علماء يحددون الجينات المرتبطة بالإنتاج العالي للأجسام المضادة

علماء يحددون الجينات المرتبطة بالإنتاج العالي للأجسام المضادة
TT

علماء يحددون الجينات المرتبطة بالإنتاج العالي للأجسام المضادة

علماء يحددون الجينات المرتبطة بالإنتاج العالي للأجسام المضادة

أسفر تعاون تقوده جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس ومعهد أبحاث الأطفال في سياتل عن معرفة جديدة حول الجينات المسؤولة عن إنتاج وإطلاق الغلوبولين المناعي G؛ وهو النوع الأكثر شيوعًا من الأجسام المضادة في جسم الإنسان.

هذا الاكتشاف لديه القدرة على تعزيز تصنيع العلاجات القائمة على الأجسام المضادة لأمراض مثل السرطان والتهاب المفاصل، بالإضافة إلى تطوير العلاجات الطبية التي تعتمد على إنتاج الأجسام المضادة، وذلك وفقما ذكر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص، نقلا عن دراسة جديدة نشرت بمجلة «نيتشر كوميونيكيشينز» العلمية المرموقة.

والأجسام المضادة هي مجموعة من البروتينات الضرورية لجهاز المناعة؛ يقوم الغلوبولين المناعي G أو IgG، بتخزين ذكريات العدوى السابقة ووضع علامات على الميكروبات الخطيرة التي يجب القضاء عليها بواسطة الخلايا المناعية.

ويعد IgG للأم حيويا أيضًا للدفاع المناعي للأطفال حديثي الولادة.

ولقد عرف العلماء منذ عقود أن مجموعة من خلايا الدم البيضاء، تسمى خلايا البلازما B، تصنع IgG.

وتتميز خلايا البلازما B بكفاءة عالية، حيث تنتج أكثر من 10000 جزيء IgG كل ثانية. لكن الآليات الجزيئية التي تمكن خلايا البلازما من إفراز الأجسام المضادة في مجرى الدم لا تزال غير مفهومة تمامًا.

ومن أجل معرفة المزيد عن هذه الآليات، أجرى الباحثون تحليلاً لم يسبق أن تم إجراؤه من قبل؛ فلقد التقطوا الآلاف من خلايا البلازما B المفردة بالإضافة إلى إفرازاتها الفردية، ثم ربطوا كمية البروتينات التي تم إطلاقها في كل خلية فردية بأطلس؛ إذ تم رسم خرائط لعشرات الآلاف من الجينات التي تعبر عنها نفس الخلية. ولجمع الخلايا وإفرازاتها، استخدم الباحثون حاويات هيدروجيل مجهرية على شكل وعاء تسمى النانو، تم تطويرها في أبحاث سابقة بجامعة كاليفورنيا. فوجد تحليلهم أن الجينات المشاركة في إنتاج الطاقة والقضاء على البروتينات غير الطبيعية كانت أكثر أهمية لإفراز IgG العالي من الجينات التي تحتوي على تعليمات لصنع الجسم المضاد نفسه. كما اكتشفوا أيضًا أن وجود CD59، وهو جين لم يتم ربطه سابقًا بإفراز IgG؛ هو مؤشر أفضل لخلايا البلازما عالية الإنتاج من العلامات الجينية الأخرى المرتبطة بالفعل بهذا النوع من الخلايا.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قال الدكتور دينو دي كارلو أستاذ الهندسة والطب في «Armond و Elena Hairapetian» بكلية UCLA Samueli للهندسة مؤلف مشارك بالدراسة «يجب أن تتحرك الأشياء بسلاسة متزامنة عبر الخلية. فإذا كانت الخلية تصنع الكثير من البروتينات، فإنها تستخدم قدرًا كبيرًا من الطاقة وتحتاج إلى طريقة لتصحيح البروتينات التي تفسد».

من جانبه، قال الدكتور دي كارلو وهو أيضًا عضو في معهد «California NanoSystems Institute» بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس ومركز جونسون الشامل للسرطان «إن النتائج لا يمكن أن تعزز الفهم الأساسي للبيولوجيا فحسب، بل يمكن أن يكون لها أيضًا تطبيقات في الطب الحيوي. على سبيل المثال، يمكن استخدام معرفة الجينات المرتبطة بإفراز أعلى لجسم مضاد بواسطة صانعي المستحضرات الصيدلانية لهندسة الخلايا التي تفرز كميات كبيرة من الجسم المضاد».

ويمكن أيضًا تطبيق هذه المعرفة على استراتيجية ناشئة تقدم الخلايا المهندسة مباشرة إلى أجسام المرضى، مثل العلاجات الخلوية المحتملة التي يجري تطويرها بواسطة عالم المناعة بجامعة واشنطن ريتشارد جيمس مؤلف مشارك في البحث. حيث تفتح الطريقة الجديدة التي تم بها استخدام النانو وإعدادات المختبر القياسية في الدراسة أيضًا إمكانيات جديدة لفهم كيفية ترجمة التعليمات الواردة في الحمض النووي إلى سلوك الخلايا.

جدير بالذكر، يحتوي كل نانوفيل على جزيئات مصممة للارتباط بالبروتينات الموجودة على سطح الخلايا التي يدرسها الباحثون؛ والتي تمكن النانوفيل من التقاط خلية واحدة في كل مرة. وبمجرد أن يتم تجميد هذه الخلية وحمايتها داخل (وعاء) النانو تتراكم إفرازاتها أيضًا وترتبط بأجسام مضادة محددة مصممة لالتقاطها.

وفي الدراسة الجديدة، حاصر الباحثون عشرات الآلاف من خلايا البلازما جنبًا إلى جنب مع IgG الذي أطلقوه، في قوارير نانوية يبلغ قطرها حوالى ثلث سمك الورقة. ثم تم تشغيل النانو من خلال أداة لتحليل مرسال كل خلية RNA ، أو mRNA. إذ ان كل خلية في جسم الفرد تحمل نفس المخطط المكتوب في الحمض النووي. ومن خلال ذلك يكتشف العلماء الجينات النشطة عبر النظر إلى mRNA؛ الذي يترجم هذه التعليمات بحيث يمكن لكل خلية بناء بروتينات خاصة بوظائفها.

ويخلص دي كارلو الى القول «هناك طبقات متعددة من المعلومات في كل خلية. ونحن قادرون على ربط الطبقة النهائية (كمية البروتينات التي يتم إفرازها بالفعل والتي لها وظيفة واضحة في جميع أنحاء الجسم) والعودة إلى الطبقة الأساسية من الشيفرة الجينية. وحيث أنه لا توجد حاليًا تقنية أخرى متاحة للقيام بذلك. أصبح لدينا هذا النهج الجديد. وان الشيء الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لي؛ هو السؤال الذي يجب طرحه بعد ذلك. إذ يأمل الباحثون في الدراسات المستقبلية تحديد جميع الجينات التي تؤثر على إنتاج خلايا البلازما وإفراز IgG».


مقالات ذات صلة

دماء المرضى قد تستخدم لإصلاح عظامهم المكسورة

صحتك دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة (رويترز)

دماء المرضى قد تستخدم لإصلاح عظامهم المكسورة

كشفت دراسة بحثية جديدة عن أن دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل مريض بالسرطان (رويترز)

هل يقلل التعافي من السرطان احتمالات الإصابة بألزهايمر؟

منذ سنوات، بدأ الباحثون وخبراء الصحة في دراسة العلاقة بين السرطان وألزهايمر، وما إذا كان التعافي من المرض الخبيث يقلل فرص الإصابة بألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النشاط البدني يمكن أن يطيل العمر خمس سنوات على الأقل (أ.ف.ب)

حياة أطول بصحة أفضل... النشاط البدني يضيف 5 سنوات لعمرك

أكدت دراسة جديدة أن النشاط البدني يمكن أن يطيل العمر خمس سنوات على الأقل.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك حبات من التفاح (أرشيفية - أ.ب)

بدائل طبيعية ورخيصة الثمن لعقار «أوزمبيك» السحري لكبح الشهية

ترشح خبيرة تغذية أطعمة طبيعية ورخيصة الثمن لها تأثير مقارب من عقار «أوزمبيك» السحري لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق روبرت كيندي جونيور (رويترز)

بعد وصفه النظام الغذائي لترمب بأنه «مثل السم»... ماذا يأكل كيندي؟

قبل أيام من إعلان دونالد ترمب ترشيحه لكيندي في منصب وزير الصحة بإدارته الجديدة انتقد كيندي النظام الغذائي للرئيس الأميركي المنتخب مشبهاً إياه بـ«السم»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)
يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)
TT

علاج جيني يُعيد القدرة على السمع ويعزّز الرؤية

يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)
يرفع العلاج الجديد مستويات البروتين في الخلايا الحساسة للضوء بشبكية العين (هارفارد)

طوّر باحثون بكلية الطب في جامعة «هارفارد» الأميركية علاجاً جينياً للمصابين بمتلازمة «آشر من النوع 1F»، وهي حالة نادرة تسبّب الصمم والعمى التدريجيين.

وأظهرت نتائج دراستهم المنشورة في مجلة «جورنال أوف كلينيكال إنفيستيغيشن»، أنّ طريقة جديدة لتقديم نسخة مصحَّحة من الجين المعيب الذي يسبّب متلازمة «آشر PCDH15»، أعادت السمع في نماذج لفئران التجارب، وأظهرت تقدّماً في تحسين الرؤية بعضيات شبكية العين لدى القردة والرئيسيات غير البشرية.

ويُعدّ هذا العلاج الجيني التجريبي الثاني لمتلازمة «آشر» الذي طوّره مختبر أستاذ العلوم الطبية الانتقالية في كلية الطب بجامعة «هارفارد»، ديفيد كوري.

وكانت بحوث سابقة أظهرت أنّ استراتيجية مختلفة لتوصيل الجينات أعادت السمع في الفئران. وتوفّر الطريقة الجديدة خياراً ثانياً في حال ثبُت أنّ النهج الأول غير آمن أو غير فعّال عند اختباره على البشر.

قال كوري، المؤلّف الرئيسي للدراسة، في بيان، الجمعة: «من دون تجربة سريرية على البشر لا يمكننا معرفة ما إذا كان علاجنا الجيني الأول يُعيد الوظيفة الطبيعية»، مشدّداً على أنّ «الاستراتيجية الجديدة تمنحنا دعماً أكبر في حال فشل العلاج الأول. وقد يتبيّن لنا بمجرّد اختبار العلاج الجديد على المرضى أنه أفضل من العلاج الأول».

واجه الباحثون تحدّياً رئيسياً في تصميم علاج باستخدام جين «PCDH15»، نظراً إلى أنه كبير الحجم ولا يتناسب مع الغلاف المجوّف للفيروس، المعروف اختصاراً بـ«AAV»؛ وهو بمنزلة المركبة الأكثر شيوعاً والأكثر أماناً المستخدمة لنقل الجينات إلى الخلايا المُستهدف علاجها.

كانت الاستراتيجية السابقة للفريق تتضمّن تقليص حجم «PCDH15» إلى جين آخر صغير يمكن أن يتناسب مع حجم الفيروس الحامل له داخل جسم المريض. لكن الاستراتيجية الجديدة نجحت في قطع الجين بالكامل إلى نصفين، وإدخال كل نصف في الفيروس الحامل له (AAV)، قبل توصيله إلى الأذن الداخلية أو العين. هناك، ينضم النصفان ويبدآن في توجيه الخلايا لإنتاج البروتين الذي يشفّره الجين «PCDH15» بشكل صحيح.

ويُولد الأشخاص المصابون بمتلازمة «آشر من النوع 1F» من دون سمع أو قدرة على الإحساس بتوازن الجسم. كما أنهم يفقدون بصرهم تدريجياً. وقد نجح النهج الجديد من العلاج في استعادة السمع والإحساس بالتوازن لدى الفئران.

ووفق نتائج الدراسة، أدّى العلاج إلى رفع مستويات الجين المطلوب في الخلايا الحساسة للضوء في عضيات الشبكية البشرية وشبكيات العين لدى الرئيسيات غير البشرية مثل القردة. كما انتقل البروتين إلى المكان الصحيح في تلك الخلايا.

تشير كلتا النتيجتين إلى أنّ استراتيجية العلاج قد تعمل يوماً ما على تعزيز الرؤية لدى المرضى من البشر.

وهو ما علّقت عليه المؤلّفة الأولى للدراسة، أستاذة علم الأعصاب في مختبر كوري، طبيبة العيون في كلية الطب بجامعة «هارفارد»، مارينا إيفانشينكو، قائلة: «هذه النتائج مثيرة للاهتمام. ففي حين يمكن لغرسات القوقعة معالجة فقدان السمع لدى مرضى متلازمة آشر من البشر، لا علاجات حالياً لخلل الرؤية المرتبط بتلك المتلازمة لدى البشر».