وافقت لجنة بالبرلمان التركي على قيام وفد يمثلها بزيارة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه في سجن إيمرالي، غرب البلاد، للاستماع إلى آرائه بشأن عملية السلام وحلّ المشكلة الكردية في تركيا، وسط انقسام بين الأحزاب الممثلة فيها.
وأجرت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكّلها البرلمان التركي في 5 أغسطس (آب) الماضي، لوضع الإطار القانوني لـ«عملية تركيا خالية من الإرهاب» التي يسميها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، تصويتاً سرياً، الجمعة، على ذهاب وفد منها إلى سجن إيمرالي، الذي يقبع به أوجلان منذ 26 عاماً، للاستماع إليه، كونه اللاعب الرئيسي في عملية السلام.
وصوّت 32 عضواً من أعضاء اللجنة، المؤلفة من 51 نائباً من 11 حزباً بالبرلمان، بـ«نعم»، وصوّت 3 بـ«لا»، وامتنع 2 عن التصويت.

ووافقت أحزاب: «العدالة والتنمية» الحاكم، وحليفه «الحركة القومية»، و«الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، و«العمال التركي»، و«العمل»، على اقتراح الذهاب إلى إيمرالي، مقابل رفض نواب أحزاب «هدى بار» و«الديمقراطي» و«اليسار الديمقراطي» (3 أعضاء) مع امتناع نائبين من 3 نواب يمثلون مظلة «الطريق الجديد» (أحزاب الديمقراطية والتقدم والمستقبل والسعادة) عن التصويت.
«الشعب الجمهوري» يقاطع
وقاطع حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، الممثل بـ11 نائباً في اللجنة، التصويت، وأعلن رفضه الذهاب للقاء أوجلان.
وفي بداية الجلسة الـ18 للجنة التي عقدت بشكل مفتوح أمام الصحافة، في بدايتها، رفض رئيس اللجنة رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، اقتراحاً من حزب الشعب الجمهوري بالاستماع إلى أوجلان عبر نظام «الدائرة الأمنية المغلقة» من محبسه، بدلاً عن توجه أعضاء من اللجنة إليه في السجن، بسبب الجدل الواسع ورفض قطاعات عريضة من الشعب التركي جعل «زعيم منظمة إرهابية» مخاطباً لبرلمان والدولة.

وأعلن نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، مراد أمير، أن «الشعب الجمهوري» قرّر عدم إرسال نوابه إلى إيمرالي، وأن النواب الأعضاء باللجنة من حزبه لن يشاركوا في عملية التصويت.
وغادر أمير وباقي نواب حزب «الشعب الجمهوري» قاعة اجتماع اللجنة، بعدما أعلن كورتولموش التصويت في جلسة مغلقة أمام الصحافة.
وساد انقسام في الحزب منذ تشكيل اللجنة، بسبب تأييد مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وتبعها أوجلان بإطلاق «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي» في 27 فبراير (شباط) الماضي، دعا فيه حزب العمال الكردستاني إلى حلّ نفسه وإلقاء أسلحته، في الوقت الذي يتعرض فيه الحزب لضغوط قضائية موجهة سياسياً، ويواجه رؤساء بلدياته المنتخبين اتهامات بالإرهاب والفساد، ويتم عزلهم وتعيين أوصياء بدلاً منهم.
وقال أمير، في مؤتمر صحافي عقب مغادرة الاجتماع قبل بدء التصويت: «لن نذهب إلى إيمرالي، بصفتنا حزب (الشعب الجمهوري)، لطالما جادلنا لعقود بأن ما يُسمى بـ(القضية الكردية) يمكن حلّه بالنقاش وعبر الوسائل الديمقراطية، لذلك، شاركنا في اللجنة البرلمانية، وكما فعلنا بالأمس، ندعم اليوم تماماً أي خطوات صادقة من أجل السلام، سنبقى في اللجنة انطلاقاً من مسؤوليتنا تجاه شعبنا».

ورفض وصف زيارة أوجلان في إيمرالي بأنها «منعطف تاريخي»، قائلاً: «إن هذا يتعارض مع الهدف التأسيسي للجنة، ولا يمكن أن تقبل أمتنا أن تُختزل المسألة برمتها في مسألة الذهاب إلى إيمرالي من عدمه».
ويتمسك حزب العمال الكردستاني، وكذلك حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» بضرورة الاستماع إلى آراء أوجلان وإعطائه دوراً في قيادة عملية السلام وتحسين ظروفه، كشرط لإتمام هذه العملية.
وأضاف أمير: «يتم الحديث عن الحلّ الديمقراطي، بينما يستمر عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم، ولا تنفذ قرارات المحكمة الدستورية ولا محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، ويواجه حزبنا محاولة لإغلاقه عن طريق القضاء، لسنا مقتنعين بوجود خطوات للحلّ في ظل الإصرار على هذه الممارسات».
اقتراح مرفوض
وخلال الجزء المفتوح من الجلسة، أيّد حزبا «اليسار الديمقراطي» و«هدى بار» مقترح حزب الشعب الجمهوري، بعقد اللقاء مع أوجلان عبر دائرة تلفزيونية مغلقة تربط بين محبسه والبرلمان.

وأكّدت نائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، غولتسان كيليتش كوتشيغيت، ضرورة الاستماع إلى أوجلان، قائلة: «جميع هذه التصريحات اليوم تاريخية؛ شعبنا يُنصت لكلام كل نائب، إذا أردنا أن تتقدم العملية، فلا بد من تلبية هذا الشرط، من المستحيل أن تتقدم هذه العملية أو تتعمق دون الاستماع إلى أوجلان، سيكون هذا عيباً كبيراً».
وينتظر أن يتم تشكيل وفد من اللجنة البرلمانية يتألف من 4 أو 5 نواب من الأحزاب التي وافقت على مقترح زيارة أوجلان، للذهاب إلى إيمرالي خلال الأيام المقبلة للاستماع إليه ونقل آرائه إلى اللجنة.
وقبل انعقاد الاجتماع والتصويت على المقترح، قال نائب رئيس حزب «الحركة القومية»، فتي يلديز، إنه سيكون ضمن الوفد الذي سيزور إيمرالي.






