إسرائيل تقرأ استهداف «بن غوريون» كرسالة تهديد إيرانية

نتنياهو تعهد بـ«ضربات» رداً على إصابة المطار الرئيسي لبلاده

TT

إسرائيل تقرأ استهداف «بن غوريون» كرسالة تهديد إيرانية

فرق الطوارئ الإسرائيلية تعمل قرب مطار بن غوريون بعد سقوط صاروخ أُطلق من اليمن يوم الأحد (أ.ف.ب)
فرق الطوارئ الإسرائيلية تعمل قرب مطار بن غوريون بعد سقوط صاروخ أُطلق من اليمن يوم الأحد (أ.ف.ب)

على الرغم من محاولة أوّلية للتقليل من أهمية الصاروخ الذي أطلقته جماعة الحوثي اليمنية وأصاب مطار بن غوريون (الرئيسي والحيوي) الإسرائيلي، الأحد؛ فإن الأوساط السياسية (الحكومية والمعارضة) وكذلك العسكرية قرأت الاستهداف كـ«رسالة تهديد» إيرانية.

وبثت السلطات الإسرائيلية أولاً رسالة داخلية تقول فيها إنها «تمكنت خلال الأسابيع الأخيرة من إجهاض 26 صاروخاً تم تفجيرها في الجو» لكنها في الآن نفسه «تعد الصاروخ 27 الذي وصل المطار عملية خطيرة».

وذكر مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى، في حديث مع صحيفة «معاريف»، الأحد، أن «الصاروخ الحوثي هو في الأصل صاروخ إيراني تم تطويره من صاروخ (شهاب 3)، وتم بناء رأس له، يتمتع بقدرات إضافية، تمكنه من التهرب من مطاردة صاروخ (حيتس 2) و(حيتس 3) الإسرائيليين وصاروخ (تيد) الأميركي».

وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتوجيه «ضربات» جديدة للحوثيين، بينما أكد الجيش الإسرائيلي أن الصاروخ سقط في منطقة المطار الدولي الرئيسي رغم «عدة محاولات اعتراض».

قوات أمن إسرائيلية تفحص موقع سقوط صاروخ في مطار بن غوريون أُطلق من اليمن يوم الأحد (أ.ف.ب)

وقال نتنياهو في مقطع فيديو عبر قناته على تطبيق «تلغرام»: «تحركنا ضدهم (الحوثيون) في الماضي، وسنواصل التحرك ضدهم في المستقبل». وأضاف: «الأمر ليس ضربة واحدة وتنتهي، ستكون هناك ضربات».

ووفق تقييمات إسرائيلية فإن استهداف المطار رسالة غير مباشرة من إيران، تُهدد فيها إسرائيل بأنها «في حال قصف المنشآت النووية، فإنها ستتعرض لحصار جوي شبيه بالحصار البحري الذي ينفذه ذراعها الحوثي منذ بداية الحرب على غزة».

ويعتقد رسميون ومحللون إسرائيليون أن الإيرانيين يريدون «التوضيح لتل أبيب أن أي هجوم لها على إيران سيكلفها ثمناً باهظاً، لا يقل عن الحصار الجو».

وكان الصاروخ الذي أطلق من اليمن قد سقط في مطار بن غوريون، صباح الأحد، بعدما فشلت الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأميركية في اعتراضه.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية أن التقديرات الأولية تشير إلى تمكن الرادارات من اكتشافه «لكن منظومتي الدفاع الجوي (حيتس 3)، و(ثاد) فشلتا في اعتراض الصاروخ قبل وصوله إلى محيط المطار وسط البلاد».

«ليس اليمن... بل إيران»

ودعا السياسي الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى محاسبة إيران على الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون. وكتب غانتس، عبر منصة «إكس»، «هذا ليس اليمن، بل إيران. إنها إيران التي تطلق صواريخ باليستية على دولة إسرائيل، وعليها أن تتحمل المسؤولية».

وأضاف: «يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تستيقظ»، واعتبر أن إطلاق الصواريخ على إسرائيل «يجب أن يؤدي إلى رد فعل شديد في طهران».

ودوت صافرات الإنذار في مناطق واسعة، شملت تل أبيب والقدس الكبرى وعدداً من مستوطنات الضفة الغربية، ما أدى إلى تعليق حركة الملاحة الجوية بشكل مؤقت في مطار بن غوريون.

وأحدث الصاروخ حفرة ضخمة في قلب المطار، على بُعد أمتار من الشارع الرئيسي داخل المطار، وعلى بُعد بضع مئات من الأمتار عن الطائرات.

وأعلنت إدارة مطار بن غوريون عن استئناف حركة الطيران بعد أن توقفت مؤقتاً، فيما أعلنت الشرطة أن مداخل المطار لا تزال مغلقة مؤقتاً، إلى حين الانتهاء من «معالجة» موقع سقوط الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون داخل المطار.

حفرة ضخمة أحدثها انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون بمحيط «مطار بن غوريون» الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن التقديرات الأولية تشير إلى أن أنظمة الدفاع الجوي أخفقت في اعتراض الصاروخ، ما يعني أن الانفجار في محيط مطار بن غوريون ناتج عن إصابة مباشرة للصاروخ، وليس عن شظايا ناجمة عن عملية اعتراض.

وأفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية بوقوع ثماني إصابات، واحدة منها متوسطة والبقية طفيفة جراء تساقط شظايا في محيط مطار بن غوريون.

وأضافت أن فرق الإسعاف هرعت إلى الموقع وقدمت العلاج للمصابين في المكان، فيما تستمر السلطات الأمنية في التحقيق وتقييم الأضرار الناتجة عن الحادث.

يشار إلى أن هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، إذ سبق وأن أُطلقت عدة صواريخ باليستية من اليمن باتجاه إسرائيل، خصوصاً منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث أعلنت جماعة «أنصار الله» (الحوثيون) مراراً استهدافها مواقع إسرائيلية «رداً على العدوان على الشعب الفلسطيني»، بحسب بياناتهم.

كما حاول «حزب الله» استهداف المطار وتسبب في شل حركة الطيران فيه عدة مرات، لعدة ساعات في كل مرة. ومنذ استئناف الحرب على غزة قبل نحو شهرين، أطلق الحوثيون 27 صاروخاً باليستياً، وعدة مسيَّرات تجاه إسرائيل.

«فشل طبيعي»

وقال العميد ران كوخافي، قائد الدفاعات الجوية الأسبق في الجيش الإسرائيلي، إن «الهلع في المجتمع الإسرائيلي عموماً ولدى الحكومة بشكل خاص، يأتي في غير مكانه». مضيفاً أن «إسرائيل ومعها التحالف الغربي في المنطقة تمكنوا حتى الآن من تدمير كل الصواريخ التي يرسلها الحوثيون، ولكن لا يوجد شيء اسمه نجاح كامل بنسبة مائة في المائة».

وتابع خلال حديث لإذاعة «103- FM» في تل أبيب: «نحن نُعتبر قصة نجاح في تدمير الصواريخ الباليستية. ولا يجوز أن نخشى من فشل تدمير صاروخ واحد من مجموع 27 صاروخاً».

لكن الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، قال للإذاعة الرسمية، إن «هذا الفشل طبيعي لكن السياسة التي تمارسها الحكومة ليست طبيعية. فإسرائيل تتعرض لقصف مطارها بسبب حرب سخيفة لم يعد لها أي ضرورة. ووقف الحرب في غزة ينهي هذا الموضوع»

وتابع: «علينا أن نقول الحقيقة، الولايات المتحدة أخذت على عاتقها معالجة الموضوع الإيراني والموضوع الحوثي، ونحن لسنا بحاجة إلى التدخل. لكن يمكننا أن نسحب البساط من تحت أقدام كليهما الإيراني والحوثي».

وشرح زيف: «الحرب في غزة تكلفنا ثمناً باهظاً؛ فأولاً: تمنعنا من تحرير المحتجزين، وثانياً: تورطنا في حروب أخرى، وثالثاً وهو الأهم: تهدد حياة رهائننا وجنودنا بلا أي حاجة».

واتهم زيف نتنياهو بأنه «لا يُجري حسابات استراتيجية؛ بل حساباته شخصية وحزبية ونحن ندفع الثمن. وفقط بأعجوبة لم تقع لدينا كارثة اليوم، يموت فيها مئات الإسرائيليين والسياح».

يًذكر أن نحو 30 شركة طيران أعلنت، الأحد، عن وقف رحلاتها إلى إسرائيل، وبينها شركة الطيران الهندية التي أعادت طائرة متجهة إلى إسرائيل بعد أن قطعت مئات الأميال في الجو، وشركة الطيران البريطانية التي حجزت المسافرين عدة ساعات في الطائرة، وشركات الطيران الإيطالية والفرنسية والألمانية.


مقالات ذات صلة

هجمات الحوثيين ترفع تأمين السفن بالبحر الأحمر إلى 1 %

الاقتصاد سفينة «إترنيتي سي» تغرق بالبحر الأحمر في مشهد من فيديو نشره الحوثيون يوم 9 يوليو 2025 (رويترز)

هجمات الحوثيين ترفع تأمين السفن بالبحر الأحمر إلى 1 %

شهدت رسوم التأمين المفروضة على السفن التجارية المبحرة عبر البحر الأحمر ارتفاعاً ملحوظاً، بالتزامن مع تجدُّد هجمات جماعة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا سفينة يُقال إنها تابعة لشركة يونانية وترفع علم ليبيريا تغرق في البحر الأحمر... في لقطة نشرتها جماعة الحوثيين في اليمن... ولقطة الشاشة هذه مأخوذة من مقطع فيديو نُشر في 9 يوليو (رويترز)

الشركة المشغلة لسفينة «إترنيتي سي»: مقتل فرد من الطاقم وفقدان 4 آخرين

أعلنت شركة «كوزموشيب مانجمنت» اليونانية يوم الخميس أنها تعتقد أن شخصا واحدا لقي حتفه فيما لم يُر أربعة آخرون منذ هجوم الحوثيين على سفينة الشحن «إترنيتي سي».

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي السفينة اليونانية «ماجيك سيز» لحظة تفجيرها من قِبَل الحوثيين في البحر الأحمر (إ.ب.أ) play-circle

المبعوث الأممي لليمن يحثّ «الحوثي» على وقف الهجمات على السفن

حثّ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ جماعة «الحوثي»، التي تسيطر على مناطق من اليمن، على وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي محافظة الحديدة الخاضعة للحوثيين سجلت أعلى معدلات الاحتياجات الغذائية (إعلام محلي)

تصعيد الحوثيين يدفع ملايين اليمنيين نحو المجاعة

تدفع ممارسات الحوثيين ما يقارب ثلاثة ملايين يمني نحو المجاعة، إذ يواصلون اعتقال العشرات من عمال الإغاثة، كما صعّدوا هجماتهم وأغرقوا سفينتين في البحر الأحمر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي سفينة الشحن «إترنيتي سي» (أ.ب)

تقارير: الحوثيون ربما يحتجزون 6 بحّارة من سفينة غرقت بالبحر الأحمر

أفادت مصادر أمنية بحرية، اليوم (الخميس)، بأنه من المعتقد أن جماعة الحوثي تحتجز 6 من أصل 22 فرداً هم طاقم سفينة يونانية هاجمتها وأغرقتها في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

وكالة: الرئيس الإيراني أصيب في ساقه خلال الهجوم الإسرائيلي على طهران

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

وكالة: الرئيس الإيراني أصيب في ساقه خلال الهجوم الإسرائيلي على طهران

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

أفادت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن إسرائيل حاولت اغتيال الرئيس الإيراني ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية في غارة جوية نُفذت في 15 يونيو (حزيران) خلال الحرب على طهران.

وأفادت الوكالة التابعة للحرس الثوري الإيراني أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أصيب بجروح طفيفة في ساقه خلال الغارة التي استهدفت اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في طهران.

وأضافت الوكالة أن ستة صواريخ أو قنابل استُخدمت لإغلاق مخارج المبنى الذي كان يُعقد فيه الاجتماع، لكن المسؤولين تمكنوا من الفرار عبر فتحة طوارئ.

وأفاد التقرير أن بزشكيان أُصيب أثناء هروبه من المبنى، مضيفاً أن تحقيقاً جارٍ لمعرفة ما إذا كان جاسوس قد قدّم معلومات عن الاجتماع إلى إسرائيل.

ويزعم التقرير أن محاولة الاغتيال المزعومة كانت على غرار الغارة التي أودت بحياة الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، في بيروت.

وفي الأسبوع الماضي، صرّح بزشكيان أن إسرائيل حاولت اغتياله، لكنه لم يحدد تاريخ محاولة الاغتيال المزعومة، ولا ما إذا كانت قد وقعت خلال صراع الشهر الماضي.

وقال بزشكيان رداً على سؤال تاكر كارلسون حول ما إذا كان يعتقد أن إسرائيل حاولت قتله: «لقد حاولوا، نعم. لقد تصرفوا وفقاً لذلك، لكنهم فشلوا». وأضاف: «كنت في اجتماع... حاولوا قصف المنطقة التي كنا نعقد الاجتماع فيها»، مؤكداً: «كانت هذه إسرائيل».

وشنت إسرائيل في 13 يونيو حرباً على إيران بهدف معلن هو منعها من حيازة السلاح النووي، وهو مسعى تنفيه طهران التي تؤكد حقها في الحصول على الطاقة النووية.

وأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل قادة بارزين في القوات المسلحة، بينهم أعضاء في الحرس الثوري، بالإضافة إلى اثني عشر عالماً من البرنامج النووي الإيراني.

في 22 يونيو، قصفت الولايات المتحدة بينما كانت منخرطة في محادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي منشآت نووية في فوردو وأصفهان ونطنز، لا يُعرف على وجه الدقة حجم ما لحق بها من أضرار.