رئيس «أمان» السابق: احتلال غزة لن يكسر «حماس»

قال إنه من دون هيئة حاكمة بديلة سيظل الجميع يدورون في حلقة مفرغة

فلسطينيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط ​​للتبريد من حرارة الصيف قرب مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة يوم الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط ​​للتبريد من حرارة الصيف قرب مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة يوم الجمعة (أ.ف.ب)
TT

رئيس «أمان» السابق: احتلال غزة لن يكسر «حماس»

فلسطينيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط ​​للتبريد من حرارة الصيف قرب مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة يوم الجمعة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسبحون في البحر الأبيض المتوسط ​​للتبريد من حرارة الصيف قرب مخيم النصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة يوم الجمعة (أ.ف.ب)

مع توسيع إسرائيل هجومها على مدينة غزة، قال اللواء تمير هايمان مدير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إن غزو مدينة غزة لن «يكسر ظهر حماس»، مضيفاً أن انتصار إسرائيل على «حماس» ممكن وقريب، ولكن بشرط واحد هو إيجاد هيئة حاكمة بديلة للحركة، وإلا فإن «حماس» ستستعيد مكانتها، ويظل الجميع يدورون في حلقة مفرغة.

وكتب هايمان، وهو الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية (أمان)، مقالاً في «القناة 12» الإسرائيلية انتقد فيه تركيز الحكومة الإسرائيلية على حسم المعركة أولاً قبل إيجاد هيئة مدنية حاكمة في غزة، مؤكداً أن النصر والحسم كانا يعتبران في الماضي «مترادفين»، ولكن ليس الآن في العالم الحديث؛ إذ إن العديد من الدول غير قادرة أو غير راغبة في اتخاذ قرارات حاسمة كما كانت تفعل في السابق.

وأضاف: «يُنظر إلى (النصر) على أنه نجاح موضوعي، كما في المباريات الرياضية، لكن الحرب لا تُدار بهذه الطريقة. ليس للحرب قواعد ثابتة يحكمها حكم متفق عليه، بل هي عالم من عدم اليقين والعشوائية. وفي الحرب، يحاول كل طرف خداع خصمه وتغيير قواعد اللعبة».

وتابع: «تميز العقيدة الحديثة بين (النصر)؛ أي تحقيق أهداف قتالية مُحددة مسبقاً بتكلفة معقولة وتحسين الواقع الأمني ​​مع مرور الوقت، و(الحسم)؛ أي تدمير القدرة القتالية للعدو تماماً. وبالتالي، يُمكن لكلٍّ من الطرفين ادعاء النصر، كلٌّ وفق أهدافه الخاصة (ولكن ليس الحسم)».

واعتبر هايمان أن عدم استيعاب هذا الاختلاف يُثير انتقادات متزايدة، لا سيما تجاه من يُصرّحون بأن النصر لا يتطلب القضاء التام على «حماس»، في مواجهة من يتوقعون ذلك، وفي مواجهة المطلب السياسي بـ«نصر كامل»؛ ولذا فإن سير القتال في غزة يُثير تساؤلات: هل يُمكن الاكتفاء بتحقيق أهداف الحرب وحدها - «النصر» - أو ينبغي السعي لتحقيق نصر كامل (حسم) في كل الأحوال؟ وتساءل كذلك: هل نحن منتصرون في غزة؟ وتابع: «للإجابة عن هذا السؤال، علينا أن ندرس وضعنا فيما يتعلق بالأهداف التي حددناها في بداية الرحلة: انهيار حكم (حماس) في غزة، وتفكيك قوتها العسكرية، وإزالة أي تهديد عسكري من غزة على سكان دولة إسرائيل، واستعادة الشعور بالأمن لدى سكان المنطقة المحيطة، واستعادة الأمن لمواطني إسرائيل، وتعزيز الردع الإسرائيلي، ومنع التصعيد في الساحات الأخرى، وتهيئة الظروف لعودة المختطفين، وإعادة سكان المنطقة المحيطة والشمال إلى منازلهم سالمين (تمت إضافة هذا الهدف في سبتمبر/ أيلول 2024)».

الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية تمير هايمان (معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي)

ووصف هايمان «بعض الصياغة» لهذه الأهداف بأنها «غير دقيقة أو غير قابلة للقياس»، ولذا يجب تجاهلها. وقال: «مصطلحات مثل (الشعور بالأمن)، و(استعادة الشعور الوطني)، و(تعزيز الردع)... مفاهيم وإنجازات لا يمكن تقييمها أو قياسها».

وأضاف: «يُختبر الردع فقط عند انهياره، وبالتالي فإن مدى تحقيقه، ما دام العدو ممتنعاً عن التحرك، يبقى محل جدل. والشعور بالأمن نسبي غير قابل للقياس، في حين يُقاس الصمود الوطني بالقدرة على التعافي من الأزمة؛ لذا فلن يُختبر فعلياً إلا في الأزمة التالية. ولقد تحقق الهدف السادس (الأخير)، ولم يتبقَّ لنا سوى هدفين: هزيمة (حماس) وإعادة الرهائن».

وأقر المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية بأن «حماس» لم تعد التنظيم العسكري الذي كانت عليه عشية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ فقد قُتل قادتها، وفُككت كتائبها، ووحداتها لا تعمل بشكل منهجي، وليست لديها صناعة عسكرية، ولا وحدة اتصال، ولا قوات خاصة، ولا سلاح جوي، ولا قوة بحرية خاصة، ولا مقر قيادة منظم. وهي اليوم لا تخوض معركة منظمة، بل حرب عصابات، وحالة بقاء شخصي، و«لكن من الواضح أن هناك حاجة إلى آلية وترتيبات أمنية متخصصة لمنع ظهور هذه المنظمة الإرهابية مجدداً»، بحسب وصفه.

ويجد هايمان أن السيطرة على الأرض مهمة، لكنها لن تحسم هزيمة «حماس». وقال: «إن احتلال الأرض، في حالتنا مدينة غزة والمخيمات المركزية، ليس خطوةً لـ(تفكيك آخر معاقل حماس). يمكن تحييد (حماس) كمنظمة إرهابية وتدمير قدرتها على الحكم بشرط واحد، وهو تشكيل حكومة أخرى منافسة لها». وتابع: «في غياب هيئة حاكمة أخرى، ولأنها هي التي تملك السلاح (حماس)؛ فمن المرجح أنها ستستعيد السيطرة الكاملة بمجرد انحسار القتال، ما لم تستغل هيئة أخرى ضعفها الحالي، والضغط العسكري الإسرائيلي، لفرض سيطرة مدنية على القطاع».

فلسطينيون ينزحون من مدينة غزة يوم السبت (د.ب.أ)

ويرى هايمان أن تحقيق هذا الهدف يتطلب عملاً سياسياً موازياً للعمل العسكري لإيجاد عنوان مدني بديل لـ«حماس»، و«من المؤسف أنه حتى هذه اللحظة لا يزال يُدّعى أنه قبل أي نقاش من هذا القبيل، يجب القضاء على (حماس) تماماً». وأردف: «هذا المطلب يخلق مأزقاً: ما دامت (حماس) قوية، يستحيل تأسيس هيئة حاكمة، ومن دون هيئة حاكمة بديلة، تستطيع (حماس) التعافي والنمو؛ لأنه في غياب المنافسة على تحفيز الشباب في غزة، تواصل (حماس) نموها من خلال تجنيد متطوعين جدد، إضافة إلى أن سيطرتها المطلقة على اقتصاد المساعدات الإنسانية، تسمح لها بتوفير فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب في غزة. وفي غياب البدائل، سيستمر الشباب في التوافد لصالح (حماس). وهذه الحلقة المفرغة هي تفسير استمرار الحرب، ولن تُكسر بعد احتلال مدينة غزة».

واعتبر هايمان أن النقطة الثانية المحورية هي اتفاق يُطلق سراح الرهائن بغض النظر عن «المكافأة» التي ستحصل عليها «حماس» في هذه الصفقة. وأضاف: «يجب أن ينتهي هذا الواقع المعقد، الذي ندور فيه في دوامات لا تُغتفر. يجب الاعتراف بأننا أوصلنا (حماس) إلى أقرب نقطة ممكنة من الحل، وأننا هيأنا الظروف لصفقة أسرى جيدة، وعلينا أن نناقش بجدية اقتراح استبدال حكومة أخرى بـ(حماس)، برعاية عربية دولية. من وجهة نظر إسرائيل، يُعد هذا انتصاراً. صحيح أن (حماس) ستُعلن أيضاً انتصاراً، كما أعلن (حزب الله)، وكما أعلن زعيم إيران، لكن هذا ليس اختبارنا. الاختبار هو الثمن الذي تدفعه إسرائيل، ومدى تحسن وضعها الأمني ​​مع مرور الوقت».

وختم: «نحن أقرب إلى النصر مما يبدو ظاهرياً. ولتحقيقه، علينا التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى والدفع نحو تشكيل حكومة بديلة في غزة. ونحن محكومون بعد إعلان النصر بمواصلة تآكل (حماس) عبر القتال دون مستوى الحرب».


مقالات ذات صلة

ترمب يرحّب بقرار مجلس الأمن بشأن غزة... و«حماس» ترفضه

المشرق العربي أطفال فلسطينيون يجلسون بجوار النار في وسط قطاع غزة (رويترز) play-circle

ترمب يرحّب بقرار مجلس الأمن بشأن غزة... و«حماس» ترفضه

رفضت حركة «حماس» الفلسطينية، يوم الاثنين، إقرار مجلس الأمن الدولي مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة، يؤيد خطة الرئيس دونالد ترمب للسلام في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون في رفح بقطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

مقتل 98 فلسطينيا في مراكز احتجاز إسرائيلية خلال الحرب على غزة

قالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل اليوم الاثنين إن ما لا يقل عن 98 فلسطينيا توفوا في مراكز احتجاز إسرائيلية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون ينتظرون لشراء الخبز من نقطة توزيع في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم الاثنين (رويترز)

إسرائيل تواصل خروقاتها وتقتل مزيداً من الفلسطينيين في غزة

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خروقاتها لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مخلفة مزيداً من الضحايا الذين يسقطون بشكل شبه يومي نتيجة الاستهداف المتعمد لبعضهم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يخاطب أنصاره خلال اجتماع في إسطنبول... تركيا 13 سبتمبر 2025 (رويترز)

إردوغان: نواصل تقديم المساعدات إلى غزة رغم عراقيل إسرائيل

صرّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الاثنين، بأن بلاده تواصل تقديم المساعدات إلى قطاع غزة باستخدام كل الإمكانات المتاحة رغم العراقيل الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يسيرون بالقرب من مبانٍ مدمرة في يوم ممطر شرق مدينة غزة - 16 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن قتل مسلّحَيْن عبرا الخط الأصفر في غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل ما وصفهما بعنصرين «إرهابيين» عبرا «الخط الأصفر».

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تُخلي بؤرة استيطانية وسط عنف في الضفة

جنود أميركيون وإسرائيليون يجتمعون أمس في مركز التنسيق المدني العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في جنوب إسرائيل (رويترز)
جنود أميركيون وإسرائيليون يجتمعون أمس في مركز التنسيق المدني العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في جنوب إسرائيل (رويترز)
TT

إسرائيل تُخلي بؤرة استيطانية وسط عنف في الضفة

جنود أميركيون وإسرائيليون يجتمعون أمس في مركز التنسيق المدني العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في جنوب إسرائيل (رويترز)
جنود أميركيون وإسرائيليون يجتمعون أمس في مركز التنسيق المدني العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في جنوب إسرائيل (رويترز)

أخلت قوات الأمن الإسرائيلية، أمس، نقطةً استيطانيةً عشوائيةً ضمن مجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني الضخم بين بيت لحم والخليل، جنوب الضفة الغربية، وسط أعمال عنف واشتباكات بين المستوطنين وقوات الأمن.

وفككت عناصر أمنية إسرائيلية بؤرة «جفعات تسور مسغافي» غير المرخصة التي كان يعيش فيها نحو 25 عائلة يهودية منذ أكثر من سنة، وفق أمر من الجيش، الأمر الذي فجّر مواجهات عنيفة بين المستوطنين وقوات الأمن.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن جنديين من شرطة الحدود أصيبا أثناء المواجهات، أحدهما بحجر في عينه، والثاني بكسور في فمه، فيما ألقي القبض على أربعة أشخاص خلال الإخلاء.

ووصل عشرات المستوطنين المتطرفين من مجموعة «شبان التلال» إلى المنطقة بعد نداءات متنوعة من ناشطي اليمين وشخصيات بارزة لمنع تفكيك البؤرة. وعقب الإخلاء، سُجلت هجمات نفذها مستوطنون في تلال الخليل الجنوبية ومنطقة وادي سعير شمال الخليل، تضمنت إضرام النار في مركبة، وأعمال شغب.

وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعداً في هجمات مستوطنين إسرائيليين، استهدفت فلسطينيين وناشطين إسرائيليين وأجانب، وأحياناً جنوداً إسرائيليين، ما جلب انتقادات محلية وأميركية.


ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل

النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)
النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)
TT

ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل

النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)
النائب العربي في الكنيست أيمن عودة خلال مظاهرة في تل أبيب نوفمبر 2023 ضد الحرب في غزة (أ.ف.ب)

بعد تكرار حوادث الاعتداءات على القادة السياسيين العرب ونشطاء سياسيين يهود من المعارضة وصحافيين ناقدين، بات واضحاً أن هناك ميليشيات لكتم الأفواه تعمل في إسرائيل بنشاط ومثابرة، بما يهدد حياة هؤلاء النشطاء بشكل حقيقي، مما جعل قسماً كبيراً منهم تحت الحراسة المشددة.

وقد بدأت هذه الميليشيا عملها ضد النواب العرب في الكنيست (البرلمان). وحاولت في الأسبوعين الماضيين تنفيذ اعتداء دموي على النائب أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة والعربية للتغيير.

وهاجمت لقاء دُعي إليه عودة مع نشطاء سياسيين يساريين في بلدة برديس حنة، ولقاء آخر في مدينة نس تسيونة، وتم تحطيم زجاج سيارته وإلقاء الحجارة باتجاهه، وتبين أن الشرطة كانت على علم بالنية في الاعتداء في المرتين وأخبرته بذلك وحذرته من الوصول إلى هذين اللقاءين، لكنه أصر على الحضور قائلاً: «نحن لا نرضخ أمام الفاشيين الإرهابيين. ولن نُلغي اللقاءات مع الجمهور تحت أي ظرف كان، ونعلم أن هدفهم منع أي لقاء بين يهود وعرب».

النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أيمن عودة يتحدث أمام فعالية «قمة السلام الشعبية» في القدس 9 مايو الماضي (أ.ف.ب)

وتعرض نائب آخر من الكتلة نفسها، عوفر كسيف، لاعتداء شبيه في القدس بمشاركة بعض أفراد الشرطة.

كما واجه نائبان يهوديان من حزب شاس لليهود المتدينين الشرقيين اعتداءً دموياً أسفر عن إصابتهما بجراح، وذلك من عناصر يهودية دينية متزمتة أرادت الانتقام منهما لأنهما وافقا على إدارة مفاوضات مع الحكومة لسن قانون يبيح إعفاء الشباب المتدينين من الخدمة العسكرية جزئياً

حراسة مشددة

ونتيجة للتهديدات بالقتل التي تعرض لها صحافيون ناقدون، هم غاي بيلج ودانا فايس ويونيت ليفي ورينا متسلياح، تم وضع حراسة مشددة عليهم وكذلك على أبواب استوديوهات «القناة 12» للتلفزيون، التي يعملون فيها.

وتم إلغاء محاضرة للصحافي بيلج في حيفا كما أُلغيت محاضرة لإحدى قادة المظاهرات التي تقام في كل يوم سبت ضد سياسة الحكومة، المحاضرة الجامعية شيكما ترسلر في طبعون.

وقد اعتبرت «جمعية طهارة الحكم» هذه الأحداث نتيجة طبيعية للهجمة التي تديرها الحكومة ووزراؤها ضد كل من يعترض على سياستها وينتقد قراراتها وممارساتها.

وطالب مركز عدالة القانوني سلطات إنفاذ القانون في إسرائيل بفتح تحقيق شامل وفعّال في أحداث العنف هذه؛ إذ إنها باتت أعمال إرهاب واضحة وفق قانون مكافحة الإرهاب، وقدم للشرطة عشرات الفيديوهات والشهادات التي قال إنها تكشف هوية المعتدين والمحرضين.

وقالت إيفا إيلوز، الباحثة الفرنسية - الإسرائيلية في الاجتماعيات ومديرة بحوث في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس، إن ما يجري يدل على نمو هائل لبذور الفاشية اليهودية في إسرائيل، وأكدت أن هؤلاء الفاشيين هم «الشركاء الطبيعيون» لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحزبه وحلفائه.

صبي إسرائيلي يحمل لعبة على هيئة بندقية في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة في مارس 2024 (أ.ف.ب)

وأضافت، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»: «منذ عقدين ونتنياهو لا يكف عن التحريض على الكراهية بين اليهود والعرب، أو عن الطعن في مشروعية السلطة القضائية، وهو يرسي الهوية الوطنية على الدين».

وتذهب إيلوز إلى أن الإرهاب اليهودي كان ظاهرة هامشية في إسرائيل قبل عام 1980، ومنذ ذلك العقد، دبرت مجموعات يهودية، على شاكلة «همحتيرت هيهوديت»، و«كاخ»، و«تيرور نيجيد تيرور»، و«بت عايين» و«ليهافا»، هجمات إرهابية أحبطت الشرطة معظمها. وبعض هذه المجموعات كان يدين بقومية مفرطة. وبعض آخر كان يعلن مناهضته للصهيونية (ويريد تقويض دولة إسرائيل واستبدالها بمملكة يهودا).


إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
TT

إيران وروسيا توحدان المواقف بشأن اجتماع «الوكالة الذرية»

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على تجنب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التأثر بـ«الضغوط والنفوذ السياسي» للولايات المتحدة والقوى الأوروبية، وذلك قبل يومين من مناقشة ملف طهران النووي، في الاجتماع الفصلي للوكالة التابعة للأمم المتحدة.

وتستعد القوى الغربية لطرح مشروع قرار متحمل، الأربعاء، يدين عدم تعاون طهران مع الوكالة الذرية، بناءً على أحدث تقرير المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي.

ودعت «الوكالة الذرية» إيران للسماح لها بالتحقق «في أقرب وقت ممكن» من مخزوناتها من اليورانيوم خصوصاً عالي التخصيب. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان لدول الأعضاء، الأسبوع الماضي، إن هناك انقطاعاً لديها في المعلومات «المتعلقة بكميات المواد النووية المعلنة سابقاً في إيران داخل المنشآت المتضررة»، وذلك بعدما علقت طهران في يوليو (تموز) تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب حرب استمرت 12 يوماً في يونيو (حزيران).

وأجرى عراقجي مكالمة هاتفية، مساء الاثنين، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف تمحورت حول الملف النووي الإيراني، فضلاً عن العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية.

وأفادت «الخارجية الإيرانية» في بيان أن الجانبين اتفقا، مع اقتراب اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على تنسيق المواقف بشأن البرنامج النووي الإيراني، مجددين التأكيد على «طبيعته السلمية».

كما جدد وزير الخارجية الإيراني التأكيد على ضرورة أن تلتزم «الوكالة الذرية» بصلاحياتها الفنية «بعيداً عن التسييس، وألا تتأثر بالضغوط أو النفوذ السياسي الأميركي وبعض الأعضاء الأوروبيين»، في إشارة إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

بدورها، ذكرت «الخارجية الروسية» في بيان أن مكالمة لافروف ونظيره الإيراني تطرقت إلى التطورات الإقليمية، لا سيما مسار التسوية في الشرق الأوسط، وفقاً لبيان «الخارجية الروسية».

وذكرت الوزارة في بيان نُشر على موقعها أن الجانبين «قاما بمواءمة المواقف» بشأن ملف البرنامج النووي الإيراني، وذلك قبيل انعقاد دورة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقاً لوكالة «ريا نووستي» الروسية.

وفيما يتعلق بالتسوية بين إسرائيل وحركة «حماس»، أكدت «الخارجية الروسية» أن الوزيرين شدداً على أهمية تحقيق سلام مستدام يستند إلى إطار قانوني دولي معترف به، وعلى ضرورة أخذ القرارات المتعلقة بإنشاء الدولة الفلسطينية في الحسبان بشكل كامل ضمن عمل مجلس الأمن الدولي.

وذكر البيان الرسمي الإيراني أن لافروف رحّب بتشكيل إطار إقليمي للتشاور والتعاون، معلناً استعداد موسكو لمواصلة التنسيق مع طهران. وأشار عراقجي إلى المبادرات والمشاورات الدبلوماسية التي تجريها إيران مع دول المنطقة للحفاظ على السلام والاستقرار، مؤكداً أهمية تعزيز هذا المسار بمشاركة جميع الأطراف المعنية.

وجاء الاتصال بين الوزيرين بعد يومين من مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأفاد الكرملين، السبت، بأن بوتين ونتنياهو ناقشا الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني والتطورات في قطاع غزة وسوريا.

ملصق لمنشأة فوردو لتخصيب الوقود يُعرض عقب مؤتمر صحافي لوزير الدفاع الأميركي في واشنطن 26 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وكشفت روسيا، الشهر الماضي، عن قيامها بنقل رسائل بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والإيرانيين، بهدف خفض التوتر بين البلدين. وجاء الإعلان على لسان بوتين نفسه، خلال قمة «روسيا وآسيا الوسطى» التي أقيمت في طاجيكستان، قائلاً إن إسرائيل أبلغت موسكو بعدم رغبتها في الدخول في مواجهة مع إيران، مشدداً على ضرورة حل ملف طهران النووي عبر الدبلوماسية.

وأشار بوتين أن بلاده تتلقى إشارات من القيادة الإسرائيلية تطلب نقلها إلى طهران، وتؤكد تمسك تل أبيب بخيار التسوية، ورفضها لأي شكل من أشكال التصعيد أو المواجهة، حسبما أوردت وكالة «تاس» الروسية.

وفي وقت لاحق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تلقي طهران رسالة من روسيا تفيد بأن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة جديدة مع طهران. وقال عراقجي: «قبل 3 أو 4 أيام على ما أعتقد، جرى اتصال هاتفي بين (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين». وأضاف: «قال نتنياهو إنه لا نية لديه لاستئناف الحرب مع إيران»، مشيراً إلى أن هذه الرسالة نُقلت في إحاطة مقدّمة للسفير الإيراني لدى روسيا.

وتتمتع موسكو بعلاقات وثيقة مع طهران، ونددت بالضربات الأميركية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في وقت سابق من هذا العام، والتي كان هدفها المعلن هو منع طهران من امتلاك قنبلة نووية، وتنفي إيران تصنيع سلاح نووي.

وقال عراقجي، الأحد، إنه ليس لدى بلاده أي منشأة غير معلنة لتخصيب اليورانيوم، وإن كل منشآتها تخضع لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة. جاء تأكيد عراقجي بعد أن ذكرت وسائل إعلام أميركية، بينها صحيفتا «واشنطن بوست ونيويورك تايمز»، أن إيران سرّعت وتيرة البناء في موقع نووي سري تحت الأرض يسمى «جبل الفأس» أو «كوه كولانغ»، بالقرب من منشأة نطنز.

وقال عراقجي خلال منتدى في طهران: «ليست هناك منشأة تخصيب نووي غير معلنة في إيران. كل منشآتنا تخضع لحماية الوكالة ومراقبتها». وأضاف: «لا تخصيب» في الوقت الراهن؛ لأن المواقع المعنية تضررت في الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل. واندلعت الحرب في منتصف يونيو إثر غارات إسرائيلية مفاجئة استهدفت خصوصاً منشآت نووية إيرانية، وتخللتها ضربات أميركية ضد أهداف داخل إيران، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ ومسيرات على إسرائيل. وأدت الحرب إلى توقف محادثات نووية بين طهران وواشنطن بدأت في أبريل (نيسان). وخلال تلك المحادثات، اختلف الجانبان حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم، الذي شدد عراقجي، الأحد، على أنه «لا يمكن إنكاره» و«غير قابل للتصرف». ورغم أن «الخارجية الإيرانية» تصر على أن منشآتها النووية تضررت بشدة جراء الهجمات، وأن مواد مخصبة لا تزال تحت الأنقاض، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي وصف تأكيدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتدمير المنشآت النووية الإيرانية بـ«الوهم». وقال: «يقول الرئيس الأميركي بفخر إنهم قصفوا القطاع النووي الإيراني ودمّروه. حسناً، استمروا في أحلامكم!». وتأتي تصريحات عراقجي قبيل اجتماع مجلس لمحافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المقرر عقده، الأسبوع المقبل.

مراجعة جذرية

خلال منتدى الأحد في طهران، حذّر مسؤولون إيرانيون الهيئة الأممية من اعتماد قرار مناهض لإيران.

ودعا رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأحد، إلى «تحديد موقفها ومسؤوليتها في سياق أي هجوم عسكري وإلحاق أضرار بالمنشآت، حتى نتمكن من إجراء مفاوضات على هذا الأساس». وأضاف أن ظروف إيران بعد الحرب «تغيرت» وأن التهديد «لا يزال قائماً».

وقال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي «في حال صدور قرار، ستنظر إيران في مراجعة علاقاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستجري مراجعة جذرية»، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي. عقب الحرب، علّقت طهران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنعت مفتشيها من الوصول إلى المواقع المتضررة، بعد أن اتهمتها بالتحيز وعدم إدانة الهجمات.

ولاحقاً، قال غريب آبادي إن تأكيده على «مراجعة جذرية» لا يعني «تفاهم القاهرة» مشدداً على أن الاتفاق «لم يعد قائماً».

وقال لوكالة «إيسنا» الحكومية: «عندما أتحدث عن مراجعة التوجهات، لا أعني تفاهم القاهرة؛ فهذا التفاهم قد انتهى. نحن لا نقوم بأي عمل مع الوكالة في إطار تفاهم القاهرة، لكن التغييرات ستظهر في مجالات أخرى. فعندما يرسل الأطراف المقابلون رسالة مفادها أن تعاون إيران مع الوكالة لا يهمهم، فإن إيران تكون مضطرة أيضاً إلى إعادة النظر في سياساتها».

وتابع: «نحن على تواصل مع الوكالة. وبعد إعادة العقوبات الأممية (سناب باك)، تقرر أن تُدرس طلبات الوكالة في المجلس الأعلى للأمن القومي. لم يعد الأمر كما كان من قبل حيث تُقبل كل طلبات الوكالة. القضية ليست اتفاق القاهرة. السؤال الأساسي هو: إيران قدمت تعاوناً واسعاً مع الوكالة، ولدينا تفاهم القاهرة الذي أُبرم بعد الهجوم، ومنحنا بموجبه وصولاً إلى المنشآت غير المتضررة. فما موقع هذا التعاون سياسياً؟ وهل رحب الغرب به؟ الإجابة: لا. وهذا واضح أنهم لا يبحثون عن تعاون إيران مع الوكالة».

وأضاف: «لقد وضعوا أهدافاً سياسية، ويسعون إلى الضغط. تعاون إيران مع الوكالة أو صياغة مداليتي جديدة أو تنفيذ إجراءات الضمانات لا يهمهم. ومن ثم، فمن الطبيعي أن تعيد الجمهورية الإسلامية النظر في توجهاتها بعد صدور القرار».

وأشار غريب‌ آبادي إلى أنّ «هناك احتمالاً لصدور قرار؛ لأن تركيبة المجالس تمنح الغربيين أغلبية»، لكنه طرح سؤالاً: «أيّ مشكلة سيحل مثل هذا القرار؟ إيران كانت دائماً متفاعلة مع الوكالة. إصدار قرار سيزيد المشكلات، ويعقد الأوضاع. في الحقيقة، هذه الدول هي التي تجب مساءلتها، لا أن تمارس مزيداً من الضغط على إيران».

وفي سبتمبر (أيلول)، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في القاهرة على إطار عمل جديد للتعاون، لكن بعد أسابيع، اعتبرته طهران باطلاً بعد أن فعّلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015. وانتهت مفاعيل هذا الاتفاق رسمياً في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه أُلغي فعلياً قبل سنوات بعد انسحاب واشنطن منه خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. وتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو، لكن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة هدد بشن ضربات جديدة إذا أعادت طهران إحياء برنامجها النووي.