تشخيص التوحد بواسطة الذكاء الاصطناعي

نظام يرصد المسارات العصبية داخل المخ بدقة عالية

تشخيص التوحد بواسطة الذكاء الاصطناعي
TT

تشخيص التوحد بواسطة الذكاء الاصطناعي

تشخيص التوحد بواسطة الذكاء الاصطناعي

من المعروف أن التدخل السلوكي يُعدّ العلاج الأمثل للأطفال مرضى التوحد autism، وكلما كان مبكراً كانت النتائج أفضل بطبيعة الحال؛ ولذلك هناك أهمية كبيرة لرصد الحالات بشكل مبكر.

وفى أحدث دراسة بحثية عن تشخيص حالات التوحد، نجح باحثون من جامعة لويزفيل University of Louisville بالولايات المتحدة في تطوير نظام ذكاء اصطناعي (AI) يتمتع بدقة كبيرة جداً في التشخيص تصل إلى 98.5 في المائة، وهى نتيجة شبه مثالية، على حد تعبير العلماء.

ذكاء اصطناعي يرصد المسارات العصبية

استخدم الباحثون نظام الذكاء الذي تم تطويره لتحليل صور أشعات معينة للرنين المغناطيسي (MRI) متخصصة في رصد نشاط المخ، وذلك لأطفال تتراوح أعمارهم بين عامين وأربعة أعوام مصابين بالتوحد. وسوف يتم عرض هذه النتائج الأسبوع المقبل في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية للأشعة (RSNA) في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، ثم تُنشر في المجلات العلمية.

ضم الفريق الباحث المصري محمد خضري، وهو باحث زائر في جامعة لويزفيل، كجزء من فريق متعدد التخصصات طوّر نظاماً ثلاثي المراحل لتحليل أشعات الرنين المغناطيسي الوظيفي عن طريق تقنية خاصة للكشف عن مسار التوصيلات العصبية في المخ، ومن خلال هذا الكشف يمكن معرفة المسارات العصبية الطبيعية والتي تشكّل سلوكاً مرضياً.

كشف خلل التوصيلات

يقوم الذكاء الاصطناعي بعمل فصل للصور الخاصة بالنسيج الطبيعي للمخ عن الصور الخاصة برصد نشاط المسارات العصبية المختلفة داخل خلايا. وعن طريق التعلم الذاتي للآلة machine learning يستطيع الجهاز عمل المقارنة بين نمط مسار الوصلات العصبية في خلايا مخ الأطفال المصابين بالتوحد مع مسارات التوصيلات العصبية الطبيعية في المخ؛ لأن التوحد يقوم بعمل خلل في التوصيلات بشكل أساسي، ومن هنا يحدث ضعف القدرة على التواصل مع الآخرين.

دقة عالية للرصد في سن مبكرة

أجرى الفريق التجربة على 226 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 24 و48 شهراً، وكان من بينهم 126 طفلاً مصابون بالتوحد و100 طفل طبيعيون. وأظهرت التجربة حساسية الجهاز في رصد الحالات المصابة بنسبة إجمالية بلغت 98.5 في المائة تبعاً للتشخيصات السابقة التي تم إجراؤها على الأطفال من قبل. وتبعاً لتصريحات الخضيري، فإن التجربة تهدف إلى توفير التكنولوجيا الحديثة للكشف المبكر عن مرض التوحد لدى الأطفال دون سن الثانية من العمر؛ لأن التدخل العلاجي قبل سن الثالثة يمكن أن يؤدي إلى نتائج أفضل، بما في ذلك إمكانية تحقيق الأفراد المصابين بالتوحد قدراً أكبر من الاستقلالية ورفع معدلات الذكاء لديهم.

تبعاً للتقرير الصادر هذا العام من المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC) عن التوحد، فإن أقل من نصف الأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحد فقط هم الذين يتم تشخيصهم وتقييم حالاتهم قبل عمر ثلاث سنوات. و30 في المائة لم يتم تشخيصهم بشكل رسمي قبل عمر الثامنة. وأوضح التقرير، أن الفكرة وراء التدخل المبكر هي الاستفادة من مرونة المخ وقدرته على التكييف مع وسائل العلاج.

* يقدم النظام أيضاً بيانات عن التأثير المتوقع مستقبلاً على بقية خلايا المخ *

تقييم نشاط المخ وسلامته

وقال الباحثون: إن الطريقة الجديدة البالغة الدقة عن طريق التصوير المغناطيسي وتحليل التوصيلات العصبية توفر الجهد المبذول في التشخيص والوقت والتكلفة؛ لأن الطريقة التقليدية تعتمد بشكل أساسي على التحليل النفسى والتقييم الإدراكي للطفل مما يستلزم جلسات عدة مع أطباء ومقدمين رعاية مختصين في التعامل مع الطفل التوحد كما أن التحليل الشخصي يمكن أن يتأثر بالكثير من العوامل، مثل خجل الطفل وعدم ارتياحه للمكان أو مقدم الخدمة بعكس التصوير والتقييم الإلكتروني.

وأوضحت الدراسة، أن نظام الذكاء الاصطناعي لا يقدم بياناً يوضح بالتفصيل المسارات العصبية التي تأثرت بالتوحد فقط بل ويقدم بيانات عن التأثير المتوقع مستقبلاً على بقية خلايا المخ ومدى سلامة قيامها بوظائفها بشكل جيد. وهو بذلك يعدّ جزءاً من العلاج وليس مجرد أداة للتشخيص. وقال الباحثون: إن الجهاز يمكنه عن طريق التعلم الذاتي، التنبؤ بأفضلية علاج سلوكي معين حسب حالة كل طفل، وأيضاً التحذير من بعض أنواع من أنماط العلاج إذا كانت تمثل خطورة على تطور مخ الطفل.

ويسعى الباحثون للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على النظام الجديد في أقرب فرصة لاستخدام التقنية الجديدة على نطاق كبير، خاصة أنها لا تمثل خطورة طبية وبالغة الدقة، وفى حالة حصول الجهاز على الموافقة. ومع شيوع استخدامه سوف ينعكس ذلك على رخص ثمنه وتوفيره لأكبر عدد من المرضى.

حقائق

أقل من 1/2

الأطفال الذين يعانون اضطراب طيف التوحد فقط هم الذين يتم تشخيصهم وتقييم حالاتهم قبل عمر ثلاث سنوات

حقائق

30 في المائة

من الأطفال لم يتم تشخيصهم بشكل رسمي قبل عمر الثامنة

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

صحتك المكسرات أطعمة غنية بالطاقة وبالعناصر الغذائية والمركبات المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة (أرشيفية - رويترز)

دراسة: المكسرات تقلل من خطر الإصابة بالخرف

وجدت دراسة أجريت على أكثر من 50 ألف مشارك في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يتناولون حفنة من المكسرات كل يوم قد يخفضون من خطر الإصابة بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك معاناة الأطفال من الربو تؤثر في ذاكرتهم على المدى الطويل (رويترز)

دراسة: الربو عند الأطفال يزيد فرص إصابتهم بالخرف في الكبر

ربطت دراسة جديدة بين معاناة الأطفال من الربو وخطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك السمنة هي مشكلة تنتشر بصورة متزايدة ولها تأثير ضار في الصحة وسلامة الجسم (أرشيفية - أ.ف.ب)

دراسة: جزيئات الخلايا المناعية قد توفّر علاجاً للسمنة

توصل باحثون من آيرلندا أن أحد جزيئات الخلايا المناعية تؤدي دوراً تنظيمياً في عملية اختزان الدهون.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
صحتك مزارع يقطف محصول فاكهة العنب من إحدى المزارع في منطقة الباحة (واس)

تجربة لاختبار مركب كيميائي في العنب الأحمر قد يقي من سرطان الأمعاء

أطلق علماء بريطانيون تجربة علمية تهدف إلى تقييم فاعلية «الريسفيراترول»، وهو مركب كيميائي موجود بالعنب الأحمر، في الوقاية من سرطان الأمعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي ولو لمدة قصيرة مساءً له فوائد صحية جمّة (رويترز)

من بينها التصدي لسرطان الأمعاء والسكري... الفوائد الصحية للمشي مساءً

كشفت مجموعة من الدراسات العلمية أن المشي ولو لمدة قصيرة مساءً، له فوائد صحية جمّة، من تحسين عملية الهضم إلى تنظيم نسبة السكر في الدم والتصدي للسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فيتامين «د» يخفض ضغط الدم لدى المسنين

مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
TT

فيتامين «د» يخفض ضغط الدم لدى المسنين

مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)

أظهرت دراسة دولية أن تناول مكملات فيتامين «د» قد يساعد في خفض ضغط الدم لدى كبار السن المصابين بالسمنة.

وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة تقدم خياراً علاجياً آمناً وبسيطاً مقارنةً بأدوية ضغط الدم التقليدية، ونشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية «Journal of the Endocrine Society».

ويعاني كبار السن المصابون بالسمنة من ارتفاع ضغط الدم نتيجةً لتأثير الوزن الزائد على صحة القلب والأوعية الدموية، حيث يزيد تراكم الدهون من الضغط على الأوعية الدموية ويؤدي إلى زيادة المقاومة التي يواجهها الدم في أثناء تدفقه.

ويضع هذا الوضع عبئاً إضافياً على القلب لضخ الدم بكفاءة، ما يرفع ضغط الدم تدريجياً. كما أن السمنة قد تساهم في الالتهابات والتغيرات الهرمونية التي تزيد من مخاطر ارتفاع ضغط الدم، مما يجعل كبار السن عرضةً لمشاكل صحية أخرى مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية، وفقاً للباحثين.

ويوصي معهد الطب الأميركي بتناول 600 وحدة دولية يومياً من مكملات فيتامين «د» لعلاج نقص هذا الفيتامين، وهو أمر شائع عالمياً ويرتبط بأمراض القلب، وأمراض المناعة، والالتهابات، وحتى بعض أنواع السرطان.

وقد أظهرت دراسات سابقة ارتباط نقص فيتامين «د» بارتفاع ضغط الدم، لكن الأدلة على تأثير مكملات فيتامين «د» في خفض ضغط الدم كانت غير حاسمة.

وأجرى فريق من الباحثين من المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع باحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية وجامعة الفيصل السعودية، دراسة شملت 221 شخصاً من كبار السن المصابين بالسمنة. وتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين؛ تناولت المجموعة الأولى 600 وحدة دولية يومياً من فيتامين «د»، بينما تناولت المجموعة الثانية 3750 وحدة دولية يومياً لمدة عام كامل. وأظهرت النتائج انخفاضاً في ضغط الدم لدى المشاركين، إلا أن الجرعات العالية لم تُظهر فوائد إضافية.

وبناءً على هذه النتائج، أشار الباحثون إلى أن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين «د» قد تكون كافيةً لتحقيق الفائدة المطلوبة دون الحاجة إلى الجرعات العالية، مما يساعد في تجنب الآثار الجانبية المحتملة للجرعات الزائدة.

وأضافوا أن هذه النتائج تقدم توجيهات جديدة للأطباء في إدارة ضغط الدم، خصوصاً لدى المرضى كبار السن المصابين بالسمنة أو الذين يعانون من نقص فيتامين «د»، ما يقلل من الحاجة لاستخدام الأدوية الخافضة للضغط، ويعزز من دور المكملات الغذائية كإجراء وقائي بسيط وفعّال.