ما تأثيرات قمة القاهرة الثلاثية على مقاربة ترمب لغزة؟

ماكرون سعى لتوضيحات بشأن الأمن والحوكمة في القطاع

ترمب خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)
ترمب خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)
TT

ما تأثيرات قمة القاهرة الثلاثية على مقاربة ترمب لغزة؟

ترمب خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)
ترمب خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)

قد تكون الصدفة مسؤولة عن التزامن بين القمة الثلاثية التي استضافتها القاهرة، الاثنين، التي ضمت الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفرنسي إيمانويل ماكرون، والملك الأردني عبد الله الثاني، والاتصال الهاتفي الذي أجراه الثلاثة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقد تكون الصدفة أيضاً وراء تزامن ذلك مع اجتماع البيت الأبيض الذي ضم ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي استدعي على عجل إلى واشنطن.

لكن ما يجدر التوقف أمامه وتسجيله في الجانب الإيجابي، أن ترمب أعلن، في حديثه إلى الصحافة وإلى جانبه بنيامين نتنياهو، ما حرفيته: «أود أن أرى الحرب تتوقف، وأعتقد أن الحرب ستتوقف في مرحلة ما، ولن يكون ذلك في المستقبل البعيد جداً».

ويمكن فهم كلام ترمب وربطه بالطلب الرئيسي للقادة الثلاثة الداعي لوضع حد للحرب في غزة، بحسب البيان الثلاثي الصادر عنهم. ووفق آخر ما صدر عن وزارة الصحة في غزة، فإن أعداد القتلى قد تجاوزت 50 ألفاً فضلاً عن عشرات آلاف الجرحى، وتشريد مئات الآلاف من السكان والتدمير الكامل للقطاع.

الرئيسان عبد الفتاح السيسي وإيمانويل ماكرون والملك عبد الله الثاني خلال القمة الثلاثية في القاهرة الاثنين (الرئاسة المصرية)

من هذا المنظور، يمكن القول إن القمة الثلاثية ربما أدت دوراً في دفع ترمب إلى تعديل مقاربته واعتباره أن الحرب يجب أن تتوقف أخيراً وهو الذي تبنى تماماً، منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية.

وهكذا، تكون القمة الثلاثية قد أصابت نجاحاً. لكن العبرة تبقى في التنفيذ وفي مدى تجاوب نتنياهو مع رغبة ترمب وهو الذي جعل من تدمير «حماس» الهدف الأول لحربه على القطاع واستخدام القوة العسكرية سبيلاً لاستعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس».

ماذا يريد ترمب حقيقة؟

بيد أن الترحيب بخطوة ترمب باتجاه وضع حد للحرب جاء ما يكشفه مباشرة في حديثه عن خططه بشأن غزة التي لا يرى فيها سوى «قطعة مذهلة من العقارات المهمة» ولكن «لا أحد يريد العيش هناك» حيث إن «المطور العقاري» عاد ليتقدم على صفته رئيساً لأكبر قوة عسكرية في العالم.

ومرة أخرى عاد ترمب ليؤكد رغبته بالاستيلاء على غزة. وقال: «وجود قوة مثل الولايات المتحدة هناك والسيطرة على قطاع غزة وامتلاكه سيكون أمراً جيداً».

ولم تفته الإشارة إلى «نقل الفلسطينيين إلى دول مختلفة حيث إن الكثير من الدول ستفعل ذلك»، ولكن من غير أن يشير إلى أي منها بعد أن كان سابقاً قد حدد مصر والأردن وجهتين لفلسطينيي، غزة وهو ما رفضته القاهرة وعمان رفضاً مطلقاً.

وبادرت مصر لاحقاً إلى إعداد خطة لإعادة إعمار غزة تبنتها القمة العربية التي استضافتها العاصمة المصرية الشهر الماضي وحظيت بدعم منظمة المؤتمر الإسلامي وتأييد العديد من الدول الأوروبية.

وسبق لترمب ونتنياهو أن رفضاها جذرياً. لكن رغم تكرار مقولته، يبدو أن سيد البيت الأبيض أخذ يعترف بأن السير بخطته ليس الحل الوحيد، إذ أعلن في المناسبة نفسها أن «الكثير من الناس يحبون مفهومي. لكن كما تعلمون، هناك مفاهيم أخرى تعجبني أيضاً وهناك بعض المفاهيم التي لا تعجبني».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين (رويترز)

وكعادته، تفتقر تصريحات ترمب للدقة ما يفتح الباب لكثير من التأويلات بحيث لا يفهم أين يدرج خطة الـ53 مليار دولار العربية التي ركز عليها البيان الثلاثي الذي دعا إلى توفير «الدعم الدولي لخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة العربية التي عقدت في القاهرة في الرابع من مارس (آذار) واعتمدتها منظمة التعاون الإسلامي في السابع منه، وناقشوا آليات التنفيذ الفاعل لها فيما يتعلق بالأمن والحوكمة».

وأضاف البيان: «أكد القادة أن الحوكمة والحفاظ على النظام والأمن في غزة، وكذلك في جميع الأراضي الفلسطينية، يجب أن يكونا بشكل حصري تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية الممكّنة، بدعم إقليمي ودولي قوي».

تغييب محمود عباس

حتى اليوم، عبرت بعض الدول الأوروبية عن دعمها للخطة العربية وهو ما أكده ماكرون مجدداً في القاهرة، حيث قال: «ندعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، ونتفق مع مصر على وضع أجندة للاستقرار الإقليمي...». ووصف ماكرون خطة التهجير بأنها «انتهاك للقانون الدولي وتشكل تهديداً خطيراً على أمن كل المنطقة بمن فيها إسرائيل».

لكن السؤال المطروح اليوم يتناول الموقف الأوروبي الجماعي ومعرفة ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيدعم جماعياً، هذه الخطة ويساهم في الترويج لها. والحال أن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا كان موجوداً في القاهرة عند انعقاد القمة.

الاتحاد الأوروبي كذلك قال إنه جاهز لتوفير دعم ملموس لهذه الخطة. لكن، حتى اليوم، لم يظهر الدعم الموعود.

وبحسب دبلوماسي أوروبي في باريس، فإن الأوروبيين «ينتظرون ما سيرسو عليه الموقف الأميركي قبل أن يدخلوا في جدال مع واشنطن بشأن مستقبل غزة». إلا أن دولاً مثل إسبانيا وآيرندا وبلجيكا سارعت، منذ اليوم الأول، للتعبير عن دعمها له.

وقالت مصادر الإليزيه إن الرئيس ماكرون «يريد توضيح نقطتين في الخطة وهما حوكمة القطاع والإمساك بالأمن فيه، ما من شأنه تسهيل التواصل مع الإدارة الأميركية».

ثمة سؤال يستحق أن يطرح ويتناول أسباب تغييب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن قمة القاهرة، خصوصا أن السلطة الفلسطينية ستكون المدعوة لإدارة القطاع (الحوكمة) والمحافظة على الأمن والنظام.

ونقلت صحيفة «لو فيغارو» عن مصدر فرنسي قوله بخصوص عدم دعوة عباس، البالغ من العمر 90 عاماً، أنه «أخذ يعي أنه يتعين عليه أن يتخلى عن منصبه». ولكن كيف ذلك؟ ومن سيخلفه وبحسب أية آلية؟ كلها أسئلة لا إجابات حولها في الوقت الحاضر، كما أن لا وضوح بالنسبة لمستقبل «حماس» في غزة والدور الذي قد تتمسك به، فضلاً عن أنها ترفض، حتى اليوم قطعياً، أن تتخلى عن سلاحها رغم قبولها التنحي عن السلطة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

أسئلة كثيرة مطروحة والإجابات عنها إما غائبة أو منقوصة وهناك استحقاق رئيسي في شهر يونيو (حزيران) المقبل عنوانه الاجتماع الرفيع المستوى الذي دعت إليه فرنسا والملكة السعودية في الأمم المتحدة بشأن الملف الفلسطيني بكليته. وما جرى في اليومين الأخيرين في القاهرة مهم لأنه أخذ في تحريك الوضع الذي يبقى رهينة ما سترسو عليه السياسة الأميركية لغياب أوراق الضغط العربية من جهة، وبالنظر لضعف الموقف الأوروبي. فالاتحاد الأوروبي يتبنى مبدأ الإجماع بشأن السياسات الخارجية وهو إجماع صعب بالنظر مثلاً لاستقبال نتنياهو رسمياً في المجر رغم مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما يعني أن الإجماع صعب للغاية. ويضاف إليه تردد الأوروبيين في ممارسة أي ضغط فعلي على إسرائيل رغم الأوراق الكثيرة التي يمتلكونها.


مقالات ذات صلة

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

خاص إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».