زيوته الطيارة، يسرع عمليات التمثيل الغذائي قليلاً ويمكن اعتباره بمثابة إضافة إلى النظام الغذائي تهدف إلى إنقاص الوزن».

وعن الكمية التي يمكن تناولها من مشروب الزنجبيل في اليوم للحصول على أقصى فائدة منه، شرحت زاليتوفا «يمكن تناول كوبين في اليوم، بحيث يكون للمشروب طعم لاذع مميز، وعادة ما تنقع ثلاث أو أربع شرائح رقيقة من الزنجبيل في الماء المغلي ثم تخفف. ومن الأفضل في البداية عدم تناول كوبين منه فورا. بل يجب البدء بتناول كوب واحد من مشروب مخفف في اليوم. وإذا كان كل شيء على ما يرام يمكن تناول المشروب بتركيز أعلى وبمقدار كوبين في اليوم للحصول على أقصى فائدة منه».

وحال استرسال الطبيبة الروسية لفوائد الزنجبيل الصحية، لم تنس ان تحذر من الاعراض الجانبية التي قد تصيب بعض الأشخاص، قائلة «الزنجبيل كبقية المنتجات الحادة يمكن أن يهيج المستقبلات في جهاز الهضم، ويسبب الإسهال لدى البعض. كما أنه في حالة تفاقم أمراض الجهاز الهضمي لا ينصح بتناول مشروب الزنجبيل. ويمكن أن يسبب الزنجبيل حساسية لدى البعض وخاصة مرضى الربو».

دراسة: الزنجبيل يقلل التهابات أمراض المناعة الذاتية

تم استخدام الزنجبيل طبيًا منذ آلاف السنين، لكن الأبحاث حول آثاره المضادة للالتهابات لدى البشر كانت ضئيلة. غير ان دراسة صغيرة وجدت أن الزنجبيل لديه القدرة على المساعدة في إدارة بعض أمراض المناعة الذاتية بسبب قدرته على وقف نشاط خلايا الدم البيضاء التي تسبب الالتهاب.

وعلى الرغم من أن الزنجبيل يستخدم منذ فترة طويلة كعلاج منزلي لمجموعة متنوعة من الأمراض، إلا أنه لم يكن هناك الكثير من الأبحاث على الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية لتفسير سبب وجود تأثيرات مضادة للالتهابات في جذر الزنجبيل، كما تقول الدكتورة كريستين ديمورويل أحد كبار مؤلفي الدراسة أستاذة مشاركة بأمراض الروماتيزم بكلية الطب بجامعة كولورادو بأورورا.

وتوضح ديمورويل «في بعض الأحيان، يُنظر إلى المكملات الغذائية على أنها فوائد صحية محتملة أقل، لأن الدراسات التي توضح بالتفصيل كيفية عملها لا يتم إجراؤها بدقة على الأشخاص. وان الجديد في دراستنا هو أننا نظهر مسارًا محددًا يمارس من خلاله الزنجبيل تأثيرًا مضادًا للالتهابات، خاصة لدى الأشخاص؛ وهو ما يدعم بقوة استخدام مكملات الزنجبيل لدى الأشخاص لتقليل الالتهاب»، وذلك وفق ما نشر موقع «everydayhealth» الطبي المتخصص.

كيف قام الباحثون بتقييم تأثيرات الزنجبيل المضادة للالتهابات؟

وفي الدراسة، التي نُشرت يوم (الجمعة) الماضي بمجلة «JCI Insight»، أجرى الباحثون سلسلة من الاختبارات المعملية لتقييم تأثير مكملات الزنجبيل على جهاز المناعة، وتحديدًا النظر في نشاط خلايا الدم البيضاء المعروفة باسم العدلات. فعندما تعمل العدلات بشكل طبيعي، فإنها تساعد الجسم على مكافحة الالتهابات، حسب «كليفلاند كلينيك». لكن عندما تصبح العدلات مفرطة النشاط، فإنها يمكن أن تسبب الالتهاب الذي هو السبب الجذري للعديد من أمراض المناعة الذاتية.

فقد أعطى العلماء أولا مكملات 6-جينجيرول (مادة كيميائية مضادة للأكسدة في الزنجبيل) للفئران التي كانت تعاني من أحد اثنين من أمراض المناعة الذاتية: متلازمة مضادات الفوسفوليبيد (APS) أو الذئبة. إذ كان لدى الفئران أدلة أقل على فرط نشاط العدلات في الاختبارات المعملية بعد أن تلقت مكملات الزنجبيل.

وبعد ذلك، طلب الباحثون من تسعة متطوعين من البشر الأصحاء تناول 20 مليغراما من مكملات الزنجبيل يوميًا لمدة أسبوع واحد. فأظهرت الاختبارات المعملية أن المكملات الغذائية ساعدت أجهزة المناعة لدى المتطوعين على أن تصبح أكثر قدرة على مقاومة العمليات الخلوية التي تؤدي إلى فرط نشاط العدلات.

وفي الفئران والبشر، بدا أن مكملات الزنجبيل تمنع عملية تعرف باسم تكوين مصيدة العدلات خارج الخلية (NET)، والتي تتسبب في فرط نشاط خلايا الدم البيضاء.

وتتطور العديد من أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك APS والذئبة، عندما تهاجم خلايا الدم البيضاء المفرطة النشاط في الجهاز المناعي الخلايا السليمة؛ الذي يظنها غزاة أجانب مثل البكتيريا أو الفيروسات.

وتشرح ديمورويل «ان فرط تكوين الشبكة العصبية متورط في الالتهاب المرتبط بمجموعة من الأمراض كالتهاب المفاصل الروماتويدي، ومتلازمة مضادات الفوسفوليبيد، والذئبة، وحتى كوفيد-19. وعلى هذا النحو، يمكن أن تبدأ النتائج التي توصلنا إليها في التركيز على الأشخاص الذين قد يستفيدون من تأثيرات الزنجبيل المضادة للالتهابات».

لا تكثر من مكملات الزنجبيل

حتى الآن كانت الدراسة صغيرة جدًا وأولية جدًا بحيث لا يمكنها استخلاص استنتاجات عامة حول ما إذا كان وصف مكملات الزنجبيل لعلاج أمراض المناعة الذاتية سيكون آمنًا أو فعالًا. كما أنه ليس من المسلم به أن مكملات الزنجبيل ستكون مفيدة لكل أنواع أمراض المناعة الذاتية، كما يقول لورانس تاو دكتوراه في الطب أستاذ سريري مدير مركز الطب الشرقي والغرب بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس الذي لم يشارك في الدراسة الجديدة. مبينا «ليست كل الالتهابات متماثلة. قد لا يكون الزنجبيل مفيدًا، أو قد يؤدي إلى تفاقم أشكال أخرى من الالتهابات، بما في ذلك التهاب المفاصل الصدفي، ومرض التهاب الأمعاء، والتهاب الجلد». واستدرك تاو بالقول «مع مكملات الزنجبيل، عليك الحذر من زيادة خطر النزيف بالإضافة إلى التفاعلات المحتملة مع الأدوية، بما في ذلك مميعات الدم».

وهو ينصح أي شخص يرغب في تجربة مكملات الزنجبيل لإدارة مشكلاته الطبية بمراجعة طبيبه أولاً، مشددا «ان استهلاك المزيد من الزنجبيل في الأطعمة أمر يستحق المحاولة. لكن الطريقة الأكثر أمانًا لاستخدام الزنجبيل إذا كنت تعاني من أحد أمراض المناعة الذاتية هي إضافته إلى نظامك الغذائي ومعرفة ما إذا كان يساعد في علاج الالتهاب».

من جانبها، تقول الدكتورة سامانثا هيلر أخصائية التغذية السريرية بجامعة نيويورك لانغون هيلث بمدينة نيويورك التي لم تشارك في الدراسة «من المحتمل ألا يكون هناك أي ضرر في الطهي بالزنجبيل؛ فلقد تم استخدام الزنجبيل طبيًا وفي الطبخ منذ آلاف السنين. فهو يشتهر بخصائصه المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة ومضادات الغثيان. إن إضافة الزنجبيل، سواء كان طازجًا أو محفوظًا أو متبلورًا أو مخللًا أو مجففًا أو مطحونًا، إلى الأطباق قد يوفر بعض الشفاء».

ما فوائد مكملات الزنجبيل لعلاج أمراض المناعة الذاتية؟

يحدث الالتهاب كردّ فعل طبيعي يقوم به الجهاز المناعي للإنسان لمواجهة العدوى، بهدف إزالة مسببات الأمراض الضارة وإصلاح الأنسجة التالفة.

لكن في حالة الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، فإن الجهاز المناعي يهاجم الأنسجة أو الأعضاء السليمة عن طريق الخطأ، ويُعتقد أن الالتهاب يلعب دوراً مهماً في تطوّر الإصابة بهذه الأمراض.

وفي محاولة لمواجهة هذه الحالة، كشفت دراسة أميركية عن دور مهم يمكن أن تلعبه مكملات الزنجبيل في السيطرة على الالتهاب لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية، ونُشرت النتائج، السبت، في دورية «جي سي آي إنسايت».

ومن خلال السيطرة على الالتهاب، يمكن للأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية تحسين نوعية حياتهم وتقليل خطر حدوث مضاعفات خطيرة.

وركز الفريق في دراسته على رصد تأثير مكملات الزنجبيل على «العَدِلات»، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء، التي تشكل خط الدفاع الأول في جهاز المناعة البشري، وهي مسؤولة عن مهاجمة مسببات الأمراض الغازية وقتلها، مثل البكتيريا والفيروسات والفطريات.

واهتمت الدراسة بشكل خاص بإحدى الطرق الدفاعية التي تستخدمها «العَدِلات» ضد الأمراض والعدوى، التي تسمى (NETosis)، ويمكنها أن تتحول إلى أداة مرضية في حالة وجود مشكلة بجهاز المناعة، وتكون سبباً في الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

وفي حالة الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، تعمل آلية «NETosis» على تحفيز الالتهاب، ما يساهم في حدوث كثير من أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك مرض الذئبة (مرض مناعي يصيب الجلد والمفاصل والأعضاء) والتهاب المفاصل الروماتويدي.

وخلال دراسة أجريت على البشر، وجد الباحثون أن تناول متطوعين أصحاء لمكمل الزنجبيل يومياً لمدة 7 أيام بمقدار (20 مليغراماً من جينجيرول / يوم) عزز مادة كيماوية داخل «العَدِلات» تسمى «cAMP».

وثبت أن المستويات العالية من هذه المادة تعرقل حدوث آلية «NETosis» المُحفّزة للالتهاب، التي تسهم بشكل رئيسي في حدوث أمراض المناعة الذاتية.

وقال الدكتور جيسون نايت، الأستاذ المشارك في قسم أمراض الروماتيزم بجامعة كاليفورنيا، والباحث المشارك في الدراسة: «يقدم بحثنا، لأول مرة، دليلاً على الآلية البيولوجية التي تكمن وراء خصائص الزنجبيل الواضحة المضادة للالتهابات لدى البشر».

وأضاف، في حديث نقله موقع الجامعة: «لا يوجد كثير من المكملات الغذائية الطبيعية، أو الأدوية الموصوفة في هذا الشأن، التي من المعروف أنها تحارب فرط نشاط الجهاز المناعي. لذلك نعتقد أن الزنجبيل قد تكون لديه قدرة حقيقية على استكمال البرامج العلاجية الجاري تنفيذها بالفعل للمساعدة في تخفيف أعراض أمراض المناعة الذاتية».

وكخطوة تالية، يأمل الباحثون في إجراء دراسات على مرضى المناعة الذاتية والالتهابات لاستكشاف الآلية المباشرة التي يؤثر بها الزنجبيل على «العَدِلات»، وسيشجع ذلك مقدمي الرعاية الصحية والمرضى على مناقشة ما إذا كان تناول مكملات الزنجبيل كجزء من خطة العلاج الخاصة بهم، يمكن أن يكون مفيداً.

مركبات الزنجبيل اللاذعة تضع خلايا المناعة في حالة تأهب قصوى

ضمن تجربة علمية جديدة، طرح باحثون من معهد لايبنيز لبيولوجيا النظم الغذائية في جامعة ميونيخ للتقنية، آلية صحية جديدة تُعزز ما يتمتع به الزنجبيل Ginger من سمعة طيبة في تحفيز جهاز مناعة الجسم لمقاومة الميكروبات. وكان الباحثون الألمان قد نشروا دراستهم العلمية هذه ضمن عدد فبراير (شباط) الماضي من مجلة التغذية الجزيئية وبحوث الغذاء Molecular Nutrition & Food Research.
ووفق تجربتهم المختبرية الجديدة، تسبب تعريض خلايا الدم البيضاء WBC لكميات صغيرة من أحد مكونات الزنجبيل اللاذعة، في وضع خلايا المناعة هذه في حالة تأهب قصوى.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن هذه العملية تتضمن تفاعل خلايا المناعة مع نوع من المستقبلات Receptors في اللسان، التي تلعب دوراً محورياً في إدراك المنبهات الحرارية المؤلمة والإحساس بالتوابل.
مركبات الزنجبيل
ووفق المعايير الشائعة لتقييم الجدوى الغذائية، لا تحتوي جذور الزنجبيل على كميات مهمة من المعادن أو الفيتامينات أو السكريات أو البروتينات أو الدهون. ولكن تأتي الفوائد الصحية للزنجبيل من احتوائه على عدد من المركبات الكيميائية ذات التأثيرات الحيوية في الجسم. ومنها زيوت طيّارة Volatile ذات نكهة ورائحة مميزة، وأخرى مركبات لاذعة Pungent. وتأتي النكهة العطرية والطعم اللاذع المميز للزنجبيل من احتوائه على مزيج من مركبات «زينغيرون» Zingerone، ومركبات شوغول Shogaols، ومركبات «جينجيرول» Gingerols، التي توجد في الزنجبيل بنسبة عالية، مقارنة بغيره (إلى حدّ نسبة 4 في المائة من كمية الوزن). كما يزداد تحريرها وتوفرها للامتصاص في الأمعاء، مع تعرّض الزنجبيل للحرارة (الطهو أو المشروب الساخن).
وكان باحثون من جامعة بوند في كوينزلاند أستراليا قد عرضوا، ضمن عدد يونيو (حزيران) الماضي من المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية Am J Clin Nutr، مراجعتهم العلمية بعنوان «الزنجبيل المتناول عن طريق الفم وصحة الإنسان: مراجعة شاملة». وقالوا في مقدمة عرضهم: «يبدو الاستهلاك الغذائي للزنجبيل آمناً، وقد تكون له آثار مفيدة على الإنسان ورفاهيته الصحية. وتدعم الأدلة العلمية الحديثة، الفوائد الصحية للزنجبيل، لمجموعة من الحالات والأعراض».
وقبل ذلك نشرت دراسة لباحثين من جامعة سيول الوطنية في كوريا وجامعة فيتنام الوطنية في هوشي منه، بعنوان «الزنجبيل على صحة الإنسان: مراجعة منهجية شاملة لـ109 دراسات»، في عدد 6 يناير (كانون الثاني) 2020 من مجلة المُغذّيات Nutrients. وفيها قال الباحثون: «تم إجراء عدد كبير من الدراسات الإكلينيكية لفحص تأثيرات الزنجبيل الصحية. وتم عزل ما يقرب من 100 مركب من الزنجبيل، التي ورد أنها تمتلك العديد من الأنشطة الحيوية. ونتيجة لذلك، تم اكتشاف العديد من الأنشطة البيولوجية ذات الصلة، مثل تلك المتعلقة بمضادات الأكسدة ومضادات الميكروبات ومضادات الالتهاب. وفي السنوات الأخيرة، تم توسيع دور الزنجبيل ليشمل مضادات السرطان، والغثيان والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي، وكذلك تحسين نوعية الحياة اليومية».
تحفيز الخلايا المناعية
وبالعودة إلى الدراسة الألمانية الحديثة، أفاد الباحثون أن تعريض خلايا الدم البيضاء لكمية ضئيلة من مركب Gingerol (أي ما يصل إلى الدم عادة وبشكل طبيعي بعد تناول كمية معتدلة من الزنجبيل)، أدى إلى تنشيط عمل خلايا المناعة في الدم.
واستهدف الباحثون في دراستهم تأثير مركبات الزنجبيل اللاذعة على نوعية خلايا «العدلات» Neutrophils من بين أنواع خلايا الدم البيضاء. وهي فصيلة من الخلايا ذات الصلة المباشرة بنشاط المناعة ومكافحة البكتيريا الغازية. وقالوا: «خلايا العدلات هي أكثر الكريات البيضاء وفرة في دم الإنسان، وتمثل 70 في المائة من جميع خلايا الدم البيضاء المنتشرة. إنها الخلايا المناعية الأولى، التي يتم تجنيدها في مواقع الإصابة؛ لذلك غالباً ما يشار إليها على أنها خط الدفاع الأول».
ومن جانب آخر ذي صلة، ذكر الباحثون أن الزنجبيل أصبح حالياً يتمتع بشعبية متزايدة في ألمانيا. ووفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني German Federal Statistical Office، تضاعف حجم الواردات السنوية من جذور الزنجبيل أربع مرات تقريباً خلال السنوات العشر الماضية، ليصل إلى نحو 32 ألف طن. وقالوا إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل «مستويات الاستهلاك العادية» Habitual Dietary Intake من الزنجبيل كافية لتحقيق آثار صحية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي المركبات والآليات الجزيئية التي تلعب دوراً في ذلك؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى فريق الباحثين الألمان، بقيادة الدكتورة فيرونيكا سوموزا، مديرة معهد لايبنيز في فريسينج بألمانيا والأستاذة في كلية الكيمياء بجامعة فيينا بالنمسا، بحثاً مكثفاً. وكانت نقطة البداية نتيجة أظهرتها دراسة تجريبية سابقة، وهي أن كميات كبيرة من مركبات الزنجبيل اللاذعة تظهر في الدم (بتركيزات في بلازما الدم من نحو 7 إلى 17 ميكروغراماً لكل لتر)، بعد نحو 30 إلى 60 دقيقة من تناول شاي الزنجبيل. والكمية في تلك التجربة كانت لتراً واحداً من شاي الزنجبيل.
ومن المعروف أن «المركب اللاذع»، مركب الجنجرول Gingerol، يمارس تأثيره في «المذاق» عبر «مستقبل» يُسمى علمياً TRPV1. وهي قناة أيونية تقع على سطح الخلايا العصبية للتذوق في الفم، وتستجيب للمركبات اللاذعة من الفلفل الحار والزنجبيل. ولكن اللافت للنظر، أن خلايا الدم البيضاء تمتلك على سطحها أيضاً هذا المستقبل العصبي. ولذا حاول الباحثون معرفة نوعية تفاعل خلايا الدم البيضاء مع مركب الجنجرول في الزنجبيل، وكيف سيؤثر على نشاط هذه الخلايا المناعية.
وفي النتائج أفاد الباحثون أن حتى التركيز المنخفض جداً (الذي يقارب 15 ميكروغراماً من الجنجرول لكل لتر) كان كافياً لوضع هذه الخلايا المناعية في حالة تأهب قصوى. واستجابت هذه الخلايا لتحفيز المركب اللاذع للزنجبيل، بقوة أكبر بنحو 30 في المائة في التعامل مع العدوى الميكروبية.
وعلقت الدكتورة غابي أندرسن، الباحثة المشاركة، بالقول: «وهكذا، على الأقل في التجارب، فإن تركيزات منخفضة جداً من الزنجبيل كافية للتأثير على نشاط الخلايا المناعية عبر مستقبل TRPV1. وفي الدم، يمكن نظرياً تحقيق هذه التركيزات عن طريق تناول شاي الزنجبيل». وأضافت الدكتورة فيرونيكا سوموزا قائلة: «لذلك، تدعم نتائجنا الافتراض القائل إن تناول كميات شائعة من الزنجبيل قد يكون كافياً لتعديل الاستجابات الخلوية لجهاز المناعة. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها على المستويات الجزيئية والوبائية والطبية، التي يجب معالجتها بمساعدة البحوث الغذائية والصحية الحديثة». وهو ما يفتح الباب لمزيد من الدراسات التطبيقية لهذا التأثير الإيجابي المحتمل في الجسم البشري حال التعرّض للعدوى الميكروبية.

الزنجبيل لتخفيف آلام المفاصل وغثيان الحوامل

> رغم أن الغالب في تفضيل الكثيرين لتناول الزنجبيل (كإضافة إلى الطعام أو المشروبات الساخنة) هو البحث عن الشعور بالدفء في برد الشتاء وتقوية جهاز مناعة الجسم لمقاومة الميكروبات، فإنَّ أقوى التأثيرات الصحية للزنجبيل هي في جوانب تهدئة الجهاز الهضمي وتخفيف الشعور بالغثيان ومنع القيء وتسكين آلام المفاصل وخفض ضغط الدم وضبط نسبة السكر في الدم.
وضمن دراسة المراجعة العلمية للباحثين الأستراليين (التي تقدم ذكرها)، أفادوا أنه بمراجعة نتائج 24 دراسة مراجعة منهجية سابقة حول الزنجبيل وتأثيراته الصحية، ثمة أدلة علمية قوية على تأثيرات الزنجبيل المضادة للقيء عند النساء الحوامل. وكذلك القيء الناجم عن العلاج الكيميائي.
هذا وتنصح الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد، بتناول الزنجبيل، كأحد العلاجات المنزلية الفاعلة والثابتة الجدوى في تخفيف مشكلة الغثيان والقيء لدى الحوامل. وتحديداً، يُشير الباحثون من جامعة ماريلاند إلى أن غراماً واحداً من الزنجبيل كافٍ خلال اليوم لتلك الغاية.
ولتخفيف الغثيان والقيء في حالات دوار غثيان الحركة «Motion Sickness»، يقول الباحثون من «مايو كلينك»: «ثمة عدد من الدراسات الطبية التي تشير إلى أن الزنجبيل أكثر فاعلية من معظم الأدوية المتوفرة لعلاج حالات (دوار غثيان الحركة). ومن هذه الدراسات ما تم على مجموعات من البحّارة، ومنها ما تم بالمقارنة ما بين الزنجبيل والعقاقير المستخدمة بشكل شائع لمعالجة مثل هذه الحالات».
وفي ميدان تأثيرات تسكين الألم، لاحظ الباحثون الأستراليون في مراجعتهم الحديثة أن الدراسات حول الزنجبيل شملت ثلاثة أنواع من الألم. وهي:
- آلام عسر طمث الحيض Dysmenorrhea، حيث كانت النتيجة الإجمالية دليلاً ثابتاً على وجود تأثير مُسكّن مفيد بمقدار متوسط إلى كبير. وأنه في هذا الجانب فعّال.
- آلام المفاصل المزمنة Osteoarthritis لدى كبار السن، وفيها قلل الزنجبيل بشكل ملحوظ من شدة الألم والإعاقة المرتبطة بالألم، مقارنة بالدواء الوهمي.
- آلام الصداع أو الصداع النصفي، حيث لم يجد التحليل العلمي أي تأثير ذي دلالة إحصائية للزنجبيل على استجابة العلاج مقارنة مع الدواء الوهمي.

الزنجبيل وأمراض القلب ومسبباتها
> وفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، يجدر عدم تجاوز تناول كمية 4 غرامات من الزنجبيل الطازج في اليوم الواحد، أي ما يعادل نحو غرام واحد من مسحوق الزنجبيل الجاف. وتزن ملعقة شاي من معجون الزنجبيل الطازج نحو 5 غرامات، بينما تزن ملعقة شاي من مسحوق الزنجبيل الجاف نحو غرامين.
ووفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، فإن المهم بالنسبة لمرضى القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، هو ثلاثة أمور، هي:
- ألا يتناول المرء الزنجبيل بديلاً لأي دواء علاجي، كالأسبرين أو دواء خفض الكولسترول أو خفض ضغط الدم، بدعوى أن الزنجبيل سيحقق الغاية نفسها.
- أن تكون كمية ما يتناوله المرء من الزنجبيل بشكل يومي كمية معتدلة، أي لا تزيد عن غرام واحد، أو نصف ملعقة شاي، من مسحوق الزنجبيل الجاف.
- أن يُخبر المريض طبيبه بأنه يتناول الزنجبيل بشكل يومي وكمية ذلك تقريباً.
وفي جانب سيولة الدم بالذات، هناك حالات مرضية تتطلب منع حصول تخثر الدم وتجلطه بسهولة في داخل الأوردة أو الشرايين، مما يتطلب تناول أنواع مختلفة من الأدوية لهذه الغاية. وتأثيرات الزنجبيل «المفترضة» على سيولة الدم تحصل عبر آليتين، الأولى هي إضعاف قدرة الصفائح الدموية للالتصاق على بعضها بعضاً عند تكوين خثرة التجلط الدموي. والآلية الثانية عبر إعاقة عمل المركبات الكيميائية التي تُوصف بـ«عوامل تكوين تخثر الدم». ولكنها بالجملة تأثيرات طفيفة، تتطلب عدم الإفراط في تناول الزنجبيل، وليس عدم تناول الزنجبيل بالمطلق.
وللتوضيح، تشير إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA إلى أن الزنجبيل من التوابل التي تم في بعض الدراسات الطبية ملاحظة أن له تأثيرات على قوة تخثر الدم، وبالتالي التسبب في زيادة سيولة الدم، وفي الوقت نفسه أشارت إلى أن دراسات أخرى لم تلاحظ أن للزنجبيل هذه التأثيرات على سيولة الدم. ولذا تنصح بضبط كمية الزنجبيل المتناولة من قبل عموم الناس، وعلى وجه الخصوص من قبل المرضى الذين يتناولون الأسبيرين أو الوارفرين أو أي أدوية أخرى لها علاقة بسيولة الدم، أو المرضى الذين سيذهبون لإجراء عمليات جراحية. كما تجدر ملاحظة أن تناول الزنجبيل ليس بديلاً لتناول الأدوية التي يصفها الطبيب لزيادة سيولة الدم أو لإعاقة التصاق الصفائح الدموية على بعضها بعضاً.

علماء ألمان يثبتون علميا فوائد الزنجبيل الصحية

أشارت مجلة «Molecular Nutrition & Food Research» العلمية، الى ان مجموعة من الباحثين الألمان بمعهد بيولوجيا النظم الغذائية بجامعة ميونيخ للتكنولوجيا اكتشفوا وجود مادة في الزنجبيل تنشط خلايا المناعة في الجسم، حيث قاموا باختبارات معملية لكمية صغيرة من مادة الجينجيرول (مركب كيميائي في الزنجبيل) اللاذعة الموجودة في الزنجبيل على مزارع الخلايا وراقبوا التفاعل الحاصل. وكما هو معروف عن هذه المادة انها تسبب الإحساس بالحدة التي يشعر بها المستقبِل TRPV1 الموجود على سطح الخلايا العصبية.
وتضمنت الخطوة الأولى في هذه الاختبارات تحديد المستقبل على سطح الخلايا الحبيبية المتعادلة، الذي يعتبر أهم عنصر في منظومة المناعة؛ وهذه الخلايا تشكل حوالى ثلثي خلايا الدم البيضاء وهي ضرورية لمحاربة مسببات الأمراض الخارجية. فيما تضمنت الخطوة الثانية وضع محاليل مختلفة التركيز لمادة الجينجيرول على سطح الخلايا. وفي الأخير اتضح للباحثين أن وضع حتى 15 ميكروغراما من المادة لكل لتر تكفي لجعل الخلايا المناعية في حالة تأهب قصوى. وأن استجابة الخلايا التي تعرضت لببتيد يحاكي العدوى البكتيرية كانت أقوى بنسبة 30 في المئة مقارنة بخلايا المجموعة الضابطة. لكن عند استخدام مثبطات لمستقبلات TRPV1 في التجربة توقف تأثير مادة الجينجيرول. وهذا يعني، وفق الباحثين «أنه حتى تركيز بسيط لمادة الجينجيرول له تأثير محفز لخلايا منظومة المناعة»، وذلك وفق ما نقل موقع «لينتارو» الروسي.

علماء ألمان يثبتون علميا فوائد الزنجبيل الصحية

أشارت مجلة «Molecular Nutrition & Food Research» العلمية، الى ان مجموعة من الباحثين الألمان بمعهد بيولوجيا النظم الغذائية بجامعة ميونيخ للتكنولوجيا اكتشفوا وجود مادة في الزنجبيل تنشط خلايا المناعة في الجسم، حيث قاموا باختبارات معملية لكمية صغيرة من مادة الجينجيرول (مركب كيميائي في الزنجبيل) اللاذعة الموجودة في الزنجبيل على مزارع الخلايا وراقبوا التفاعل الحاصل. وكما هو معروف عن هذه المادة انها تسبب الإحساس بالحدة التي يشعر بها المستقبِل TRPV1 الموجود على سطح الخلايا العصبية.
وتضمنت الخطوة الأولى في هذه الاختبارات تحديد المستقبل على سطح الخلايا الحبيبية المتعادلة، الذي يعتبر أهم عنصر في منظومة المناعة؛ وهذه الخلايا تشكل حوالى ثلثي خلايا الدم البيضاء وهي ضرورية لمحاربة مسببات الأمراض الخارجية. فيما تضمنت الخطوة الثانية وضع محاليل مختلفة التركيز لمادة الجينجيرول على سطح الخلايا. وفي الأخير اتضح للباحثين أن وضع حتى 15 ميكروغراما من المادة لكل لتر تكفي لجعل الخلايا المناعية في حالة تأهب قصوى. وأن استجابة الخلايا التي تعرضت لببتيد يحاكي العدوى البكتيرية كانت أقوى بنسبة 30 في المئة مقارنة بخلايا المجموعة الضابطة. لكن عند استخدام مثبطات لمستقبلات TRPV1 في التجربة توقف تأثير مادة الجينجيرول. وهذا يعني، وفق الباحثين «أنه حتى تركيز بسيط لمادة الجينجيرول له تأثير محفز لخلايا منظومة المناعة»، وذلك وفق ما نقل موقع «لينتارو» الروسي.

مركبات الزنجبيل اللاذعة تضع خلايا المناعة في حالة تأهب قصوى

ضمن تجربة علمية جديدة، طرح باحثون من معهد لايبنيز لبيولوجيا النظم الغذائية في جامعة ميونيخ للتقنية، آلية صحية جديدة تُعزز ما يتمتع به الزنجبيل Ginger من سمعة طيبة في تحفيز جهاز مناعة الجسم لمقاومة الميكروبات. وكان الباحثون الألمان قد نشروا دراستهم العلمية هذه ضمن عدد فبراير (شباط) الماضي من مجلة التغذية الجزيئية وبحوث الغذاء Molecular Nutrition & Food Research.
ووفق تجربتهم المختبرية الجديدة، تسبب تعريض خلايا الدم البيضاء WBC لكميات صغيرة من أحد مكونات الزنجبيل اللاذعة، في وضع خلايا المناعة هذه في حالة تأهب قصوى.

وأظهرت الدراسة أيضاً أن هذه العملية تتضمن تفاعل خلايا المناعة مع نوع من المستقبلات Receptors في اللسان، التي تلعب دوراً محورياً في إدراك المنبهات الحرارية المؤلمة والإحساس بالتوابل.
مركبات الزنجبيل
ووفق المعايير الشائعة لتقييم الجدوى الغذائية، لا تحتوي جذور الزنجبيل على كميات مهمة من المعادن أو الفيتامينات أو السكريات أو البروتينات أو الدهون. ولكن تأتي الفوائد الصحية للزنجبيل من احتوائه على عدد من المركبات الكيميائية ذات التأثيرات الحيوية في الجسم. ومنها زيوت طيّارة Volatile ذات نكهة ورائحة مميزة، وأخرى مركبات لاذعة Pungent. وتأتي النكهة العطرية والطعم اللاذع المميز للزنجبيل من احتوائه على مزيج من مركبات «زينغيرون» Zingerone، ومركبات شوغول Shogaols، ومركبات «جينجيرول» Gingerols، التي توجد في الزنجبيل بنسبة عالية، مقارنة بغيره (إلى حدّ نسبة 4 في المائة من كمية الوزن). كما يزداد تحريرها وتوفرها للامتصاص في الأمعاء، مع تعرّض الزنجبيل للحرارة (الطهو أو المشروب الساخن).
وكان باحثون من جامعة بوند في كوينزلاند أستراليا قد عرضوا، ضمن عدد يونيو (حزيران) الماضي من المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية Am J Clin Nutr، مراجعتهم العلمية بعنوان «الزنجبيل المتناول عن طريق الفم وصحة الإنسان: مراجعة شاملة». وقالوا في مقدمة عرضهم: «يبدو الاستهلاك الغذائي للزنجبيل آمناً، وقد تكون له آثار مفيدة على الإنسان ورفاهيته الصحية. وتدعم الأدلة العلمية الحديثة، الفوائد الصحية للزنجبيل، لمجموعة من الحالات والأعراض».
وقبل ذلك نشرت دراسة لباحثين من جامعة سيول الوطنية في كوريا وجامعة فيتنام الوطنية في هوشي منه، بعنوان «الزنجبيل على صحة الإنسان: مراجعة منهجية شاملة لـ109 دراسات»، في عدد 6 يناير (كانون الثاني) 2020 من مجلة المُغذّيات Nutrients. وفيها قال الباحثون: «تم إجراء عدد كبير من الدراسات الإكلينيكية لفحص تأثيرات الزنجبيل الصحية. وتم عزل ما يقرب من 100 مركب من الزنجبيل، التي ورد أنها تمتلك العديد من الأنشطة الحيوية. ونتيجة لذلك، تم اكتشاف العديد من الأنشطة البيولوجية ذات الصلة، مثل تلك المتعلقة بمضادات الأكسدة ومضادات الميكروبات ومضادات الالتهاب. وفي السنوات الأخيرة، تم توسيع دور الزنجبيل ليشمل مضادات السرطان، والغثيان والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي، وكذلك تحسين نوعية الحياة اليومية».
تحفيز الخلايا المناعية
وبالعودة إلى الدراسة الألمانية الحديثة، أفاد الباحثون أن تعريض خلايا الدم البيضاء لكمية ضئيلة من مركب Gingerol (أي ما يصل إلى الدم عادة وبشكل طبيعي بعد تناول كمية معتدلة من الزنجبيل)، أدى إلى تنشيط عمل خلايا المناعة في الدم.
واستهدف الباحثون في دراستهم تأثير مركبات الزنجبيل اللاذعة على نوعية خلايا «العدلات» Neutrophils من بين أنواع خلايا الدم البيضاء. وهي فصيلة من الخلايا ذات الصلة المباشرة بنشاط المناعة ومكافحة البكتيريا الغازية. وقالوا: «خلايا العدلات هي أكثر الكريات البيضاء وفرة في دم الإنسان، وتمثل 70 في المائة من جميع خلايا الدم البيضاء المنتشرة. إنها الخلايا المناعية الأولى، التي يتم تجنيدها في مواقع الإصابة؛ لذلك غالباً ما يشار إليها على أنها خط الدفاع الأول».
ومن جانب آخر ذي صلة، ذكر الباحثون أن الزنجبيل أصبح حالياً يتمتع بشعبية متزايدة في ألمانيا. ووفقاً لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني German Federal Statistical Office، تضاعف حجم الواردات السنوية من جذور الزنجبيل أربع مرات تقريباً خلال السنوات العشر الماضية، ليصل إلى نحو 32 ألف طن. وقالوا إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل «مستويات الاستهلاك العادية» Habitual Dietary Intake من الزنجبيل كافية لتحقيق آثار صحية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي المركبات والآليات الجزيئية التي تلعب دوراً في ذلك؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى فريق الباحثين الألمان، بقيادة الدكتورة فيرونيكا سوموزا، مديرة معهد لايبنيز في فريسينج بألمانيا والأستاذة في كلية الكيمياء بجامعة فيينا بالنمسا، بحثاً مكثفاً. وكانت نقطة البداية نتيجة أظهرتها دراسة تجريبية سابقة، وهي أن كميات كبيرة من مركبات الزنجبيل اللاذعة تظهر في الدم (بتركيزات في بلازما الدم من نحو 7 إلى 17 ميكروغراماً لكل لتر)، بعد نحو 30 إلى 60 دقيقة من تناول شاي الزنجبيل. والكمية في تلك التجربة كانت لتراً واحداً من شاي الزنجبيل.
ومن المعروف أن «المركب اللاذع»، مركب الجنجرول Gingerol، يمارس تأثيره في «المذاق» عبر «مستقبل» يُسمى علمياً TRPV1. وهي قناة أيونية تقع على سطح الخلايا العصبية للتذوق في الفم، وتستجيب للمركبات اللاذعة من الفلفل الحار والزنجبيل. ولكن اللافت للنظر، أن خلايا الدم البيضاء تمتلك على سطحها أيضاً هذا المستقبل العصبي. ولذا حاول الباحثون معرفة نوعية تفاعل خلايا الدم البيضاء مع مركب الجنجرول في الزنجبيل، وكيف سيؤثر على نشاط هذه الخلايا المناعية.
وفي النتائج أفاد الباحثون أن حتى التركيز المنخفض جداً (الذي يقارب 15 ميكروغراماً من الجنجرول لكل لتر) كان كافياً لوضع هذه الخلايا المناعية في حالة تأهب قصوى. واستجابت هذه الخلايا لتحفيز المركب اللاذع للزنجبيل، بقوة أكبر بنحو 30 في المائة في التعامل مع العدوى الميكروبية.
وعلقت الدكتورة غابي أندرسن، الباحثة المشاركة، بالقول: «وهكذا، على الأقل في التجارب، فإن تركيزات منخفضة جداً من الزنجبيل كافية للتأثير على نشاط الخلايا المناعية عبر مستقبل TRPV1. وفي الدم، يمكن نظرياً تحقيق هذه التركيزات عن طريق تناول شاي الزنجبيل». وأضافت الدكتورة فيرونيكا سوموزا قائلة: «لذلك، تدعم نتائجنا الافتراض القائل إن تناول كميات شائعة من الزنجبيل قد يكون كافياً لتعديل الاستجابات الخلوية لجهاز المناعة. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها على المستويات الجزيئية والوبائية والطبية، التي يجب معالجتها بمساعدة البحوث الغذائية والصحية الحديثة». وهو ما يفتح الباب لمزيد من الدراسات التطبيقية لهذا التأثير الإيجابي المحتمل في الجسم البشري حال التعرّض للعدوى الميكروبية.

الزنجبيل لتخفيف آلام المفاصل وغثيان الحوامل

> رغم أن الغالب في تفضيل الكثيرين لتناول الزنجبيل (كإضافة إلى الطعام أو المشروبات الساخنة) هو البحث عن الشعور بالدفء في برد الشتاء وتقوية جهاز مناعة الجسم لمقاومة الميكروبات، فإنَّ أقوى التأثيرات الصحية للزنجبيل هي في جوانب تهدئة الجهاز الهضمي وتخفيف الشعور بالغثيان ومنع القيء وتسكين آلام المفاصل وخفض ضغط الدم وضبط نسبة السكر في الدم.
وضمن دراسة المراجعة العلمية للباحثين الأستراليين (التي تقدم ذكرها)، أفادوا أنه بمراجعة نتائج 24 دراسة مراجعة منهجية سابقة حول الزنجبيل وتأثيراته الصحية، ثمة أدلة علمية قوية على تأثيرات الزنجبيل المضادة للقيء عند النساء الحوامل. وكذلك القيء الناجم عن العلاج الكيميائي.
هذا وتنصح الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد، بتناول الزنجبيل، كأحد العلاجات المنزلية الفاعلة والثابتة الجدوى في تخفيف مشكلة الغثيان والقيء لدى الحوامل. وتحديداً، يُشير الباحثون من جامعة ماريلاند إلى أن غراماً واحداً من الزنجبيل كافٍ خلال اليوم لتلك الغاية.
ولتخفيف الغثيان والقيء في حالات دوار غثيان الحركة «Motion Sickness»، يقول الباحثون من «مايو كلينك»: «ثمة عدد من الدراسات الطبية التي تشير إلى أن الزنجبيل أكثر فاعلية من معظم الأدوية المتوفرة لعلاج حالات (دوار غثيان الحركة). ومن هذه الدراسات ما تم على مجموعات من البحّارة، ومنها ما تم بالمقارنة ما بين الزنجبيل والعقاقير المستخدمة بشكل شائع لمعالجة مثل هذه الحالات».
وفي ميدان تأثيرات تسكين الألم، لاحظ الباحثون الأستراليون في مراجعتهم الحديثة أن الدراسات حول الزنجبيل شملت ثلاثة أنواع من الألم. وهي:
- آلام عسر طمث الحيض Dysmenorrhea، حيث كانت النتيجة الإجمالية دليلاً ثابتاً على وجود تأثير مُسكّن مفيد بمقدار متوسط إلى كبير. وأنه في هذا الجانب فعّال.
- آلام المفاصل المزمنة Osteoarthritis لدى كبار السن، وفيها قلل الزنجبيل بشكل ملحوظ من شدة الألم والإعاقة المرتبطة بالألم، مقارنة بالدواء الوهمي.
- آلام الصداع أو الصداع النصفي، حيث لم يجد التحليل العلمي أي تأثير ذي دلالة إحصائية للزنجبيل على استجابة العلاج مقارنة مع الدواء الوهمي.

الزنجبيل وأمراض القلب ومسبباتها
> وفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، يجدر عدم تجاوز تناول كمية 4 غرامات من الزنجبيل الطازج في اليوم الواحد، أي ما يعادل نحو غرام واحد من مسحوق الزنجبيل الجاف. وتزن ملعقة شاي من معجون الزنجبيل الطازج نحو 5 غرامات، بينما تزن ملعقة شاي من مسحوق الزنجبيل الجاف نحو غرامين.
ووفق ما تشير إليه العديد من المصادر الطبية، فإن المهم بالنسبة لمرضى القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، هو ثلاثة أمور، هي:
- ألا يتناول المرء الزنجبيل بديلاً لأي دواء علاجي، كالأسبرين أو دواء خفض الكولسترول أو خفض ضغط الدم، بدعوى أن الزنجبيل سيحقق الغاية نفسها.
- أن تكون كمية ما يتناوله المرء من الزنجبيل بشكل يومي كمية معتدلة، أي لا تزيد عن غرام واحد، أو نصف ملعقة شاي، من مسحوق الزنجبيل الجاف.
- أن يُخبر المريض طبيبه بأنه يتناول الزنجبيل بشكل يومي وكمية ذلك تقريباً.
وفي جانب سيولة الدم بالذات، هناك حالات مرضية تتطلب منع حصول تخثر الدم وتجلطه بسهولة في داخل الأوردة أو الشرايين، مما يتطلب تناول أنواع مختلفة من الأدوية لهذه الغاية. وتأثيرات الزنجبيل «المفترضة» على سيولة الدم تحصل عبر آليتين، الأولى هي إضعاف قدرة الصفائح الدموية للالتصاق على بعضها بعضاً عند تكوين خثرة التجلط الدموي. والآلية الثانية عبر إعاقة عمل المركبات الكيميائية التي تُوصف بـ«عوامل تكوين تخثر الدم». ولكنها بالجملة تأثيرات طفيفة، تتطلب عدم الإفراط في تناول الزنجبيل، وليس عدم تناول الزنجبيل بالمطلق.
وللتوضيح، تشير إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA إلى أن الزنجبيل من التوابل التي تم في بعض الدراسات الطبية ملاحظة أن له تأثيرات على قوة تخثر الدم، وبالتالي التسبب في زيادة سيولة الدم، وفي الوقت نفسه أشارت إلى أن دراسات أخرى لم تلاحظ أن للزنجبيل هذه التأثيرات على سيولة الدم. ولذا تنصح بضبط كمية الزنجبيل المتناولة من قبل عموم الناس، وعلى وجه الخصوص من قبل المرضى الذين يتناولون الأسبيرين أو الوارفرين أو أي أدوية أخرى لها علاقة بسيولة الدم، أو المرضى الذين سيذهبون لإجراء عمليات جراحية. كما تجدر ملاحظة أن تناول الزنجبيل ليس بديلاً لتناول الأدوية التي يصفها الطبيب لزيادة سيولة الدم أو لإعاقة التصاق الصفائح الدموية على بعضها بعضاً.