بينما أعلن أحد قيادي حزب «العمال الكردستاني» أن الحزب لن يقدِم على أي خطوة أخرى في إطار «عملية السلام» مع تركيا قبل إطلاق زعيمه عبد الله أوجلان واتخاذ الخطوات القانونية والدستورية لتوسيع حقوق الأكراد، كشفت مصادر أمنية تركية عن خريطة طريق لنزع أسلحة الحزب.
وحسب المصادر، فإن الخطة ستنفذ بالتدريج وتشمل المناطق التي يوجد بها مسلحو «العمال الكردستاني» في شمال العراق بالتدريج، بينما تبقى عملية نزع أسلحة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامها، رهناً للمفاوضات الجارية مع حكومة دمشق.
وأعلن «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سحب جميع مسلحيه من الأراضي التركية إلى مناطق الدفاع الإعلامي (ميديا) في شمال العراق.
مراحل نزع السلاح
وأعقب ذلك إعلان الحزب الانسحاب من مواقع في منطقة زاب الاستراتيجية بشمال العراق؛ تلافياً لأي اشتباكات محتملة مع القوات التركية.

ونقلت صحيفة «صباح»، القريبة من الحكومة التركية، الاثنين، عن المصادر الأمنية أن هناك 4 كهوف في منطقة زاب، التي أعلن الحزب انسحابه منها، وأن وحدات من القوات التركية فتشتها وأكدت الانسحاب منها.
وأضافت أن مسلحي الحزب خلفوا وراءهم جميع الأسلحة والذخائر والمواد اللوجيستية في الكهوف، وتم تدميرها، ولم يعثر على أسلحة ثقيلة.
ولطالما كانت زاب معقلاً لحزب «العمال الكردستاني» لسنين، ويعدّ انسحابه منها خطوة ملموسة نحو نزع أسلحته بالكامل، استجابة لنداء «السلام والمجتمع الديمقراطية»، الذي أطلقه أوجلان من سجنه في جزيرة إيمرالي، غرب تركيا، في 27 فبراير (شباط) الماضي لحل الحزب والتخلي عن الأسلحة وبدء مرحلة من العمل السياسي في إطار ديمقراطي قانوني.

وقالت المصادر إن هناك كهفين في منطقة متينا في شمال العراق، ومن المتوقع اكتمال الانسحاب منهما في الأسابيع المقبلة لتكمل القوات التركية بذلك تطهير المناطق التي تشملها عملية «المخلب - القفل» التي تنفذها منذ أبريل (نيسان) 2022 لإنهاء وجود حزب «العمال الكردستاني» نهائياً في شمال العراق، والتي نجحت إلى حد كبير في إبعاد عناصره من المنطقة بعد اشتباكات تعدّ الأشد عنفاً، شاركت فيها عناصر من القوات الخاصة التركية.
وتتضمن المرحلة التالية، حسب المصادر، إخلاء منطقتي غارا وهاكورك المشمولتين في العملية. وحسب خريطة الطريق، سيقوم أعضاء حزب «العمال الكردستاني» المتمركزون على طول ممر سنجار - مخمور في شمال العراق، حيث يتم تقديم الدعم اللوجيستي لفرع الحزب في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، بتسليم أسلحتهم أيضاً.
وضع قادة «الكردستاني»
وتطرقت المصادر التركية إلى وضع كبار قادة «العمال الكردستاني» في جبل قنديل في شمال العراق، قائلة إنه سيتم توضيح وضعهم من خلال قوانين ستصدرها تركيا، وإنه لن يُسمح لهم بالبقاء في العراق أو سوريا أو تركيا، وإن من بين الخيارات المطروحة إرسالهم إلى الدول الاسكندنافية.

ولفتت المصادر إلى وجود فئة تمثل نحو 30 في المائة داخل «العمال الكردستاني» تقاوم نزع الأسلحة، وأن المخابرات التركية تحتفظ بمعلومات عن نحو 85 في المائة من أعضائه. وتحدّد هذه القائمة، التي أُعدّت بالتنسيق مع السلطات العراقية، هويات المتورطين في جرائم وغير المتورطين فيها.
ويقدَّر المسؤولون أن الغالبية العظمى منهم لم يتورطوا في جرائم، نتيجة نجاح تركيا في السنوات الـ10 الأخيرة في القضاء على وجود حزب «العمال الكردستاني» داخلها ومنع أنشطته خارجها لتتضاءل قدرته على شن هجمات.
موقف أوجلان
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين بالحكومة التركية، أنه بينما توشك عملية نزع أسلحة «العمال الكردستاني» على الانتهاء، لا تزال هناك بعض المشكلات بشأن حل «قسد» في سوريا، لكن واشنطن أصبحت أكثر انفتاحاً على دعم تنفيذ اتفاق دمجها في الجيش السوري.

في السياق، قالت نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، غولستان كيليتش كوتشيغيت، إن أوجلان أيَّد خلال لقاء وفد البرلمان التركي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) المفاوضات الجارية لتنفيذ اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري، الموقَّع مع دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، وحذَّر من أن فشل «عملية السلام» الحالية، سيؤدي إلى «انقلاب» على رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، الذي بادر في 22 أكتوبر 2024 لدعوة أوجلان لتوجيه نداء إلى «العمال الكردستاني» لحل نفسه وإلقاء أسلحته.
وأضافت كوتشيغيت، وهي عضو في الوفد الذي التقى أوجلان، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نُقلت في تركيا، أن «تقييم السيد أوجلان انصبَّ، بأكمله، على نجاح العملية، ومتطلبات نجاحها، واستذكر بإيجاز عملية السلام السابقة، في الفترة بين 2013 و2015، وكيف خربتها الجماعات المناهضة للحل، مشدداً على أنه لمنع تكرار ذلك اليوم، يجب أن تكون العملية ناجحة».

وكان القيادي في «العمال الكردستاني»، آمد ملاذغيرت، أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، السبت، أن الحزب «لن يتخذ أي خطوة أخرى» في إطار «عملية السلام» مع تركيا بعد اتخاذ الخطوات السابقة التي بادر إليها «القائد آبو» (أوجلان)، إلا إذا أقدمت حكومتها على خطوات جادة لتلبية شرطين رئيسيين للحزب، هما: «الحرية للقائد آبو» و«الاعتراف الدستوري وبشكل رسمي بالشعب الكردي في تركيا».
وتطرق أوجلان في ندائه لحل الحزب في 27 فبراير إلى مسألة إطلاق سراحه، قائلاً إنها ليست مسألة شخصية بالنسبة له.
وسبق أن تحدثت مصادر عن إمكان منحه حرية حركة في جزيرة إيمرالي وتمكينه من اللقاء بالسياسيين والصحافيين وممثلي المجتمع المدني.






