الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي

دراسة تحذر من انتشار النفور الاجتماعي من المصابين به

الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي
TT

الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي

الصورة النمطية لحَب الشباب وأثرها النفسي

بصرف النظر عن توافر المعلومات الطبية في العصر الحالي عن طبيعة أي مرض وطرق الإصابة به والشفاء منه وإمكانية انتقاله من شخص إلى آخر، فإن المرضى الذين يعانون من أمراض جلدية تترك أثراً واضحاً على الوجه مثل «حَب الشباب (Acne)» ما زالوا يجدون أنفسهم في معاناة نفسية كبيرة من «الوصم المجتمعي (societal stigma)»، وفق أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي في مجلة «الرابطة الطبية الأميركية للأمراض الجلدية (JAMA Dermatology)»، وقد تناولت الأثر النفسي لحَب الشباب.

حَب الشباب

حَب الشباب يمكن أن يصيب أي مرحلة عمرية، ولكن في الأغلب يكون المراهقون الفئة الأكثر إصابة بالمرض. وربما يكون ذلك راجعاً للتغيرات الهرمونية. ويمكن أن توجد هذه الحبوب في مناطق مختلفة من الجسم مثل الصدر وأعلى الكتفين والجبهة، ولكنها تكون مركزة في الوجه معظم الأحيان، حيث تظهر على شكل حبوب فوق سطح الجلد لها رأس أسود أو أبيض، ويمكن أن يحدث فيها بثور ونتوءات، والمرض يصيب الفتيات أكثر من الذكور.

خلافاً للتصور العام لا يُعد حَب الشباب مرضاً في حد ذاته؛ لأنه يحدث عندما يكون هناك انسداد لبصيلات الشعر نتيجة الدهون أو خلايا الجلد السطحية الميتة مع زيادة إفراز الهرمونات في بعض الأفراد. وتلعب الحالة النفسية الدور الأهم في الشفاء من المرض؛ لأنه في أغلب الأحيان ينتهي من تلقاء نفسه مع بلوغ المراهقين سن الشباب وتقريباً قبل 25 عاماً. وهناك بالطبع علاج يعتمد على المراهم وبعض الأقراص، ولكن كلما كانت معنويات المراهق منخفضة زادت شدة المرض. وبعض الأنواع منه يمكن أن تترك أثاراً دائمة على الوجه «Nodular acne».

أوضحت الدراسة أن كثيرين يعتقدون أن المرض ناتج من عدم النظام أو عدم الاهتمام بالجلد بشكل كافٍ؛ ما يؤدي إلى النظرة السلبية للمرضى، بجانب أن الحبوب يمكن أن تؤثر في ملامح الوجه بالسلب، ما يضاعف من الضغوط النفسية على المراهق.

وقام الباحثون بعمل بحث على الإنترنت عن النظرة المجتمعية عن حَب الشباب من خلال عرض 4 صور لمراهقين جرى تعديلها رقمياً، ما أدى إلى إجمالي 12 صورة نهائية. وهذه الصور كانت لإناث وذكور من ذوي البشرة البيضاء والداكنة لديهم حَب شباب خفيف أو شديد الحدة «severe form»، بالإضافة إلى صورهم الأصلية التي كانت خالية من الحبوب.

تصورات اجتماعية

قام الباحثون بعد ذلك بعرض الصور بشكل عشوائي على عينة من المجتمع بلغت نحو 1360 مشاركاً، وكان متوسط عمر المشاركين في الدراسة 42 عاماً تقريباً، ومنهم 68 فى المائة من الإناث. ومعظم المشاركين كانوا من ذوي البشرة البيضاء، وأغلبهم على قدر عالٍ من التعليم، وقد اختيروا من منصة للأبحاث عبر الإنترنت «Research Match online platform»، وعُرضت الصور ثم سئلوا عن انطباعهم عن الشخص الظاهر في الصورة وموقفهم منه.

وجدت الدراسة أن أكثر من 25 في المائة من المشاركين يرون أن حَب الشباب مشكلة تجميلية، بمعنى أنها عيب واضح يجب علاجه، وهو رأى منطقي بطبيعة الحال. ومع ذلك معظم هيئات التأمين الطبي ترفض تغطية علاج الحبوب على أساس أنها ليست مشكلة طبية من الأساس، وهي ملحوظة هامة يجب على المجتمعات الطبية وضعها في الحسبان؛ لأن التكلفة الاقتصادية للعلاج لا توضع في الحسبان.

وعلى الرغم من إجماع نسبة من المشاركين بلغت 75 في المائة على أن حَب الشباب يمكن أن يختفي تماماً من تلقاء نفسه، فإنهم يرون أنه لا يزال مصدراً للنفور الاجتماعي والوصم المجتمعي الموجه نحو الضحية، خصوصاً بين أصحاب البشرة الداكنة.

وبالنسبة لصور الأشخاص الذين يعانون من «حَب الشباب الشديد (severe acne)»، ذكر معظم المشاركين أنهم يفضلون أن يكون هناك تباعد اجتماعي بينهم وبين المراهقين الذين يعانون من الحبوب الشديدة. بالإضافة إلى ذلك أعرب المشاركون عن عدم تفضيلهم أن يكونوا أصدقاء لشخص يعاني من حَب الشباب الشديد، مقارنة بشخص لا يعاني من حب الشباب على الإطلاق. والغريب أن عدم الرغبة في التعامل مع «المرضى» امتد ليشمل حتى المجالات العادية للتفاعل الاجتماعي، مثل عدم التوظيف، أو الظهور بالقرب من المريض في حافلة أو ما إلى ذلك.

الحالة النفسية الجيدة تلعب الدور الأهم في الشفاء

أوضح الباحثون أن لون البشرة كان عاملاً إضافياً هاماً في النظرة المجتمعية السلبية والرغبة في التباعد والصورة النمطية للمرض. وعلى سبيل المثال فإن المراهقين أصحاب البشرة الداكنة وفي الوقت نفسه يعانون من حَب الشباب الشديد كانوا أكثر عرضة لخطر الأحكام المسبقة عليهم لمجرد مظهرهم المختلف بأنهم عديمو النظافة وأغبياء وغير محبوبين وغير ناضجين بشكل كافٍ، ولا يمكن الثقة بهم، وحتماً سيجدون صعوبة أكبر في أن يصبحوا مقبولين من قبل الآخرين. وفي المقابل لم يكن لجنس الفرد أي تأثير واضح على نظرة المجتمع.

كان المشاركون الذين عانوا من حَب الشباب سابقاً أكثر تعاطفاً مع المصابين، وكانت نظرتهم لهم أقل سلبية. والغريب أن الدراسة وجدت أن التحيز ضد المصابين بحَب الشباب يكاد يكون موضع اتفاق على الرغم من الاختلافات في العِرق والجنس والمهنة، حتى أنه جرى الإبلاغ عنه بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يفترض بهم معرفة كل الحقائق حول المرض.

وأوصت الدراسة بضرورة نشر الوعي الصحي؛ حتى يمكن تجنب النزعة العنصرية والمتحيزة ضد المرضى، ما ينعكس بالإيجاب على نفسيتهم، ويساعدهم في التخلص من آثار الحبوب.

• استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري
TT

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري

التمور مصدر جيد للكربوهيدرات، وتحتوي على كميات عالية من الألياف الصحية، وعديد من الفيتامينات والمعادن، ومع ذلك، نظراً لحلاوة المحتوى الكربوهيدراتي العالي في التمر، فإن أحد الأسئلة التي تتكرّر كل عام مع موسم جني الرطب والتمور هو: هل يمكن لمرضى السكري إضافة التمر إلى نظامهم الغذائي؟

وأساس تكرار طرح هذا السؤال هو النصيحة الطبية الفولكلورية القديمة بضرورة «تجنّب» أو «امتناع» مريض السكري عن تناول التمر أو الرطب، وأن تناول التمر أو الرطب سيتسبّب «لا محالة» باضطرابات في ضبط سكر الدم.

بضع تمرات لوجبة خفيفة

التمرة أو الرطبة ليست «قطعة» حلوى عامرة بالسكريات فقط، بل التمرة أو الرطبة هي ثمرة مكوَّنة من أجزاء، ولها مراحل في النضج، وتحتوي على مزيج من الألياف والسكريات والمعادن والفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة، ولفيف من المركبات الكيميائية الصحية، إضافةً إلى الماء. والسكريات الموجودة في التمرة أو الرطبة ليست غلوكوزاً فقط، بل ثمة أنواع أخرى من السكريات التي تأخذ مسارات منفصلة عن الغلوكوز في الهضم والامتصاص، وفي آلية تَلقّي الخلايا لها، وفي كيفية استهلاكها لإنتاج الطاقة.

هذا بالإضافة إلى أن التمور اليوم أصبحت «فاكهة عالمية»، وليست فقط «محلية»، وهي تحتاج من الباحثين الطبيّين مزيداً من الدراسات حول مكونات الأنواع المختلفة منها، وفوائدها الصحية، وكيفية الحصول على تلك الفوائد، وانتقاء أنواع منها، دون التسبّب بأي اضطرابات واضحة في ضبط سكر الدم لدى مرضى السكري.

ولذا يمكن لتوزيع تناول «بضع تمرات» خلال اليوم، أن يكون «وجبة خفيفة» آمنة ومناسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري. وبالاعتدال في تناول هذه التمرات أو الرطبات، ووفق عدة ضوابط سيتم ذكرها لاحقاً، من غير المحتمل أن يتسبّب ذلك بارتفاع كبير في نسبة السكر في الدم، أو اضطراب في ضبط معالجة حالات مرض السكري.

سكريات ومُحلّيات طبيعية

وإليك النقاط الـ9 التالية المتسلسلة في السرد، حول تناول مريض السكري للتمر أو الرطب:

1.أنواع السكريات والمُحَلّيات الطبيعية... تتوفر «سكريات طبيعية» (Natural Sugars) في أنواع مختلفة من المنتجات الغذائية الطبيعية، كالعسل والتمر وعموم الفواكه، وهنا تمتزج هذه السكريات مع حزمة أخرى من العناصر الغذائية الصحية المفيدة جداً، مثل الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة، ومركبات مضادة للميكروبات، ومعادن، مثل: الحديد والزنك والكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم.

وبالمقابل هناك «مُحَلّيات طبيعية» (Natural Sweeteners)، كالسكر الأبيض (أو السكر البني) المستخلَص من القصب أو الشمندر أو غيره، ويُسمى «السكر المُضاف». والإشكالية الصحية اليوم هي في تداعيات استهلاك كميات كبيرة من «السكر المُضاف»، الذي ليس له أي فوائد غذائية؛ نظراً لخلوّه من العناصر الغذائية الصحية المرافقة، وتتفاقم الإشكالية في نفس الوقت بتدنّي تناول الفواكه الطبيعية للحصول على السكريات الطبيعية، المتوفرة مع عناصر غذائية مفيدة في العسل أو التمر أو الفواكه الأخرى، كما أن بعض مرضى السكري، وعند رفعهم لتناول الفواكه الطبيعية كالتمر، لا يُخفّضون من تناولهم للسكر الأبيض، أو للمصادر الأخرى للكربوهيدرات، كالخبز أو المعجّنات أو الأرز أو المعكرونة وغيرها.

2.تناول السكر وتأثيراته... بالنسبة للأفراد الذين يعانون من مرض السكري، تلعب الخيارات الغذائية دوراً حاسماً في الحفاظ على مستويات السكر في الدم بحالة مستقرة ومستهدفة علاجياً، ولذا فإن «ضبط» تناول «السكريات الطبيعية» و«المُحلّيات الطبيعية» أمر مهم في معالجة مَن لديهم بالفعل مرض السكري.

وبالمقابل، فإن تناول «السكريات والمُحلّيات الطبيعية» لا علاقة له بشكل «مباشر» بتعرّض الأصحاء من الناس (الذين ليس لديهم مرض السكري) للإصابة بمرض السكري، ولا يوجد أي دليل علمي وإكلينيكي على أن مرض السكري سينتج «مباشرة» عن تناول السكر، وتقول «جمعية السكري البريطانية»: «إننا نعلم أن السكر لا يسبّب مرض السكري من النوع 2 بشكل مباشر، إلا أنك أكثر عُرضةً للإصابة به إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، ويزداد وزنك عندما تتناول الأطعمة والمشروبات السكرية، المحتوية على الكثير من السعرات الحرارية». من جهتها توضّح «جمعية القلب الأميركية»: «لا تُسهم السكريات المضافة بأي مواد مُغذّية (مفيدة للجسم)، ولكن غالباً ما تحتوي على سعرات حرارية مضافة، يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن أو السمنة»، وتُوصي قائلة: «يجب الحد من السكريات المضافة بما لا يزيد عن 6 في المائة من السعرات الحرارية يومياً»، أي بالنسبة للنساء حوالي 6 ملاعق صغيرة، وللرجال حوالي 9 ملاعق صغيرة من السكر.

التمر ومرضى السكري

3.الاعتدال في تناول التمر... يمكن للتمر، بسبب محتواه العالي من السكر الطبيعي، أن يؤثر بشكل كبير على نسبة السكر في الدم. ومع ذلك فهو يوفر أيضاً عدداً من العناصر الغذائية الأساسية الصحية والألياف التي يمكن أن تخفّف من بعض الآثار السلبية لتناوله. ويظل الأساس هو فهم كيفية تأثير التمر على مستويات السكر في الدم لدى مريض السكري، وكيفية دمج تناوله في نظام غذائي مناسب لمريض السكري.

وهذا أمر بالغ الأهمية لأولئك الذين يتطلّعون إلى الاستمتاع بهذه الفاكهة دون المساس بصحتهم، ولذا عند طرح سؤال: هل يأكل مرضى السكري التمر؟ فإن الإجابة: نعم، يمكن لمرضى السكري تناول التمر، وهو صحي لهم، لكن الأمر ليس على إطلاقه، بل الاعتدال في كمية التناول هو المفتاح، ويحتاج مرضى السكري إلى مراقبة أحجام حصصهم الغذائية من التمر الذي يتناولونه، عبر دمج التمر في نظام غذائي متوازِن وفق استشارة مقدِّم الرعاية الصحية.

4.استشارة إخصائي التغذية... قبل إجراء مرضى السكري أي تغييرات كبيرة على نظامهم الغذائي، مثل الإكثار من تناول التمر، يجدر استشارة مقدّم الرعاية الصحية أو إخصائي التغذية المعتمَد، ويمكن لهؤلاء المتخصصين تقديم إرشادات وتوصيات شخصية بناءً على الاحتياجات والأهداف العلاجية الفردية، ووفق مدى انضباط حالة السكري لدى كل مريض، ومدى حصول أي ضرر من مضاعفات السكري على الأعضاء المستهدَفة بالضرر لديهم «Target Organs Damage»، كالقلب والكُلى والأعصاب وشبكية العين، أي أنه يجب على مرضى السكري أن يكونوا على دراية بكمية استهلاكهم الإجمالي للكربوهيدرات طوال اليوم، ووفق تعديل ذلك يمكنهم اتخاذ خيارات مدروسة تمكّنهم من الاستمتاع بالتمر، وإضافته في نظامهم الغذائي، هذا مع مراقبة مستويات السكر في الدم بشكل منتظم، بصفته أمراً ضرورياً للأشخاص المصابين بمرض السكري، بما يسمح لهم بإجراء تعديلات في نظامهم الغذائي وأدويتهم حسب الحاجة.

تناول الطعام بوعي

5.التناول بوعي ذهني... المهم هو «تناول الطعام بوعي» (Mindful Eating)، أي يجب على مرضى السكري ممارسة تناول الطعام بوعي، خصوصاً عند تناول التمور، فبدلاً من تناول كمية كبيرة دفعة واحدة، من الأفضل تناول التمور بكميات محكومة، وهذا يساعد على منع ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مُفرِط، ويعزّز التحكم بنسبة السكر في الدم بشكل أفضل.

ولذا عندما يقول الطبيب لمريض السكري: يمكنك تناول التمر، فإن الرسالة لا تعني فتح الباب على مصراعيه، وهذا مما لا يقوله الأطباء، بل هو موجَّه لمريض سكري حريص على ضبط معدلات سكر الدم لديه، ولكنه في نفس الوقت «يشتهي» تناول «بضع» تمرات في اليوم، أي مع الحرص على الاعتدال في التناول وفق خفض متوازِن، وفي نفس الوقت يتناول أطعمة أخرى تحتوي على الكربوهيدرات. وأيضاً وفق ضبط وقت التناول، ومدى امتلاء المعدة بالطعام أو خلوّها منه.

6.توزيع تناول التمر... يبلغ حجم الحصة الغذائية النموذجية (Serving Size) من التمر حوالي 2 - 4 ثمرة، حسب الحجم والنوع. ومن الضروري لمرضى السكري أن ينتبهوا إلى حجم الحصص، وتجنّب تناول كميات كبيرة من التمر في جلسة واحدة؛ لأن هذا قد يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر بالدم. وللتأكيد، فبدلاً من تناول التمور دفعة واحدة، وعلى معدة خالية، وفي فترة الصباح قبل تناول الفطور، من الأفضل توزيع استهلاكها على مدار اليوم، وهذا حتماً سيساعد في منع الارتفاع السريع في مستويات السكر بالدم، وسيسمح بالتحكم في نسبة السكر في الدم بشكل أفضل، كما أن تناول التمر مع الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، يمكن أن يساعد في إبطاء امتصاص السكريات، وتعزيز التحكم في نسبة السكر بالدم، كما يوفر هذا المزيج عناصر غذائية إضافية، ويعزّز الصحة العامة.

7.إضافات تعيق امتصاص السكريات... تناوُل التمر مع إضافات تُعيق أو تُبطئ امتصاص السكريات أمر مهم، ولذا ابتداءً، يُنصَح مرضى السكري وغيرهم بتناول الكربوهيدرات المعقّدة والممتزجة بالألياف، كالحبوب الكاملة في الخبز الأسمر أو الشوفان؛ لأن ارتفاع نسبة السكر في الدم نتيجة لتناولها أبطأ، ولا يتسبّب بارتفاعات سريعة وعالية في نسبة سكر الدم، ولذا فإن مزج التمرة بقليل من المكسّرات (التمر المحشو باللوز مثلاً)، أو بقليل من السمسم (حبوب السمسم أو طحينة السمسم مثلاً)، أو بقليل من اللبن (لبن الزبادي أو الأقط)، أو بـ«قليل جداً» من دهون الزبدة أو السمن المباشرة (وبإضافة طحين حبوب القمح الكاملة، كما في الحيسة أو الحنيني)، يتسبّب في بطء إفراغ المعدة من الطعام، وبالتالي بطء وصول سكريات التمر إلى الأمعاء، والنتيجة بطء ارتفاع نسبة السكر في الدم جرّاء تناول التمر، وهنا يجدر حساب كميات السعرات الحرارية في تلك الإضافات الدهنية.

التمر مصدر صحي يمكن لمرضى السكري تناوله بشكل معتدل

أنواع التمور

8.اختلاف كميات السكريات... أنواع التمر ليست سواءً في حجمها، تلك حقيقة، ولكن ربما أيضاً ليست سواءً في محتواها من السكريات، وصحيح أن بعض الدراسات حول محتوى الأنواع المختلفة من التمور أفادت بأنها - وبغض النظر عن حجمها - بالفعل مختلفة في كمية السكريات، ولكن تلك الاختلافات لا تجعل من تناول التمر بالمطلق أمراً لا يتطلّب استشارة المتخصص في التغذية، أو التنبه إلى احتمالات تسبّب الإكثار من تناول التمر باضطرابات في ضبط نسبة الدم. وذكرت أيضاً دراسات أخرى أن النوع الواحد من التمور الذي له اسم محدّد، يختلف في محتواه من السكريات باختلاف المنطقة الجغرافية التي تمت زراعته فيها، ولذا يجدر مراجعة نتائج تحاليل معتمَدة حول محتوى السكريات في أنواع التمور التي توجد في المناطق المختلفة. وبناءً على ذلك يمكن للمرء في بعض الظروف أن ينتقي كمية معتدلة من الأنواع التي يُفضّل تناولها، وهذا وإن كان يجدر بمريض السكري أن يتنبه له بعناية، فإن الأصحاء أيضاً يجدر بهم ذلك.

9.ألياف التمور... أنواع التمور تختلف كذلك في كمية محتواها من الألياف، وهذا أمر مهم للغاية لمريض السكري، وإضافةً إلى دور الألياف في المحافظة على حركة طبيعية للأمعاء، وحفظ صحة جيدة للأمعاء، وتسهيل الإخراج، ودورها في خفض امتصاص الأمعاء للكوليسترول، ودورها في إطالة أمد الشعور بالشبع، والمساهمة في خفض الوزن، فإن الألياف أيضاً تُسهم في ضبط نسبة سكر الدم.

وللتوضيح، فإن أحد أضرار تناول السكريات وهي بهيئة سهلة الامتصاص، هو الارتفاع السريع في نسبة سكر الغلوكوز بالدم. وتكرار حصول هذا الأمر يضرّ بمرضى السكري، وهنا تقدّم لنا الألياف الغذائية الممزوجة بالأطعمة السكرية وسيلةً للوقاية من الارتفاع السريع في نسبة السكر بالدم، ووسيلة لوقاية البنكرياس من الإنهاك، وذلك لأن الألياف تُبطئ من عملية امتصاص الأمعاء للسكريات، وبالتالي لا يحصل الارتفاع السريع في نسبة سكر الغلوكوز بالدم، ولذا فإن انتقاء أنواع التمر أو الرطب الغني بالألياف خطوة ذكية جداً من قِبل مريض السكري، ويمكن بالبحث معرفة أنواع التمور الغنية بالألياف من بين أنواع التمور المتوفرة في محيط الشخص.