«سناب باك» قد تقرّب إيران وإسرائيل من حرب جديدة

بعد أسابيع من المساومات «الفاشلة» في مجلس الأمن

صاروخ إيراني يُعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية بأحد شوارع طهران (رويترز)
صاروخ إيراني يُعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية بأحد شوارع طهران (رويترز)
TT

«سناب باك» قد تقرّب إيران وإسرائيل من حرب جديدة

صاروخ إيراني يُعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية بأحد شوارع طهران (رويترز)
صاروخ إيراني يُعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية بأحد شوارع طهران (رويترز)

مع حلول منتصف ليل السبت - الأحد بتوقيت غرينتش، تدخل إيران مرحلة جديدة من الضغوط الدولية مع تفعيل آلية «سناب باك» التي تُعيد فرض العقوبات الأممية المرفوعة عنها منذ توقيع الاتفاق النووي عام 2015، في حين يحذّر خبراء من الانزلاق مجدداً إلى مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل.

ويعكس هذا التطور انهيار الجهود الدبلوماسية بين طهران والدول الغربية، وجاء بعد أسابيع من المساومات الفاشلة في مجلس الأمن، ومحاولات روسية-صينية لتمديد الاتفاق القائم. غير أنّ الدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، دفعت باتجاه إعادة فرض العقوبات، لافتة إلى أنّ إيران لم تُبدِ أي «إجراءات ملموسة» تبرر التوصل إلى تسوية جديدة.

ورفضت طهران، بدورها، ما وصفته بـ«المطالب غير المنطقية»، خصوصاً ما أعلنه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من أنّ واشنطن طلبت تسليم «كلّ» مخزون اليورانيوم المخصّب مقابل تمديد رفع العقوبات لثلاثة أشهر فقط.

صور القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين ممن قُتلوا في الضربات الإسرائيلية معروضة في مقبرة بهشت زهرة بجنوب طهران (رويترز)

مواجهة مفتوحة

حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باتت إيران تملك نحو 440 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة، وهو مستوى يقترب من العتبة التقنية اللازمة لإنتاج القنبلة النووية (90 في المائة).

ويكفي هذا المخزون، وفق خبراء أوروبيين، لصنع ما بين ثمانٍ وعشر قنابل في حال استكمال تخصيبه. ورغم إصرار طهران على أنّ برنامجها سلمي ويستهدف إنتاج الكهرباء، فإن هذا التراكم يعزّز مخاوف الغرب، ويضع إسرائيل والولايات المتحدة في حالة تأهب مستمر.

ويرى الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فرزين نديمي، أنّ إيران تسعى لاستغلال الوقت المتبقي قبل تشديد العقوبات لتعزيز مواقعها النووية المحصّنة. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الواضح أن طهران في عجلة لاستئناف التخصيب، وربما أنشطة التسلح في موقع نطنز الجنوبي الآمن. هذا القرار سيقود حتماً إلى تصعيد مع إسرائيل والولايات المتحدة، وقد يُقرّب الجولة التالية من القتال».

وتُعيد هذه التقديرات إلى الأذهان الهجمات الإسرائيلية-الأميركية الواسعة في يونيو (حزيران) الماضي التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية إيرانية، وعاقت برنامج التخصيب لعامَيْن على الأقل، حسب تقديرات البنتاغون. غير أن هذه الضربة لم تمنع إيران من إعادة بناء بعض منشآتها تحت الأرض بعيداً عن أعين المفتشين.

صورة بالأقمار الاصطناعية لمحيط منشأة «فوردو» النووية الإيرانية عقب الضربات الأميركية (رويترز)

العقوبات وأثرها

ستشمل إعادة فرض العقوبات الأممية قيوداً اقتصادية وعسكرية واسعة، من حظر تصدير السلاح والتجارب الصاروخية، إلى تشديد القيود على التعاملات المالية مع البنوك الإيرانية، مروراً بعودة الحظر النفطي الأوروبي.

وإن لم تكن بحجم صدمة الانسحاب الأميركي من الاتفاق عام 2018 وما تلاه من حملة «الضغط الأقصى»، فإن هذه الإجراءات ستعمّق عزلة الاقتصاد الإيراني، وتزيد اعتماده على شركاء محدودين مثل الصين وروسيا.

ويرى بعض الخبراء أنّ العقوبات الجديدة لن تؤدي إلى انهيار اقتصادي شامل، لكنها ستجعل طهران أكثر تبعية لشركائها القلائل، وهو ما قد يُضعف سيادتها الاقتصادية على المدى البعيد.

كما يتوقع آخرون ضغوطاً متزايدة على العملة المحلية وارتفاعاً في معدلات التضخم التي تجاوزت 40 في المائة، مع تداعيات مباشرة على الصادرات والشركات الخاصة.

في الكواليس الدبلوماسية، تواصل طهران التمسك بخطاب مزدوج؛ فهي تؤكد التزامها بمعاهدة حظر الانتشار النووي، وترفض الانسحاب منها رغم العقوبات، لكنها في الوقت ذاته لا تُبدي مرونة حقيقية إزاء مطالب واشنطن والأوروبيين. وزير الخارجية عباس عراقجي وصف إعادة فرض العقوبات بأنها «باطلة قانوناً» و«متهورة سياسياً»، مؤكداً أن إيران «لن ترضخ سوى للاحترام».

موقف موسكو وبكين يزيد المشهد تعقيداً. فروسيا أعلنت صراحة أن «لا زناد» في مجلس الأمن، ملمّحة إلى رفضها الالتزام بالعقوبات الجديدة، فيما يُتوقع أن تستمر الصين بشراء النفط الإيراني وإنْ بحذر أكبر. هذا الانقسام في المواقف الدولية يفتح الباب أمام طهران لمناورة سياسية، لكنه يعمّق أيضاً عزلتها عن محيطها الغربي.

مواجهة عسكرية

السيناريو الأكثر خطورة يتمثّل في احتمال عودة المواجهة العسكرية؛ إذ أكدت إسرائيل، مراراً، أنها لن تسمح لإيران بالوصول إلى العتبة النووية، فيما تحافظ الولايات المتحدة على خيار «العمل العسكري» بوصفه أداة ضغط قصوى.

ومع إعادة فرض العقوبات، واستمرار إيران في تطوير قدراتها تحت الأرض، قد يجد الطرفان نفسيهما أمام مواجهة جديدة.

ويحذّر فرزين نديمي، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، من أنّ «الوقت ليس في صالح الدبلوماسية. كل يوم يمضي يمنح إيران فرصة لإعادة بناء برنامجها. وفي غياب اختراق سياسي، يبقى التصعيد العسكري احتمالاً قائماً، وربما أقرب مما يظنّ البعض».

وتدشّن إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران مرحلة جديدة من التجاذبات النووية. فعلى الرغم من أن طهران تؤكد أنّها لا تسعى لامتلاك السلاح النووي، فإن حجم مخزونها ومستوى تخصيبه يثير قلقاً متزايداً لدى الغرب.

وقد تجبر الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية إيران على العودة إلى المفاوضات، لكنها في الوقت نفسه قد تدفعها إلى المزيد من التشدد والرهان على أوراق القوة الداخلية، وعلى ما تعتقده دعماً خارجياً من حلفائها.

واليوم، المشهد بات مفتوحاً على كل الاحتمالات؛ من تسوية دبلوماسية إلى مواجهة عسكرية لا يريدها أحد، لكنها قد تفرض نفسها إذا استمر منسوب الثقة بين إيران والغرب في التآكل بهذا الشكل المتسارع.


مقالات ذات صلة

ترمب «منفتح» على طلبات إيرانية لرفع العقوبات

شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

ترمب «منفتح» على طلبات إيرانية لرفع العقوبات

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن إيران طلبت رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، معرباً عن انفتاحه على مناقشة هذا الأمر.

شؤون إقليمية غروسي خلال مقابلة صحافية في نيويورك (أ.ب)

غروسي يحث طهران على تجنب «المواجهة» مع الغرب

حث المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرّية»، رافاييل غروسي، إيران على التعاون مع المفتّشين بصورة جدّية لتجنب حافة المواجهة مع الغرب.

شؤون إقليمية وزير الخارجية الصيني وانغ يي يلقي كلمة خلال فعالية في بكين يوم 27 أكتوبر 2025 (رويترز)

وزير الخارجية الصيني يدعو لاستئناف المفاوضات النووية مع إيران

دعا وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، إلى استئناف المفاوضات النووية مع إيران.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي («الخارجية» الإيرانية)

عراقجي: لن نتفاوض مع واشنطن حول صواريخنا

نقلت قناة «العالم» التلفزيونية عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله، اليوم الأربعاء، إن بلاده لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها الصاروخي.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية محطة «بوشهر» الإيرانية للطاقة النووية (أ.ب)

«وكالة الطاقة الذرية»: على إيران تحسين التعاون بشكل جدي

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي إن على إيران أن «تحسن بشكل جدي» تعاونها مع مفتشي الأمم المتحدة لتجنب زيادة التوتر مع الغرب.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

تركيا لتسريع خطوات «السلام»... ولا مؤشرات على إطلاق سراح أوجلان

أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
TT

تركيا لتسريع خطوات «السلام»... ولا مؤشرات على إطلاق سراح أوجلان

أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)
أكراد في ديار بكر جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لزعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل الحزب... 27 فبراير الماضي (رويترز)

تتداول أروقة أنقرة حديثاً عن قرب إنجاز خطوات مهمة في عملية «السلام والمجتمع الديمقراطي» أو ما تسميها الحكومة «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، وسط مؤشرات على وضع اللوائح القانونية المتعلقة بحل «حزب العمال الكردستاني» ونزع أسلحته.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني للعملية، المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إن هذه العملية ليست في الواقع «عملية سلام بين الأتراك والأكراد»، بل هي عملية بدأت بإعلان المنظمة الإرهابية، (حزب العمال الكردستاني)، التي تقاتل الدولة، نزع سلاحها (في 12 مايو/ أيار الماضي)، وأن البرلمان يراقبها من كثب.

هدف ضروري

وشدَّد كورتولموش على أنه لا يوجد أي تفاوض على الإطلاق بين الدولة والمنظمة، ولم يحدث ذلك قط في أي وقت.

كورتولموش متحدثاً خلال لقاء مع رؤساء تحرير صحف تركية ليل 7 نوفمبر (البرلمان التركي - «إكس»)

وذكر كورتولموش، خلال لقاء مع رؤساء تحرير عدد من الصحف التركية في إسطنبول، نُشر السبت، أنه يجب تحقيق هدف بناء «تركيا خالية من الإرهاب» وأن هذا ليس «خياراً سياسياً، بل هو ضرورة تُشكِّل مسألة حياة أو موت بالنسبة لتركيا».

وقال إن البرلمان التركي سيناقش اللوائح القانونية الخاصة بهذه العملية بعد أن تصدر المؤسسات الأمنية الوطنية، وعلى رأسها جهاز المخابرات ووزارة الدفاع، قراراً تؤكد فيه أن «حزب العمال الكردستاني حلَّ نفسه، وتم تحقيق نزع سلاح كبير على أرض الواقع».

وأضاف: «نعلم بالفعل من التصريحات العلنية أن المنظمة (العمال الكردستاني) ليست لها مطالب متطرفة، ونعلم أن بعض المطالب مثل إقامة اتحاد، أو منح امتيازات معينة، أو اعتماد لغة رسمية أخرى (الكردية) إلى جانب اللغة التركية، لم تُطرَح بعد».

قوانين متدرجة

ويعمل حزبا «العدالة والتنمية» الحاكم، وشريكه في «تحالف الشعب» حزب «الحركة القومية»، وحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد على إعداد اللوائح القانونية التي ستطبق في إطار العملية.

وقالت مصادر قريبة من العملية لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة الأولى تتمثل في قانون «الفترة الانتقالية»، المعروف باسم «القانون التنظيمي» أو «قانون الكود»، الذي سيُعرّف «المنظمة الإرهابية التي حلت نفسها بنفسها» ويحدد معايير إسقاط التهم الموجهة إلى أعضائها.

اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لحل «حزب العمال الكردستاني» (البرلمان التركي - «إكس»)

وسيتضمّن القانون لوائح تتعلق بعودة عناصر «حزب العمال الكردستاني»، الذين سيسمح بعودتهم إلى البلاد واندماجهم الاجتماعي.

وأشارت المصادر إلى أنه سيتم تصنيف عناصر الحزب إلى فئات؛ الأولى: القيادات التي تتولى إدارته، وهؤلاء لن يُسمَح لهم بالعودة، بل يجب عليهم اختيار دولة للذهاب إليها، والثانية: الأفراد المتورطون في العمليات ضد الدولة التركية أو الذين أصدروا أوامر بتنفيذها، وهؤلاء ستتم محاكمتهم، أما الفئة الثالثة، فتضم العناصر التي لم تشارك في العمليات وسيسمح بعودتهم واندماجهم في المجتمع بعد أخذ إفاداتهم.

وذكرت المصادر أنه في المرحلة الثانية، ستتم التعديلات على قوانين مكافحة الإرهاب وتنفيذ الأحكام والتدابير الأمنية والعقوبات التركية، بناء على تنفيذ قانون المرحلة الانتقالية أو «قانون الكود».

مجموعة من عناصر «حزب العمال الكردستاني» ألقت أسلحتها خلال مراسم رمزية في شمال العراق... 11 يوليو (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن البدء في هذه الخطوات وإدراج اللوائح على جدول أعمال البرلمان، سيتم بعد أن تقدم اللجنة البرلمانية تقريرها النهائي، بناء على ما ستقرره المؤسسات الأمنية (المخابرات ووزارة الدفاع).

وقال كورتولموش إن العملية الجارية الآن تُشكِّل مكسباً كبيراً لتركيا، لأنه وللمرة الأولى، يُركّز السياسيون على قضية واحدة، قد تختلف آراؤهم حول الحل، لكنهم يتفقون على ضرورته. وأضاف أنه بعكس ما كان في العملية الأولى التي جرت في الفترة بين 2013 و2015، وتدخلت فيها «منظمة فتح الله غولن الإرهابية» (حركة الخدمة التابعة للداعية التركي الراحل فتح الله غولن) التي كانت جميع المؤسسات المعنية بالعملية تقريباً تحت سيطرتها، ولم تكن هناك سيطرة من الدولة، بل كانت العملية تخضع لسيطرة موازية أيضاً. وتابع: «بعبارة أخرى، أرادت إرادة سياسية حدوث ذلك، لكن إرادة سياسية أخرى، متأصلة في الدولة، أرادت منعه، ويؤسفني أن أقول ذلك».

الانفتاح على أوجلان

وعن تطبيق مبدأ «الحق في الأمل»، الذي طُرح دعماً لإطلاق سراح زعيم «حزب العمال الكردستاني»، السجين عبد الله أوجلان، بعدما أمضى 26 عاماً من عقوبة السجن المؤبد المشدد، قال كورتولموش: «لا توجد مثل هذه القضية على جدول الأعمال حتى الآن».

وبالنسبة للمناقشات المتعلقة بزيارة اللجنة البرلمانية لأوجلان في سجن إيمرالي (غرب تركيا)، ذكر كورتولموش أن «اللجنة البرلمانية هي مَن ستتخذ القرار».

«العمال الكردستاني» أعلن حلَّ نفسه استجابة لدعوة من أوجلان في 12 مايو (أ.ف.ب)

في السياق ذاته، وجَّه السياسي الكردي البارز الرئيس المشارِك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، المسجون منذ عام 2016 لاتهامات تتعلق بدعم الإرهاب، في بيان عبر حسابه في «إكس»، السبت، الأطراف المعنية والجهات الفاعلة الرئيسية في هذه العملية (إردوغان وبهشلي وأوجلان)، بصفته أخاً وسياسياً يسعى إلى السلام، إلى عدم اليأس من اتخاذ خطوات ملموسة، وعدم الالتفات إلى ما يقوله الآخرون، قائلاً: «ثقوا بأنفسكم، وصدقوا أن 86 مليون شخص ينتظرون السلام بفارغ الصبر».

كما طالب أعضاء اللجنة البرلمانية بالمخاطرة قليلاً، والذهاب إلى جزيرة إيمرالي لإنهاء هذه القضية، قائلاً: «إن أولئك الذين ينتظرون التخلي عن أسلحتهم والنزول من الجبال يريدون رؤية أوجلان، الذي يُطلقون عليه لقب (القائد)، يُزار ويستمع إليه، ليس فقط من قبل قوات الأمن، بل من قِبل السياسيين أيضاً، ويريدون أن يروا أن العودة إلى السياسة ممكنة، وأن الدولة جادة وصادقة في هذه القضية... يريدون الثقة والتخلي تماماً عن أسلحتهم».


المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة تعترف بتسريب فيديو «سديه تيمان»

المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر يروشالمي في المحكمة العليا بالقدس في أكتوبر 2024 (أ.ب)
المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر يروشالمي في المحكمة العليا بالقدس في أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة تعترف بتسريب فيديو «سديه تيمان»

المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر يروشالمي في المحكمة العليا بالقدس في أكتوبر 2024 (أ.ب)
المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر يروشالمي في المحكمة العليا بالقدس في أكتوبر 2024 (أ.ب)

قالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن المدعية العسكرية العامة السابقة، يفعات تومر يروشالمي، اعترفت خلال التحقيق بأنها تقف وراء تسريب مقطع الفيديو من قاعدة «سديه تيمان»، وقد أخفت الأمر عن رئيس الأركان والمستشارة القضائية للحكومة وحتى وزير الدفاع، وهي شهادة تتوافق مع أدلة أخرى في ملف القضية.

وحسب مصادر مطلعة، لا توجد أي مؤشرات على أن مكتب المستشارة القضائية غالي باهراف مياره، أو مكتب رئيس الأركان الجنرال إيال زامير، أو النيابة العامة، أو وزير الدفاع يسرائيل كاتس، كانوا على علم بهوية المسرب.

وجاء الاعتراف المباشر في وقت حصلت فيه الشرطة على هاتف المدعية السابقة، بعدما سلمته لهم امرأة عثرت عليه صباح الجمعة في مياه البحر قرب شاطئ «هتسوك».

وأفادت الشرطة بأن النائبة العسكرية العامة السابقة قدمت خلال التحقيق رموز الدخول لهاتفها وساعتها الذكية.

وكانت المحكمة أفرجت، صباح الجمعة، عن المدعية العامة العسكرية السابقة وتم وضعها تحت الإقامة الجبرية، بعد أسبوع من استقالتها من منصبها. وأمر القاضي بالإفراج عنها مقابل كفالة مالية مقدارها 20 ألف شيقل (نحو 6 آلاف دولار) ووضعها تحت الإقامة الجبرية لمدة 10 أيام، مع منعها من التواصل مع أي شخص له صلة بالقضية لمدة 55 يوماً.

المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر يروشالمي في المحكمة العليا بالقدس في 3 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

وتشتبه السلطات الإسرائيلية في أن تومر يروشالمي ارتكبت جرائم احتيال وخيانة أمانة واستغلال منصبها وعرقلة سير العدالة، بالإضافة إلى الكشف غير القانوني عن مواد سرية، وذلك لدورها في تسريب مقطع فيديو إلى وسائل الإعلام تضمن جنوداً إسرائيليين يسيئون معاملة معتقل من غزة بشكل خطير في منشأة «سديه تيمان»، العام الماضي.

واعتقلت تومر يروشالمي، مساء الأحد، بعد أن فُقد أثرها قبالة الساحل بالقرب من تل أبيب لعدة ساعات، مما دفع الشرطة للاعتقاد بأنها أقدمت على الانتحار. وعندما تم العثور عليها لاحقاً في هرتسليا، لم تتمكن قوات الأمن من العثور على هاتفها المحمول، ما أثار شكوكاً بأنها حاولت تزييف محاولة الانتحار للتخلص من أدلة رقمية تتعلق بالتسريب والتغطية اللاحقة عليه.

وخلال الأيام الماضية، واصل مسؤولو إنفاذ القانون ومتطوعون عمليات البحث على شواطئ تل أبيب وفي البحر عن هاتفها، معتقدين أنه يحتوي على أدلة تدينها، رغم إصرار تومر يروشالمي على نفي تلك الادعاءات، مؤكدة أنها كانت تنوي بالفعل إنهاء حياتها.

ولم تسفر عمليات البحث عن نتائج حتى صباح الجمعة، حين عُثر على هاتف في البحر قبالة شاطئ «هتسوك» شمال تل أبيب، في المنطقة نفسها التي اختفت فيها لفترة وجيزة.

وأظهرت صور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي أن الهاتف تم تشغيله، حيث ظهرت على شاشة قفل الهاتف صورة للمدعية العامة العسكرية السابقة مع ابنتها.

وقالت الشرطة إن عناصرها وصلوا إلى الموقع وأخذوا الهاتف لمواصلة التحقيق.

وحسب تقرير لـ«القناة 12» الإسرائيلية، نقلاً عن مصدر لم يُكشف عن اسمه منخرط في التحقيق، فقد تم التحقق من أن الهاتف يعود بالفعل إلى يفعات تومر يروشالمي، على الرغم من الشكوك الأولية في أنه يخصها؛ نظراً لأنه كان لا يزال نصف مشحون ويعمل بعد أن كان على ما يبدو أنه 5 أيام تحت الماء.

فلسطينيون معتقلون في قاعدة «سديه تيمان» العسكرية بجنوب إسرائيل (أرشيفية - أ.ب)

المرأة التي عثرت على الهاتف، وهي في الخمسينيات من عمرها، قالت في مقابلات مع وسائل الإعلام إنها لم تكن تبحث عنه، بل وجدته بالصدفة أثناء السباحة في البحر.

وقالت لقناة «i24 نيوز»: «أنا متحمسة جداً، كل البلاد تتحدث عن هذا الموضوع، وفي النهاية أنا من وجدته».

وأضافت أنها ما إن قامت بتشغيل الهاتف ورأت صورة شاشة القفل حتى اتصلت بالشرطة لإبلاغهم. وانتشر الخبر بسرعة، وقالت إن شخصاً اقترب منها وعرض عليها مبلغ 100 ألف شيقل (نحو 30 ألف دولار) مقابل الهاتف، لكنها رفضت العرض.

ووفقاً لتقارير في وسائل الإعلام العبرية، فقد أثار هذا الاكتشاف المفاجئ استياء بعض المتطوعين الذين أمضوا الأيام الأخيرة في تمشيط الشواطئ باستخدام أجهزة الكشف عن المعادن.

أحد هؤلاء المتطوعين، وهو الشخص نفسه الذي عرض مبلغ 100 ألف شيقل للحصول على الهاتف قبل وصول الشرطة، قال لموقع «واينت» إنه لا يعتقد أن المرأة عثرت على الهاتف الحقيقي.

وقال: «الأمر لا يبدو مقنعاً بالنسبة لي. وصلنا إلى المكان بسرعة، وكانت المرأة غير مستعدة لتسليمي جهاز (آيفون 16) الذي زعمت أنها وجدته... قد تكون هناك خدعة وراء ذلك».

وفي وقت لاحق يوم الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن هيئة المدعي العام العسكري وُضعت مؤقتاً تحت قيادة رئيس مديرية القوى العاملة، اللواء دادو بار كاليفا، وفق ما ذكر الجيش.

وجاء القرار من رئيس أركان الجيش إيال زامير، حيث إن معظم القيادة العليا لهيئة المدعي العام العسكري تخضع للتحقيق بشأن تسريب فيديو التعذيب من «سديه تيمان»، بما في ذلك نائب تومر يروشالمي، العميد غال أسائيل.

وقد تم استجواب أسائيل تحت طائلة التحذير، يوم الخميس، قبل أن يُفرج عنه بوضعه تحت الإقامة الجبرية وتعليق عمله في هيئة المدعي العام العسكري. كما تم تعليق عمل عدد من الضباط الكبار الآخرين والتحقيق معهم من قبل الشرطة.

وسيترأس بار كاليفا هيئة المدعي العام العسكري حتى يتولى إيتاي أوفير، المحامي الذي شغل مؤخراً منصب المستشار القانوني لوزارة الدفاع، منصب المدعي العام العسكري. وأوضح الجيش أن مدعياً عسكرياً بالإنابة سيتم تعيينه «في أسرع وقت ممكن».

وسيكون بار كاليفا مسؤولاً عن قيادة هيئة المدعي العام العسكري بالمعنى الفني فقط، وليس مخولاً باتخاذ أي قرارات قانونية.

وقال الجيش إن زامير «يرى أهمية قصوى في استقرار هيئة المدعي العام العسكري وضمان استمرار عملها بشكل مهني ومتواصل».


طهران مستعدة للتفاوض بـ«ندية» مع واشنطن

صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)
صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)
TT

طهران مستعدة للتفاوض بـ«ندية» مع واشنطن

صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)
صاروخ إيراني يعرض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» بأحد شوارع طهران قُتلوا في هجمات إسرائيلية (رويترز)

قال نائب وزير الخارجية الإيراني، سعيد خطيب‌ زاده، السبت، إن التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة ممكن إذا أظهرت واشنطن إرادة حقيقية للتفاوض من موقع الندية.

وأضاف خطيب‌ زاده، خلال مؤتمر في اليابان، أن الصواريخ الإيرانية وسيلة لحماية السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، وليست موضوعاً للتفاوض، مؤكداً أن الوصول إلى المنشآت النووية المتضررة محدود للغاية، ويجب إيجاد آليات جديدة للتعاون، في الوقت الذي أعلنت فيه طهران استعدادها للتعاون الإيجابي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي مقابلة مع قناة «NHK» اليابانية على هامش المؤتمر، قال خطيب‌ زاده إن استئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة يعتمد بالكامل على نهج واشنطن، مؤكداً: «إذا كانت لدى أميركا إرادة حقيقية للتوصل إلى اتفاق من موقع الندية، فإن ذلك ممكن».

وكانت إيران قد أخرجت برنامجها الصاروخي من قائمة الملفات المطروحة للتفاوض مع الغرب والولايات المتحدة. وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على أن بلاده مستعدة لمفاوضات نووية، من دون التطرق إلى قدراتها الصاروخية، أو مطلب «تصفير التخصيب». وقال عراقجي، إن بلاده «مستعدة لمفاوضات نووية عادلة على قاعدة الربح المتبادل».

ترمب يعرض مذكرة وقَّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

«طوارئ» إيران

في السياق نفسه، مدّد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، الأمر التنفيذي رقم «12170» المتعلق بـ«حالة الطوارئ الوطنية» بشأن إيران لمدة عام آخر، وفق ما نشرته الجريدة الرسمية الأميركية يوم الجمعة.

وجاء في بيان ترمب أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران لم تُطبّع بعد، وأن تنفيذ الاتفاقات الثنائية منذ 19 يناير (كانون الثاني) 1981 لا يزال مستمرّاً، مشيراً إلى أن التمديد يهدف إلى منع أي تهديدات جديدة من طهران قد تضر بالمصالح الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة.

ويعود الأمر التنفيذي إلى عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، بعد احتلال السفارة الأميركية بطهران في نوفمبر (تشرين الثاني) 1979، ومنذ ذلك الحين مدّده سنوياً جميع الرؤساء الأميركيين، بمن فيهم بايدن.

وكان ترمب قد أشار في تمديده السابق إلى أن سياسات إيران، بما فيها تطوير الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب الدولي وانتهاك حقوق الإنسان، تُشكل تهديدات جسيمة للأمن القومي الأميركي.

وتأتي هذه التطورات في ظل توتر شديد في العلاقات بين طهران وواشنطن، بعد فشل عدة جولات تفاوضية بين الطرفين خلال الأشهر الماضية، التي أعقبتها ضربات إسرائيلية على منشآت إيرانية في يونيو (حزيران) الماضي، وتصعيد الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية والسياسية ضد طهران.

وكان ترمب قد صرّح، الخميس، الماضي خلال حفل عشاء مع قادة دول من آسيا الوسطى: «بصراحة، إيران كانت تسأل عن إمكانية رفع العقوبات عنها. هناك عقوبات أميركية شديدة مفروضة على إيران، وهذا ما يُصعّب الأمر عليها»، مضيفاً: «أنا منفتح على سماع ذلك، وسنرى ما الذي سيحدث، لكنني سأكون منفتحاً على الأمر».

وترزح طهران، المتهمة من قِبَل واشنطن والغرب بالسعي لصنع أسلحة نووية، تحت وطأة عقوبات دولية منذ سنوات، خصوصاً بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق النووي.