الزوائد اللحمية في القولون والمستقيم... العلامات والتشخيص

أهمية الكشف عنها وإزالتها مبكراً

الزوائد اللحمية في القولون والمستقيم... العلامات والتشخيص
TT

الزوائد اللحمية في القولون والمستقيم... العلامات والتشخيص

الزوائد اللحمية في القولون والمستقيم... العلامات والتشخيص

الزوائد اللحمية (polyps) هي أورام يمكن أن تحدث في أجزاء مختلفة من الجسم، مثل: الأنف، والقولون، والرحم، والمعدة. ورغم أن غالبية الأورام الحميدة الموجودة في الجسم غير ضارة، فإن بعض السلائل منها يمكن أن تكون خطيرة، وقد تؤدي إلى بعض أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان القولون والمستقيم (CRC).

ومن المهم معرفة علامات التحذير من الأورام الحميدة، وكيفية البحث والاختبار والعلاج، وعوامل الخطر المتزايدة، والدور الذي تلعبه في تطور سرطان القولون والمستقيم.

 

- زوائد الجهاز الهضمي

النظام الهضمي الصحي والسليم يمكِّن أجسامنا من الحصول على العناصر الغذائية التي نحتاجها للبقاء بصحة جيدة. وهو عبارة عن مجموعة من الأعضاء التي تعمل معاً لمساعدة أجسامنا على هضم الطعام ومعالجته. بعد مضغ الطعام وابتلاعه، فإنه ينزل إلى المريء والمعدة؛ حيث تحلله أحماض المعدة والإنزيمات. من هناك، ينتقل إلى الأمعاء الدقيقة؛ حيث يتم امتصاص معظم العناصر الغذائية في مجرى الدم. تنتقل الفضلات المتبقية إلى الأمعاء الغليظة -المعروفة أيضاً باسم القولون- حيث يتم امتصاص الماء وتحويل الفضلات إلى براز. ثم تخرج هذه الفضلات من الجسم خلال حركة الأمعاء.

وسرطان القولون والمستقيم (CRC) هو مرض يصيب الجهاز الهضمي، ويتطور في الغالب نتيجة نمو الزوائد اللحمية الضارة.

> علامات تطور الزوائد: تطور الزوائد اللحمية في القولون أو المستقيم يؤدي إلى منع الجهاز الهضمي من القيام بعمله. واعتماداً على حجم الورم وموقعه، يمكنه أن يعيق التدفق الطبيعي للبراز، مما يسبب فقر الدم أو الإمساك أو الإسهال أو النزيف أو آلام البطن.

إذا كان الورم سرطانياً وتحول إلى ورم خبيث، فإنه سوف يغزو الأنسجة المحيطة، مما يؤدي إلى سرطان القولون والمستقيم النقيلي (metastatic colorectal cancer). عند حدوث أي تغيرات في عادات الأمعاء أو عدم ارتياح مستمر في الجهاز الهضمي، تجب استشارة طبيب الرعاية الأولية على الفور.

معظم الناس ليس لديهم أي علامات أو أعراض للزوائد اللحمية. لذلك، يجب أن يتلقى الجميع الفحوصات الموصى بها في الوقت المحدد. يعد اختبار فحص سرطان القولون والمستقيم طريقة سهلة وسريعة للتشخيص والعلاج المبكر.

> أنواع الزوائد الحميدة: غالباً ما تكون الزوائد في القولون والمستقيم حميدة، أي ليست سرطان. قد يكون لدى الواحد منا واحد أو أكثر من هذه الزوائد. تصبح أكثر شيوعاً مع تقدم العمر. هناك أنواع عديدة من الأورام الحميدة، وهي:

- الأورام الحميدة الغدية (Adenomatous polyps)، وهي الأكثر شيوعاً. وهي أورام تشبه الغدة، تتطور على الغشاء المخاطي الذي يبطن الأمعاء الغليظة. وغالباً ما تكون واحدة مما يلي:

1- زائدة أنبوبيّة تبرز في تجويف القولون.

2- ورم حميد زغبي، يكون أحياناً مسطحاً ومنتشراً، ومن المرجح أن يصبح سرطاناً. عندما تصبح الأورام الغدية سرطانية، فيطلق عليها اسم الأورام الغدية. وهي أكثر أنواع سرطان القولون والمستقيم شيوعاً.

3- زوائد لحمية مفرطحة التنسج، نادراً ما تتطور إلى سرطان.

4- زوائد لحمية مسننة، الأقل شيوعاً، ولكنها قد تتطور إلى سرطان بمرور الوقت. الأورام الحميدة التي يزيد حجمها عن سنتيمتر مكعب واحد، تكون أكثر عرضة للتحول إلى سرطان، من الأورام الحميدة التي يقل حجمها عن سنتيمتر مكعب واحد.

 

- حدوث السرطان

> تحول الزوائد الحميدة إلى سرطان القولون والمستقيم: تتطور معظم حالات سرطان القولون والمستقيم (CRC) من الأورام الحميدة الغدية (Adenomatous polyps)، وهي أورام غير طبيعية يمكن أن تصبح سرطانية، إذا تُركت دون علاج. والآلية الدقيقة التي تتحول من خلالها الأورام الحميدة إلى (CRC) ليست مفهومة تماماً، ولكن يُعتقد أنها تنطوي على سلسلة من التغييرات -أو الطفرات- في الخلايا التي يتكون منها الورم.

يمكن أن تتسبب هذه الطفرات في نمو الخلايا وانقسامها بشكل لا يمكن السيطرة عليه، ما يؤدي إلى تكوين الورم. يمكن لعوامل الخطر -مثل العمر والتاريخ العائلي والعِرْق- أن تزيد من احتمالية الإصابة بالزوائد اللحمية وسرطان القولون والمستقيم (CRC).

إذا تُركت من دون علاج، يمكن أن تستمر الأورام الحميدة في النمو والتطور إلى أورام سرطانية، التي يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. المفتاح لمنع (CRC) هو اكتشاف وإزالة الأورام الحميدة في وقت مبكر، قبل أن تتاح لها فرصة أن تصبح سرطانية. كما أن اتباع أسلوب حياة صحي يتضمن نظاماً غذائياً متوازناً، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وتجنب التدخين والإفراط في استهلاك الكحول، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالزوائد اللحمية و(CRC).

> عوامل الخطر المتزايدة لزوائد القولون والمستقيم: ما بين 15- 40 في المائة من البالغين سيصابون بزوائد القولون، وفقاً للمعاهد الوطنية للصحة (NIH) الأميركية. ليس من الواضح سبب إصابة البعض بزوائد في القولون والمستقيم، بينما لا يصاب بها البعض الآخر. ومع ذلك، فقد ارتبطت بعض العوامل بزيادة خطر الإصابة بأورام القولون والمستقيم، بما في ذلك:

- العمر: تكون الأورام الحميدة أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً.

- تاريخ عائلي للأورام الحميدة أو سرطان القولون والمستقيم.

- وجود تاريخ شخصي للإصابة بمرض التهاب الأمعاء (يجب عدم الخلط بينه وبين متلازمة الأمعاء الالتهابية، والتي لا تشكل خطراً متزايداً للإصابة بالزوائد اللحمية أو السرطانات).

- عدم القيام بالتمارين الرياضية الكافية.

- عدم اتباع نظام غذائي متوازن.

- الإفراط في استهلاك الكحول.

- التدخين.

لتقليل عوامل الخطر للإصابة بأورام القولون والمستقيم والسرطان، من المهم اتباع نمط حياة صحي، والتحدث إلى الطبيب حول أي تغييرات أو مخاوف في صحة الجهاز الهضمي، والخضوع للفحص مبكراً.

اختبارات الزوائد اللحمية

لحسن الحظ أن هناك كثيراً من الطرق التي يمكن من خلالها اختبار الزوائد اللحمية في القولون والمستقيم، منها ما يلي:

> تنظير القولون: يعد تنظير القولون (Colonoscopy) الطريقة الأكثر فعالية للتحقق من وجود زوائد القولون والمستقيم. ويتم إجراؤه تحت مخدر خفيف يساعد على النوم بأمان. يستخدم الطبيب أنبوباً مرناً مزوداً بكاميرا لفحص القولون والمستقيم بالكامل. إذا تم العثور على أي زوائد، يمكن إزالتها خلال العملية، وإرسالها إلى المختبر لإجراء مزيد من الاختبارات.

> التنظير السيني المرن: يشبه التنظير السيني المرن (Flexible Sigmoidoscopy) إجراء تنظير القولون، إلا أنه يتحقق فقط من الجزء السفلي من القولون والمستقيم. إذا تم العثور على الزوائد فإنها تُزال، ويتم استكمال تنظير كامل القولون.

> تنظير القولون الافتراضي: يستخدم تنظير القولون الافتراضي (Virtual Colonoscopy) التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) لإنشاء صورة مفصلة للقولون والمستقيم. وفي حين أنه يمكن الكشف عن معظم الأورام الحميدة، فإنه لا يمكن إزالتها. لذلك، لا تزال هناك حاجة إلى تنظير القولون.

> فحص الدم في البراز: يتحقق فحص الدم في البراز (Fecal Blood Test) من وجود دم في البراز. إذا تم العثور عليه، فيمكن أن يشير إلى الأورام الحميدة، وسيتطلب مزيداً من الاختبارات.

> اختبار الحمض النووي للبراز: يبحث اختبار الحمض النووي في البراز (Stool DNA Test) عن التغييرات في الحمض النووي التي قد تشير إلى وجود الأورام الحميدة أو السرطان. هناك كثير من الخيارات المختلفة المتاحة لاختبار وجود الأورام الحميدة. كلما التقطت مبكراً، كانت النتيجة أفضل.

إن غالبية الأورام الحميدة غير سرطانية؛ لكن بعضها قد يكون سرطانياً. من خلال اختبارها وإزالتها، قد يُنقذ من الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في المستقبل.

 

- العلاج والوقاية

• علاج زوائد القولون والمستقيم: تجب إزالة زوائد القولون والمستقيم؛ لأن بعضها يمكن أن يتطور إلى سرطان. في معظم الحالات، تُزال الأورام الحميدة أثناء تنظير القولون.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الأورام الحميدة الغدية (Adenomatous polyps)، يمكن أن تظهر الأورام الحميدة الجديدة في المستقبل. يجب أن يخضعوا لتكرار تنظير القولون، عادة بعد عام إلى 10 سنوات، اعتماداً على: العمر - الصحة العامة - عدد الزوائد الحميدة - حجم ونوع الأورام الحميدة - تاريخ عائلي للزوائد أو السرطان.

في حالات نادرة، عندما يكون من المحتمل جداً أن تتحول الأورام الحميدة إلى سرطان، أو تكون كبيرة جداً بحيث لا يمكن إزالتها خلال تنظير القولون، قد يُوصى باستئصال القولون.

إذا تم تشخيص السرطان، فقد يوصى بإجراء عملية جراحية لإزالة أجزاء القولون أو المستقيم التي تأثرت. قد يشمل العلاج أيضاً العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي.

والنظرة العامة ممتازة إذا تمت إزالة الأورام الحميدة؛ إلا أن الأورام الحميدة التي لم تتم إزالتها يمكن أن تتحول إلى سرطان بمرور الوقت.

وبعد إزالة الزوائد اللحمية يحتاج المريض إلى إعادة التنظير. يعتمد توقيت تنظير القولون التالي على عدة عوامل، بما في ذلك نوع وعدد وحجم الأورام الحميدة التي تمت إزالتها.

• الوقاية: لتقليل خطر الإصابة بالزوائد اللحمية، يجب أولاً:

- تناول الأطعمة قليلة الدسم، وتناول مزيد من الفاكهة والخضراوات والألياف.

- عدم التدخين أو شرب الكحول

- الحفاظ على وزن الجسم الطبيعي.

- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

وثانياً: عمل تنظير القولون أو اختبارات الفحص الأخرى؛ إذ يجب أن يبدأ جميع البالغين هذه الاختبارات في سن 45، فهي تساعد في الوقاية من سرطان القولون من خلال الكشف عن الزوائد اللحمية وإزالتها قبل أن تصبح سرطانية. قد يقلل هذا من فرصة الإصابة بسرطان القولون، أو على الأقل يساعد عند الإصابة به في أكثر مراحله قابلية للعلاج.

وقد يساعد تناول الأسبرين أو النابروكسين أو الأيبوبروفين، أو الأدوية المماثلة، في تقليل خطر الإصابة بالزوائد اللحمية الجديدة. يجب تناولها باستشارة الطبيب، تفادياً لآثارها الجانبية الخطيرة إذا تم تناولها لفترة طويلة.

نظراً لأن الزوائد اللحمية يمكن أن تؤدي إلى سرطان القولون والمستقيم، فمن المهم إكمال اختبارات الفحص المنتظمة. يجب أن يبدأ الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بالفحص الروتيني في سن 45. وقد يحتاج الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بسرطان القولون والمستقيم وعوامل الخطر الأخرى إلى بدء الفحص في سن مبكرة.

في حين أن سرطان القولون والمستقيم هو رابع أكثر أنواع السرطان التي يتم تشخيصها شيوعاً في الولايات المتحدة، فإنه يمكن الوقاية منه وعلاجه بدرجة كبيرة. ولذلك، يمكن أن تساعد الفحوصات المنتظمة وتغيير نمط الحياة في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في حياتنا.

 

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي
TT

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» (University of Bristol) بالمملكة المتحدة حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)، الذي يصيب الرضيع بالشلل في جميع أطراف جسده، ويلازمه طيلة حياته، وذلك باستخدام عقار بسيط هو «كبريتات الماغنسيوم» (magnesium sulphate) عن طريق التنقيط الوريدي.

والجدير بالذكر أن هذا الدواء لا يُكلف أكثر من 5 جنيهات إسترلينية في الجرعة الواحدة بالمملكة المتحدة. لكن هذه الإجراء يجب أن يجري في المستشفى فقط، تحت رعاية طاقم مدرب من الأطباء والممرضين، وفي حالة تعميمه في المستشفيات حول العالم يمكن أن يوفر حماية لملايين الرضع.

مخاطر الولادة المبكرة

من المعروف أن الولادة المُبكرة تمثل نوعاً من الخطورة على حياة الرضع؛ لذلك يجري وضعهم في الحضانات حتى يكتمل نموهم. ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحدث لهم، مشكلات الجهاز العصبي، لعدم وصول الأوكسجين بشكل كافٍ للمخ، بجانب عدم نضج الجهاز العصبي، ما يمكن أن يؤدي إلى خلل في التوصيلات العصبية.

لذلك تُعد الفكرة المطروحة بمثابة نوع من الإنقاذ. وفي البداية طرحت نظرية استخدام هذا الدواء بعد ملاحظة فاعليته في منع حدوث الشلل الدماغي في الأطفال الخدج، حينما تم وصفه لإحدى السيدات الحوامل لغرض طبي آخر، ربما، مثلاً، لمنع التشنجات التي تحدث في تسمم الحمل، والتي تستلزم ضرورة الولادة المبكرة.

ثم جرت تجربة الدواء بشكل عشوائي على عدة سيدات، وجاءت النتائج مبشرة أيضاً، ثم نُشرت هذه التجارب في دراسة طبية عام 2009. وبعد الدراسة بدأ استخدام العلاج يزداد، ولكن ليس بالشكل الكافي لحماية السيدات في المملكة المتحدة.

تحمست إحدى طبيبات الأطفال وحديثي الولادة، وهي الدكتورة كارين لويت (Karen Luyt)، لهذه النظرية وقامت بتنفيذها على الأمهات اللاتي اضطررن للولادة قبل 30 أسبوعاً من الحمل، وفي بعض الأحيان 32 أسبوعاً تبعاً للحالة الطبية العامة للأم والجنين. وأوضحت الطبيبة أن الدواء أسهم في تقليل فرص حدوث الشلل الدماغي بنسبة بلغت 30 في المائة.

وفي عام 2014، اكتشفت أن الدواء، رغم فاعليته الأكيدة في حماية الرضع، لم يكن يستخدم على نطاق واسع في المملكة المتحدة؛ لذلك بدأت برنامجاً خاصّاً بإعطاء الدواء لكل السيدات اللاتي تنطبق عليهن الشروط، بمساعدة السلطات الصحية في كل المناطق. وأطلقت مع زملائها على هذا البرنامج عنوان: «منع الشلل الدماغي في الأطفال المبتسرين» (PReCePT)، على أن يكون هذا الإجراء نوعاً من الاختيار للأمهات، ولا يتم العمل به بشكل روتيني.

دواء لدرء الشلل الدماغي

مع الوقت والتجارب وصلت الخدمات الطبية لمعظم السيدات الحوامل اللائي لديهن مشاكل طبية يمكن أن تؤدي إلى الولادة المبكرة في جميع أجزاء المملكة بالفعل. والبرنامج جرى إدراجه في النظام الصحي البريطاني (NHS) في الوحدات الخاصة برعاية السيدات الحوامل والأمهات. وخلال الفترة من 2018 وحتى 2023 فقط، جرى إعطاء العلاج لما يزيد على 14 ألف سيدة في إنجلترا، ما أسهم في خفض معدلات الشلل الدماغي بنحو 385 حالة عن العدد المتعارف عليه لهذا الكم من السيدات.

والجدير بالذكر أن إحدى السيدات اللائي بدأت البرنامج من خلال استخدام الدواء أثناء فترة حملها، وتُدعى إيلي، لديها طفل ذكر بصحة جيدة في عمر الـ11 عاماً الآن.

دواء يُنظم سريان الدم إلى المخ والتحكم في التوصيلات العصبية الطرفية

قال الباحثون إن الآلية التي يقوم بها العلاج بمنع الشلل الدماغي غير معروفة تماماً، ولكن هناك بعض النظريات التي توضح لماذا يحمي الجهاز العصبي، وذلك عن طريق تنظيم ضغط الدم وسريانه إلى المخ بجانب التحكم في التوصيلات العصبية الطرفية التي تربط الأعصاب بالعضلات، وتتحكم في انقباضها (neuromuscular transmission) ما يمنع تلفها ويسمح لها بممارسة وظائفها بشكل طبيعي.

وأوضح الباحثون أن المشكلة في استخدام الدواء تكمن في الحالات غير المتوقعة؛ لأنه من المستحيل معرفة ميعاد الولادة بنسبة 100 في المائة، فبعض السيدات يلدن مبكراً، على الرغم من عدم وجود أي مشاكل طبية، بشكل غير متوقع تماماً لا يسمح بالتدخل أساساً. إضافة إلى أن بعض السيدات يشعرن بألم ولادة غير حقيقي قبل الميعاد الفعلي بفترة كبيرة، ويكون بمثابة إنذار كاذب، ومن ثم يلدن في الميعاد الفعلي للولادة.

وتبعاً للبيانات الخاصة بشبكة «فيرمونت أكسفورد» (Vermont Oxford Network) (منظمة غير ربحية عبارة عن تعاون 1400 مستشفى حول العالم بهدف تحسين العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة)، لا يجري استخدام الدواء حتى الآن بالشكل المناسب في العالم كله، بما فيه الدول المتقدمة، على الرغم من رخص ثمنه وفاعليته الكبيرة، وعلى وجه التقريب من بين جميع النساء اللاتي يجب أن يتناولن الدواء. وهناك نسبة لا تزيد على الثلثين فقط، يمكنهن الحصول عليه، وتقل النسبة في الدول الأكثر احتياجاً والأقل تقدماً على المستوى الصحي.

ويحاول الباحثون، بالتعاون مع المنظمات الصحية حول العالم، توفير الدواء لكل السيدات الحوامل اللاتي يمكن أن يلدن قبل الميعاد المحدد للولادة، بصفته نوعاً من الوقاية للرضع، وبطبيعة الحال يجب أن تكون هناك طواقم مدربة تتعامل مع هذا الإجراء بجدية.

وقال الباحثون إن مزيداً من الدراسات في المستقبل القريب يمكن أن يساعد في شيوع الاستخدام، خصوصاً إذا جرى التوصل لطريقة لإعطاء الدواء بخلاف التنقيط الوريدي، لأن ذلك يمكن أن يسهم في حماية الأطفال بالمناطق النائية التي لا توجد بها مستشفيات مركزية.

• استشاري طب الأطفال.