عراقجي يوجه تحذيراً إلى «الوكالة الذرية» بشأن خطوات القوى الغربية

«مجلس محافظيها» يستعد لطرح قرار يُصنف إيران ضمن «حالة عدم امتثال» لأول مرة منذ عقدين

غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن «البرنامج النووي الإيراني» في مايو 2021 (أرشيفية - الوكالة الدولية)
غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن «البرنامج النووي الإيراني» في مايو 2021 (أرشيفية - الوكالة الدولية)
TT

عراقجي يوجه تحذيراً إلى «الوكالة الذرية» بشأن خطوات القوى الغربية

غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن «البرنامج النووي الإيراني» في مايو 2021 (أرشيفية - الوكالة الدولية)
غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن «البرنامج النووي الإيراني» في مايو 2021 (أرشيفية - الوكالة الدولية)

أعلنت إيران أنها سترد بإجراءات «مناسبة» في حال أقدمت الدول الأوروبية على اتخاذ خطوات «غير بنّاءة» خلال اجتماع «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، عقب صدور تقرير أممي أشار إلى غياب التقدم في التحقيق بشأن مواقع نووية لم تُعلن عنها طهران، تزامناً مع ازدياد مخزون اليورانيوم المخصب إلى مستويات تقترب من الاستخدام العسكري.

وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في تقرير سري موسع إلى الدول الأعضاء، إن إيران نفذت في السابق أنشطة نووية سرية بمواد لم تعلن عنها في 3 مواقع قيد التحقيق منذ سنوات. وجاء التقرير بعد أيام معدودة من زيارة ماسيو أبارو، نائب مدير «الوكالة» مسؤول «قسم الضمانات»، إلى طهران.

وأمر «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بإعداد تقرير شامل، في نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك تمهيداً لخطوة تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تهدف إلى عدّ إيران ضمن «حالة انتهاك لمعاهدة حظر الانتشار النووي».

وقال دبلوماسيون إن القوى الغربية الأربع تخطط، استناداً إلى نتائج تقرير «الوكالة»، لطرح مسودة قرار على «المجلس» في اجتماعه المقبل يوم 9 يونيو (حزيران) الحالي.

جانب من الاجتماع الفصلي لـ«مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في فيينا الاثنين الماضي (الذرية الدولية)

وستكون هذه أول مرة منذ نحو 20 عاماً تُعدّ فيها إيران رسمياً ضمن «حالة عدم امتثال».

توتر مرتقب

وأبلغ وزيرُ الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مديرَ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافاييل غروسي، بأن طهران «سترد بشكل مناسب على أي تحرك غير لائق من جانب الأطراف الأوروبية»، في إشارة إلى بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان نشر الأحد، إن عراقجي وغروسي ناقشا في مكالمة هاتفية «آخر مستجدات المفاوضات النووية، ومسار رفع العقوبات، بالإضافة إلى التقرير الأخير الصادر عن (الوكالة) بشأن إيران».

وأفاد البيان الإيراني بأن عراقجي شدد على «التزام» إيران التعاون «المستمر والوثيق» مع «الوكالة الدولية»، موضحاً أن «جميع الأنشطة النووية الإيرانية تجري تحت إشراف (الوكالة) وضمن إطار (اتفاقية الضمانات الشاملة)، دون تسجيل أي انحراف في المواد أو الأنشطة النووية».

وطالب عراقجي غروسي بعرض «الوقائع بدقة وحيادية، بما يمنع استغلال (الوكالة) على أنها أداة سياسية من قِبل بعض الدول ضد إيران». كما دعا إلى تقديم «إيضاح موضوعي» لتعاون إيران مع «الوكالة» خلال اجتماع «مجلس المحافظين» الأسبوع المقبل، محذراً بأن أي تحرك ذي طابع سياسي ستكون له تبعات مباشرة.

وقال عراقجي إن «طهران ستتخذ ردود فعل مناسبة» تجاه أي خطوة أوروبية تعدّها «غير ملائمة»، متهماً تلك الدول بالسعي إلى «توظيف (الوكالة) لتحقيق أجندات سياسية»، محملاً إياها مسؤولية العواقب بالكامل.

وشدد عراقجي على «الطبيعة السلمية للأنشطة النووية الإيرانية»، رافضاً «محاولات (تسييس عمل الوكالة) أو تشويه الحقائق التقنية لخدمة أهداف سياسية».

ولم يُنشر تقرير غروسي كاملاً، لكن وفق مقتطفات نشرتها وكالة «رويترز»، فقد أفاد التقرير السري بأن تعاون إيران مع «الوكالة» لا يزال «أقل من المستوى المُرضي» في «عدد من الجوانب». ولا تزال «الوكالة» تسعى إلى الحصول على تفسيرات لآثار اليورانيوم التي رُصدت منذ سنوات في اثنين من 4 مواقع كانت تحقق فيها. وقد وجدت أن 3 منها شهدت إجراء تجارب سرية.

وجاء في التقرير أن «الوكالة» خلصت إلى أن «هذه المواقع الثلاثة، ومواقع أخرى محتملة ذات صلة، كانت جزءاً من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الـ21، وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلن عنها».

أجهزة الطرد المركزي من الجيل السادس «آي آر 6» بمنشأة «نطنز» لتخصيب اليورانيوم خلال عملية ضخ الغاز في نوفمبر 2019 (أرشيفية - المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية)

وأضاف التقرير أنه جرى «تخزين مواد نووية أو معدات شديدة التلوث من ذلك البرنامج بالموقع الرابع، وهو (تورقوز آباد)، بين عامي 2009 و2018».

وذكر التقرير أن «(الوكالة) خلصت إلى أن إيران لم تفصح عن مواد نووية وأنشطة ذات صلة بالمجال النووي في 3 مواقع غير معلنة في إيران، وتحديداً في: لويزان شيان، وورامين، وتورقوز آباد». وقال التقرير إن «قرصاً مصنوعاً من معدن اليورانيوم في لويزان شيان بطهران استُخدم في إنتاج مصادر نيوترونية» مرتين على الأقل عام 2003، وهي عملية مصممة لإحداث التفجير في سلاح نووي، مضيفاً أن ذلك كان جزءاً من اختبارات «صغيرة النطاق».

المفاوضات العالقة

وحاولت طهران قبل 4 سنوات إغلاق ملف المواقع السرية عبر المحادثات غير المباشرة التي أجرتها مع إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وبصورة مباشرة مع باقي الدول الأعضاء بالاتفاق النووي في فيينا، لكن القوى الأوروبية والولايات المتحدة رفضت حينها أي تسوية سياسية بشأن الملف الشائك.

ولا تزال طهران تعول على اتفاق سياسي لإغلاق الملف المثير للجدل.

ويرجح دبلوماسيون أن يؤدي التقرير إلى إحالة إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الرغم من أن ذلك سيحدث على الأرجح في اجتماع لاحق لـ«مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وسيدفع ذلك على الأغلب إيران مرة أخرى إلى تسريع أو توسيع برنامجها النووي الذي في الأساس يتقدم بوتيرة سريعة، كما فعلت بعد التوبيخات السابقة في «المجلس». ويمكن أن يزيد أيضاً من تعقيد المحادثات مع الولايات المتحدة التي تهدف إلى كبح جماح برنامج طهران النووي.

واتهم كاظم غريب‌ آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، غروسي بالاستناد إلى «قرار سياسي» صدر في نوفمبر «دون إجماع»، بدفع من الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، متجاهلاً نتائج زيارته إلى إيران.

وأوضح أن التقرير «يستند إلى مزاعم قديمة بشأن مواد نووية ضئيلة في مواقع تعود لأكثر من 20 عاماً»، وتستند إلى «معلومات مزيفة من الكيان الصهيوني، دون الإشارة إلى عدم وجود أي انحراف في الأنشطة النووية الإيرانية الحالية».

وأشار إلى أن هذه «الادعاءات أُغلقت سابقاً بموجب قرار في نوفمبر 2015، وإعادة طرحها تمثل محاولة سياسية لإحياء ملفات منتهية». كما لفت إلى أن «اثنين من المواقع الأربعة (موقعا لويزان ومریوان) لم يعودا من القضايا العالقة؛ مما يؤكد الطابع السياسي للتقرير».

وأشار إلى أن إيران «لا تمتلك أنشطة أو مواد نووية غير معلنة»، وأنها واصلت التعاون بشكل واسع مع «الوكالة»، مستشهداً بوجود 274 مفتشاً تابعين لـ«الوكالة» كانوا يعملون في إيران حتى نهاية عام 2024، من بينهم 120 مفتشاً ضمن «مكتب التحقق الإيراني».

وبين أن إيران «تستحوذ على النسبة الكبرى من عمليات التفتيش في العالم، مع تنفيذ أكثر من 65 في المائة من عمليات التفتيش داخل إيران فقط. كما أن جزءاً كبيراً من ميزانية (الوكالة) يُصرف في إيران».

وقال غريب آبادي إن إيران «لا تمتلك أسلحة نووية ولا تسعى لامتلاكها، وهي ملتزمة جميع تعهداتها»، لكنه حذر بأن بلاده «ستتخذ قرارات حاسمة إذا استمرت الدول الغربية في استغلال صبرها».

كما انتقد ذكر تخصيب إيران اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، موضحاً أن «الوكالة» لا تفرض أي سقف للتخصيب ما دام تحت رقابتها.

«قرار سياسي»

في وقت لاحق، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، في تصريحات للتلفزيون الرسمي، إن «تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذات طابع سياسي».

وأشار إسلامي إلى قرب انقضاء القرار 2231، الذي يتبنى الاتفاق النووي، في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، قائلاً: «الأوروبيون يبحثون عن ذرائع لتعطيل استفادة إيران من فرصة السنة العاشرة في الاتفاق النووي لحل ملفها النووي».

ووجه إسلامي اتهامات إلى مدير الوكالة رافائيل غروسي بأنه «يسعى لإرضاء دول بعينها، مدفوعاً بطموحاته الكبيرة ورغبته الشديدة في تولي منصب الأمين العام للأمم المتحدة، مما يدفعه إلى العمل وفق أجنداتها وتحقيق أهدافها».

وأضاف: «جزء كبير من تقارير الوكالة لا يستند إلى بيانات وملاحظات المفتشين، بل هو نتاج عملية سياسية».

وأكد إسلامي أن «إيران عضو في معاهدة حظر الانتشار النووي وتلتزم بالكامل بتنفيذ اتفاق الضمانات»، مشيراً إلى أن «كل موقع يخضع للرقابة بموجب قواعد الضمانات، تغطيه كاميرات الوكالة وتُجرى فيه عمليات تفتيش منتظمة».

وتابع أن «إيران تواصل تعاونها في إطار اتفاق الضمانات ومعاهدة حظر الانتشار النووي بشكل كامل وشفاف».

ورفض إسلامي وقف تخصيب اليورانيوم، مجدداً وصفه بـ«الخط الأحمر» لإيران، وقال: «التخصيب هو الأساس والبنية التحتية للصناعة النووية، ولا يحق لأي دولة حرمان الشعب الإيراني من هذا الحق المشروع أو التدخل فيه». وأضاف أن «الأنشطة النووية في إيران تتم ضمن إطار محدد ووفقاً للمعايير والضوابط الدولية».

مدير «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية» محمد إسلامي خلال الاجتماع الفصلي لـ«مجلس المحافظين» في سبتمبر 2025 (الوكالة الدولية)

وأوقفت إيران العمل بالبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار في فبراير (شباط) 2021، مع بداية عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. ومنذ ذلك الحين، تحدّ من وصول المفتشين الدوليين إلى أنشطة حساسة، كما ترفض تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة.

وفي بداية مارس (آذار) 2023، توصل غروسي إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في عدة مواقع نووية وزيادة عمليات التفتيش في منشأة «فوردو»، لكن طهران لا تزال تربط تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة باتفاق سياسي يؤدي إلى رفع العقوبات.

تفاقم التخصيب

وبينما حدد اتفاق عام 2015 سقف تخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67 في المائة، فإن طهران حالياً تخصب عند مستوى 60 في المائة، غير البعيد من مستوى 90 في المائة المطلوب للاستخدام العسكري.

وذكر تقرير منفصل من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، أُرسل إلى الدول الأعضاء السبت، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، زاد بنحو النصف، ليصل إلى 408.6 كيلوغرام (كلغم). وهذا يكفي، في حال زيادة التخصيب، لصنع نحو 10 قنابل نووية، وفقاً لمعايير «الوكالة».

ولفتت الوكالة إلى أن المخزون بلغ 408.6 كلغم في 17 مايو (أيار) الماضي، بزيادة 133.8 كلغم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، مقارنة بزيادة مقدارها 92 كلغم خلال الفترة السابقة عليها، وزيادة بنحو 50 في المائة خلال 3 أشهر.

وباتت كمية اليورانيوم المخصب الإجمالية تتجاوز 45 مرة الحد المسموح به بموجب الاتفاق المبرم في عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى، وتبلغ 9247.6 كيلوغرام، بزيادة قدرها 953.2 كيلوغرام مقارنة بتقرير فبراير (شباط).

وقال ديفيد أولبرايت، الخبير في الأسلحة النووية رئيس «معهد العلوم والأمن الدولي» بواشنطن، إن تقرير «الوكالة» أظهر أن مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة قد انخفضت بشكل كبير؛ «مما يشير إلى محاولة للحصول على أكبر كمية ممكنة من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة»، حسب صحيفة «واشنطن بوست».

ووفق «الوكالة الدولية»، فإن كمية تبلغ نحو 41.7 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تُعدّ كافية نظرياً لإنتاج قنبلة نووية واحدة، إذا ما جرى تخصيبها بشكل إضافي إلى نسبة 90.2 في المائة.

ووفق «الوكالة الدولية»، فإن إيران هي القوة غير النووية الوحيدة التي تخصب اليورانيوم عند مستوى 60 في المائة.


مقالات ذات صلة

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

أثار إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية، المعروفة باسم «حنظلة»، اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حالة من القلق في محيط نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»
صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»
TT

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»
صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

قالت مجموعة قراصنة إيرانية تطلق على نفسها اسم «حنظلة»، الأحد، إنها تمكنت من اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، تساحي برفرمان، في إعلان أثار حالة من القلق داخل الدائرة الضيقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ونفى متحدث باسم برفرمان وقوع أي اختراق، غير أن شهود عيان تحدثوا عن حالة ارتباك، وقالوا إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية سارعت إلى فحص المعلومات المتداولة، ووضع خطة طوارئ للتعامل مع تداعيات محتملة.

وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن الحكومة تتعامل بجدية مع إعلان «حنظلة»، لا سيما أنه جاء بعد نحو أسبوع من إعلان المجموعة مسؤوليتها عن اختراق هاتف رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق نفتالي بنيت، في هجوم سيبراني قالت إنه نُفذ ضمن عملية أطلقت عليها اسم «عملية الأخطبوط».

وبحسب مراجعة أولية للمواد التي نشرتها المجموعة، فإنها تتضمن قوائم بأسماء شخصيات إسرائيلية ودولية، قالت المجموعة إنها حصلت عليها من خلال بيانات استُخرجت من هاتف بنيت. كما شملت المواد صوراً ومقاطع فيديو، إضافة إلى محادثات جزئية يُعتقد أنها مأخوذة من حساب على تطبيق «تلغرام» منسوب إليه.

وقال مصدر رفيع في مكتب رئيس الحكومة، الأحد، إنه «لا توجد في هذه المرحلة مؤشرات على اختراق هاتف رئيس الطاقم برفرمان، إلا أن الفحص لا يزال مستمراً»، مضيفاً أنه «حتى الآن لم تُسجل دلائل على كشف قواعد بيانات واسعة أو وثائق حساسة تشير إلى اختراق شامل للجهاز، بما في ذلك استخراج معلومات سرية، خلافاً لما أعلنه القراصنة».

وفي الوقت نفسه، بدأت المجموعة بنشر مواد قالت إنها مأخوذة من هاتف برفرمان، من بينها صور ووثائق لاجتماعات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والرئيس الأميركي السابق جو بايدن.

وأطلقت المجموعة على ما وصفته بالهجوم اسم «قضية بي بي غيت - سقوط حارس البوابة»، ووجهت عبر حساباتها تهديدات مباشرة إلى مكتب رئيس الحكومة، وإلى ما سمته «الدائرة القريبة من نتنياهو».

وقالت المجموعة في رسالة تهديدية: «أنتم تشعرون بذلك الآن - الضغط في الصدر، والعرق البارد، والخوف المتآكل. ليس هذا مجرد خوف، بل إدراك أن كل طبقات الحماية لديكم، وكل سر أُودع لدى تساحي برفرمان، بات مكشوفاً».

وزعمت المجموعة أن هاتفاً من طراز «آيفون 16 برو ماكس» يعود لبرفرمان قد اختُرق، مضيفة: «ليس الآن فقط. (حنظلة) تراقب، وتتسلل، وتستمع منذ سنوات». كما ادّعت أن بحوزتها «محادثات مشفرة، وصفقات مخفية، وإساءة استخدام للسلطة تشمل ابتزازاً ورشوة».

ولوّحت المجموعة بنشر وثائق. وقالت: «الملفات، التسجيلات، المقاطع المصورة... كل سر يربط نظامكم بالفساد سيطفو إلى السطح».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إعلان «مسؤول رفيع في مكتب نتنياهو» أن «الفحوصات الجارية لا تشير حتى الآن إلى اختراق هاتف برفرمان» قوبل بتشكيك، مشيرة إلى أن الحكومة سبق أن أصدرت نفياً مشابهاً بعد الإعلان عن اختراق هاتف بنيت، قبل أن يتبيّن لاحقاً عدم دقته، ويقرّ بنيت نفسه بالاختراق.

وأضافت هذه الوسائل أنه «رغم ضرورة التعامل بحذر مع إعلانات القراصنة، فإن الاستهانة بها قد تكون محفوفة بالمخاطر، نظراً إلى سجل المجموعة في تهديد مسؤولين كبار وبث الخوف».

وكانت مجموعة «حنظلة» قد هددت، بعد إعلانها اختراق هاتف بنيت الأسبوع الماضي، بنشر مواد إضافية تعود لسياسيين إسرائيليين، من بينهم وزيرا الدفاع السابقان بيني غانتس ويوآف غالانت، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والنائبة تالي غوتليب.

وأقرّ بنيت في وقت سابق من الشهر الحالي بأن الوصول تم إلى حسابه على تطبيق «تلغرام»، وأن البيانات التي جرى الحصول عليها «تم الوصول إليها بشكل غير قانوني»، وشملت قائمة جهات اتصال وصوراً ومحادثات. وقال إن القضية قيد معالجة الجهات الأمنية. وضمت قائمة جهات الاتصال المسربة نحو خمسة آلاف اسم، من بينهم رؤساء دول، ومسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل وخارجها، وسياسيون وصحافيون، وأفراد من عائلات أسرى، علماً بأن بنيت كان قد نفى في البداية اختراق هاتفه.

في الجانب الإيراني، عرض التلفزيون الرسمي أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها المجموعة، قائلاً إن القراصنة حصلوا على «كمية كبيرة من المعلومات السرية» من الدائرة القريبة من مسؤول إسرائيلي.

وقالت وكالة «نور نيوز»، المحسوبة على مجلس الأمن القومي الإيراني، إن المجموعة عرضت 110 صفحات من جهات الاتصال الخاصة بهاتف برفرمان لـ«إثبات عملية الاختراق»، ونقلت عن بيان للمجموعة قولها: «ربما حان الوقت لكي يرى الناس مدى عمق التغلغل؛ فالأسماء والأرقام والصلات مكشوفة بوضوح. هذا ليس تهديداً، بل مجرد عرض».

أما وكالة «أرنا» الرسمية، فقد وصفت الوضع في تل أبيب بأنه «صدمة». وتقول وسائل إعلام إيرانية تابعة لـ«الحرس الثوري» إن مجموعة «حنظلة» تنشط في مجال الهجمات الإلكترونية وتسريب البيانات، وبرز اسمها مع تصاعد المواجهة الإعلامية والسيبرانية بين إيران ووسائل إعلام خارجية ناطقة بالفارسية.

وتعرف المجموعة نفسها على أنها جهة «مستقلة» تعمل في إطار ما تصفه بالرد على حملات إعلامية معادية لإيران، في سياق تصاعد «حرب الروايات»، وتعتمد أسلوب الاختراق الإلكتروني متبوعاً بنشر وثائق أو معلومات تقول إنها حصلت عليها من الجهات المستهدفة. وتدرج المجموعة أنشطتها ضمن ما تسميه «الحرب المعرفية» أو «الاشتباك الإعلامي».

وكانت المجموعة قد أعلنت، الصيف الماضي، مسؤوليتها عن اختراق أنظمة تابعة لوسائل إعلام خارجية، من بينها قناة «إيران إنترناشنال»، مدّعية الوصول إلى بيانات داخلية ونشر أجزاء منها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ولا توجد حتى الآن تأكيدات مستقلة أو رسمية تثبت وجود ارتباط تنظيمي مباشر بين المجموعة وأي جهة حكومية، غير أن التسمية ذات الدلالة الآيديولوجية (حنظلة بن أبي عامر من أنصار الحسين في كربلاء) توحي، وفق توصيفات إعلامية إيرانية، باحتمال تقاطعها أو قربها مما يُعرف بـ«الجيش السيبراني» التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني».


قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
TT

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)
صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)

أعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية مرتبطة بإيران، اليوم (الأحد)، أنها اخترقت هاتفاً جوالاً لأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك بعد أيام من إعلانها اختراق حساب رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت على تطبيق «تلغرام».

وأعلنت مجموعة «حنظلة» أنها اخترقت هاتف تساحي برافرمان، رئيس ديوان نتنياهو والسفير المُعيّن لدى بريطانيا. وفي بيان نُشر على الإنترنت، ادّعى المخترقون أنهم تمكنوا من الوصول إلى جهاز برافرمان وحذّروا الدائرة المقربة من نتنياهو من تسريب معلومات حساسة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الادعاء قيد التحقيق، وإنه لم يتم تأكيد أي اختراق حتى الآن، حسبما أورد موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت».

ووفقاً للصحيفة، أصدر المخترقون ادعاءات واسعة النطاق بامتلاكهم اتصالات مشفرة ومواد حساسة أخرى، لكنهم لم يقدموا أي دليل يدعم هذه الادعاءات. وأشاروا إلى أنه سيتم نشر معلومات إضافية لاحقاً. كما نشرت المجموعة صوراً لبرافرمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وسلفه جو بايدن.

وأعلنت المجموعة نفسها مسؤوليتها عن اختراق هاتف بينيت الجوال قبل نحو أسبوع ونصف، فيما أطلقت عليه اسم «عملية الأخطبوط». وفي البداية، نفى مكتب بينيت اختراق الهاتف، لكن المخترقين نشروا لاحقاً صوراً ووثائق وآلاف أرقام الهواتف على صفحات متعددة، بما في ذلك أرقام زعموا أنها مرتبطة بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

وأقرّ بينيت لاحقاً باختراق حسابه على تطبيق «تلغرام». ولم تؤكد السلطات الإسرائيلية علناً صحة ادعاءات المخترقين الأخيرة، وقالت إن التحقيقات لا تزال جارية.


تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

تقرير: نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش و«الشاباك» بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) بشأن سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

وبحسب صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر لقواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».