«داكسي» أطول مفعولاً من «بوتوكس»... ومنافس للأدوية المضادة للتجاعيد

أول تقدم كبير في حقن الوجه منذ عقود

«داكسي» أطول مفعولاً من «بوتوكس»... ومنافس للأدوية المضادة للتجاعيد
TT

«داكسي» أطول مفعولاً من «بوتوكس»... ومنافس للأدوية المضادة للتجاعيد

«داكسي» أطول مفعولاً من «بوتوكس»... ومنافس للأدوية المضادة للتجاعيد

منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA موافقتها على دواء داكسي (داكسيفاي Daxxify) الجديد للاستخدام كحقنة لتخفيف تجاعيد الوجه لدى البالغين. وتعتبر أوساط طب الجلدية أنه المنافس الرئيسي الأول للبوتوكس Botox الذي يظهر منذ عقود.
ووفق إعلان الإدارة في 7 سبتمبر (أيلول) الحالي، كانت الموافقة لاستخدام حقن هذا الدواء الجديد في علاج الخطوط القطبية المتوسطة إلى الشديدة في تجاعيد الوجه Facial Wrinkles، ذات الصلة بعضلات منطقة ما بين الحاجين. وهي التي تؤثر في تكوين التجاعيد بمنطقة التقطيب، أي المناطق السفلية من الجبين فيما بين الحاجبين. ورغم أن العلاج الجديد لا يتوفر حتى اليوم في الأسواق العالمية للاستخدام العلاجي، إلا أن من المتوقع أن يتم ذلك في وقت ما خلال النصف الأول من العام القادم. ووفق ما تذكره الرابطة الأميركية لجراحة الجلد ASDS، ينتمي هذا الدواء المحتوي على عقار Daxibotulinumtoxin A، إلى عائلة من الأدوية تعرف باسم «المعدلات العصبية» Neuromodulators. والتي تشمل مجموعة من الأدوية السابقة، التي من بينها البوتوكس.

- «معدلات عصبية»
وأدوية فئة «المعدلات العصبية» تعمل بشكل أساسي على إزالة التجاعيد عن طريق حقن كمية دقيقة من سم البوتولينوم في العضلات المتسببة بها، مما يتسبب في استرخاء هذه العضلات، وزوال التجعدات الجلدية (الناجمة عن انقباض العضلات تلك)، وبالتالي تكوين مظهر أكثر سلاسة للجلد المغطى للعضلات تلك. ووفقاً للرابطة الأميركية لجراحة الجلد فإن هذا التأثير التجميلي سيتلاشى بمرور الوقت، ما يضطر الشخص إلى ضرورة تكرار أخذ عدة حقن جلدية كل عام، بغية دوام الحفاظ على مظهر بشرة خالية من التجاعيد في منطقة الجبين أو أي مناطق أخرى في الوجه.
وتدوم آثار حقن الأنواع المستخدمة حالياً من المعدلات العصبية عادة، حوالي ثلاثة أشهر في الغالب. ولكن الأمر المختلف والجديد في دواء داكسي، أنه قد يحافظ على إزالة التجاعيد لفترة أطول، تقارب ستة أشهر. وأظهرت نتائج التجارب الإكلينيكية التي تم تقديمها إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية لنيل موافقتها على استخدام هذا الدواء، أن لدى 80 في المائة من الأشخاص الذين تم حقن هذا الدواء الجديد موضعياً لديهم في منطقة التجاعيد، لم تحصل أي عودة مرئية للتجاعيد بعد أربعة أشهر، ولدى نصف المشاركين تقريباً لم تظهر البدايات الخفيفة للتجاعيد إلا بعد ستة أشهر.
وعلق الدكتور جوشوا زيشنر، الأستاذ المساعد ومدير التجميل والأبحاث السريرية في قسم الأمراض الجلدية في مستشفى ماونت سيناي في مدينة نيويورك، بالقول: «سيغير داكسيفاي بالتأكيد سوق المعدلات العصبية بسبب طول عمر تأثيره المتزايد». ويضيف د. زيشنر: «بينما يقال إن معظم المنتجات الأخرى (السابقة كالبوتوكس) تدوم في حدود ثلاثة إلى خمسة أشهر، فإن معظم المرضى يحصلون على تأثير لمدة ثلاثة أشهر فقط. وتشير التقارير إلى أن النتائج مع داكسيفاي تدوم حوالي ستة أشهر، مما يعني في النهاية عدداً أقل من الرحلات إلى العيادة، ومرضى أكثر سعادة».
وبالإضافة إلى مدة التأثير، فإن البوتوكس والمعدلات العصبية الأخرى السابقة، مصنوعة مما يعرف بألبومين المصل البشري أو الحيواني، بينما الدواء الجديد لا يحتوي على أي منتجات بشرية أو حيوانية، وهو مصنوع بدلاً من ذلك مباشرة من الببتيدات Peptides أو الأحماض الأمينية (الوحدات الأساسية في تكوين البروتينات). ولذا يقول أطباء الجلد إن الببتيدات قد تساعد في جعل تأثير العقار الجديد يدوم لفترة أطول. والفرق الثالث أنه على عكس البوتوكس وبعض المعدلات العصبية الأخرى التي تتطلب التبريد في درجات منخفضة أثناء الحفظ، فإن الدواء الجديد يمكن حفظه في درجة حرارة الغرفة.

- التجاعيد
وبالتعريف الطبي، فإن التجاعيد هي خطوط وثنيات سطحية تتشكل في الجلد، وقد تتطور بمرور الوقت إلى تجعدات عميقة أو شقوق. وظهور التجاعيد أمر طبيعي مع التقدم في العمر، وخاصةً في أجزاء الجلد المكشوفة، مثل حول العينين والجبين والفم في الوجه، ومقدمة الرقبة، واليدين والساعدين. وللتوضيح، مع تقدم العمر، تقل مرونة البشرة نتيجة لاضطراب إنتاج المواد الكولاجينية وغيرها، وينخفض إنتاج الزيوت الطبيعية، ما يجفف البشرة ويجعل تجاعيدها تبدو بشكل أوضح. كما أن التناقص في سمك طبقة الدهون تحت الجلد، يسبب في بشرة رخوة مترهلة، ويظهر خطوط التجاعيد وتشققاتها بشكل أكثر وضوحاً.
وإضافة إلى الموروثات الجينية، كعامل رئيسي في تحدد خصائص بنية الجلد وقوامه ودوام نضارته وتماسك مرونته، فإن التعرض للشمس سبب رئيسي آخر لظهور التجاعيد لدى عموم الناس، ولكن بشكل خاص لدى ذوي البشرة الفاتحة. وللتوضيح، فإن إفراط تعريض الجلد للأشعة فوق البنفسجية، هو السبب الرئيسي للتجاعيد المبكرة. لأنها تكسر مكونات الأنسجة الضامة في البشرة، أي ألياف الكولاجين والإيلاستين، داخل الطبقة العميقة من الجلد (الأدمة).
كما تلعب عوامل سلوكية أخرى في ظهور التجاعيد، كالتعرض للملوثات وطبيعية نوعية العمل والتدخين واضطرابات التغذية. وللتوضيح، فإن كثيرا من المواد الكيميائية الموجودة في دخان التبغ تتلف الكولاجين والإيلاستين Elastin في الجلد، وهما المكونان الرئيسيان في طبقة الأدمة من الجلد، ويعطيان البشرة قوام نضارتها. كما يضيق النيكوتين الأوعية الدموية في الطبقات الخارجية من الجلد، وهذا يضر بصحة الجلد عن طريق تقليل توصيل العناصر الغذائية والأكسجين إليه.
والإكثار من تناول السكريات الحلوة الطعم، يرفع من معدل السكر في الدم، ويزيد نشاط عملية التصاق السكريات بالبروتينات، لتتشكل بالتالي مركبات كيميائية جديدة، تسمى المنتجات النهائية المتقدمة للسكري Advanced Glycation End Products، وهذه المركبات الضارة تتلف الكولاجين، ما يجعله جافاً وهشاً وضعيفاً في بنية الجلد.
ويضيف أطباء الجلدية في مايوكلينك عاملاً آخر بقولهم: «إن تكرار حركات الوجه والتعبيرات، مثل التحديق أو الابتسام، يؤدي إلى ظهور الخطوط الدقيقة والتجاعيد. في كل مرة تستخدم فيها عضلة للوجه، تتشكل شقوق تحت سطح الجلد. ومع تقدم عمر الجلد، يفقد مرونته ولا يعود قادراً على العودة إلى مكانه. ثم تصبح هذه التشققات علامات دائمة في وجهك».

- أنواع تجاعيد الوجه
ومما تجدر الإشارة إليه لأهميته، ووفق ما تذكره الأكاديمية الأميركية لتجميل الوجه American Academy of Facial Esthetics، فإن هناك ثلاثة أنواع مختلفة من تجاعيد الوجه، وسبب نشوء كل منهما مختلف عن الآخر، ولذا يجب التعامل علاجيا مع كل منهما بشكل مختلف.
> الأول نوع ديناميكي Dynamic Wrinkles. وتنشأ «التجاعيد الديناميكية» بسبب حركة العضلات، مثل تلك التي تظهر عند الابتسام أو الضحك أو التحديق. وتشمل التجاعيد الديناميكية الشائعة تلك الخطوط الدقيقة حول العينين، والتي تزداد عمقاً عند الضحك أو العبوس، والتي تسمى «أقدام الغراب» Crow’s Feetـ، وكذلك خطوط التجاعيد على الجبين، وفيما بين الحاجبين. وهذه النوعية من التجاعيد ستنشأ لا محالة مع التقدم في العمر، ولكن أيضاً قد تحصل في وقت مبكر.
> والنوع الثاني ثابت Static Wrinkles. و«التجاعيد الثابتة» هي الطيات والخطوط التي تظهر عندما لا نشكل أي تعابير في الوجه (أي لا نستخدم عضلات الوجه)، وتتكون بسبب فقدان المرونة والكولاجين والإيلاستين وحمض الهيالورونيك Hyaluronic Acid في البشرة، كتلف ناتج عن طول وتكرار التعرض لأشعة الشمس أو التدخين. وفيها تصبح البشرة أكثر نحافة وجفافاً ورقة، وتتغير بالتالي صورة الوجه مع تقدم العمر بسبب فقدان الحجم وهيكلية بناء الجلد.
> والنوع الثالث يسمى تجاعيد الطيات Wrinkle Folds، وهو غالبا ما يكون بسبب ترهل مكونات هيكل الوجه وتأثير ثقلها بفعل الجاذبية الأرضية. كما فيما بين الأنف والفم، وترهل جلد الذقن.

- مقاربات مختلفة للتعامل العلاجي مع تجاعيد الوجه
تقدم كثير من العيادات والمنتجعات الصحية حقن البوتوكس كوسيلة وحيدة للقضاء على تجاعيد الوجه. ولكن من المهم أن نفهم ما يمكن أن يفعله البوتوكس، والأهم من ذلك ما لا يمكنه القيام به. وهو ما يشبه النجار الذي لا يحمل سوى المطرقة، لأن ما سيستخدمه هو المسمار فقط. وينطبق الشيء نفسه على البوتوكس، لأن العيادة أو المنتجع الصحي عندما يقدمان فقط حقن البوتوكس، فإن ذلك لا يعني أنه العلاج المناسب لجميع تجاعيد الوجه.
ويلخص أطباء الجلدية في مايوكلينك نصيحتهم بالقول: «إذا كنت تشعر بالقلق تجاه مظهر جلدك، راجع طبيب الجلد. يمكنه تقييم حالة جلدك ومساعدتك في عمل خطة مخصصة لك للعناية بالجلد وبمعالجة التجاعيد الطبية أيضاً».
وتقدم أوساط طب الجلدية عدداً من الحلول للتخفيف من مظهر التجاعيد الجلدية عند حصولها، كما تبذل جهوداً مقابلة في استخدام وسائل الوقاية لتأخير ظهورها بشكل مبكر.
وتلك الحلول العلاجية يتم انتقاء كل منها وفق نوعية التجاعيد وعمقها وسبب ظهورها. وما يفيد في البعض منها، قد لا يفيد البتة في البعض الأخر. وفي هذا الشأن، ثمة عدد من الأدوية الموضعية أو الأدوية التي يتم حقنها في الجلد، وعدة أنواع من تقنيات تغطية التجاعيد (تجديد سطح البشرة)، وأنواع مختلفة من حشوات الحقن الجلدية، وكذلك المعالجات الجراحية، ذات الفاعلية في تخفيف أو إزالة مظاهر التجاعيد الجلدية المختلفة الأسباب والأنواع.
وعلى سبيل المثال، ففي التجاعيد الديناميكية، قد تفيد حقن الأدوية التي تعمل على ارتخاء العضلات، للتخفيف من مظهر تلك التجاعيد. بينما للتجاعيد الساكنة فإن الحل الأفضل هو الحشوات التي تحقن فيها. ولذا يتم التعامل مع التجاعيد المختلفة في الوجه بالوسيلة الملائمة، وغالباً ما يتطلب ذلك الجمع مع حقن البوتوكس مع حقن الحشوات.
وثمة كريمات ترطيب التجاعيد، وتحتوي على الرتينويدات، المستمدة من فيتامين إيه A، أو مواد مضادة للتأكسد أو أحماض ألفا هيدروكسي أو غيره. وهي تفيد في تقليل فرص ظهور وإخفاء التجاعيد الدقيقة والبقع والخشونة على الجلد. وأيضاً بعضها مفيد في إزالة الطبقة العليا من الجلد الميت وتحفيز نمو الجلد الجديد.
وبالإضافة إلى ذلك، ثمة مجموعة متنوعة من الإجراءات التدخلية للتخلص من التجاعيد. والتي منها:
> تجديد سطح الجلد بالليزر أو بالعلاج الضوئي الديناميكي PDT، أي إزالة الطبقة الخارجية للجلد (البشرة) وتسخين الجلد الأساسي (الأدمة)، لتحفيز نمو ألياف كولاجين جديدة وجعل جلد أكثر سلاسةً وشدة. ولكنها وسيلة لا تفيد في إزالة الجلد الزائد أو المترهل.
> التقشير الكيميائي أو سنفرة الجلد (تسحيج الجلد)، أي إزالة الطبقات العليا من الجلد، لتسهيل عودة نموه بشكل أكثر نعومة. ووفق عمق عملية التقشير، وتكرار أجرائها، سيكون وضوح نتائج ذلك، وزوال آثاره الجانبية (احمرار البشرة والتورم الموضعي).
> حقن البوتوكس أو غيره من فئة أدوية المعدلات العصبية. وهو كما يقول أطباء الجلدية في مايوكلينك: «جيد الفعالية تجاه خطوط التجهم بين الحاجبين وعبر الجبهة وعلى تجاعيد العين عند زوايا العين. يستغرق الأمر من يوم إلى ثلاثة أيام لرؤية النتائج. يستمر التأثير عادةً بضعة أشهر. يتعين تكرار الحقن للحفاظ على النتائج».
> حقن حشوات من الأنسجة الرخوة. أي حقن الدهون والكولاجين وحمض الهيالورونيك وغيره، في التجاعيد على الساكنة بالوجه. وهي تملأ وتنعم التجاعيد، ولكن تأثير معظم المنتجات مؤقت، كما البوتوكس.
> عمليات شد الوجه الجراحية. وفي حالات قد يتطلب التغلب على التجاعيد الناجمة عن الترهل بفعل ثقل الجلد والجاذية الأرضية كالتجاعيد المتقدمة في منطقة الذقن أو الرقبة أو الفك. وهذه يتقن إجرائها الجراح التجميلي المتخصص.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول
TT

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

المغنيسيوم والنوم

• ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

- هذا ملخص أسئلتك. والواقع أن إحدى الدراسات الطبية الواسعة النطاق قد كشفت أن تناول المغنيسيوم بكميات صحية يرتبط بنوم عدد طبيعي من الساعات. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول المغنيسيوم بكميات أقل ارتبط إما بمدة نوم أقصر أو أطول من الطبيعي.

ولكن تجدر ملاحظة أن الجرعة المثلى من المغنيسيوم للنوم تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العمر والأمراض المصاحبة التي قد تكون لدى الشخص.

وبالأساس، ووفقاً للمبادئ التوجيهية الطبية الحديثة، يوصى بتناول ما بين 310 و360 مليغراماً يومياً من المغنيسيوم للنساء، وما بين 400 و420 مليغراماً للرجال. وتحتاج النساء الحوامل إلى ما بين 350 و360 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً.

وأشارت إحدى الدراسات الإكلينيكية إلى أن تناول 500 مليغرام يومياً من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم، لمدة 8 أسابيع، يزيد من مدة النوم (Sleep Duration)، ويقلل من زمن فترة «كمون بدء النوم» (Sleep Latency)، وذلك لدى كبار السن. وتُعرّف فترة «كمون بدء النوم» بأنها الفترة الزمنية اللازمة للانتقال من حالة اليقظة التامة إلى حالة النوم وفقدان الوعي.

ومع ذلك، يجدر أيضاً ملاحظة أن هناك أنواعاً مختلفة من مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم في الصيدليات، بما في ذلك أكسيد المغنيسيوم، وسترات المغنيسيوم، وهيدروكسيد المغنيسيوم، وغلوكونات المغنيسيوم، وكلوريد المغنيسيوم، وأسبارتات المغنيسيوم. وكل نوع من هذه الأنواع من مكملات المغنيسيوم له معدل امتصاص مختلف.

ولذا يُنصح كبار السن (وفق ما تسمح به حالتهم الصحية والأمراض المرافقة لديهم) الذين يعانون من الأرق، بتناول ما بين 320 و729 مليغراماً من المغنيسيوم يومياً من نوع أكسيد المغنيسيوم أو سترات المغنيسيوم. وهذا يمكن التأكد منه عبر سؤال الصيدلي.

وللتوضيح، استخدمت العديد من الدراسات مؤشر جودة النوم في بيتسبرغ (PSQI) كمقياس أساسي للنوم لتقييم تأثير مكملات المغنيسيوم المختلفة. وتمت مقارنة تأثيرات أنواع أكسيد المغنيسيوم وكلوريد المغنيسيوم وسترات المغنيسيوم وأسبارتات المغنيسيوم، على جودة النوم.

وأشارت هذه الدراسات إلى أنه من بين جميع مكملات المغنيسيوم، تعمل أقل جرعة من أكسيد المغنيسيوم على تحسين جودة النوم. وعلى النقيض من ذلك، لم يُظهر كلوريد المغنيسيوم أي تحسن كبير في النوم. ويمكن لمكملات حبوب أسبارتات المغنيسيوم أن تعزز النوم فقط عند تركيز مرتفع للغاية يبلغ 729 مليغراماً.

كما يجدر كذلك ملاحظة أنه ليس من الضروري الحصول على المغنيسيوم من خلال تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم فقط؛ لأنه أيضاً موجود في أنواع مختلفة من الأطعمة، وبكميات وفيرة تلبي حاجة الجسم وزيادة. ولذا يمكن أن يلبي الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالمغنيسيوم المتطلبات اليومية. وعلى سبيل المثال، يمكن للمرأة غير الحامل البالغة من العمر 40 عاماً تلبية توصيات تناول المغنيسيوم اليومية، بتناول كوب واحد من الكينوا المطبوخة أو كوب واحد من السبانخ المطبوخة أو نحو 30 غراماً من مكسرات اللوز.

ورابعاً، تجدر ملاحظة ضرورة استشارة الطبيب قبل تناول مكملات المغنيسيوم، لسببين رئيسيين. الأول: أن تناول مستحضرات أدوية مكملات المغنيسيوم قد يتفاعل مع أدوية أخرى. وعلاوة على ذلك، فإن تناول جرعة عالية من مكملات المغنيسيوم يمكن أن يسبب الغثيان والإسهال والتشنج العضلي لدى بعض الأشخاص. وعلى النقيض من ذلك، فإن تناول كميات أكبر من المغنيسيوم من مصادر غذائية يعد آمناً إلى حد كبير لأنه يتم هضمه ببطء أكبر ويفرز الزائد منه عن طريق الكلى.

ولا توجد إجابة محددة حتى اليوم لتفسير ذلك الدور الدقيق للمغنيسيوم في تنظيم النوم. وعلى الرغم من أن الأمر غير مفهوم بشكل جيد، فقد اقترح العلماء كثيراً من الآليات التي يمكن من خلالها التأثير على النوم. ومن ذلك الدور النشط للمغنيسيوم في «ضبط» مدى استثارة الجهاز العصبي المركزي. وتحديداً دوره في «خفض» استثارة الجهاز العصبي عبر تأثير المغنيسيوم على النوم من خلال مشاركته في تنظيم نظام جابا (GABA) في الدماغ.

وأيضاً الدور النشط للمغنيسيوم في تحفيز استرخاء العضلات من خلال خفض تركيز الكالسيوم داخل خلايا العضلات. وكذلك تأثيره على مناطق تشابك الأعصاب بالعضلات.

كما يُطرح علمياً تأثير المغنيسيوم على تنظيم الساعة البيولوجية وعلى إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون النوم الذي يفرزه الدماغ بكميات متصاعدة من بعد غروب الشمس وانخفاض تعرّض الجسم للضوء. وقد أظهرت دراسات أن نقص المغنيسيوم يقلل من تركيز الميلاتونين في البلازما، ما قد يعيق سهولة الخلود إلى النوم.

كما أشارت الأبحاث الحالية إلى أن مكملات المغنيسيوم تقلل من تركيز الكورتيزول في الدم (هرمون التوتر)، وبالتالي تُهدئ الجهاز العصبي المركزي وتتحسن جودة النوم.

عدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

• تناولت دواء خفض الكوليسترول، وتسبب لي بالتعب وآلام العضلات... بمَ تنصح؟

- هذا ملخص أسئلتك عن تناولك أحد أنواع أدوية خفض الكوليسترول من فئة أدوية الستاتين، وتسببه لك بآلام عضلية. وأول جانب من النصيحة هو التأكد من وجود هذه المشكلة المرتبطة بأدوية الستاتين بالفعل؛ لأن من المهم تناول أدوية خفض الكوليسترول وعدم التوقف عنها، إلا لضرورة.

ولذا لاحظ معي أن أدوية فئة ستاتين (مثل ليبيتور أو كرستور) تُعد الخط الأول لمعالجة ارتفاع الكوليسترول. إلا أن بعض المرضى قد يعانون من آثار جانبية، إما أن تمنعهم من استخدام أحد أدوية الستاتين على الإطلاق، أو تحد من قدرتهم على تحمل الجرعة اللازمة منها لخفض الكوليسترول كما هو مطلوب ومُستهدف علاجياً. وهو ما يُطلق عليه طبياً حالة «عدم تحمّل الستاتين».

ووفق ما تشير إليه الإحصاءات الطبية، فإن «عدم تحمّل الستاتين» قد يطول 30 في المائة من المرضى الذين يتناولون أحد أنواع هذه الفئة من أدوية خفض الكوليسترول. وعدم تحمل الستاتين يشير إلى مجموعة من الأعراض والعلامات الضارة التي يعاني منها المرضى وتتخذ عدة مظاهر. والشكوى الأكثر شيوعاً هي أعراض: إما آلام (دون اللمس والضغط) أو أوجاع (عند اللمس والضغط) أو ضعف أو تشنجات عضلية مختلفة. وتؤثر عادةً على مجموعات العضلات المتناظرة (على الجانبين) والكبيرة والدانية في القرب إلى منتصف الجسم.

وقد يرافق ذلك ارتفاع أنزيم العضلات أو عدم حصول ذلك. كما قد يتسبب بمشاكل في الكلى، أو لا يتسبب بذلك.

ولذا يحتاج الأمر تشخيص وجودها والتعامل الطبي معها لدى مريض ما، وأيضاً تنبه المرضى إلى «بوادر» ظهورها ووضوح في كيفية تعاملهم معها.

ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تم تحديد عوامل خطر الإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، بما في ذلك التقدم في السن، والجنس الأنثوي، والتاريخ العائلي للإصابة بالألم العضلي المرتبط بالستاتين، وتعاطي الكحول، والأمراض الروماتيزمية، ونقص فيتامين دي المُصاحب. كما أن بعض الأدوية يمكن أن تزيد من المخاطر: الكولشيسين (مضاد التهابات)، فيراباميل أو ديلتيازيم (أدوية قلبية)، الفايبريت (لخفض الدهون الثلاثية)، كلاريثروميسين والإريثروميسين (مضادات حيوية).

ولكن التشخيص الإكلينيكي لهذه الحالة قد يَصعُب على الطبيب. ومع ذلك قد يكون ارتفاع مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) مشيراً إلى وجود هذه المشكلة. إلا أنه عادة ما يكون مستوى أنزيم العضلات (الكرياتين كيناز) طبيعياً؛ أي دون وجود التهاب وتحلل في الخلايا العضلية. وهنا يلجأ الطبيب إلى مدى وجود العوامل التي ترجح التشخيص الإكلينيكي للاعتلال العضلي المرتبط بالستاتين، والتي منها:

· ألم أو ضعف في العضلات الكبيرة القريبة، يتفاقم بسبب ممارسة الرياضة.

· تبدأ الأعراض بعد 2 إلى 4 أسابيع من بدء تناول الستاتين.

· زوال الأعراض خلال أسبوعين من التوقف.

· تعود الأعراض خلال أسبوعين بعد إعادة تناول الستاتين.

· ظهور الأعراض عند تعاقب تناول نوعين مختلفين أو أكثر من الستاتينات؛ حيث يتم وصف واحدة منها على الأقل بأقل جرعة.

ووفق عدة مُعطيات، يتعامل الطبيب المتابع لحالة الشخص المعين مع هذه المشكلة لكل مريض على حدة.