أكّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عزمه على إنجاح «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، التي يُطلق عليها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» التي تمرّ عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته.
جاء ذلك في الوقت الذي هدّدت فيه قيادات في «العمال الكردستاني» بعدم اتخاذ أي خطوات جديدة في إطار هذه العملية، ما لم يتم الإفراج عن زعيم الحزب، السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، وإقدام الحكومة التركية على اتخاذ خطوات قانونية جادة لدفعها، وتوسيع حقوق الأكراد.
وقال إردوغان إن «تركيا تمضي في طريق ينتهي بزوال الإرهاب، وتسود الأخوة والاستقرار في كل شبر منه».
مواقف متباينة
قال إردوغان، خلال حفل توزيع جوائز «مؤسسة نشر العلوم» الرابع في «مركز أتاتورك الثقافي» بإسطنبول ليل السبت/ الأحد، إنه «كلما اقتربنا من تحقيق هدف (تركيا خالية من الإرهاب)، تزداد أعمال التخريب والحملات الإعلامية وأنشطة الهندسة السياسية والاجتماعية».

وتابع: «أريد أن يعلم الجميع أن حكومتنا وتحالفنا («تحالف الشعب» بين حزبَي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية») ودولتنا ملتزمون تماماً بنجاح عملية (تركيا خالية من الإرهاب)».
في الوقت ذاته، صعّد حزب «العمال الكردستاني» من تهديداته بعدم الإقدام على خطوات جديدة في إطار «عملية السلام» إذا لم يتم إطلاق سراح أوجلان، منتقداً تباطؤ الحكومة التركية وترددها. وأعلن حزب «العمال الكردستاني» في مايو (أيار) الماضي حلّ نفسه استجابة لنداء «السلام والمجتمع الديمقراطي»، الذي أطلقه أوجلان من سجنه في جزيرة إيمرالي يوم 27 فبراير (شباط) الماضي.

وأعقب ذلك إحراق 30 من عناصر الحزب أسلحتهم، في مراسم رمزية في جبل قنديل في 11 يوليو (تموز)، ثم إعلان الحزب في 26 أكتوبر (تشرين الأول) سحب جميع مسلحيه من تركيا إلى مناطق شمال العراق، والذي تلاه إعلان مسلحيه من منطقة «زاب» الاستراتيجية في شمال العراق منعاً لاشتباكات محتملة مع القوات التركية، وكانت جميعها خطوات أحادية من جانب الحزب بناء على توجيهات أوجلان. لكن القيادي في «العمال الكردستاني»، آمد ملاذغيرت، أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، السبت، أن الحزب «لن يتخذ أي خطوة أخرى» في إطار «عملية السلام» مع تركيا بعد اتخاذ الخطوات السابقة التي بادر إليها «القائد آبو» (أوجلان)، إلا إذا أقدمت الحكومة التركية على خطوات جادة لتلبية شرطين رئيسيين للحزب، هما: «الحرية للقائد آبو» و«الاعتراف الدستوري وبشكل رسمي بالشعب الكردي في تركيا».
وجاءت هذه التصريحات بعد أيام قليلة من تحذير الرئيسة المشاركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، بيسي هوزات، من أن تركيا تواجه «مخاطر جسيمة» و«مشكلة بقاء» إذا لم تُحلّ القضية الكردية على أسس ديمقراطية، وإذا لم تتم مخاطبة أوجلان بصفته «كبير المفاوضين».

وعدّت هوزات، في مقابلة مع إحدى القنوات الكردية، نُشرت في تركيا، لقاء وفد من أعضاء «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكلها البرلمان التركي في أغسطس (آب) الماضي، مع أوجلان في «إيمرالي» في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) «خطوة إيجابية وجيدة، لكن لا يُمكن اعتبارها خطوة قوية».
وقالت القيادية في «العمال الكردستاني»، في مقابلة مع إحدى القنوات الكردية: «إذا لم تحلّ تركيا القضية الكردية على أساس ديمقراطي، وإذا لم تعترف بوجود وهوية الأكراد، وإذا لم تُجرِ إصلاحات وتغييرات قانونية جذرية، فسيكون مستقبلها قاتماً حقاً».
في الوقت ذاته طالبت أحزاب تركية، من بينها «العمال التركي» و«العمل»، بإطلاعها على ما دار خلال زيارة وفد اللجنة البرلمانية لأوجلان، من أجل إعداد تقريرها للجنة البرلمانية.

وتعدّ الأحزاب المشاركة في اللجنة تقارير حول سير العملية لتقديمها إلى اللجنة، التي من المقرر أن تعقد اجتماعاً في 4 ديسمبر (كانون الأول). ومن المتوقّع أن يقدم أعضاء الوفد الذي زار أوجلان (3 نواب من أحزاب «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» و«الديمقراطية والمساواة للشعوب») إحاطة للجنة حول اللقاء مع أوجلان، الذي فُرضت السرية على ما دار خلاله لمدة 10 سنوات.
دعم من بارزاني
في السياق، قدّم زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، دعمه لـ«عملية السلام» في تركيا، قائلاً: «نحن مستعدون للقيام بكل ما يُطلب منا».
ووصف بارزاني، في كلمة ببلدة جيزرة التابعة لولاية شرناق، إحدى ولايات جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية، عملية السلام في تركيا بأنها «تغيير جوهري في المنطقة».

وقال الزعيم الكردي، الذي أيّد في السابق عملية السلام التي انطلقت في عام 2013 وانتهت بالفشل عام 2015، إن العملية انطلقت هذه المرة بشكلٍ أكثر تنظيماً بفضل دعم الشعب والبرلمان والأحزاب للدولة.
وعبّر عن شكره للرئيس إردوغان، وللبرلمان والشعب التركيين، على فتحهم باب السلام، كما وجّه الشكر إلى أوجلان على الخطوات الإيجابية التي اتخذها في إطار العملية، وأكد دعم كردستان العراق لها بكل قوة.






