عملية السلام التركي - الكردي تدخل «أسبوعاً تاريخياً»

تسليم رمزي للسلاح الجمعة... و«العمال» يعتذر عن التغطية الحية

إردوغان استقبل «وفد إيرمالي» في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)
إردوغان استقبل «وفد إيرمالي» في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)
TT

عملية السلام التركي - الكردي تدخل «أسبوعاً تاريخياً»

إردوغان استقبل «وفد إيرمالي» في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)
إردوغان استقبل «وفد إيرمالي» في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

قبل أيام من عملية «رمزية» لتسليم أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، زار رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالن بغداد، والتقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وبحث تعزيز أمن الحدود وتبادل المعلومات، في حين تحدث حزب تركي مؤيد للكرد عن «أسبوع تاريخي» في عملية السلام.

وجاءت زيارة كالين لبغداد، الثلاثاء، في إطار تحركات مكثفة تسبق العملية المرتقبة التي سيقوم فيها عدد محدود من عناصر حزب «العمال الكردستاني» بتسليم أسلحتهم في محافظة السليمانية في كردستان العراق، كبادرة «حسن نية» على المضي قدماً في حل نفسه وإلقاء أسلحته، واتخاذ خطوات على صعيد حل المشكلة الكردية في تركيا وتخليصها من الإرهاب.

وزار كالين أربيل، الأسبوع الماضي، حيث التقى رئيس إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني ونائبه قوباد طالباني ووزير الداخلية ريبر أحمد، إلى جانب زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني.

وذكرت قناة «إن تي في» التركية، الثلاثاء، أن مقاتلي «العمال الكردستاني» سيبدأون تسليم الأسلحة في مجموعات بمدينة السليمانية شمال العراق، الجمعة، في إطار عملية سلام مع تركيا.

تنسيق أمني

لم تصدر أي تصريحات من أنقرة حول لقاء كالين والسوداني، في حين ذكر مكتب رئيس الوزراء العراقي أن السوداني ناقش مع المسؤول التركي «التنسيق المعلوماتي المتبادل بين البلدين، بما يعزز الاستقرار في المناطق الحدودية المشتركة وعموم المنطقة».

صورة تجمع مشاركين في الاجتماع الخامس لآلية التعاون الأمني بين تركيا والعراق في أنطاليا في أبريل الماضي (الخارجية التركية)

وتوصلت أنقرة وبغداد، خلال اجتماعات آلية التعاون الأمني رفيع المستوى التي عقدت اجتماعها الخامس على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي في جنوب تركيا في أبريل (نسيان) الماضي، إلى اتفاق على التعاون الأمني المشترك ضد أنشطة حزب «العمال الكردستاني»، الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية.

وكان مجلس الأمن الوطني العراقي أعلن حزب «العمال الكردستاني»، الذي يخوض صراعاً مسلحاً ضد تركيا منذ عام 1984 خلّف نحو 40 ألف قتيل، كما تقول أنقرة، تنظيماً محظوراً، في أعقاب زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للعراق في 22 أبريل (نيسان) 2024.

وجاءت زيارة كالين إلى بغداد ولقائه السوداني غداة لقاء بين الرئيس رجب طيب إردوغان وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد والمعروف بـ«وفد إيمرالي»، الذي زار، الأحد، الزعيم التاريخي ومؤسس حزب «العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان، للمرة السادسة في محبسه بسجن جزيرة إيمرالي في جنوب بحر مرمرة غرب تركيا، تأكيداً للاستمرار في تنفيذ دعوته إلى «السلام ومجتمع ديمقراطي»، التي أطلقها في 27 فبراير (شباط) الماضي.

أوجلان وجه نداء لحزب «العمال الكردستاني» في 27 فبراير الماضي لحل نفسه وإلقاء أسلحته (إ.ب.أ)

وأتت دعوة أوجلان ضمن مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية»، الحليف لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، دولت بهشلي، بدعم من الرئيس إردوغان.

واستجابة لدعوة أوجلان، عقد حزب «العمال الكردستاني» مؤتمر العام الـ12 في كردستان العراق في الفترة بين 5 و7 مايو (أيار) الماضي، وأعلن في 12 مايو قراره حل نفسه وإلقاء أسلحته.

تسليم رمزي للأسلحة

بحسب مصادر إعلامية كردية، من المتوقع أن تسلم مجموعة من نحو 20 إلى 30 من عناصر حزب «العمال»، أسلحتها على حدود بلدة رانية، القريبة من أحد سفوح مرتفعات قنديل، حيث معقل الحزب العسكري، في محافظة السليمانية، الجمعة المقبل، بهدف تأكيد تمسك الحزب بتلبية نداء زعيمه التاريخي.

وقالت مصادر شبكة «روداو» الكردية في شمال العراق: «أُبلغنا بأن حفل تسليم الأسلحة سيُقام قبل ظهر يوم الجمعة 11 يوليو (تموز)».

وبحسب تقارير تركية، ستتم عملية تسليم الأسلحة تحت إشراف المخابرات التركية، بمشاركة من سلطات بغداد وأربيل.

وأكد اتحاد مجتمعات كردستان، الذي يعد الكيان الأشمل الذي يضم حزب «العمال الكردستاني» داخله، في بيان ليل الاثنين -الثلاثاء، أن عملية تسليم الأسلحة ستتم في السليمانية خلال الأيام المقبلة، وأن الاتحاد قرر منع الصحافة من حضور مراسم إلقاء الأسلحة، وإلغاء مشاركة الصحافيين في المراسم؛ لأسباب أمنية، وذلك بعدما كان مقرراً أن تتم في بث مباشر، معرباً عن أسفه لهذا التغيير المفاجئ.

ونقلت وسائل إعلام كردية عن مصادر قريبة من حزب «العمال الكردستاني»، أنه سيسمح فقط بالمنشورات الرسمية للحزب، وكذلك سيسمح لممثلي المؤسسات الإعلامية الرسمية التابعة للدولة (وكالة الأناضول وتلفزيون «تي آر تي» الرسمي) بالحضور، والعمل وفقاً لاتفاق تم التوصل إليه سابقاً.

تغيير مفاجئ

وزعمت المصادر أن هذا التغيير المفاجئ أُدرج على جدول الأعمال بعد لقاء إردوغان ووفد «إيمرالي» في أنقرة، الاثنين، والذي حضره نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، إفكان آلا، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين.

إردوغان استقبل «وفد إيرمالي» في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

في الوقت ذاته، قالت مصادر من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، التركي المؤيد للكرد، إنه بناءً على معلومات تلقاها، واتفاق الطرفين، وتقييم وحدات الأمن، «تقرر إقامة الحفل في منطقة مختلفة، مغلقة أمام الصحافة، ​​وسيتم مشاركة الصور والتسجيلات التي ستُلتقط من الحفل مع صحافيين عبر شاشة مُجهزة، وسيتاح للصحافيين جميع الفرص لمتابعة الحفل في هذه المنطقة، وتكوين انطباعاتهم وكتابة أخبارهم».

وأشارت المصادر إلى أنه سيتم منع دخول كاميرات التصوير إلى منطقة الحفل، مع التأكيد بشكل خاص على عدم وجود بث مباشر، موضحة أنه في مثل هذه العمليات الحساسة، يمكن وضع خطط مرنة من خلال تقييم المخاطر الأمنية وإمكانيات الاستفزاز.

كان الحزب أعلن من قبل عن دعوة العديد من الصحافيين وممثلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ونقابات المحامين ومنظمات مختلفة من تركيا والعالم إلى السليمانية لحضور مراسم إلقاء الأسلحة.

تولاي حاتم أوغولاؤي متحدثة أمام نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» بالبرلمان التركي (حساب الحزب في إكس)

وقالت الرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغولاري، خلال اجتماع المجموعة البرلمانية للحزب بالبرلمان التركي، الثلاثاء: «لقد دخلنا أسبوعاً تاريخياً في مسيرة السلام والمجتمع الديمقراطي، تشاور وفدنا مع الرئيس أردوغان خلال لقائه معه، الاثنين، حول المرحلة التي وصلت إليها العملية حتى الآن، وما يجب القيام به من الآن فصاعداً».

وأضافت أن خطوة تسليم عدد من عناصر حزب «العمال الكردستاني» أسلحتهم هذا الأسبوع هي دليل قوي على المضي في عملية السلام، مشددة على ضرورة تشكيل «لجنة السلام والمجتمع الديمقراطي» في البرلمان التركي، على وجه السرعة قبل العطلة الصيفية للبرلمان، وأن تعمل هذه اللجنة ليلاً ونهاراً طوال الصيف وحتى بداية الدورة التشريعية المقبلة لإتمام الاستعدادات بشأن هذه القضية.


مقالات ذات صلة

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة لزعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان ثبتها مسلحون من الحزب عند سفح جبل قنديل شمال العراق عند إعلان انسحابهم من تركيا في 26 أكتوبر الماضي (رويترز)

زيارة مفاجئة من «وفد إيمرالي» لأوجلان في أجواء متوترة

قام «وفد إيمرالي» بزيارة مفاجئة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في محبسه، غرب تركيا، وسط قلق من التصريحات حول «عملية السلام».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».