من يخلف خامنئي في حال سقوطه؟

صورتان لخامنئي والخميني تتقدمان صور قادة لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين قتلوا في المعارك مع إسرائيل... بمبنى السفارة الإيرانية ببيروت (إ.ب.أ)
صورتان لخامنئي والخميني تتقدمان صور قادة لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين قتلوا في المعارك مع إسرائيل... بمبنى السفارة الإيرانية ببيروت (إ.ب.أ)
TT

من يخلف خامنئي في حال سقوطه؟

صورتان لخامنئي والخميني تتقدمان صور قادة لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين قتلوا في المعارك مع إسرائيل... بمبنى السفارة الإيرانية ببيروت (إ.ب.أ)
صورتان لخامنئي والخميني تتقدمان صور قادة لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين قتلوا في المعارك مع إسرائيل... بمبنى السفارة الإيرانية ببيروت (إ.ب.أ)

لا تخفي إسرائيل رغبتها في إطاحة نظام «ولاية الفقيه» الذي تقوم عليه إيران منذ الثورة سنة 1979، لكن رهانها محفوف بالمخاطر، في ظلّ الانقسام السائد بأوساط المعارضة الإيرانية، وانعدام ضمانات أن يكون الحكم الجديد أقلّ تشدّداً، وفق محلّلين.

فبعد استهداف مواقع ليست منشآت نووية أو باليستية، من قبيل هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، ازدادت التكهّنات بشأن أهداف إسرائيل الفعلية التي لا تقتصر على تقويض القدرات الذرية والباليستية لإيران، بل تتخطّاها لتشمل أيضاً إطاحة المرشد علي خامنئي.

صحيح أن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال: «نحن نعلم» أين «يختبئ» خامنئي، غير أن تبعات إطاحة المرشد بعد حكم امتدّ أكثر من 3 عقود ونصف العقد محفوفة بالمخاطر والضبابية.

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب والمرشد الإيراني علي خامنئي (أ.ف.ب)

ولا تغيب عن بال القادة الأوروبيين تداعيات الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، والتدخّل العسكري لـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)» في ليبيا سنة 2011.

فقد سقط حكما صدام حسين ومعمر القذافي، لكن زوال الديكتاتورية خلّف سنوات من الاضطرابات الدامية في كلّ من البلدين.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام قمّة «مجموعة السبع» بكندا: «أكبر خطأ اليوم هو السعي إلى تغيير النظام في إيران بسبل عسكرية؛ لأن ذلك سيؤدّي إلى الفوضى».

وأردف: «هل يعتقد أحد أن ما حصل في العراق سنة 2003... أو ما حصل في ليبيا في العقد الماضي، كان فكرة سديدة؟ لا!».

«الحرس الثوري»

ويشير خبراء إلى أن إطاحة خامنئي وحاشيته قد تحدث فراغاً من الممكن أن يسدّه عناصر متشدّدون من «الحرس الثوري» أو القوّات المسلّحة.

وقالت نيكول غراييفسكي، من «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» إن «الضربات الإسرائيلية يبدو أنها تركّز على تغيير النظام أكثر من تركيزها على إزالة» الأسلحة النووية.

وكشفت في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لا شكّ في أن إسرائيل تستهدف منشآت مرتبطة بالصواريخ الباليستية والقدرات العسكرية، لكنها تستهدف أيضاً القيادة ورموز النظام، مثل هيئة الإذاعة والتلفزيون».

ولفتت إلى أنه «في حال سقوط النظام، تعقد الآمال على حكومة ليبرالية وديمقراطية»، لكن «الاحتمال كبير أن تبرز كيانات أخرى نافذة مثل (الحرس الثوري)».

رضا بهلوي نجل شاه إيران المخلوع

من بين أبرز وجوه المعارضة رضا بهلوي، نجل شاه إيران المخلوع، الذي يقيم في الولايات المتحدة.

وقد صرّح بأن النظام «على وشك الانهيار»، متّهماً خامنئي بـ«الاختباء تحت الأرض» مثل «جرذ مذعور».

ولطالما دعا بهلوي إلى إعادة العلاقة الوطيدة التي كانت قائمة مع إسرائيل في عهد والده، لمواجهة رفض النظام الاعتراف بالدولة العبرية.

ويدعو أنصار نظام الشاه إلى تقارب من هذا النوع يطلقون عليه اسم «اتفاقات كورش» تيمّناً بكورش؛ أحد أعظم ملوك الفرس الذي حرّر اليهود من الإمبراطورية البابلية.

غير أن بهلوي لا يحظى بتأييد جامع إن كان داخل إيران أو خارجها.

وتشكّل مواقفه وعلاقته بإسرائيل مصدر انقسام، لا سيّما بعد رفضه إدانة الضربات الإسرائيلية على إيران.

حركة «مجاهدي خلق»

ومن التنظيمات الكبيرة الأخرى حركة «مجاهدي خلق» التي قالت زعيمتها مريم رجوي، الأربعاء، أمام البرلمان الأوروبي إن «شعب إيران يريد سقوط هذا النظام».

غير أن «مجاهدي خلق» لا تلقى استحسان فصائل معارضة أخرى، وينظر إليها بعض الإيرانيين بعين الريبة إثر تأييدها صدام حسين في الحرب العراقية - الإيرانية.

ولفت توماس جونو، الأستاذ المحاضر في جامعة أوتاوا، إلى أن «جزءاً من تحدّي البحث عن بديل يكمن في غياب أيّ بديل منظّم ديمقراطي».

وأقرّ بأن رضا بهلوي هو الزعيم المعارض «الذي يحظى بأكبر قدر من الشهرة داخل إيران وخارجها على السواء»، غير أن أنصاره «يميلون إلى تضخيم نسبة تأييده داخل البلد».

وأشار جونو إلى أن «البديل الوحيد، وهو للأسف من السيناريوهات المثيرة للقلق، هو انقلاب ينفّذه (الحرس الثوري) أو الانتقال من ثيوقراطية إلى ديكتاتورية عسكرية».

لافتة تحذر من المساس بخامنئي في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

ويحذّر الخبراء من عامل، غالباً ما يجري التغاضي عنه، قد يزيد من انعدام الاستقرار مستقبلاً في البلد، هو التركيبة الإثنية المعقّدة في إيران، حيث تتعايش أقلّيات كبيرة من الأكراد والعرب والبلوش والترك مع الغالبية الفارسية.

وحذرت نيكول غراييفسكي من أن «تستغلّ دول معادية الانقسامات الإثنية».

كما حذّر محلّلون من مركز «صوفان» البحثي في الولايات المتحدة من سيناريو مشابه لما حصل بالعراق يلوح في إيران وسط عَدّ بقاء النظام الحالي «فشلاً استراتيجياً».

وقال هؤلاء: «لا يزال من الصعب استشراف ما قد يحصل بعد تغيير النظام، لكن التغيير قد يؤدّي إلى اضطرابات إقليمية على نطاق أوسع من العراق، لها ارتدادات عالمية».


مقالات ذات صلة

السوداني لـ«الشرق الأوسط»: رغبة إيرانية جادة باتفاق مع أميركا

خاص السوداني متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» play-circle 09:17

السوداني لـ«الشرق الأوسط»: رغبة إيرانية جادة باتفاق مع أميركا

السوداني في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: احتوينا انفعالات الفصائل خلال الحرب... والعلاقات مع سوريا طبيعية وعلى مسارها الصحيح.

غسان شربل (بغداد)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو يوم 18 أبريل 2025 (أ.ب)

إيران تراهن على موسكو وبكين لتعطيل «سناب باك»

سيناقش وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الملف النووي الإيراني مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في الصين.

«الشرق الأوسط» (لندن - بكين)
شؤون إقليمية المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية خلال مؤتمر صحافي اليوم

إيران تحذر الأوروبيين من رد متناسب إذا فعلت «سناب باك»

قال إسماعيل بقائي، المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، اليوم (الاثنين)، إن طهران ستردّ إذا عادت عقوبات «الأمم المتحدة»، بعد تفعيل آلية فرض العقوبات «سناب باك».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي مشايخ عراقيون يشاركون في مظاهرة تضامنية مع إيران على طريق مؤدٍ إلى المنطقة الخضراء حيث السفارة العراقية في بغداد (أ.ب)

كيف نجا العراق من «تهديد وجودي» خلال حرب إيران وإسرائيل؟

كشفت مصادر دبلوماسية في بغداد لـ«الشرق الأوسط» عن أن العراق نجا من «تهديد وجودي أخطر من (داعش)» كان يمكن أن يعصف به لو أنه انزلق إلى الحرب الإسرائيلية.

غسان شربل (بغداد)
شؤون إقليمية لافتة دعائية معلّقة على مبنى التنسيق الإيراني - الفلسطيني وسط طهران وتظهر كاريكاتيراً مناهضاً لإسرائيل يسخر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

الرئيس الإيراني يتمسك بالمسار الدبلوماسي ويدعو للتلاحم الداخلي

شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على تمسك بلاده بالمسار الدبلوماسي لتفادي تكرار الحرب، داعياً إلى التماسك الداخلي وبناء علاقات إيجابية مع الجيران والعالم.


تحركات متصاعدة في تركيا لمواكبة نزع أسلحة «الكردستاني»

عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في مراسم إلقاء أسلحتهم بالسليمانية الجمعة الماضي (رويترز)
عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في مراسم إلقاء أسلحتهم بالسليمانية الجمعة الماضي (رويترز)
TT

تحركات متصاعدة في تركيا لمواكبة نزع أسلحة «الكردستاني»

عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في مراسم إلقاء أسلحتهم بالسليمانية الجمعة الماضي (رويترز)
عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في مراسم إلقاء أسلحتهم بالسليمانية الجمعة الماضي (رويترز)

تتسارع التحركات في تركيا لوضع التدابير اللازمة لدفع عملية السلام والتضامن التركي - الكردي بعدما أقدم حزب «العمال الكردستاني» على خطوة عملية لحل نفسه وإلقاء أسلحته استجابة لدعوة زعيمه التاريخي السجين عبد الله أوجلان.

ويبدأ وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، والمعروف إعلامياً باسم «وفد إيمرالي» جولة جديدة على الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي تسبق تحركاً مرتقباً من جانب رئاسة البرلمان لتشكيل لجنة للنظر في التدابير التي ستتخذ خلال مرحلة نزع أسلحة «العمال الكردستاني».

وسيلتقي الوفد، المؤلف من النائبين بروين بولدان ومدحت سنجار، رئيسي حزبي «الحركة القومية» دولت بهشلي، و«المستقبل» أحمد داود أوغلو، الأربعاء، بمقر البرلمان، ثم يزور زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، الخميس، في مقر حزبه.

الرئيس التركي استقبل «وفد إيمرالي» قبل أيام من أول عملية إلقاء سلاح من جانب عناصر «العمال الكردستاني» (الرئاسة التركية)

وكان الوفد قد التقى الرئيس رجب طيب إردوغان في القصر الرئاسي بأنقرة، الثلاثاء الماضي، غداة زيارة قام بها إلى أوجلان في سجن «إيمرالي»، الاثنين، سبقت إلقاء أسلحة عناصر حزب «العمال الكردستاني» أسلحتهم.

خطوة رمزية

وفي خطوة رمزية، قامت مجموعة مؤلفة من 30 عنصراً من حزب «العمال الكردستاني»، أطلقت على نفسها «مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي»، بإحراق أسلحتها في مراسم أقيمت، الجمعة، في جبل قنديل بمحافظة السليمانية في شمال العراق، كبادرة لتأكيد حسن النية والسير قدماً في إنهاء الكفاح المسلح الذي استمر 47 عاماً ضد الدولة التركية.

مقاتلة من «العمال الكردستاني» تضع سلاحها في حاوية تمهيداً لإحراقه (رويترز)

وقالت المجموعة إن الخطوة كانت استجابة للنداء الذي أطلقه أوجلان في رسالة مصورة الأربعاء، أعلن فيها انتهاء الصراع ضد الدولة داعياً إلى التحول للعمل السياسي القانوني الديمقراطي.

وسبق أن أطلق أوجلان في 27 فبراير (شباط) نداءً تحت اسم «دعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي» استجابة لمبادرة «تركيا خالية من الإرهاب»، التي أطلقها رئيس حزب «الحركة القومية»، الشريك الرئيسي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدعم من إردوغان، قادت إلى إعلان الحزب حل نفسه وإلقاء أسلحته في 12 مايو (أيار) الماضي.

وأعلن إردوغان، خلال اجتماع استشاري لحزبه، السبت، أنه سيتم تشكيل لجنة برلمانية لمناقشة المتطلبات القانونية الخاصة بعملية نزع السلاح. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة ستعمل على مواضيع مثل مصير أعضاء المنظمة الذين يُلقون أسلحتهم والوضع القانوني لمن لم يتورطوا في جرائم ومن يُعدون مذنبين؛ وكيفية دمج الأعضاء العائدين إلى تركيا اجتماعياً.

وبالتوازي، نشرت وزارة التركية، عبر حسابها في «إكس»، الاثنين، مقطع فيديو يظهر أسلحة تم ضبطها، في عمليات بحث وتفتيش، قالت إن قوات عملية «المخلب - القفل» أجرتها في الفترة بين 5 و7 يوليو (تموز) الحالي، وعثر خلالها على كهف كبير، طوله 1800 متر يحتوي على 33 غرفة، تابع للمنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة ومستلزمات المعيشة، وتم تدمير الكهف ولم يعد صالحاً للاستخدام.

وسبق للوزارة أن أكدت أن العمليات التي تنفذها قواتها ستستمر، وأنها ستراقب، من كثب، تسليم أسلحة «العمال الكردستاني»، حتى يتم التأكد من إنهائها تماماً.

محاكمات «الشعب الجمهوري»

في سياق متصل، قررت محكمة الجنايات العليا في إسطنبول، الإفراج عن رئيس بلدية إسنيورت المنتخب من صفوف «حزب الشعب الجمهوري»، أحمد أوزر، المحتجز منذ 30 أكتوبر الماضي بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية (اتحاد مجتمعات كردستان - حزب «العمال الكردستاني»).

وعلى الرغم من صدور القرار، سيبقى أوزر، الذي عينت الحكومة وصياً من جانبها لإدارة البلدية بعد اعتقاله، مسجوناً على خلفية قضية «فساد»، صدر بحقه قرار توقيف فيها في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وعقدت الجلسة الثانية في إطار قضية الإرهاب، الاثنين، وكان متوقعاً أن يتم خلالها الإفراج عن أوزار، بعدما أكدت المحكمة الدستورية التركية، أن قرار اعتقاله وتعيين وصي بدلاً منه بموجب مراسيم رئاسية صدرت في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016، غير قانوني.

أحمد أوزار (من حسابه في إكس)

وفي جلسة الاستماع الأولى، التي عقدت في 23 مايو الماضي، قال أوزار في دفاعه، إنه اعتقل فقط لأنه كردي فاز ببلدية إسنيورت الواقعة في غرب تركيا، وانتهكت حقوقه كثيراً بسبب ذلك، وإن هناك تمييزاً بين أكراد الشرق وأكراد الغرب في تركيا.

من ناحية أخرى، قررت محكمة في إسطنبول توقيف رئيس بلدية شيلا، أوزغور قبضاي، المنتخب من صفوف حزب «الشعب الجمهوري»، و4 من مسؤولي البلدية، بتهم تأسيس «منظمة إجرامية»، والرشوة، والابتزاز، والتلاعب في المناقصات.

واعتقل قبضاي، والمتهمون الآخرون، الخميس الماضي، في إطار حملة قضائية تتوسع منذ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، المرشح الرئاسي لـ«الشعب الجمهوري» والذي يعد أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان، في 19 مارس (آذار) الماضي، تقول المعارضة ودول غربية إنها ذات دوافع سياسية وتستهدف منافسي الرئيس التركي.