بذور نانوية لاختراق الأورام المسببة لسرطان البنكرياس

طورها باحثو هيوستن ميثوديست وحجمها أصغر من حبة الأرز

بذور نانوية لاختراق الأورام المسببة لسرطان البنكرياس
TT

بذور نانوية لاختراق الأورام المسببة لسرطان البنكرياس

بذور نانوية لاختراق الأورام المسببة لسرطان البنكرياس

تمكن باحثو هيوستن ميثوديست من تطوير جهاز صغير جداً، يساعد على إيصال أدوية العلاج المناعي مباشرة إلى أورام سرطان البنكرياس، الأمر الذي يعد واعداً في تجاوز النظام الدفاعي للأورام، والذي لا يمكن اختراقه بسهولة. وفي دراسة حديثة، وجد فريق العمل أن إيصال العلاج عن طريق بذور نانوية ممتصة للأدوية «nanofluidic drug-eluting seeds»، يعدل البيئة الدقيقة المناعية «immune microenvironment» للورم، ويقلل أعباء النوع الأكثر شيوعاً من سرطان البنكرياس.

ويقول الدكتور أليساندرو غراتوني، رئيس قسم طب النانو في هيوستن ميثوديست والباحث الرئيسي في الدراسة: «وجدنا أن هذا الجهاز يتمتع بميزة فعالة ومقاربة سليمة، تسمح باختراق الجهاز الدفاعي لورم البنكرياس المسبب للسرطان، وتركز على علاجه باستخدام أقل كمية ممكنة من الأدوية».

وتستخدم هذه المقاربة ربع كمية الدواء المستخدمة في العلاج الروتيني – الأجسام المضادة وحيدة النسيلة والناهضة سي دي 40 «CD40 agonist monoclonal antibodies». ووفق الدراسة التي نُشرت في «أدفانسد ساينس (Advanced Science)»، فإن هذه التقنية متقاربة لتقنية استخدام بذور العلاج الإشعاعي الموضعي لسرطان البروستاتا.

ويعد ورم الغدة البنكرياسية القنوي (Pancreatic ductal adenocarcinoma (PDAC))، الذي يسبب 90 في المائة من حالات سرطان البنكرياس، واحداً من أصعب الأورام التي يمكن علاجها، وذلك بسبب قدرته على التملص من جهاز المناعة. وعلى الرغم من أن العديد من أنواع السرطان التي تصيب البالغين شهدت تحولات ملحوظة في العقود الأخيرة، بفضل الأدوية الجديدة والعلاجات المناعية، فإن معدل البقاء على قيد الحياة لمرضى سرطان البنكرياس لمدة 5 سنوات، بقي منخفضًا جداً – نحو 8 في المائة.

ويأمل الباحثون أن تساعد هذه الأجهزة التي يبلغ حجمها أصغر من حبة الأرز، أن تكون الطريق للتغلب على نظام الدفاعي لورم الغدة البنكرياسية القنوي ومعالجته لتوفير فرص شفاء أفضل للمرضى.

ويقول الدكتور غراتوني: «العلاجات التقليدية وحتى الجديدة منها، غير فعالة ضد سرطان البنكرياس ما لم يُكْتَشف المرض في وقت مبكر جداً؛ فالجهاز المناعي الذي يتجنب البيئة الدقيقة للورم، وأنسجة الورم الكثيفة جداً التي تعوق توصيل الدواء، هما من العوامل الحاسمة في تعزيز نمو سرطان البنكرياس وانتشاره».

وطور الدكتور غراتوني والدكتورة كورين سان تشوا، وفريق من الباحثين منصة البذور النانوية الممتصة للأدوية (NDES) لإيصال كميات قليلة من دواء «سي دي 40 إم إيه بي (CD40 mAb)» مباشرة إلى الورم نفسه.

وعلى الرغم من أن الجهاز ما زال بعيداً عن التجارب السريرية على البشر، فإن هذا الاكتشاف يؤكد مفهوم استخدام البذور النانوية الممتصة للأدوية (NDES) في علاج الأورام المستعصية، الأمر الذي يمهد لمستقبل من العلاجات الدقيقة وغير الجراحية.


مقالات ذات صلة

علماء يكتشفون كيف يوقف الأسبرين انتشار السرطان

صحتك الأسبرين قد يكون علاجاً لمرضى السرطان (أرشيفية - رويترز)

علماء يكتشفون كيف يوقف الأسبرين انتشار السرطان

يعتقد العلماء أنهم اكتشفوا كيف يمكن لمسكن الألم زهيد التكلفة؛ الأسبرين، إيقاف انتشار السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الوشم قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد وسرطان الغدد الليمفاوية (أ.ف.ب)

الوشم قد يزيد خطر الإصابة بالسرطان

حذَّرت دراسة جديدة من أن الوشم قد يزيد خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ الطفل دي جيه في الكونغرس (رويترز)

ترمب يعيّن طفلاً ناجياً من السرطان في الخدمة السرية

استغلّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس، أمس، للكشف عن عضو جديد بجهاز الخدمة السرية، وهو طفل ناجٍ من سرطان الدماغ عمره 13 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك صورة مجهرية معززة بالألوان تُظهر دباً مائياً (ناشيونال جيوغرافيك - آي أوف ساينس)

«دب الماء»... حيوان صغير يُنتج بروتيناً يمكنه إحداث ثورة بعلاج السرطان

أظهرت دراسة جديدة أن أكثر الحيوانات قدرة على الصمود في العالم، وهو دب الماء المجهري ينتج بروتيناً مقاوماً للإشعاع يمكن أن يحدث ثورة في علاج السرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 4 أدوية شائعة قد تزيد خطر إصابتك بسرطان الجلد

4 أدوية شائعة قد تزيد خطر إصابتك بسرطان الجلد

تستقبل بعض الدول حول العالم قريباً أول أجواء الربيع بعد شتاء قاسٍ بشكل غير معتاد... ولكن قبل أن تخرج للاستمتاع بأشعة الشمس قد ترغب في التحقق من أدويتك

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي
TT

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي

أمراض اللثة وفقدان الأسنان يؤديان إلى التدهور المعرفي

كشفت دراسات حديثة عن وجود علاقة بين صحة الفم والأداء الإدراكي؛ حيث تشير الأبحاث إلى أن التهاب اللثة وفقدان الأسنان قد يكونان من العوامل التي تؤثر سلباً على وظائف الدماغ، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض عصبية مثل ألزهايمر والخرف.

دراسة حديثة من الصين

أجرى فريق بحثي بقيادة الدكتور لي وي (Li Wei) من المستشفى الأول التابع لجامعة آنهوي الطبية في الصين دراسة حديثة نُشرت في مجلة طب اللثة (Journal of Periodontology) بتاريخ 2 مارس (آذار) 2025. شملت الدراسة 51 شخصاً مسناً يعانون من درجات متفاوتة من صحة اللثة. وكشفت النتائج عن أن الأفراد الذين يعانون من التهاب اللثة المتوسط إلى الشديد أظهروا أنماطاً مختلفة من النشاط الدماغي مقارنة بالأشخاص ذوي اللثة السليمة.

ويفترض الباحثون أن الالتهابات الفموية قد تسهم في إدخال البكتيريا إلى مجرى الدم، ما يؤدي إلى تفاعلات مناعية قد تؤثر سلباً على أنسجة الدماغ وتسرّع من عملية التدهور الإدراكي، وهو ما قد يكون مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

دراسة أميركية واسعة النطاق

في دراسة أخرى نشرتها مجلة الجمعية الأميركية لطب الأسنان (JADA) في فبراير (شباط) 2025، تم تحليل بيانات أكثر من 11000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 45 و64 عاماً في إطار دراسة وطنية حول تصلب الشرايين في المجتمعات (ARIC).

وقد أُجريت اختبارات لقياس الوظائف الإدراكية، مثل الذاكرة والطلاقة اللفظية، بالإضافة إلى فحوصات لصحة الفم. وأظهرت النتائج أن:

• 13 في المائة من المشاركين الذين فقدوا جميع أسنانهم، سجلوا درجات أقل في جميع الاختبارات الإدراكية مقارنة بمن لديهم أسنان.

• بين المشاركين الذين لديهم أسنان، كان انخفاض عدد الأسنان وزيادة نزيف اللثة مرتبطين بأداء أقل في اختبارات الطلاقة اللفظية واستبدال الرموز بالأرقام.

• لم يكن لعمق الجيوب اللثوية تأثير كبير على الإدراك، مما يشير إلى أن فقدان الأسنان ونزيف اللثة أكثر ارتباطاً بالتدهور العقلي.

كيف تؤثر صحة الفم على الدماغ؟

تشير النتائج إلى عدة تفسيرات محتملة لهذه العلاقة:

• الالتهابات الفموية ودخول البكتيريا إلى الدماغ: قد تسمح التهابات اللثة للبكتيريا والسموم الناتجة عنها بالانتقال إلى الدماغ عبر مجرى الدم، مما يؤدي إلى استجابة مناعية قد تسبب تلف الخلايا العصبية.

• التأثير غير المباشر للأمراض المزمنة: المصابون بالسكري أو أمراض القلب، الذين يعانون أيضاً من مشكلات في صحة الفم، قد يكونون أكثر عرضة لخطر التدهور المعرفي بسبب عوامل التهابية مشتركة.

• الإهمال الصحي بسبب التراجع الإدراكي: يمكن أن يكون هناك تأثير عكسي؛ حيث يؤدي انخفاض القدرات المعرفية إلى تراجع في العناية بصحة الفم، مما يفاقم مشاكل اللثة والأسنان.

توصيات: صحة الفم لصحة الدماغ

• العناية اليومية بالأسنان من خلال التنظيف المنتظم بالفرشاة والخيط وفرشاة ما بين الأسنان واستخدام غسول الفم إذا ما وصفه طبيب الأسنان.

• زيارة طبيب الأسنان بشكل دوري للكشف عن التهابات اللثة وعلاجها قبل تفاقمها.

• اتباع نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات والمعادن لدعم صحة اللثة وتقليل الالتهابات.

• مراقبة الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب، التي قد تزيد من خطر التهابات اللثة والتدهور المعرفي.

• التواصل بين أطباء الأسنان وأطباء الأعصاب لمتابعة الحالات التي تعاني من فقدان كبير في الأسنان أو التهاب لثوي مزمن، وإجراء تقييمات إدراكية عند الضرورة.

وأخيراً، تبرز هذه الدراسات الدور الحاسم لصحة الفم في الحفاظ على وظائف الدماغ والوقاية من التدهور المعرفي. والعناية بالأسنان واللثة ليست فقط للحفاظ على الابتسامة الجميلة، بل قد تكون أيضاً مفتاحاً لصحة الدماغ على المدى الطويل.