مسح أطفال العملية القيصرية بميكروبات أمهاتهم... هل يساعد على استعادة البكتيريا النافعة؟

مخاوف السلامة والفعالية تشكك بفاعلية «البذر المهبلي»

الأطفال الذين تلقوا ميكروبات أمهاتهم المهبلية زادت لديهم مستويات بكتيريا الأمعاء وخاصة بكتيريا العصيات اللبنية
الأطفال الذين تلقوا ميكروبات أمهاتهم المهبلية زادت لديهم مستويات بكتيريا الأمعاء وخاصة بكتيريا العصيات اللبنية
TT

مسح أطفال العملية القيصرية بميكروبات أمهاتهم... هل يساعد على استعادة البكتيريا النافعة؟

الأطفال الذين تلقوا ميكروبات أمهاتهم المهبلية زادت لديهم مستويات بكتيريا الأمعاء وخاصة بكتيريا العصيات اللبنية
الأطفال الذين تلقوا ميكروبات أمهاتهم المهبلية زادت لديهم مستويات بكتيريا الأمعاء وخاصة بكتيريا العصيات اللبنية

يلتقط الطفل المولود طبيعيا من خلال القناة المهبلية، ميكروبات شديدة الأهمية على طول القناة. وهي التي تساعده على البقاء بصحة جيدة في وقت لاحق من الحياة. لكن الأطفال الذين يولدون عن طريق العملية القيصرية لا يحصلون على تلك البكتيريا المفيدة التي تستعمر الأمعاء فيما بعد مما قد يعرضهم لخطر أكبر لتطوير بعض الحالات الصحية السيئة واضطرابات النمو.

ميكروبات الأم المفيدة

يقول «تشو» وزملاؤه من باحثي جامعة «ساوثرن ميديكال» في قوانغتشو الصين في المقالة المنشورة في «سيل هوست اند مايكروب» Cell Host & Microbe في 15 يونيو (حزيران) الجاري، إنه من خلال تعريض أطفال العملية القيصرية للميكروبات التي لم يحصلوا عليها - وهو تدخل يسمى «البذر المهبلي» vaginal seeding - يمكن للأطباء استعادة هذه البكتيريا المعوية المفقودة جزئياً عن طريق هذا الإجراء مما قد يساعد على تطورهم المبكر.

وأضاف أن الأطفال حديثي الولادة الذين ولدوا طبيعيا وتلقوا ميكروبات أمهاتهم المهبلية لديهم مهارات حركية وتواصل متطورة أكثر من الأطفال الآخرين لكن بعض الأطباء يجادلون بأن هذه الفوائد للرضع لم يتم إثباتها بعد كما لم يتم إثبات سلامة هذا الإجراء.

يبدو الوسط الميكروبي أو «الميكروبيوم» microbiome عند الأطفال المولودين بعمليات قيصرية مختلفا كثيراً عن ذلك الخاص بالأطفال المولودين طبيعيا عن طريق المهبل على وجه الخصوص، إذ إن لديهم أعدادا أقل من بكتيريا العصيات اللبنية Lactobacillus وبكتيريا القولون Escherichia والبكترويدس Bacteroides في أحشائهم حيث يُعتقد أن هذه الميكروبات ضرورية للنمو ويُعتقد أيضا أنها تساعد في الحماية من الربو والحساسية والسمنة واضطرابات المناعة الذاتية وهي الحالات الأكثر شيوعاً بين الأطفال.

وقد أشارت بعض الدراسات المثيرة للجدل إلى حد كبير إلى أن بعض الأطفال الذين يولدون عن طريق الولادة القيصرية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بحالات النمو العصبي مثل «اضطراب طيف التوحد» autism spectrum disorder والتي يعزوها بعض الباحثين إلى الميكروبيوم المفقود لديهم لكن باحثين آخرين انتقدوا هذا الافتراض بشدة.

«البذر المهبلي» عملية لتعريض أطفال العملية القيصرية للميكروبات التي لم يحصلوا عليها بهدف استعادة البكتيريا المعوية المفقودة جزئيًا ما قد يساعد على تطورهم المبكر

تعريض المواليد للبكتريا

ولاستعادة الميكروبيوم للرضع الذين يولدون عن طريق عملية قيصرية توصل الباحثون إلى حل بسيط ألا وهو مسحهم بالبكتيريا من مهبل أمهاتهم بعد وقت قصير من ولادتهم. وقد تم اختبار هذه الطريقة التي تسمى البذر المهبلي لأول مرة سريرياً منذ 7 سنوات من قبل خوسيه كليمنتي عالم الوراثة في كلية الطب في إيكان في جبل سيناء نيويورك وماريا غلوريا دومينغيز بيلو عالمة البيئة الميكروبية في جامعة روتجرز في نيوجيرسي الولايات المتحدة التي وجدت هذا الإجراء بالفعل قد استعاد الميكروبات التي يفتقرون إليها والذين ولدوا بعمليات قيصرية إلا أن هذه النتائج استندت إلى مجموعة صغيرة من 11 طفلاً فقط.

 

وفي الورقة البحثية الجديدة المنشورة في «نيتشر» في 15 (يونيو) 2023 اختبر «خوسيه كليمنتي» وزملاؤه هذه الطريقة مع مجموعة أكبر من 68 طفلاً مولودين قيصرياً حيث تقوم الممرضة بعد الولادة بفترة وجيزة بمسح فم وجسم كل طفل بشاش مبلل إما في محلول ملحي أو في السائل المهبلي للأم (لتجنب إمكانية نقل المرض عن غير قصد وقد استبعد الباحثون أي امرأة مصابة بالعدوى المنقولة جنسياً). ثم بعد ستة أسابيع أخذ الباحثون عينات من براز الأطفال ودرسوا ميكروباتهم البرازية ووجدوا أن الأطفال الذين تلقوا ميكروبات أمهاتهم المهبلية زادت لديهم مستويات بكتيريا الأمعاء وخاصة بكتيريا العصيات اللبنية إذ بدت الميكروبيومات الخاصة بهم أشبه بميكروبيومات الأطفال المولودين عن طريق المهبل أكثر من تلك الخاصة بالأطفال الآخرين الذين تم مسحهم بقطعة شاش مبللة بمحلول ملحي.

وتقول «ديبورا موني» الباحثة وطبيبة أمراض النساء والتوليد في جامعة كولومبيا البريطانية والتي لم تشارك في الدراسة إن حجم عينة الدراسة لا يزال أيضاً صغيراً جداً بحيث لا يمكن التوصل إلى استنتاجات قاطعة حول أي فوائد مرتبطة بالبذر المهبلي، حيث وجدت أن إعطاء الطفل ميكروبات أمه المهبلية لا يؤثر على بكتيريا الأمعاء في أكثر من 600 حالة.

كما أفادت دراسات أخرى إلى أن عوامل أخرى مثل الرضاعة الطبيعية تؤثر على ميكروبيوم أمعاء الطفل أكثر من طريقة الولادة وتضيف «موني» بأن ضخ المزيد من الجهد في دراسة البذر المهبلي ينشر الخوف دون داع من النتائج الصحية السلبية المرتبطة بالولادة القيصرية بالنسبة للجزء الأكبر. كما تقول إن الميكروبيومات للأطفال المولودين قيصريا والمولودين عن طريق المهبل تبدو متشابهة في وقت لاحق من الحياة وتضيف «نحن بحاجة إلى وقف الذعر بشأن هذا»

لكن «كليمنتي» لا يزال مقتنعا بأن المزيد من البحث في البذر المهبلي سيساعد العلماء على تحديد الميكروبات المحددة التي يحتاج الأطفال لمواجهتها في الساعات والأيام الأولى لمنحهم أفضل فرصة للنمو الصحي ويمكن للأطباء بعد ذلك تعريض الأطفال حديثي الولادة لهذا المزيج المعين من البكتيريا بدلاً من التشتت الجرثومي يقول: «نريد جميعاً المضي قدماً من تلقيح طفل بمزيج من أشياء مختلفة جداً».


مقالات ذات صلة

علماء يتوصلون لاختراق في علاج فقدان السمع المفاجئ

صحتك يعاني آلاف الأشخاص من فقدان السمع المفاجئ كل عام (رويترز)

علماء يتوصلون لاختراق في علاج فقدان السمع المفاجئ

توصلت دراسة هي الأكبر من نوعها إلى اختراق في علاج فقدان السمع الذي يصيب الأشخاص بشكل مفاجئ

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تناول الأسماك خلال الحمل قد يقلل من احتمالية إصابة الجنين بالتوحد (أ.ب)

تناول هذا الطعام خلال الحمل قد يقلل من خطر إصابة الجنين بالتوحد

أظهرت دراسة جديدة أن تناول الأسماك خلال الحمل قد يقلل من احتمالية إصابة الجنين باضطراب طيف التوحد، بنسبة 20 %.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي طفلة فلسطينية تتلقى لقاحاً ضد شلل الأطفال في مستشفى دير البلح بقطاع غزة (أ.ب)

الصحة الفلسطينية: 69 % تلقوا الجرعة الأولى من لقاح شلل الأطفال في غزة

قالت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الأحد، إن 69 % من أطفال قطاع غزة (من عمر يوم وحتى 10 سنوات) تلقوا الجرعة الأولى من لقاح شلل الأطفال.

صحتك مجموعة من حبوب الإفطار بمتجر في كوينز بمدينة نيويورك (رويترز)

تعرف على ما تفعله حبوب الإفطار في جسمك

يعرض التقرير كيف يتأثر جسمك بتناول الأطعمة المصنعة وخاصة حبوب الإفطار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 65 شخصاً في 9 ولايات أميركية أصيبوا بمرض السالمونيلا بعد تناولهم للبيض (رويترز)

البيض يتسبب في تفشي السالمونيلا في 9 ولايات أميركية

أفادت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 65 شخصاً في 9 ولايات أصيبوا بمرض السالمونيلا بعد تناولهم لبيض، تم سحبه من المتاجر فيما بعد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما أسباب الالتهابات الحادة للثة؟

التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)
التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)
TT

ما أسباب الالتهابات الحادة للثة؟

التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)
التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)

أفادت دراسة سويدية بأنّ الأشخاص الذين يعانون التهاب اللثة الحاد يُظهرون تغيّرات في تركيزات البروتينات المختلفة في دمائهم.

وأوضح الباحثون في جامعة «أوميو» بالسويد أنّ هذه النتائج تمثّل خطوة مهمّة نحو البحث عن العلامات الحيوية لمرض التهاب اللثة، وفهم الأسباب الكامنة وراءه، وفق النتائج المنشورة، الجمعة، في دورية «دنتال ريسرتش».

والتهاب اللثة هو مرض مزمن يصيبها، ويُسبّب تهيّجاً وإحمراراً وتورُّماً ونزيفاً في أجزائها المحيطة بقاعدة الأسنان، نتيجة تراكم «البلاك»؛ وهو طبقة لزجة تتكوّن أساساً من البكتيريا.

ومع الوقت، يمكن أن تتصلّب الطبقات اللزجة، وتتحوّل إلى «جير»، وتسبّب تهيُّج أنسجة اللثة والتهابها، ومن ثمّ تنتج فجوات عميقة بين الأسنان واللثة، حيث تزدهر البكتيريا.

ويؤدّي التهاب اللثة إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان، وفي الحالات الحادة يمكن أن يؤدّي إلى فقدانها.

وغالباً يعاني المصابون بها أمراضاً أخرى، مثل القلب والروماتيزم، ولكن الآليات التي تربط هذه الأمراض ببعضها لا تزال غير واضحة.

وخلال الدراسة، أجرى الفريق تحليلاً لبيانات جُمعت من نحو 1000 شخص تردّدوا على عيادات الأسنان في مقاطعتي فاستربوتن وغافلبورغ بالسويد.

وبيّنت الدراسة أنّ الأشخاص الذين يعانون التهاب اللثة يُظهرون تركيبة فريدة من البروتينات الالتهابية في دمائهم.

وعن أسباب الالتهابات، أشارت النتائج إلى أنّ المرض يرتبط بانخفاض كبير في مستويات بروتين يُدعى «EGF»، وهو أساسي لشفاء الجروح. كما تبيّن أنّ مستويات بروتين آخر مرتبط بأمراض القلب، هو «OLR-1» تكون أقل بشكل ملحوظ لدى المصابين بالتهاب اللثة مقارنةً بالأصحاء.

وأظهرت بحوث سابقة أنّ العامل الوراثي يلعب دوراً مهماً في التهاب اللثة، لكنّ الجينات المحدّدة المرتبطة بالمرض لا تزال غير معروفة.

ويعمل الباحثون حالياً على تحليل الحمض النووي للمشاركين لتحديد التغيّرات الجينية التي قد ترتبط بتطوّر المرض.

وقالوا إنه من خلال الجمع بين المؤشرات الجينية والبيولوجية، قد يصبح بالإمكان مستقبلاً التعرُّف على الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب اللثة الحاد. كما سيمكن هذا التقدُّم من تطوير علاجات مخصَّصة لإبطاء المرض، تستهدف العوامل المحدّدة التي تسهم في تطوره والمخاطر المرتبطة به.