«الأسبرتام» يفجر جدلاً علمياً... هل يسبب السرطان؟

خبراء دافعوا عن المُحلي الصناعي المستخدم في المشروبات الغازية والعلكة

مشروبات غازية متعددة الأنواع تظهر داخل سوبرماركت في كاليفورنيا (رويترز)
مشروبات غازية متعددة الأنواع تظهر داخل سوبرماركت في كاليفورنيا (رويترز)
TT

«الأسبرتام» يفجر جدلاً علمياً... هل يسبب السرطان؟

مشروبات غازية متعددة الأنواع تظهر داخل سوبرماركت في كاليفورنيا (رويترز)
مشروبات غازية متعددة الأنواع تظهر داخل سوبرماركت في كاليفورنيا (رويترز)

أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانها الرسمي هذا الأسبوع حول المخاطر الصحية المحتملة لـ«الأسبرتام»، حيث صُنف المُحلي الصناعي منخفض السعرات الحرارية على أنه «ربما يسبب السرطان للبشر».

ومع ذلك، يتحدث العديد من خبراء الصناعة دفاعاً عن «الأسبرتام»، والذي يشيع استخدامه في المشروبات الغازية والعلكة وبعض منتجات الألبان والعديد من الأطعمة والمشروبات الأخرى منخفضة السعرات الحرارية، وفقاً لشبة «فوكس نيوز».

كانت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، وهي منظمة تركز على السرطان داخل منظمة الصحة العالمية، ذكرت أن الأسبرتام مادة مسرطنة محتملة للبشر.

وتستخدم الوكالة الدولية لبحوث السرطان خمسة مستويات مختلفة من مخاطر الإصابة بالسرطان: المجموعة 1 «مادة مسرطنة للإنسان»؛ المجموعة 2 أ «ربما تكون مسرطنة للإنسان»؛ المجموعة 2 باء: «يحتمل أن تكون مسرطنة للإنسان»؛ المجموعة 3: «لا يمكن تصنيفها على أنها مسببة للسرطان لدى البشر»؛ والمجموعة 4: «ربما لا تكون مسرطنة للإنسان».

تم وضع «الأسبرتام» في المجموعة 2 باء بناءً على «أدلة محدودة» على التسبب في الإصابة بالسرطان لدى البشر والحيوانات - خاصة أحد أنواع سرطان الكبد.

«الأسبرتام» يستخدم في المشروبات الغازية والعلكة وبعض منتجات الألبان (إ.ب.أ)

في نفس الإعلان، يبدو أن لجنة الخبراء المشتركة بشأن المضافات الغذائية (JECFA)، وهي مجموعة أخرى داخل منظمة الصحة العالمية، تعارض تصنيف الوكالة الدولية لبحوث السرطان.

وجاء في البيان الصحافي أن لجنة الخبراء المشتركة JECFA نظرت أيضاً في الأدلة على مخاطر الإصابة بالسرطان، في الدراسات التي أجريت على الحيوانات والبشر، وخلصت إلى أن الدليل على وجود علاقة بين استهلاك «الأسبرتام» والسرطان لدى البشر غير مُقنع.

وأضافت اللجنة أن الاستهلاك اليومي المقبول من «الأسبرتام» لا يزال 40 ملليغراما لكل كيلوغرام من وزن الجسم. هذه الكمية تعادل تسع علب من 12 أونصة من الصودا الدايت يومياً لشخص يزن 150 رطلاً (68 كيلوغراماً).

هل تسبب المادة السرطان؟

صرّح الدكتور فرانشيسكو برانكا، مدير قسم التغذية وسلامة الغذاء في منظمة الصحة العالمية، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، «لا تشير نتائجنا إلى أن الاستهلاك العرضي يجب أن يشكل خطراً على معظم المستهلكين».

من جهتها، قالت الدكتورة منى س. جافيري، عالمة التكنولوجيا الحيوية وباحثة السرطان في ريدجفيلد بولاية كونيتيكت، لشبكة «فوكس نيوز» أن احتمال الإصابة بالسرطان يعتمد على أنواع وعدد المواد المسرطنة التي يتعرض لها الإنسان، بالإضافة إلى العوامل الوراثية.

وقالت «يمكن أن تعمل المواد المسرطنة إما بمفردها أو بالاشتراك مع مواد أخرى». وأضافت أن «الأشخاص المعرضين لمواد مسرطنة متعددة يمكن أن يزيدوا من خطر إصابتهم بالسرطان بشكل كبير».

ملعقة تحتوي على أقراص التحلية تجلس بجوار أخرى تضم السكر (د.ب.أ)

خبراء الصناعة يدافعون عن «أسبرتام»

يؤكد العديد من خبراء الصناعة أن محلي «الأسبرتام» لا يزال آمناً للاستهلاك - بما في ذلك إدارة الغذاء والدواء الأميركية، التي أصدرت بياناً يدحض مخاطر الإصابة بالسرطان.

وجاء في البيان أن «إدارة الغذاء والدواء لا تتفق مع استنتاج IARC بأن هذه الدراسات تدعم تصنيف (الأسبرتام) على أنه مادة مسرطنة محتملة للبشر».

وتابع «راجع علماء إدارة الغذاء والدواء المعلومات العلمية الواردة في مراجعة IARC في عام 2021 عندما تم توفيرها لأول مرة وحددوا أوجه قصور كبيرة في الدراسات التي اعتمدت عليها الوكالة».

وأضافت إدارة الغذاء والدواء أن وكالات إضافية، بما في ذلك هيئة سلامة الأغذية الأوروبية ووزارة الصحة الكندية، اعتبرت أيضاً أن «الأسبرتام» آمن بالمستويات الحالية الموصى بها.

وذكرت إدارة الغذاء والدواء أن «الأسبرتام هو أحد أكثر المضافات الغذائية التي تمت دراستها في الإمدادات الغذائية للإنسان... علماء إدارة الغذاء والدواء ليست لديهم مخاوف تتعلق بالسلامة عند استخدام الأسبرتام في ظل الشروط المعتمدة».

«الأسبرتام» يُستعمل ضمن المشروبات الغازية قليلة السعرات الحرارية (أ.ب)

أشار الدكتور أرنولد باسكيس، اختصاصي الأورام الجراحية في نيوجيرسي والرئيس السابق لمجلس الإدارة الوطني لجمعية السرطان الأميركية - وهو أيضاً عضو في لجنة الخبراء الاستشارية لتحالف من أجل الغذاء والمشروبات الآمنة - إلى أن وكالات منظمة الصحة العالمية، بينها IARC وJECFA، قامت بمراجعة البحوث السابقة، ولم تراجع أدلة جديدة.

وقال باسكيس في بيان لـ«فوكس نيوز» إن «مراجعة لجنة الخبراء المشتركة لمنظمة الصحة العالمية بشأن المضافات الغذائية (JECFA) تقول إن الأسبرتام آمن للاستهلاك البشري - وهي الوكالة الدولية الرسمية عندما يتعلق الأمر بسلامة الغذاء».

وأشار باسكيس إلى أن إدارة الغذاء والدواء تعتمد على تقييمات لجنة الخبراء المشتركة كجزء من عمليتها لتحديد سلامة ومخاطر الأطعمة والمشروبات. وقال: «من غير المسؤول تخويف الناس أو إرباكهم بلا داعٍ... إذا كان هناك أي سبب للقلق، لكانوا قد قاموا بتعديل المدخول اليومي الحالي المقبول».

و«الأسبرتام» هو مُحلٍّ صناعي (كيميائي) لا قيمة غذائية له يُستخدم على نطاق واسع في مختلف منتجات الأغذية والمشروبات منذ ثمانينات القرن العشرين، ومنها مشروبات الحمية والعلكة والجيلاتين والمُثَلّجات ومنتجات الألبان وحبوب الإفطار ومعجون الأسنان والأدوية مثل قرص السُّعال والفيتامينات القابلة للمضغ.

وعلّقت الرابطة الدولية للمُحَليات على الدراستين، مذكِّرةً بأن المجموعة 2 - باء التي أُدرج فيها «الأسبرتام» تضم أيضاً الكيمتشي وخُضراً مخللة أخرى.

واعتبرت الأمينة العامة للرابطة فرانسيس هانت وود أن اللجنة المشتركة «أكدت مجدداً سلامة (الأسبرتام) بعد إجراء دراسة معمقة وشاملة ودقيقة علمياً».


مقالات ذات صلة

خلاف بين محامي ترمب والمحقق الخاص بشأن الجدول الزمني لقضيته

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

خلاف بين محامي ترمب والمحقق الخاص بشأن الجدول الزمني لقضيته

ظهرت خلاف بين المدعي الخاص الذي يلاحق ترمب بتهمة محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020 وفريق الدفاع عن الرئيس السابق بشأن الجدول الزمني لإجراءات النظر في القضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وابنته إيفانكا (إ.ب.أ)

ترمب: إيفانكا رفضت أن تصبح سفيرة لدى الأمم المتحدة وفضّلت توفير فرص عمل للملايين

قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، إن ابنته إيفانكا كان ينبغي أن تكون سفيرة للأمم المتحدة، و«القادة الأكثر روعة» يأتون من أسكوتلندا مثل والدته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص إيثان غولدريتش خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط) play-circle 00:45

خاص غولدريتش لـ «الشرق الأوسط»: لا انسحاب للقوات الأميركية من سوريا

أكد إيثان غولدريتش، مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى والمسؤول عن الملف السوري في الخارجية، أن القوات الأميركية لن تنسحب من سوريا.

رنا أبتر (واشنطن)
العالم عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

تأمل نساء من السكان الأصليين بكندا وقفَ أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب تعرّضوا لها.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
الولايات المتحدة​ المخرج علي عباسي (الثالث يميناً) مع مجموعة من المشاركين في فيلم «ذي أبرنتيس» عند وصولهم إلى العرض الأول للفيلم في مهرجان «كان» السينمائي الدولي السابع والسبعين بجنوب فرنسا في 20 مايو 2024 (أ.ب)

فيلم مثير للجدل عن سيرة ترمب يُعرض في صالات السينما قبل الانتخابات

من المقرر طرح فيلم «ذي أبرنتيس» (The Apprentice) المثير للجدل والمستوحى من سيرة الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترمب، في صالات السينما الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
TT

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)

أظهر مسح جديد شمل 1563 شخصاً بالغاً، ونشر نتائجه موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية، أن ثلاثة أرباع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر يشعرون بالقلق بشأن تدهور صحة أدمغتهم في المستقبل.

ويحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات مثل حل الكلمات المتقاطعة وتناول المكملات الغذائية لتجنب «الخرف» – وهو مصطلح يُطلق على مجموعة من الأعراض التي تصيب قدرات الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية – لكن هل تأتي هذه الأساليب والاستراتيجيات بنتيجة؟

تُظهر الأبحاث أنه من الممكن منع أو تأخير 45 في المائة من حالات الخرف من خلال سلسلة من التغييرات الشخصية والمجتمعية، وفق «سيكولوجي توداي».

ويسلط تقرير جديد في مجلة «لانسيت» العلمية، نشر بتاريخ 31 يوليو (تموز) 2024، الضوء على عاملين جديدين «قابلين للتعديل» من عوامل الخطر التي قد تسبب الخرف، وهما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول، ما يرفع إجمالي عوامل الخطر المعروفة إلى 14.

ووفقاً لتقرير عام 2024، الذي أعدته «لجنة لانسيت للخرف»، والذي يسلط الضوء عوامل الخطر المتعلقة بالخرف وكيفية الوقاية منها، فإن العوامل الـ14 هي: «قلة التعليم، وحدوث إصابة في الرأس، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والإفراط في تناول الكحول، وارتفاع ضغط الدم، والسِمنة، والإصابة بمرض السكري، وفقدان السمع، والاكتئاب، وقلة التواصل الاجتماعي، وتلوث الهواء، وفقدان البصر، وارتفاع نسبة الكوليسترول».

ووفق «سيكولوجي توداي»، فإن ضبط وتعديل جميع عوامل الخطر الـ14 من شأنهما أن يؤخرا أو يمنعا 45 في المائة من حالات الخرف، سواء كان الشخص يحمل جين «ألزهايمر» أم لا.

وتوصي «لجنة لانسيت» بعدة ممارسات للوقاية من الخرف أو تأخيره، مثل: «ضمان توفير التعليم الجيد للجميع، وتشجيع الأنشطة المحفزة للإدراك في منتصف العمر لحماية الإدراك، وجعل الأدوات المُعينة على السمع في متناول الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع، وتقليل التعرض للضوضاء الضارة، وعلاج الاكتئاب بشكل فعال، وتشجيع استخدام الخوذات، وحماية الرأس في الرياضات وعند استخدام الدراجة، وتشجيع ممارسة الرياضة، والحد من التدخين، والحفاظ على وزن صحي وعلاج السمنة، وجعل الفحص والعلاج لأمراض ضعف البصر متاحين للجميع، والحد من التعرض لتلوث الهواء».

وتوصي اللجنة بأنه يجب على الأشخاص وضع اعتبار جاد حيال الاهتمام بالوقاية من عوامل الخطر بدءاً من وقت مبكر من الحياة، وأن يظل هذا الانتباه مستمراً معنا طوال الحياة.