«صفقة غاز أميركية» لمصر... منافسة «غير مباشرة» مع إسرائيل أم ورقة ضغط؟

تقرير عبري عدّها إضافة إلى خيارات القاهرة لتنويع مصادر إمدادها

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
TT

«صفقة غاز أميركية» لمصر... منافسة «غير مباشرة» مع إسرائيل أم ورقة ضغط؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 (رويترز)

أثارت «صفقة» غاز طبيعي مُسالة أبرمتها مصر مع الجانب الأميركي تساؤلات حول أبعادها، وما إذا كانت بمثابة منافسة «غير مباشرة» من جانب شركات الطاقة الأميركية لصفقة الغاز الإسرائيلي المتعثرة، أم ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية لدفعها نحو إتمام «الصفقة» وضخ الغاز بشكل منتظم عبر الأنابيب إلى المحطات المصرية لإسالتها.

وأعلن نائب وزير الخارجية الأميركي، كريستوفر لانداو، عبر منصة «إكس»، الخميس، أن «مصر اختارت شركة (هارتري بارتنرز) لإبرام اتفاقية توريد غاز بما يعزز المصالح الاقتصادية والتجارية الأميركية حول العالم، وتُولّد فرص عمل محلية، وتوفر طاقة رخيصة وموثوقة لدول مثل مصر».

والشهر الماضي، نسبت صحف عبرية بينها «يديعوت أحرونوت» إلى مسؤولين قولهم إنّ «وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، ألغى زيارة مقرّرة إلى إسرائيل، بعد رفض الحكومة الإسرائيلية الموافقة على اتفاقية كبيرة لتصدير الغاز الطبيعي مع مصر».

وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت شركة «نيو ميد» الأميركية، أحد الشركاء في «حقل ليفياثان» الإسرائيلي للغاز الطبيعي، تعديل اتفاق توريد الغاز لمصر ليمتد إلى عام 2040 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار (الدولار يساوي 47.2 جنيه في البنوك المصرية).

لكن في مطلع سبتمبر (أيلول) وفي خضم توترات حرب غزة، ظهرت بوادر «انقلاب» إسرائيلي على الاتفاق، وفي ذلك الحين أشارت صحف عبرية إلى «اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو التأكد من تعهد مصر بالالتزام الكامل ببنود اتفاقية السلام قبل المضي في المصادقة النهائية على الصفقة».

وأكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن «الصفقة الأخيرة (الأميركية) تبرهن على أن مصر ماضية في تنويع مصادر حصولها على الطاقة ولن تقف كثيراً أمام (مراوغات) إسرائيل ولديها بدائل عديدة تتجه إليها وفقاً لما يحقق مصالحها، وذلك من شأنه التأكيد على أن القاهرة لن تذعن للضغوطات الإسرائيلية بل أنها تمارس ضغطاً غير مباشر بإبرام اتفاقيات عديدة إلى جانب تنشيط حركة الاستكشافات المحلية».

وتحدثت صحيفة «غلوبس» الاقتصادية الإسرائيلية، أخيراً، أن الولايات المتحدة أعلنت عن صفقة غاز طبيعية مُسَيَّل بقيمة 4 مليارات دولار بين شركة (هارتري بارتنرز) الأميركية، ومصر، في خطوة عدّتها الصحيفة «قد تُشكل منافسة غير مباشرة لصفقات الغاز الإسرائيلية مع القاهرة، رغم الفارق الكبير في الحجم والتكلفة».

وأشارت الصحيفة إلى «أن تأجيل التصريح الإسرائيلي دفع مصر إلى البحث عن بدائل، بما في ذلك الصفقة الأميركية الجديدة. ومع أن كمية الغاز الأميركي تبقى صغيرة مقارنة بالصفقة الإسرائيلية (35 مليار دولار)، فإنها تُضاف إلى خيارات القاهرة لتنويع مصادر إمدادها، رغم أن تكلفة الغاز المسال البحري أعلى بكثير من الغاز المنقول عبر الأنابيب».

وزارة البترول المصرية تؤمن احتياجاتها من الغاز خشية توقف الإمدادات من إسرائيل (وزارة البترول المصرية)

خبير أسواق الطاقة، رمضان أبو العلا، قال إن «إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر توقفت أكثر من مرة بمبررات الحرب على قطاع غزة والتصعيد في المنطقة واستخدام إسرائيل للصفقة ورقة ضغط»، وهو ما كان دافعاً نحو «تسريع تحركات القاهرة في اتجاهات مختلفة لتنويع مصادر الطاقة لكيلا تتعرض إلى مشكلات بشأن توفير الاحتياجات المحلية للصناعة أو الاستخدام المنزلي».

وأوضح أن «هذا التنوع يُظهر قدراً من المرونة للتأكيد على أنه حال عدم التزام إسرائيل بتعهدات صفقة الغاز فهناك مصادر أخرى من السهل التوجه إليها»، مشيراً إلى أن الصفقة المبرمة أخيراً مع الشركات الأميركية لم تذكر سعر الوحدة الحرارية وهي أعلى مما تستورده مصر من إسرائيل عبر الأنابيب.

«الصفقة الأخيرة مع الشركات الأميركية تجعل الغاز المسال في صدارة واردات الغاز الطبيعي بعدما كان الغاز القادم عبر الأنابيب في المقدمة، ويبرهن التوجه المصري للولايات المتحدة على أن الجوانب السياسية تؤثر في الاتفاقيات الاقتصادية»، بحسب أبو العلا، الذي شدد على «أهمية أن يكون هناك شرط جزائي تتحمله إسرائيل نتيجة عدم الوفاء بالتزاماتها».

وارتفعت واردات مصر من الغاز 51 في المائة في أول 9 أشهر من العام الحالي لتصل إلى 15.6 مليار متر مكعب وفق بيانات قاعدة الطاقة المشتركة «جودي».

وكانت مصر ثاني أكبر مستورد للغاز المسال الأميركي في أغسطس الماضي بنحو 57 مليار قدم مكعبة تمثل 13 في المائة من إجمالي الغاز الأميركي المصدر خلال الشهر، بحسب بيانات وزارة الطاقة الأميركية.

وأكد الخبير المتخصص في الشأن الإسرائيلي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، أن مصر تدرك إمكانية تخلي إسرائيل عن التزاماتها، ومن ثمّ فإن صانع القرار المصري لا يعول على استدامة الاتفاقية، وهناك تفكير استراتيجي بشأن سد احتياجات الطاقة على المدى المتوسط، ووضع بدائل عديدة بينها تعزيز التعاون مع شركات أخرى حول العالم.

وقال عكاشة: «القاهرة لن تذعن للضغوط الإسرائيلية؛ بل تمارس عليها ضغوطاً غير مباشرة مع اتجاهها لتنويع مصادر الطاقة»، مشيراً إلى أن الأزمة المثارة بشأن الصفقة الإسرائيلية تعود إلى «أن حكومة نتنياهو ترى أن الدور المصري كان معرقلاً لأهدافها في قطاع غزة مع إحباط التهجير واحتلال رفح الفلسطينية بشكل دائم، ومن ثم تظهر محاولات للإضرار بمصر اقتصادياً»، وفق رأيه.

وبحسب عكاشة فإن «التوجه نحو الجانب الأميركي يرجع لأن صانع القرار المصري يفهم أفكار الرئيس دونالد ترمب، فهو يبحث عن المصالح الاقتصادية بشكل أكبر، ورغم الضغوط الأميركية على تل أبيب لإتمام (الصفقة الإسرائيلية)؛ فإن القاهرة لا تعوّل كثيراً على هذا الدور لتغيير الموقف الإسرائيلي، والمهم هو البحث عن بدائل متوفرة سواء بمزيد من الاكتشافات في الداخل أو بعمل اتفاقيات مع شركات دولية مختلفة بينها شركات روسية أيضاً».

وتحاول مصر زيادة إنتاج الغاز الطبيعي إلى 6.6 مليارات قدم مكعبة يوميا بحلول 2030، بزيادة 58 في المائة عن المعدل الحالي البالغ 4.2 مليار قدم، بحسب وزير البترول والثروة المعدنية المصري، كريم بدوي، إضافة إلى حفر 14 بئراً استكشافية في البحر المتوسط عام 2026 لتقييم احتياطيات بـ12 تريليون قدم مكعبة.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

شمال افريقيا أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج» أحمد عبد القادر (ميدو) الذي سبق وجرى توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا تُظهر هذه الصورة المأخوذة من مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين مباني مدمرة وأعمدة دخان تتصاعد في الأفق إثر غارات إسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مصر: لا مجال للحديث عن تقسيم غزة... والانتقال للمرحلة الثانية من خطة ترمب ضرورة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي شاحنة محمَّلة بمساعدات إنسانية تنتظر الإذن على الجانب المصري من معبر رفح مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس» تدعو الوسطاء للضغط على إسرائيل لفتح معبر رفح في الاتجاهين

دعت حركة «حماس» الوسطاء والدول الضامنة لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة، إلى ممارسة ضغط جاد على إسرائيل لوقف «خروقاتها» للاتفاق.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا بهو المتحف المصري الكبير (الشرق الأوسط)

رفع قيمة تأشيرة الدخول إلى مصر... هل يؤثر على تدفقات السياحة؟

أثار قرار الحكومة المصرية زيادة «رسوم تأشيرات الدخول» إلى البلاد بنحو 20 دولاراً تساؤلات حول مدى تأثيره على حركة السياحة الوافدة إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار يناقش في لقاء سابق مع نظيره السوداني هيثم إبراهيم عوض الله تقديم الدعم اللازم (وزارة الصحة المصرية)

مرضى سودانيون في مصر رهن مبادرات الإغاثة

يعيش عشرات الآلاف من المرضى السودانيين في مصر، بعد فرارهم من الحرب السودانية، رهن مبادرات إغاثة دولية «محدودة»، وجهود حكومية مصرية لرعايتهم، في ظل ظروف صعبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».


تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود

نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
نيران ودخان كثيف يتصاعدان من ناقلة النفط «كايروس» التابعة لأسطول الظل الروسي والتي استهدفتها أوكرانيا في البحر الأسود 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

قال نائب وزير الخارجية التركي بيريس إكينجي، الخميس، إن أنقرة استدعت سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بالإنابة إلى وزارة الخارجية للتعبير عن قلقها إزاء سلسلة من الهجمات على سفن مرتبطة بروسيا داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود.

وقال إكينجي، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان: «شهدنا تصعيداً خطيراً للغاية في الأسابيع القليلة الماضية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث شهدنا هجمات متبادلة. وأخيراً، وقعت هجمات محددة في البحر الأسود داخل منطقتنا الاقتصادية الخالصة أيضاً».

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء: «استدعينا أمس واليوم القائم بالأعمال الروسي بالإنابة وسفير أوكرانيا للتعبير عن قلقنا».

كان مسؤول من جهاز الأمن الأوكراني قال، السبت الماضي، إن أوكرانيا استهدفت ناقلتين من «أسطول الظل» الروسي بطائرات مسيَّرة في البحر الأسود.

وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن العملية المشتركة نفذها جهاز الأمن والبحرية الأوكرانية، وفق ما نقلته «رويترز».

وتابع: «تُظهِر لقطات الفيديو أن أضراراً جسيمة لحقت بالناقلتين بعد استهدافهما، وخرجتا من الخدمة فعلياً. وهذا سيوجه ضربة كبيرة لعمليات نقل النفط الروسي».

وذكر مسؤول تركي بارز، الأسبوع الماضي، أن ناقلتي نفط تردد أنهما جزء من «أسطول الظل»الروسي، اللتين اشتعلت فيهما النار، قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود، ربما تعرضتا لهجوم بألغام أو طائرات مسيَّرة أو صواريخ.