قرار حل «العمال الكردستاني» يفجر معارك سياسية في تركيا

بسبب التطرق إلى معاهدة لوزان وإبادة الأكراد ودور البرلمان

أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لأوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» (أ.ف.ب)
أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لأوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» (أ.ف.ب)
TT

قرار حل «العمال الكردستاني» يفجر معارك سياسية في تركيا

أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لأوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» (أ.ف.ب)
أكراد في جنوب شرقي تركيا يرفعون صورة لأوجلان ابتهاجاً بدعوته لحل حزب «العمال الكردستاني» (أ.ف.ب)

فجر قرار حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه وإلقاء أسلحته استجابة لدعوة مؤسسه وزعيمه التاريخي، عبد الله أوجلان، جدلاً واسعاً في تركيا، لا سيما فيما يتعلق بإشارة الحزب في بيانه إلى معاهدة لوزان و«الإبادة الجماعية للأكراد».

وبينما وضح من خلال تعليق الرئيس رجب طيب إردوغان على القرار، أن الدولة التركية ستتبنى نهجاً حذراً في التعامل مع القرار الذي أعلنه حزب «العمال الكردستاني»، الاثنين، من خلال إشارته إلى أن المخابرات التركية وباقي مؤسسات الدولة ستتابع تنفيذ ما جاء بالقرار من كثب، أبدت المعارضة قلقاً من احتمالات توظيف إردوغان العملية برمتها من أجل فتح الطريق أمام نفسه للترشح لانتخابات الرئاسة والبقاء رئيساً لتركيا مدى الحياة.

في الوقت ذاته بدا رد فعل القوميين الأتراك، الذي عبر عنه حزب «الجيد» عنيفاً؛ إذ اعتبر أن العملية الجارية بين حزب «العمال الكردستاني» والحكومة هي «خيانة»، محذراً من مخطط لتقسيم تركيا.

دور الحكومة والبرلمان

وفيما عدّ إردوغان أن قرار حزب «العمال الكردستاني» يشمل عناصره في تركيا والعراق وسوريا وأوروبا، تصاعد النقاش حول الخطوات المقبلة، وكيف ستدار العملية التي بدأت بهذا القرار، ودور البرلمان التركي فيها والتشريعات المطلوبة من أجل ضمان حقوق الأكراد على قدم المساواة مع الأتراك.

الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» تونجر باكيرهان (حساب الحزب في إكس)

وطالب الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، الذي قاد الاتصالات حتى إعلان حزب «العمال الكردستاني» قرار حل نفسه وإلقاء أسلحته، تونجر باكيرهان، الحكومة باتخاذ بعض الترتيبات الإنسانية والملموسة وبناء الثقة من خلال البرلمان قبل عطلة عيد الأضحى، مؤكداً أن ذلك من شأنه أن يمهد الطريق أمام السلام في تركيا.

وقال باكيرهان، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه، الثلاثاء، إنهم شهدوا تعطش المجتمع للسلام، مضيفاً: «نحن الأكراد مررنا أيضاً بأيام مؤلمة في السنوات الماضية، ونأمل أن نرى أياماً خالية من الألم والصراع، وننتظر من السلطة التنفيذية أن تقوم بواجباتها ومسؤولياتها في هذا الصدد، السيد أوجلان وحزب (العمال الكردستاني) يشيران إلى البرلمان، ونحن أيضاً نقول أيضاً إنه يجب أن تتحول مقولة إن السيادة للأمة دون قيد أو شرط يجب أن تتحول إلى حقيقة واقعة».

وتابع باكيرهان: «ليكن البرلمان القوة المؤسسة للسلام، لقد حان الوقت لجميع القوى أن تتحمل مسؤولياتها وتقوم بواجباتها، إذا كان للأسلحة أن تصمت، فلا بد للسياسة الديمقراطية أن تتحدث».

أوزيل (من حسابه في إكس)

بدوره، أكد زعيم المعارضة، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، أن «البرلمان يجب أن يكون هو المكان الذي تنتج فيه الحلول لجميع المشاكل في بلدنا، بما في ذلك المشكلة الكردية، من خلال سيادة القانون والعدالة والديمقراطية».

وأضاف أن هذه العملية يجب ألا تتعلق بالحسابات اليومية أو خطط الانتخابات، ويجب أن تتم إدارتها على نحو شامل لا يستبعد أي رأي سياسي أو حزب أو شريحة اجتماعية، وأن السلام الداخلي في البلدان يتحقق في ظل نظام قانوني ديمقراطي، وليس في ظل نظام استبدادي.

وشدد أوزيل على أن ضمان السلم الاجتماعي في تركيا، هو الجمهورية التركية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، منذ أكثر من 100 عام، والتي تستند إلى إرادة الشعب والسيادة الوطنية والاستقلال المسجل في معاهدة لوزان والوحدة الوطنية غير القابلة للتجزئة.

نقاش حاد

رئيس حزب «الجيد» القومي، مساوات درويش أوغلو (حساب الحزب في إكس)

من جانبه، رفض رئيس حزب «الجيد» القومي المعارض، مساوات درويش أوغلو، العملية الجارية حالياً برمتها، ووصفها بأنها عملية «خيانة»، قائلاً «إن منظمة إرهابية غادرة (حزب العمال الكردستاني) بنت وجودها وأفعالها على إنكار الدولة التركية والعلم التركي والجمهورية التركية وتدمير السلام الاجتماعي للمواطنين في الأمة التركية، تجرأت على محاولة ارتكاب خيانة غير مسبوقة في تاريخ جمهوريتنا بدافع من الحكومة وشركائها (في إشارة إلى رئيس الحركة القومية دولت بهشلي)».

وأضاف أن ما نفهمه من بيان حزب «العمال الكردستاني» هو أنه إعلان للنصر، وأن الحزب لم يتراجع عن أهدافه ومقاصده، وأود أن أؤكد بشكل خاص أن معاهدة لوزان هي سند ملكية الجمهورية التركية.

جانب من مؤتمر حزب «العمال الكردستاني» الذي قرر فيه حل نفسه (أ.ف.ب)

وتضمن البيان الذي أصدره حزب «العمال الكردستاني»، الاثنين، عبارات أثارت القلق والجدل في الساحة السياسية في تركيا، وبخاصة في الفقرة التي قال فيها: «لقد برز حزبنا (حزب العمال الكردستاني) على مسرح التاريخ بوصفه حركة حرية شعبنا ضد سياسة إنكار وإبادة الأكراد، والتي تستمد مصدرها من معاهدة لوزان ودستور عام 1924».

وعلق الكاتب البارز، مراد يتكين، قائلاً إن «ما جاء في بيان حزب (العمال الكردستاني) بشأن معاهدة لوزان والإبادة الجماعية للأكراد»، أثار اعتراضات ليس فقط من أحزاب المعارضة ولكن أيضاً من داخل حزب «العدالة والتنمية»، ويجب أن يدرك الجميع أن المطالب القانونية والدستورية لحزب «العمال الكردستاني»، والتي تصل إلى تغيير المواد الأربع الأولى الرئيسية من الدستور التركي، ستؤدي إلى ردود فعل خطيرة في المجتمع.

إردوغان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع الحكومة التركية مساء الاثنين (الرئاسة التركية)

ولفت يتكين إلى تصريح إردوغان عقب اجتماع حكومته، الاثنين، والذي قال فيه إن مسؤولي حزب «العدالة والتنمية» سيصدرون بياناً مفصلاً خلال أيام قليلة، معتبراً أنه سيكون من المفيد إصدار هذا البيان في أقرب وقت ممكن؛ لأن غالبية الشعب التركي لا يعرفون ما يحدث.

وقال الكاتب المخضرم، طه أكيول، إنه قلق من الآن فصاعداً؛ لأن الحركة السياسية الكردية ستكتسب زخماً، وسيتم تقديم عبد الله أوجلان إلى الرأي العام العالمي بوصفه الرجل الذي جعلهم يلقون السلاح بدلاً من كونه مداناً بالإرهاب، وسيصبح الخط السياسي للحركة الكردية أكثر راديكالية.

وأضاف أنه إذا كان الهدف من نزع السلاح هذا هو القضاء على العوامل التي تُقلق مواطنينا الأكراد داخل حدود تركيا والعيش معاً في ظل ديمقراطية، فهذا أمرٌ جيد جداً، أما إذا اعتُبر هذا الأمر مرحلةً مؤقتة، وحُوِّلت فكرة القومية الكردية إلى سياسة، فلن يخدم ذلك الاستقرار في تركيا أو الشرق الأوسط.


مقالات ذات صلة

تركيا تفرج عن السياسي القومي المناهض للأجانب أوميت أوزداغ

شؤون إقليمية أوزداغ ملوحاً لأنصاره لدى خروجه من سجن سيليفري (حزب النصر - إكس)

تركيا تفرج عن السياسي القومي المناهض للأجانب أوميت أوزداغ

قضت محكمة تركية بالإفراج عن رئيس حزب «النصر» القومي المعارض أوميت أوزداغ، المناهض للاجئين السوريين والأجانب في تركيا بعد معاقبته بالحبس لمدة سنتين و4 أشهر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال تجمع في مدينة بايبورت السبت (حساب الحزب في «إكس»)

زعيم المعارضة التركية يتهم إردوغان بمحاولة إبقاء إمام أوغلو بالسجن

اتهم رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل الرئيس رجب طيب إردوغان وحكومته بمحاولة اختلاق أدلة وهمية لإبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية متظاهرون في تركيا يطالبون بالإفراج عن رئيس بلدية إسطنبول المحتجز منذ 19 مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

إمام أوغلو يقاطع إحدى محاكماته بسبب تغيير مكانها في آخر لحظة

أرجأت محكمة تركية نظر إحدى القضايا المتهم فيها رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أغلو، لمقاطعته وفريقه القانوني أولى جلسات الاستماع بسبب نقل مكان انعقادها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب «النصر» القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ يحاكم بتهمة التحريض على كراهية وعداء اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب (من حسابه في إكس)

الادعاء العام بتركيا يطالب بحبس أوميت أوزداغ للتحريض على السوريين

أجّلت محكمة تركية محاكمة رئيس حزب «النصر» القومي المعارض أوميت أوزداغ بتهمة «تحريض الجمهور علناً على العداء والكراهية» إلى جلسة تعقد في 17 يونيو (حزيران).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية محامو أوجلان أكدوا كسر عزلته وسط استمرار دعوات إطلاق سراحه (أ.ف.ب)

لأول مرة... زيارات عائلية واسعة لأوجلان

سمحت السلطات التركية بزيارات واسعة غير مسبوقة لزعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان من أفراد عائلته، مما كشف عن كسر عزلته بعد ندائه بحل الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إيران تبرر الهجوم على قاعدة «العديد»

صاروخ اعتراضي يحاول اعتراض صاروخ إيراني أطلق باتجاه قاعدة «العديد» في قطر (رويترز)
صاروخ اعتراضي يحاول اعتراض صاروخ إيراني أطلق باتجاه قاعدة «العديد» في قطر (رويترز)
TT

إيران تبرر الهجوم على قاعدة «العديد»

صاروخ اعتراضي يحاول اعتراض صاروخ إيراني أطلق باتجاه قاعدة «العديد» في قطر (رويترز)
صاروخ اعتراضي يحاول اعتراض صاروخ إيراني أطلق باتجاه قاعدة «العديد» في قطر (رويترز)

بررت إيران اختيارها قاعدة «العديد» باعتبارها تقع خارج المناطق السكنية. وقال المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إن قواته المسلحة «استخدمت نفس عدد القنابل التي استخدمتها أميركا في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية». وأضاف أن «هذا التحرك لا يشكّل أي تهديد لدولة قطر الشقيقة والصديقة».

وبث التلفزيون الإيراني الرسمي إعلان الهجوم على أنغام موسيقى عسكرية، واصفاً إياه بـ«الرد القوي والناجح على العدوان الأميركي». وبينما اكتفى بيان «الحرس الثوري» بالإشارة إلى قاعدة «العديد»، أفادت وكالة «إرنا» الرسمية بـ«بدء عملية إطلاق الصواريخ الإيرانية ضد قواعد أميركية في قطر والعراق» تحت مسمى «بشارة الفتح».

وقال مسؤول أمني عراقي لوكالة «أسوشييتد برس» إن إيران استهدفت قاعدة عين الأسد التي تضم قوات أميركية في غرب العراق.

وأعلن «الحرس الثوري» مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ، وقال إنه يتماشى مع قرار المجلس الأعلى للأمن القومي وغرفة عمليات هيئة الأركان. وأضاف أن «الرسالة إلى واشنطن وحلفائها واضحة: إيران لن تترك أي مساس على سيادتها وأمنها القومي دون رد»، مشيراً إلى أن «القواعد الأميركية في المنطقة لم تعد نقطة قوة، بل نقطة ضعف».

وحذر من أن «أي اختراق للخطوط الحمراء سيقابل برد حاسم». وأضاف: «استهدفنا قاعدة العديد في قطر، أكبر قاعدة استراتيجية للقوات الجوية الأميركية في غرب آسيا، بهجوم صاروخي مدمر وقوي».

وجاء هذا الرد الإيراني بعد يوم من هجوم أميركي مفاجئ استهدف ثلاثة مواقع نووية إيرانية. وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، عبر منصة «إكس»: «لم نبدأ الحرب، ولا نسعى لها، لكننا لن نترك العدوان ضد إيران دون رد».

وكتب علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، على منصة «إكس»، إن «ثرثرة ترمب وإهاناته للشعب الإيراني العظيم تساوي تمجيداً لجنائز الجنود الأميركيين في المنطقة».

وقال مهدي فضائلي، المتحدث الإعلامي باسم مكتب المرشد الإيراني، في منشور على منصة «إكس»، إن «إيران لم تطلق الرصاصة الأولى في أي معركة، حتى مع أميركا، وفي جميع الحالات كانت تدافع عن نفسها بعد هجوم العدو، لكنها كانت دائماً ترد بقوة بعد كل اعتداء».

وكانت القوات المسلحة الإيرانية قد توعّدت الولايات المتحدة، الاثنين، بـ«عواقب وخيمة»؛ رداً على الضربات التي طالت ثلاثة مواقع نووية في إيران.