تناول المكسرات ينشط الذاكرة ويمنع تدهورها

يرتبط بتغيرات إيجابية أكبر في الوظائف الإدراكية

تناول المكسرات ينشط الذاكرة ويمنع تدهورها
TT

تناول المكسرات ينشط الذاكرة ويمنع تدهورها

تناول المكسرات ينشط الذاكرة ويمنع تدهورها

ربما يجدر بمتوسطي العمر وكبار السن الحرص على تناول المكسرات، وجعلها ضمن وجبات طعامهم اليومية. والسبب الجديد لهذه النصيحة «الذهبية» هو ما دلت عليه نتائج إحدى أحدث الدراسات الطبية التي فحصت العلاقة بين تناول المكسرات ومدى التدهور في القدرات الذهنية المعرفية Cognitive Function.

تناول المكسرات

وتُضاف هذه الجدوى إلى فوائد سابقة أثبتتها عدة دراسات طبية سابقة ومحكمة، تتعلق بالتأثيرات الصحية الإيجابية لتناول المكسرات على سلامة الشرايين وصحة القلب وضبط ارتفاع وزن الجسم وحفظ وظائف الكلى وغيرها.

ووفق ما تم عرضه ضمن عدد أغسطس (آب) الماضي من «المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية» The American Journal of Clinical Nutrition، قدم مجموعة باحثين من إسبانيا نتائج دراستهم بعنوان «استهلاك أعلى مقابل استهلاك أقل للمكسرات، والتغيرات في الأداء المعرفي على مدى عامين في مجموعة سكانية معرضة لخطر التدهور المعرفي: دراسة جماعية».

وأوضح الباحثون في مقدمة عرضهم ما دفعهم إلى إجراء هذه الدراسة بالقول: «لمكسرات Nuts هي منتجات غنية بالعناصر الغذائية وبالمكونات الواقية للأعصاب. وبالتالي، فإن استهلاكها يمكن أن يفيد الصحة الذهنية المعرفية. ومع ذلك، فإن الأدلة حتى الآن محدودة وغير متسقة فيما يتعلق بالفوائد المحتملة للمكسرات للوظيفة الإدراكية». وأضافوا أن الهدف هو: «التقييم المستقبلي للعلاقة بين استهلاك المكسرات لمدة سنتين، والتغيرات في الأداء المعرفي لدى كبار السن الذين هم أعلى عُرضة لخطر التدهور المعرفي». وشملت الدراسة نحو 7 آلاف شخص ممنْ تتراوح أعمارهم ما بين 55 و75 سنة. وكانوا من الذكور والإناث غير الأصحاء، بل الذين يعانون بالفعل من زيادة الوزن أو السمنة، ومتلازمة التمثيل الغذائي (متلازمة الأيض Metabolic Syndrome). وللتوضيح، فإن متلازمة الأيض هي مجموعة من المشاكل التي تحدث معاً، وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض السكري من النوع الثاني. وتشمل تلك المشاكل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع السكر في الدم، وزيادة دهون الجسم حول الوسط، ومستويات غير طبيعية من الكوليسترول أو الدهون الثلاثية.

تقييم وظائف الإدراك

واستخدم الباحثون وسائل دقيقة في تقييم درجات المعرفية المركبة Composite Cognitive Scores، لتقييم القدرات التنفيذية للوظائف الذهنية العامة والانتباه والتنفيذ. كما تم تركيب نماذج لمنحنى متغيرات تقييم الارتباطات بين تناول المكسرات والتغيرات في القدرات المعرفية خلال سنتين من المتابعة.

وأفاد الباحثون بأن حجم حصة المكسرات Nut Serving هو نحو 30 غراماً. وتم تصنيف مدى تناول المكسرات إلى 4 درجات، هي: أقل من 1حصة / الأسبوع، 1 - 2 حصة / الأسبوع، 3 - 6 حصة / الأسبوع، 7 حصص / الأسبوع، أو أكثر.

وقال الباحثون في عرض نتائجهم: «حتى خلال فترة عامين، القصيرة نسبياً، يساعد تناول المكسرات بشكل متكرر في تأخير التدهور المعرفي لدى كبار السن الذين يعانون من زيادة الوزن/السمنة، ومتلازمة التمثيل الغذائي، المعرضون بالأصل لخطر التدهور المعرفي. وتقدم الدراسة الحالية نتائج مستقبلية جديدة للارتباطات بين تناول المكسرات والتغيرات اللاحقة في الوظيفة المعرفية. وتظهر نتائجنا أن التكرار الأعلى لاستهلاك المكسرات يرتبط بالتغيرات الإيجابية الأكبر في الوظائف الإدراكية، مما يشير إلى وجود علاقة استجابة مبنية على مقدار الجرعة، بين استهلاك المكسرات والتأخير في التدهور المعرفي، خلال فترة سنتين».

وأضافوا: «وجدنا أيضاً تفاعلًا تآزرياً Synergistic Interaction بين تناول المكسرات والاكتئاب Depression. مما يشير إلى أن الذين يعانون من أعراض الاكتئاب في الأساس، يميلون إلى الاستفادة من تناول المكسرات، أكثر من أولئك الذين لا يعانون من الاكتئاب».

وقام الباحثون بتقديم تقييم تحليلي لمكونات العناصر الغذائية الصحية في المكسرات، وعلاقة توافرها في الجسم بالحفاظ على القدرات الذهنية المعرفية لدى الشخص. وقالوا: «تم اقتراح العديد من الآليات المحتملة الكامنة وراء الارتباطات بين تناول المكسرات والوظيفة المعرفية».

ويعد الإجهاد التأكسدي Oxidative Stress (بسبب تراكم الجذور الحرّة)، والتهاب الأعصاب Neuroinflammation، وانخفاض تدفق الدم (إلى الدماغ)، من الآليات الحاسمة التي تؤدي إلى تكوين لويحات الشرايين Arterial Plaques (تضييقات الشرايين الناجمة عن تراكم الدهون والكوليسترول في جدران الشرايين)، ما يؤدي إلى موت الخلايا العصبية والخلل العضوي (في الوظائف العصبية الذهنية)، وبالتالي يؤدي إلى التدهور المعرفي والأمراض الانتكاسية للتلف العصبي Neurodegenerative Diseases».

المكسرات تقي الأوعية الدموية

وإزاء هذه الآليات المرضية، عرض الباحثون دور المكسرات، بقولهم: «تحتوي المكسرات على كمية عالية من الدهون غير المشبعة Unsaturated Fat، التي لها تأثيرات وقائية للأوعية الدموية Vasculo - Protective وتعمل كمضادة للالتهابات Anti - Inflammatory. هذا إضافة إلى جانب أدوارها (أي الدهون غير المشبعة) التي لا غنى عنها في الحفاظ على بنية الخلايا العصبية ووظيفتها، وتعديل اللدونة العصبية Neuronal Plasticity، ومختلف عمليات التفاعلات الكيميائية الحيوية في الأعصاب والأوعية الدموية».

وإضافة إلى عنصر الدهون غير المشبعة، الغنية بها المكسرات، عرضوا جوانب أخرى بقولهم: «يمكن للبروتين النباتي عالي الجودة والأحماض الأمينية Amino Acids (المكونات الدقيقة للبروتينات) الموجودة في المكسرات، مثل L - arginine، أن تمارس تأثيرات عصبية إيجابية، من خلال الآليات المضادة لتصلب الشرايين ومضادات الأكسدة Antioxidative Mechanisms، وتعديل الالتهاب العصبي، وتحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية Endothelial Function». وتحدثوا عن المحتوى من المعادن في المكسرات بقولهم: «أظهرت التركيبة المعدنية المثلى للمكسرات، كونها غنية بالكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم ولكنها خالية من الصوديوم، آثاراً مفيدة على ضغط الدم ومدى استجابة الجسم للأنسولين Insulin Sensitivity. علاوة على ذلك، فإن المحتوى العالي من الألياف الغذائية Dietary Fiber، جنباً إلى جنب مع الدهون غير المشبعة ومركبات البوليفينول Polyphenols(المضادة للأكسدة)، يمكن أن يعمل كل ذلك على تعديل (مكونات وظروف بيئة تكاثر وحيوية نشاط) الميكروبات المعوية Gut Microbiota (الصديقة في القولون)، وبالتالي، تحسين الوظيفة المعرفية من خلال ما يُعرف بمحور الأمعاء والدماغ Gut - Brain Axis».

يساعد تناول المكسرات بشكل متكرر في تأخير التدهور المعرفي لدى كبار السن الذين يعانون من زيادة الوزن

صحة شرايين القلب وتناول المكسرات

تعتبر دراسة باحثين من كلية الطب بجامعة «هارفارد»، التي نشرت في مجلة الكلية الأميركية لطب القلب Journal of the American College of Cardiology في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017، دراسة حاسمة في توضيح التأثيرات الصحية الإيجابية لتناول المكسرات على صحة القلب والأوعية الدموية. وهي أكبر وأوسع دراسة طبية تمت حتى اليوم حول هذا الأمر، وشملت نحو ربع مليون شخص، تمت متابعتهم لمدة تتجاوز 32 سنة.

وإجمالاً، أفادت نتائجها بأن الناس الذين يتناولون المكسرات بانتظام، تنخفض لديهم مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وبالذات أمراض شرايين القلب التاجية، وذلك مقارنة مع الناس الذين لا يتناولون المكسرات أبداً أو يتناولونها في النادر.

وعلى سبيل المثال لاحظ الباحثون في نتائجها، أن:

- تناول حصة غذائية من مكسرات الجوز Walnuts، أو عين الجمل، مرة واحدة أو أكثر من مرة في الأسبوع ارتبط مع انخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 19%، وارتبط كذلك مع انخفاض خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 21%، وذلك بالمقارنة مع منْ لا يتناولونها.

- الأشخاص الذين يتناولون مرتين أو أكثر في الأسبوع حصة غذائية من بقول الفول السوداني Peanuts، الذي هو من البقول بالأصل وليس من المكسرات بالتعريف العلمي (المكسرات ثمار جافة ذات غلاف صلب)، ينخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 13%، كما ينخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 15%، وذلك بالمقارنة مع منْ لا يتناولونها.

- الأشخاص الذين يتناولون حصة غذائية، مرتين أو أكثر في الأسبوع من أنواع المكسرات الأخرى، مثل اللوز أو المكسرات البرازيلية أو الكستناء أو البندق أو مكسرات الماكاداميا أو البقان أو الفستق أو الصنوبر، ينخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 15%، كما ينخفض لديهم خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 23%، وذلك بالمقارنة مع منْ لا يتناولونها.

- تناوُل كل من الجوز أو الفول السوداني مرتبط بانخفاض معدلات الإصابة بالسكتة الدماغية.

وضمن مقالة تحريرية تم نشرها برفقة هذه الدراسة، ضمن نفس عدد مجلة الكلية الأميركية لطب القلب، قال الدكتور إميليو روس، المتخصص في أمراض الغدد الصماء والتغذية الإكلينيكية بمستشفى كلينيك في برشلونة: «إن اتساق النتائج بقوة يشير إلى وجود علاقة بين استهلاك المكسرات وحماية أمراض القلب، ويمكن اعتبار المكسرات الطبيعية وغير المعالجة، أنها كبسولات صحية طبيعية يمكن دمجها بسهولة في أي نظام غذائي لحماية القلب، وتحسين مستوى صحة القلب والأوعية الدموية، وتعزيز عيش مستوى صحي أفضل في مرحلة الشيخوخة».

المكسرات غنية بالعناصر الغذائية وبالمكونات الواقية للأعصاب، ومن ثم فإن استهلاكها يمكن أن يفيد الصحة الذهنية المعرفية

تناول المكسرات... إشكالية غير حقيقية في التسبب بزيادة الوزن

تم إجراء العديد من الدراسات الطبية حول العلاقة بين تناول المكسرات وزيادة وزن الجسم. وتفيد معظم نتائج الدراسات تلك أن تناول المكسرات لا يؤدي إلى زيادة الوزن.

وكان باحثون من قسم التغذية والأطعمة بجامعة جورجيا بالولايات المتحدة، قد قدموا دراسة مراجعة تحليلية منهجية لـ55 دراسة فحصت تلك العلاقة - نشرت ضمن عدد مارس (آذار)/ أبريل (نيسان) 2021 من «مجلة التغذية المتقدمة» Advances in Nutrition، لسان حال الجمعية الأميركية للتغذية ASN.

وأفاد الباحثون بأن بعض تلك الدراسات فحصت علاقة تناول المكسرات مع تعليمات استبدال النظام الغذائي Dietary Substitution Instructions، أي حساب كمية كالورى السعرات الحرارية في المكسرات، ومعادلتها بخفض تناول أطعمة أخرى، لجعل إجمالي كمية كالورى السعرات الحرارية للأطعمة التي يتناولها المرء خلال اليوم، ضمن النطاق المنصوح به لخفض الوزن ضمن المعدلات الطبيعية. والبعض الآخر من تلك الدراسات كان من دون ذلك.

وأفاد الباحثون في نتائج الدراسة: «لم يكن هناك تغيير في وزن الجسم أو محيط الخصر أو مؤشر كتلة الجسم في نوعي الدراسات. بل في دراسات تناول المكسرات مع تعليمات الاستبدال الغذائي، كان ثمة انخفاض كبير في النسبة الكلية للشحوم في الجسم، إضافة إلى عدم وجود تغيير في مؤشر كتلة الجسم أو محيط الخصر أو مؤشر كتلة الجسم».

وأيدت هذه الجوانب المتعلقة بالوزن وكمية السعرات الحرارية في المكسرات دراسة أخرى لباحثين من جامعة «هارفارد»، نشرت ضمن عدد سبتمبر (أيلول) 2019 لـ«المجلة البريطانية للتغذية والوقاية والصحة» BMJ NPH، وكانت بعنوان «تأثيرات تغير تناول المكسرات على تغير الوزن لدى الرجال والنساء في الولايات المتحدة على المدى الطويل». وقال الباحثون في نتائجها: «ترتبط زيادة الاستهلاك اليومي للمكسرات بانخفاض زيادة الوزن على المدى الطويل، وانخفاض خطر الإصابة بالسمنة لدى البالغين».


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
TT

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)
الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

وحسب صحيفة «نيويورك بوست» الأميركية، يقول العلماء إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية يتطوران بوتيرة سريعة، لدرجة أن تطوير «أقراص مكافحة الشيخوخة» قد يكون مسألة سنوات قليلة فقط.

ويعد جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون»، وبيتر ثيل المؤسس المشارك لشركة «باي بال»، وسام ألتمان مؤسس «تشات جي بي تي»، من بين أحدث الشخصيات في سلسلة طويلة من أباطرة المال الأميركيين الذين وضعوا جزءاً من ثرواتهم في مجال الطب التجديدي والتكنولوجيا الحيوية.

ويُقال إن بيزوس استثمر 3 مليارات دولار، في شركة التكنولوجيا الحيوية «ألتوس لابز» (Altos Labs) التي شارك في تأسيسها مع الملياردير الروسي يوري ميلنر في عام 2021.

ووظفت الشركة الناشئة علماء بارزين للبحث في كيفية عكس عملية الشيخوخة، ومتابعة ما تسمى تقنية إعادة البرمجة البيولوجية، والتي من شأنها أن تسمح للعلماء بتجديد الخلايا في المختبر.

وتتشابه أهداف «ألتوس لابز» مع أهداف شركة «كاليكو لابز» (Calico Labs)، التي أطلقها المؤسس المشارك لشركة «غوغل» لاري بيغ في عام 2013، للتركيز على طول العمر وإعادة برمجة وتجديد الخلايا.

إنهم ليسوا المليارديرات الوحيدين الذين يسعون إلى مكافحة الشيخوخة: فقد استثمر بيتر ثيل، المؤسس المشارك لـ«باي بال»، في مؤسسة «ميثوسيلاه» التي تصف نفسها بأنها «مؤسسة خيرية طبية غير ربحية تركز على إطالة عمر الإنسان الصحي، من خلال جعل عمر التسعين هو عمر الخمسين الجديد».

ومن بين أهداف «ميثوسيلاه» ابتكار تقنيات قادرة على تطوير أعضاء وأوعية دموية وعظام جديدة، وإزالة «الهياكل البيولوجية المدمرة» من الجسم، وإجراء مزيد من الدراسات حول علم الوراثة فوق الجينية، وإعادة الإدراك والقدرات البدنية لكبار السن.

وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، تم الكشف عن أن مؤسس «تشات جي بي تي»، سام ألتمان، قام بتمويل شركة «Retro BioScience» الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية، بمبلغ 180 مليون دولار.

وحسب موقعها على الإنترنت، تركز شركة «Retro BioScience» على «إعادة برمجة الخلايا»، وتتعهد بإطالة عمر الإنسان لمدة 10 سنوات.

ويقول تقرير «نيويورك بوست» إن المليارديرات ورجال الأعمال يسعون إلى تطوير حبوب لزيادة متوسط ​​العمر المتوقع، من خلال جعل خلايا الجسم أصغر سناً، وخالية من الأمراض لفترة أطول.

وقال فيل كلياري، مؤسس مجموعة «SmartWater Group»: «بمعدل تطور التكنولوجيا الحالي، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تصبح عقاقير إطالة العمر متاحة بحُرية، لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكلفتها».

لكن كلياري قال إن أباطرة وادي السيليكون يجب أن «يتوقفوا عن لعب دور الإله» في سباقهم للتغلب على الموت، واصفاً السعي وراء هذا الأمر بأنه «مدفوع بالأنا» وبأنه يخاطر بخلق كوكب من «الزومبي الأنيقين الأغنياء».

وأضاف كلياري، مؤلف كتاب «إكسير»، وهي رواية تستكشف العواقب المدمرة لأدوية إطالة العمر على المجتمع: «إن حبة الدواء التي تبقي الناس على قيد الحياة، حتى لبضعة عقود، من شأنها أن تخلق عالماً غير عادل وغير منصف، مليئاً بالزومبي الأنيقين الأثرياء، أغلبهم من البيض من الطبقة المتوسطة، والذين يستطيعون تحمل تكاليف شراء هذه الأدوية في المقام الأول».

وتابع: «بدلاً من إطالة عمر النخبة الغنية، سيكون من الأفضل للمليارديرات إنفاق أموالهم على 5 ملايين طفل في العالم يموتون من الجوع، ومن أسباب أخرى يمكن الوقاية منها وعلاجها كل عام».

ويموت نحو 100 ألف شخص كل يوم بسبب أمراض مرتبطة بالسن، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وفي حين أن الشيخوخة نفسها لا تقتل الناس بشكل مباشر، فإن كبار السن معرضون لخطر الإصابة بكثير من الأمراض القاتلة، مثل الألزهايمر وأمراض القلب والسرطان.