«أقالهم وتجاهل استقالتهم»... رئيس الأركان الإسرائيلي يعاقب المسؤولين عن الإخفاق في «7 أكتوبر»

وزير الدفاع يحتج ويأمر بفحص التحقيقات التي استند إليها زامير

TT

«أقالهم وتجاهل استقالتهم»... رئيس الأركان الإسرائيلي يعاقب المسؤولين عن الإخفاق في «7 أكتوبر»

جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار في غلاف غزة أكتوبر 2023 (أ.ب)
جندي إسرائيلي ينبطح أرضاً لدى سماعه دوي صفارات الإنذار في غلاف غزة أكتوبر 2023 (أ.ب)

لا تزال الصدمة طاغيةً على الجيش الإسرائيلي، بعد أن أقال رئيس الأركان، إيال زامير، مجموعةً تضم 15 من الضباط رفيعي المستوى من قيادة الجيش، بينهم ستة ضباط يحملون رتبة لواء، وستة عمداء وثلاثة عقداء، وذلك لتحميلهم مسؤولية الإخفاق الكبير في مواجهة هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبعد أن اتّخذ سلسلة إجراءات عقابية أخرى بحق عدد آخر من كبار الضباط.

وتشمل قرارات زامير إعفاء ضباط كانوا قد قدّموا استقالتهم من مناصبهم، من قوّات الاحتياط، ومن شأن ذلك أن يغيّر وضع ملفّهم بالجيش، وأن يُسجَّل أنّهم «أُقيلوا»، وليس «استقالوا». ومن بين الضباط الذين شملهم القرار، وفق بيان صدر مساء الأحد عن الجيش، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أهارون حليفا، وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنلكمن، ورئيس شعبة العمليات أودي باسيوق.

كان حليفا أول ضابط يقدم استقالته في عام 2024، إذ تحمل المسؤولية عن الفشل، كما استقال فنلكمن للسبب نفسه، أما باسيوق فتقاعد بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران في يونيو (حزيران) الماضي واستمرت 12 يوماً. وحسب بيان الجيش، فإن القادة الثلاثة يتحملون بشكل شخصي المسؤولية عن فشل المؤسسة العسكرية في توقع الهجوم وفي التصدي له.

انقسام إزاء القرارات

وانقسم الإسرائيليون فيما بينهم حول الهدف من هذه القرارات، ما بين من رأى أن زامير يلاحظ مدى الانهيار في شعبية الجيش، حيث كان يثق به 92 بالمائة من الإسرائيليين، وهبطت النسبة في آخر استطلاع إلى 74 بالمائة، فقرر إحداث هزة تعيد إلى الجيش احترامه، وبين من اعتبر القرارات نفاقاً لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يلقي على الجيش وغيره من أجهزة الأمن مسؤولية الإخفاقات لكي يعفي نفسه من المسؤولية.

لكن هناك من رأى أن طرد ومعاقبة الجنرالات قد يكونا عنصر ضغط على نتنياهو كي يعترف بالقصور ويعلن تحمله المسؤولية عن الإخفاقات، هو وحكومته. ولذلك فإن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الموالي لنتنياهو، عبّر عن غضبه من قرارات زامير، وأمَر بإجراء فحص للتحقيقات التي استند إليها في إجراءاته العقابية، وأصدر تعليمات يجمد فيها أي تعيينات في وظائف قيادية جديدة في الجيش.

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (يسار) ورئيس الأركان إيال زمير (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

وحسب رونين بيرغمان، محرر الشؤون الاستراتيجية في «يديعوت أحرونوت» والمراسل السياسي لصحيفة «نيويورك تايمز» في إسرائيل، «جاءت قرارات زامير شجاعة، ولكنها ناقصة. فالعقاب بالطرد من الخدمة في الاحتياط ليس قاسياً كما يوحي به. وزامير لم يقم بالخطوة الضرورية لعقد جلسات سماع للمدانين، كما تنص تقاليد الجيش، وبهذا لم يكن نزيهاً تجاه مرؤوسيه من قادة الجيش. وبدا أنه يقدم على هذه الخطوة بشيء من التسرع».

وشدد بيرغمان على أن «الجيش حاول أن يتحمل شيئاً من المسؤولية، وهذا جيد، ويُظهر أن حكومة إسرائيل التعيسة لم تعد تخفي رغبتها في ألا يكون هناك تحقيق جدي في الإخفاق».

فشلنا في مهمتنا الأساسية

وقال زامير في كلمة أعلن فيها اتّخاذ قراراته: «الجيش الإسرائيلي ملتزم بإجراء تحقيق شامل ومهنيّ ومعمّق في كل ما حدث في ذلك اليوم المروّع»، مضيفاً أن «الجيش الإسرائيليّ فشل في مهمته الأساسية في 7 أكتوبر، وهي حماية مواطني إسرائيل، وقد قررت بجدية استخلاص استنتاجات شخصية بشأن بعض المسؤولين».

وذكر زامير أن «هذا القرار مُعقّد، وينبع من مسؤوليتي في الموازنة بين الاعتبارات النظامية والقيادية، واحتياجات الجيش الإسرائيلي».

ومن بين الضباط الذين قرّر زامير معاقبتهم، ستة أعضاء في رئاسة أركان الجيش، كل منهم يحمل رتبة لواء، وهم: الرئيس السابق لشعبة العمليات، واللواء عوديد بسيوك، وورئيس الاستخبارات العسكرية السابق، واللواء بالاحتياط أهارون حليفا، وقائد المنطقة الجنوبية السابق، واللواء يارون فينكلمان، وقد تمت إقالتهم من خدمة الاحتياط، وقائد سلاح الجو، اللواء تومِر بار، الذي تقرّر توجيه ملاحظة قيادية في ملفه العسكري إليه.

وحسب زامير، فقد فشل سلاح الجو في أداء مهمة حماية سماء إسرائيل من التهديدات «القريبة من الأرض (الطائرات المسيّرة)»، وهو فشل يعكس فجوات واسعة.

كما تقرر تسجيل ملاحظة في الملف الشخصي لقائد سلاح البحريّة، اللواء دافيد ساعر سلاما، ورئيس الاستخبارات العسكرية الحاليّ، اللواء شلومي بِندر، الذي كان قائداً لقسم العمليات في رئاسة الأركان، في السابع من أكتوبر 2023.

منظر جوي يُظهر مركبات مشتعلة في جنوب إسرائيل بعد إطلاق صواريخ من قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 (رويترز)

كما طالت العقوبات ستة ضباط ممن يحملون رتبة عميد، هم: ضابط عمليات سابق في إدارة الاستخبارات العسكرية، العميد ج (لا يُذكر اسمه من قبل الجيش لتقييمات استخباراتية)، والقائد السابق للوحدة 8200 (التابعة للاستخبارات العسكرية) العميد بالاحتياط يوسي شاريئيل، وقائد فرقة غزة العسكرية السابق، العميد آفي روزنفيلد، والقائد السابق للقيادة الجنوبية في الجيش، العقيد أرييل ليبوفسكي، وجميعهم سيسرحون من خدمة الاحتياط. وكذلك العميدان العميد منور يناي والعميد اليعاد مواطي، اللذان تم توبيخهما.

وطالت العقوبات أيضاً القائد السابق للواء الشمالي في فرقة غزة، العقيد حاييم كوهين، وقائد طبير في «أمان»، العقيد شرئيل بركوبتش، وقائد الاستخبارات السابق في فرقة غزة العسكرية وهو ضابط برتبة مقدم، وجميعهم عُوقبوا بإنهاء خدمتهم في الاحتياط.

وأتت القرارات عبر اجتماعات عاجلة عقدها زامير خلال يوم الأحد مع الضباط المعنيين، في خطوة تعدّ من الأكثر حساسية منذ اندلاع الحرب، وقد تؤدي إلى «هزة داخل الجيش»، حسب ما وصفت تقارير صحافية إسرائيليّة.


مقالات ذات صلة

ترمب: أتوقع لقاءً «جيداً» مع زيلينسكي وقد أتحدث مع بوتين قريباً

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض - 17 أكتوبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: أتوقع لقاءً «جيداً» مع زيلينسكي وقد أتحدث مع بوتين قريباً

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يتوقع عقد لقاء «جيد» مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وإنه قد يتحدث قريباً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

نظير مجلي (تل ابيب)
العالم العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان اليوم الخميس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب مباحثاتهم في إسرائيل 22 ديسمبر (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تصعيد في الخطاب الإسرائيلي - التركي... هل المراد صفقة متبادلة؟

تصاعدت لهجة الخطاب السياسي بين إسرائيل وتركيا، وحملت تلميحات متبادلة تزامناً مع حراك سياسي وعسكري في بحر إيجه، فيما اعتبره البعض جزءاً من ضغوط لإبرام «صفقة».

نظير مجلي (تل أبيب) سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.