ظاهرة «الإفراط الدوائي» عند المسنين

قد تقود إلى آثار جانبية سيئة والتنويم في المستشفيات

ظاهرة «الإفراط الدوائي» عند المسنين
TT

ظاهرة «الإفراط الدوائي» عند المسنين

ظاهرة «الإفراط الدوائي» عند المسنين

تشير التقارير إلى أن أكثر من 40 في المائة من كبار السن الأميركيين يتناولون بانتظام 5 أو أكثر من الأدوية الموصوفة، وما يقرب من 20 في المائة يأخذون أكثر من 10 أدوية. وعندما يتم تضمين الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية، يأخذ ثلثا كبار السن 5 أدوية أو أكثر. وكان تقرير لمعهد لوون (Lown Institute) في بوسطن بأميركا، قد أشار إلى ذلك في بداية عام 2020. واضاف أنه بسبب الآثار الجانبية الخطيرة لدواء واحد أو أكثر يدخل 750 أميركياً من كبار السن المستشفى يومياً، وتزداد احتمالات التعرض لرد فعل سلبي خطير لدواء ما بنسبة 7 إلى 10 في المائة مع كل دواء إضافي. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن المعهد يتوقع أنه خلال العقد المقبل سيكون هناك أكثر من 4.5 مليون دخول إلى المستشفى من كبار السن بسبب الآثار الجانبية الخطيرة للأدوية.
ويتوقع أن تنفق الولايات المتحدة خلال العقد المقبل 62 مليار دولار تكاليف التنويم بالمستشفيات بسبب كثرة استخدام الأدوية، والأهم من ذلك، أن ضرر هذه الأدوية سيؤدي إلى الوفاة المبكرة لأكثر من 150 ألف أميركي من كبار السن.
كيف تواجه المملكة هذه المشكلة بشكل عام؟ وكيف واجهتها مع حجاج موسم حج هذا العام بشكل خاص؟ وما أسباب ظاهرة «الإفراط الدوائي» عند المسنين؟ وما الآثار الجانبية المترتبة عليها؟ وهل الوقاية ممكنة؟ وما دور الأمن الدوائي؟

- مؤتمر طبي
حرصت المملكة العربية السعودية كعادتها في كل عام على وضع الإجراءات والاحتياطات الصارمة من أجل جعل الحج آمناً وخالياً من الأمراض والمشاكل الصحية المختلفة. وعليه، وقبل سويعات من توجه الحجاج إلى منطقة المشاعر المقدسة، عقدت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع بالتعاون مع شركة فايزر السعودية المحدودة مؤتمراً طبياً تضامناً مع اهتمام وزارة الصحة وكل القطاعات الأخرى في المملكة بالجانب الوقائي التوعوي في منظومة الخدمات الطبية والعلاجية التي تقدمها للحجاج لحمایتھم أثناء تأدیتھم مناسك الحج. شارك في المؤتمر التوعوي مجموعة من المتحدثين من تخصصات مختلفة سلطوا الضوء على أهم سبل الوقاية من الأمراض خلال وجودهم في الأماكن المزدحمة ومنها الأمراض المعدية والأكثر شيوعاً منها في التجمعات والحشود البشرية مرض كورونا (كوفید - 19)، وأهمية تناول الأدوية الخاصة بكل حاج دون إفراط أو إهمال.
كان من أبرز المتحدثين الدكتور هاني الهاشمي مدير الإدارة الطبية الذي سلط الضوء على المشاكل الصحية التي تحدث عادة في التجمعات البشرية والزحام، وأعطى أمثلة عليها (كحدث ديني) منطقة المشاعر المقدسة، و(كحدث رياضي) حضور مباريات كأس العالم وكأس أميركا وكأس أوروبا وسواها. وأضاف أن الإشكالية تبدأ، عادة، عند انتهاء هذه الفعاليات ويعود الناس إلى منازلهم مع احتمال نقلهم العدوى لأهاليهم إذا لم يتم العمل على احتوائها وتطبيق الاحترازات الوقائية جيداً.

- صحة كبار السن
تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة فخر بنت زهير الأيوبي صيدلانية إكلينيكية لأمراض القلب في العناية القلبية المركزة رئيسة مجموعة الصيادلة المتخصصة بجمعية القلب السعودية أستاذة مساعدة بكلية الصيدلة جامعة الملك سعود وإحدى المتحدثات في المؤتمر، وعرفت في البداية «الشيخوخة» بأنها مرحلة العمر التي تبدأ فيها الوظائف الجسدية والعقلية في التدهور بصورة أكثر وضوحاً مما كانت عليه في الفترات السابقة من العمر، وأن من أهم أهداف طب المسنين أو طب الشيخوخة حماية صحة المُسن وجعله يعيش مرحلة شيخوخة آمنة، وتحسين جودة الحياة، وتخفيف آثار التقدم في السن، وتحفيز زيادة الأمان وحفظ الكرامة والراحة والاستقلالية للمسن، حيث نشأ هذا الفرع من الطب لخصوصية المسن واختلافه عن الفئات العمرية الأخرى.
ولقد اختلفت الآراء كذلك في الوقت الذي تبدأ فيه الشيخوخة، وأوضحت دراسات عدة أن التقدم في السن، وبالتالي ظهور أعراض الشيخوخة سواء جسمياً أو نفسياً أو عقلياً، قد يبدأ في أي مرحلة من مراحل العمر. فالقدرات عامة تبدأ في التغير ابتداء من سن العشرين، ومن جهة أخرى، فمن المعروف أن سن الشخص قد لا يكون بالضرورة متفقاً واحتفاظه بوظائفه البدنية.
وأضافت الدكتورة الأيوبي أن الذين تخطوا سنين عمرهم الخمسين أو فوق يشعرون أن كل شيء فيهم يتغير ويهبط، ويتمرد على ذلك النظام الذي كان يسري في أجسامهم قبل ذلك، وكأنما بصمات السنين قد تركت آثارها على ظاهرهم وباطنهم، فبشرة الجلد الغضة اللينة أصبحت متجعدة ومتهدلة، وبرزت عروق الأطراف، وضعف البصر وزاغ، وانخفضت كفاءة السمع، ووهن العظم، واشتعل الرأس شيباً بتحول سواد الشعر إلى بياضه، ونقصت معدلات الاستقلاب العامة.
وهكذا يدخل الجسم في مرحلة الضعف ببطء بعد أن تركها حيث كان طفلاً، ثم دخل في مرحلة القوة والشباب، حتى إن زاوية الفك السفلي تكون منفرجة عند الأطفال، ثم تصبح قائمة أو حادة عند الشباب، ثم تعود لتصبح منفرجة عند الكهولة كما كانت وقت الطفولة.
لذلك لا بد من اتخاذ خطوات وإرشادات خاصة في التعامل مع علاج المرضى من هذه الفئة العمرية وبشكل يحفظ لهم الأمان الدوائي وعدم تعرضهم لمضاعفات الإفراط في تناول الأدوية.

- الإفراط الدوائي
ما الإفراط الدوائي؟ وما أهميته لكبار السن؟ تجيب الدكتورة فخر الأيوبي بأنه استخدام عدة أدوية أكثر مما يحتاجه المريض فعلياً مما يمثل استخداماً عشوائياً للدواء وقد ينعكس على المريض بمشاكل صحية مختلفة نتيجة للآثار الجانبية للدواء بذاته أو لتفاعلات جانبية مع غيره من الأدوية.
ويعد الإفراط الدوائي من المشاكل الشائعة لدى كبار السن، فمن خلال دراسات وأبحاث علمية موثقة قُدّر بأن 40 في المائة من كبار السن يستعملون ما يزيد على خمسة أدوية، و12 في المائة يستعملون ما يزيد على 10 أدوية. والإفراط الدوائي ينتج عن سلوكيات مختلفة يشترك فيها الطبيب والمريض والمجتمع عموماً، وأهميته تكمن في الخطورة التي يمثلها، ومن أبرزها دخول كبار السن للمستشفيات وزيادة عدد الوفيات نتيجة للآثار الجانبية أو التفاعلات الجانبية الحاصلة، مع العلم بأن الوقاية من الإفراط الدوائي عملية ميسرة وممكنة. في بعض الأحيان، تكون الأدوية آمنة إن أخذت وحدها ولكنها تصبح غير آمنة إن اجتمعت مع غيرها وهو ما يعرف بالتفاعلات الدوائية الجانبية.
ما أسباب الإفراط الدوائي؟ تقول الدكتورة فخر الأيوبي إن الأسباب تنقسم إلى ثلاثة مستويات، وهي:
> أولا: أسباب تتعلق بالمريض
- تعدد الأمراض والأطباء والصيدليات.
- التنويم في المستشفى.
- توقعات المريض وتطلعاته.
- التردد في إيقاف الأدوية حسب تعليمات الطبيب.
- أخذ الأدوية بناء على توصيات شخصية أو أسرية أو مجتمعية.
> ثانياً: أسباب تتعلق بالممارس الصحي
- تعدد الأطباء والصيدليات.
- عدم مراجعة أدوية كبار السن بصفة دورية ومنتظمة.
- عدم وجود صيدلي مثقف أثناء صرف وإعطاء الدواء.
- معالجة الآثار الجانبية لبعض الأدوية بأدوية أخرى بدلاً من إيقاف الدواء المسبب واستبداله.
- التردد في إيقاف الأدوية غير الضرورية أو غير المفيدة للمريض.
> ثالثاً: أسباب تتعلق بالنظام الصحي
- عدم وجود طبيب خاص للمريض كطبيب أسرة.
- السماح للمريض بتعدد الأطباء والصيدليات والملفات الطبية في عدة مستشفيات في المملكة في الوقت نفسه دون أن يوجد نظام ربط أو يوجد ملف طبي للمريض في كل مكان بالمملكة.

- آثار الإفراط
- زيادة نسبة الآثار الجانبية للأدوية وتفاعلاتها، وما يترتب عليها من زيارات متكررة للطبيب أو تنويم في المستشفى.
- زيادة نسبة الأخطاء الطبية المتعلقة بصرف الأدوية.
- زيادة التكلفة على المريض وعلى النظام الصحي.
- انخفاض نسبة المواظبة على الدواء وأخذه بالطريقة الصحيحة.
- انخفاض نسبة المشاركة في الأنشطة المجتمعية والمناسبات.
وفي كل زيارة للطبيب المعالج، يجب على المريض أو المرافق معه أن يُحضر جميع الأدوية المستخدمة أو على الأقل إحضار قائمة تشمل: اسم الدواء الطبي والتجاري والجرعة المستخدمة. وجميع الأدوية التي صرفت بوصفة طبية أو دونها بما في ذلك الفيتامينات والأدوية العامة مثل البانادول. وأي منتج عشبي أو طبيعي مستخدم.
وخلال زياة المريض للعيادة، يُقَيِّمُ الطبيبُ الحالةَ ويتأكد من الآتي: ما إذا كان المريض لا يزال بحاجة لكل الأدوية التي يأخذها حالياً. ووجود مزيج من الأدوية التي يمكن أن تسبب مشكلة أو تفاعلاً دوائياً غير محبب.
ووجود أي أعراض جانبية لها علاقة بالأدوية التي يتناولها المريض.
والتأكد من المواظبة على العلاج واتباع التعليمات الخاصة به.

- الأمن الدوائي
أوضحت الدكتورة فخر الأيوبي أن «الأمن الدوائي» يعني ببساطة: عدم إعطاء المريض أدوية هو ليس بحاجة لها، وعدم إعطاء أدوية منتهية الصلاحية، وعدم إعطاء أدوية بجرعات عالية أو حتى منخفضة، وعدم إعطاء دواءين بتفاعلات دوائية مباشرة وغير مباشرة، وعدم إعطاء الدواء بطريقة غير صحيحة مثل إعطائه بالوريد بدل العضل أو بالفم بدل الوريد، وهكذا من الأمور التي لا بد للصيدلي وللطبيب ثم للممرض ولجميع الكادر الطبي ملاحظتها ومتابعتها خطوة بخطوة للوصول بالعلاج الدوائي إلى القمة في الأمان الدوائي بالرعاية الطبية للمريض.
وفيما يلي عشر معلومات تثقيفية عند كتابة أي دواء لأول مرة:
- لماذا وُصف هذا الدواء؟
- هل سيستمر تناوله للأبد؟
- ما الآثار الجانبية المتوقعة له؟
- كيف يتم التصرف حال حدوثها؟
- متى يجب إيقاف الدواء؟
- هل يمكن أخذه مع أدوية أخرى موصوفة سابقا؟
- ماذا سيحدث إذا توقف عن تناوله فجأة؟
- هل هناك أي أغذية أو أعشاب يجب تجنبها مع هذا الدواء؟
- إبقاء الأدوية في عبواتها الأصلية وقراءة التعليمات التي تأتي معها.
- إبعاد الأدوية عن متناول الأطفال.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

فيتامين شائع يضاعف بقاء مرضى سرطان البنكرياس على قيد الحياة

صحتك مصابة بالسرطان (رويترز)

فيتامين شائع يضاعف بقاء مرضى سرطان البنكرياس على قيد الحياة

قالت دراسة جديدة إن تناول جرعات عالية من فيتامين «سي» قد يكون بمثابة اختراق في علاج سرطان البنكرياس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
أفريقيا المرض الغامض أودى بحياة أكثر من 67 شخصاً (رويترز)

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أعلن وزير الصحة في إقليم كوانغو بجنوب غربي الكونغو، أبولينير يومبا، اليوم (الأربعاء)، وفاة 67 شخصاً على الأقل في الأسبوعين الماضيين نتيجة مرض غامض.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا )
صحتك القلب لديه نظامه العصبي المعقد الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية للتحكم في إيقاعه (معهد كارولينسكا)

القلب له دماغه الخاص

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من معهد كارولينسكا في السويد بالتعاون مع باحثين من جامعة كولومبيا الأميركية، أن القلب لديه دماغ صغير عبارة عن نظام عصبي خاص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فيتامين شائع يضاعف بقاء مرضى سرطان البنكرياس على قيد الحياة

مصابة بالسرطان (رويترز)
مصابة بالسرطان (رويترز)
TT

فيتامين شائع يضاعف بقاء مرضى سرطان البنكرياس على قيد الحياة

مصابة بالسرطان (رويترز)
مصابة بالسرطان (رويترز)

قالت دراسة جديدة إن تناول جرعات عالية من فيتامين «سي» قد يكون بمثابة اختراق في علاج سرطان البنكرياس.

وبحسب شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد أجريت الدراسة بواسطة باحثين في كلية الطب بجامعة أيوا، حيث اختبرت تأثير إضافة جرعات عالية من فيتامين «سي» إلى أدوية العلاج الكيميائي الوريدي لمرضى سرطان البنكرياس.

ووجد الباحثون أن إعطاء المرضى 75 غراماً من هذا الفيتامين ثلاث مرات في الأسبوع ضاعف معدلات البقاء على قيد الحياة الإجمالية للمرضى المصابين بسرطان البنكرياس في مرحلة متأخرة من ثمانية أشهر إلى 16 شهراً.

وقال الباحث الرئيسي بالدراسة، الدكتور جوزيف كولين، أستاذ الجراحة وعلاج الأورام بالإشعاع في جامعة أيوا، إن هذه النتائج جاءت بعد 20 عاماً من البحث حول فيتامين «سي».

وأضاف: «لقد وجدنا أن استخدام فيتامين سي بجرعات عالية (نجح بشكل رائع) في قتل الخلايا السرطانية، وإطالة معدلات بقاء المرضى على قيد الحياة».

ويتوقع كولين أن يساعد فيتامين سي الوريدي أيضاً في مكافحة أنواع أخرى من السرطان، مشيراً إلى أنه وزملاءه يبحثون حالياً في هذا الأمر.

ويوجد فيتامين سي بشكل أساسي في العديد من الأطعمة مثل الحمضيات والطماطم والبطاطس والبروكلي والفراولة والملفوف والسبانخ.

ويمكن أن يساعد هذا الفيتامين في نمو الأنسجة وإصلاحها، وإنتاج الكولاجين، وشفاء الجروح، وصحة العظام والجلد، ودعم المناعة.