ارتفاع الكوليسترول العائلي خطر يهدد المراهقين

التشخيص الجيني الوراثي يرصد المرض مبكراً

ارتفاع الكوليسترول العائلي خطر يهدد المراهقين
TT

ارتفاع الكوليسترول العائلي خطر يهدد المراهقين

ارتفاع الكوليسترول العائلي خطر يهدد المراهقين

تُعد زيادة الكوليسترول العائلي في الدم (familial hypercholesterolaemia) واحدة من أهم المشكلات الصحية التي تهدد صحة الأطفال والمراهقين في المستقبل. ويصاب بالمرض على وجه التقريب شخص من كل 311 على مستوى العالم.

والمرض خلل وراثي يسبب ارتفاع مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) وبالتالي زيادة خطر الإصابة المبكرة بتصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية. وفي الأغلب يتم تشخيص المرضى في الأربعينات من العمر بعد أن يكونوا قد أُصيبوا بالفعل بتصلب الشرايين. ولا يتم تشخيص المرض في مرحلة الطفولة إلا في نسبة لا تتعدى 2.1 في المائة فقط.

كوليسترول عائلي

وحسب أحدث دراسة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، في دورية «لانست» الطبية (The Lancet) يلعب الاكتشاف المتأخر لارتفاع الكوليسترول العائلي دوراً كبيراً في حدوث جلطة مبكرة في عضلة القلب (early myocardial infarctions)، لذلك هناك ضرورة لرصد هذه الزيادة بشكل مبكر حتى يمكن تلافي آثارها الضارة وعلاجها بالشكل الأمثل.

في الدراسة الحالية قام الباحثون بتحليل البيانات المتعلقة بالأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وتم تشخيصهم بارتفاع الكوليسترول العائلي في الدم، وذلك اعتماداً على بيانات دولية متعددة نتيجة لدراسات شارك فيها باحثون من 48 دولة، واستمرت من أكتوبر (تشرين الأول) 2015 إلى يناير (كانون الثاني) 2021، شملت جميع الخصائص المتعلقة بزيادة الكوليسترول على المستوى الديموغرافي والتحاليل المختبرية والأعراض الإكلينيكية، وأيضاً التاريخ العائلي للمراهقين.

وركز الباحثون بشكل أساسي على المعلومات الوراثية والأعراض والعلامات الإكلينيكية، مع إعطاء الأفضلية للتشخيص الوراثي بطبيعة الحال. واستبعدت الدراسة الأفراد الذين لديهم مستويات من الكوليسترول منخفض الكثافة (الضار LDL) التي تشير إلى الزيادة العائلية؛ وذلك لأن الهدف الأساسي كان تقييم مدى كفاءة الطرق الحالية في التشخيص المبكر للأطفال والمراهقين.

تم إنشاء قاعدة بيانات كبيرة وتقسيمها حسب فئة البحث، حيث شملت العمر والبلد والحالة الاقتصادية للدولة، وجودة الرعاية الصحية بها، مع التركيز على النسب المتوسطة للكوليسترول منخفض الكثافة، مع الأخذ في الاعتبار الفروق الفردية، وطبيعة الغذاء، وحالة الأفراد الاجتماعية والاقتصادية، وأيضاً تم تحديد تأثير ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية (triglyceride) على نسب الكولسترول LDL لهؤلاء الذين لا يتناولون أدوية لخفض الدهون.

تشخيص وراثي

وجدت الدراسة أنه من بين ما يقرب من 63 ألف شخص من الذين تم تشخيصهم بارتفاع الكوليسترول العائلي كان هناك 12 ألف طفل ومراهق تحت عمر 18 عاماً مصابون، ومعظمهم من دول أوروبا ونصفهم تقريباً من هولندا.

وعلى وجه التقريب، كان أكثر من 96 في المائة من مجموعة الدراسة من البلدان ذات الدخل المرتفع، ومعظمهم تم تشخيصهم بشكل مؤكد وراثياً بزيادة الكوليسترول العائلي، ومنهم نسبة بلغت 10 في المائة فقط هم الذين تم تشخيصهم تبعاً للأعراض الإكلينيكية.

وكان انتشار التشخيص الجيني الوراثي أعلى بكثير في الدول الغنية منه في الدول الفقيرة، وكان متوسط عمر الأطفال وقت الدراسة وتشخيص الارتفاع هو 9.6 سنة، ولم يكن هناك أي فرق بين الذكور والإناث في نسب الإصابة.

كانت عوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية نادرة، وازدادت مع التقدم في العمر. ولاحظ الباحثون وجود اختلافات مرتبطة بالتوزيع الجغرافي والأحوال الاقتصادية. وعلى سبيل المثال، كانت الأعراض الخاصة بإصابة الشرايين التاجية أكثر انتشاراً في البلدان التي تعاني من انخفاض الدخل.

الاكتشاف المتأخر لارتفاع الكوليسترول العائلي يلعب دوراً كبيراً في حدوث جلطة مبكرة في عضلة القلب

عند بداية الدراسة، لم يكن 71.6 في المائة من الأطفال والمراهقين يتناولون أي أدوية لخفض الدهون، وكانت مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (الضار LDL - C) أعلى في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وثلاثة أعوام، ولم تختلف بشكل كبير تبعاً للجنس أو الحالة الاقتصادية للبلد، ولم يكن هناك أي ارتباط بين مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة والدهون الثلاثية.

لاحظ الباحثون وجود اختلافات في تشخيص زيادة الكوليسترول العائلي بناءً على معايير التشخيص المستخدمة في كل دولة. وعلى سبيل المثال كان الأطفال الذين تم تشخيصهم باستخدام المعايير الإكلينيكية في هولندا لديهم متوسط تركيز من الكوليسترول منخفض الكثافة أعلى، مقارنة بالنسب التي تم تحديدها من خلال الاختبارات الجينية. وعلى العكس من ذلك، كان الأطفال الذين تم تشخيصهم تبعاً لمعايير جمعية تصلب الشرايين اليابانية (JAS) لديهم نفس المستويات من الكوليسترول في الأطفال الذين تم تشخيصهم من خلال الاختبارات الجينية، ما يعنى أن معايير التشخيص في كل دولة يمكن أن تغفل عدداً من المرضى يمكن حمايتهم في حالة تشخيصهم بشكل مبكر.

أوضح العلماء أن معظم المشاركين لا يتناولون علاجاً لخفض الكوليسترول، وذلك راجع في الأغلب لعدم تشخيصهم وحداثة أعمارهم، وهناك نسبة بلغت ثلث المشاركين فقط هم الذين تم وصف علاج لهم، وهذه النسبة زادت مع التقدم في العمر. وفي الأغلب كان العلاج الأكثر شيوعاً عن طريق عقاقير ستاتن (statins) بأنواعها المختلفة، وكان العلاج المركب من الستاتين والإزيتيميب (ezetimibe) أكثر فاعلية في خفض مستويات الكوليسترول الضار، مقارنة بالعلاج بدواء واحد فقط، وعلى وجه التقريب، لم يختلف بروتوكول العلاج بشكل كبير حسب الجنس أو الحالة الاقتصادية للبلد.


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)
صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)
TT

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)
صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

يعد الذكاء الاصطناعي (AI) مجالاً زاخراً بالأمل والوعد الكبير للتعلم العميق، خصوصاً في المنطقة الواقعة عند تقاطع علم الأعصاب وعلم الأورام، وكلاهما مجال صعب معروف بتعقيده المتأصل.

وأوضحت دراسة جديدة نُشرت في دورية «Biology Methods & Protocols» الصادرة عن جامعة أكسفورد كيف يمكن لـ«المزيج الفريد» من الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير (XAI)، وإعادة استخدام «خوارزمية الكشف عن الحيوانات المموهة» أن يحدد سرطان الدماغ البشري، وفقاً لما نشره موقع «سيكولوجي توداي» المَعنيّ بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

وتم تطوير «خوارزمية الكشف عن الحيوانات المموهة» لاكتشاف الكائنات المموهة، وتحديد وتجزئة الكائنات التي تمتزج بسلاسة مع محيطها، وهو الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً لأنظمة الرؤية الحاسوبية.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور أراش يازدانباخش، الأستاذ المساعد في قسم العلوم النفسية والدماغية في جامعة بوسطن، إن «هذا البحث هو الأول من نوعه الذي يستخدم الخوارزميات في تدريب الذكاء الاصطناعي على مهمة الكشف عن الأورام وتصنيفها».

ووفق «سيكولوجي توداي»، فإن ما يميز الدراسة الحالية هو تحويل الذكاء الاصطناعي من اكتشاف الحيوانات المموهة إلى العثور على أورام الدماغ في «صور الرنين المغناطيسي».

وتقول الدراسة: «على الرغم من أن مهام اكتشاف الحيوانات المموهة وتصنيف أورام المخ تتضمن صوراً مختلفة، فإنه قد يكون هناك تشابه بين حيوان يختبئ من خلال التمويه الطبيعي وحزمة من الخلايا السرطانية تمتزج مع الأنسجة السليمة المحيطة».

وافترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي جرى تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعّال للكشف عن أورام المخ من بيانات الصور التي تم الحصول عليها بشكل غير جراحي من فحوصات الدماغ بالتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).

وفي جميع أنحاء العالم، شكَّلت سرطانات المخ والجهاز العصبي المركزي أكثر من 321 ألف حالة إصابة جديدة و248 ألفاً و500 حالة وفاة في عام 2022، وفقاً لتقرير المرصد العالمي للسرطان الصادر عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

وليست كل أورام المخ مميتة؛ حيث تم تحديد أكثر من 150 نوعاً مختلفاً من أورام المخ، وفقاً للجمعية الأميركية لجراحي الأعصاب. وما يقدَّر بنحو 27.9 في المائة، أي ما يقرب من ثلث أنواع أورام المخ والجهاز العصبي المركزي هي أورام سرطانية، المعروفة أيضاً بالأورام الخبيثة، وفقاً للجمعية الأميركية لأورام الدماغ.