رسالة إيران لترمب: لا نريد الحرب ومستعدون للرد القوي

طهران ترفض التفاوض المباشر في ظل «التهديد بالقوة»

رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية نهاية الشهر الماضي (التلفزيون الرسمي)
رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية نهاية الشهر الماضي (التلفزيون الرسمي)
TT
20

رسالة إيران لترمب: لا نريد الحرب ومستعدون للرد القوي

رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية نهاية الشهر الماضي (التلفزيون الرسمي)
رئيس الأركان محمد باقري وقائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده خلال الكشف عن ترسانة باليستية نهاية الشهر الماضي (التلفزيون الرسمي)

أزاح رئيس الأركان الإيراني، محمد باقري، اللثام عن رد المرشد علي خامنئي على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قائلاً إن إيران «سترد على التهديدات بكل قوة، لكننا لا نسعى وراء الحرب». وبدوره، أبلغ وزير الخارجية عباس عراقجي دبلوماسيين أجانب بأن طهران ترفض التفاوض المباشر في ظل «التهديدات» و«التناقضات».

ووضع الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران أمام خيارين: إما التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بشأن برنامجها النووي، وإما مواجهة الحل العسكري.

وقال ترمب، الجمعة، إن إيران ستكون مستعدة لإجراء محادثات مباشرة بشأن برنامجها النووي، وأبلغ صحافيين يرافقونه: «تجاهلوا الرسائل. أعتقد أنهم يريدون محادثات مباشرة».

وأضاف ترمب أنه يفضل إجراء مفاوضات مباشرة مع إيران، مشيراً إلى أن ذلك قد يسهم في تسريع التوصل إلى اتفاق، وذلك بعدما ردت طهران على رسالة بعث بها ترمب، الشهر الماضي، برفض التفاوض المباشر، لكنها تركت الباب مفتوحاً أمام مفاوضات عبر الوسطاء.

وقال باقري إن «الرد الذي أصدره المرشد الإيراني ونقله وزير الخارجية ارتكز على أننا سنرد على التهديدات بكل قوة، لكننا لسنا طالبين للحرب، وليس لدينا أي نية لبدء حرب».

وبحسب باقري، فإن رد خامنئي «تم التأكيد فيه على أننا نسعى لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ولا نبحث عن امتلاك أسلحة نووية، بل نلبي احتياجات شعبنا في المجال النووي، إلى جانب قضايا أخرى تم التطرق إليها في الرد»، دون تقديم التفاصيل.

في السياق نفسه، أفادت «رويترز» عن «مسؤول إيراني رفيع المستوى» بأن إيران ترفض مطالب الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات مباشرة حول برنامجها النووي تحت تهديد الضربات العسكرية، محذراً من الدول التي تضم قواعد أميركية في المنطقة من أنها «قد تصبح أهدافاً في حال مشاركتهم في أي هجوم ضد إيران».

وخاطب باقري الأميركيين قائلاً: «لن نجري مفاوضات مباشرة، لكن المفاوضات غير المباشرة ليست مشكلة. لقد كنتم الطرف الذي أخلف العهود في المفاوضات السابقة، ومن ثم لا يوجد أي ثقة بكم. رغم ذلك، فإننا لا نغلق باب المفاوضات غير المباشرة، وإذا تحركتم بنية صادقة، فإنه يمكننا التفاوض».

ووصف باقري رد خامنئي بأنه معقول وحكيم، ويهدف إلى إبلاغ شعبنا وشعوب العالم بأن استراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الدفاع عن مصالحها، والتقدم نحو أهدافها المرسومة». وأضاف: «نحن لسنا نظاماً محباً للحرب، لكننا في الوقت نفسه لا نتحمل الغطرسة، وسنقف بصلابة».

وجاءت تصريحات باقري غداة رفض وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إجراء مفاوضات مباشرة مع طرف يهدد باستخدام القوة ضد إيران، ويعبر مسؤولوه عن «مواقف متناقضة».

ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عراقجي قوله خلال مناسبة عامة، ليلة السبت، إن «إجراء مفاوضات مباشرة مع طرف يلوّح باستمرار باستخدام القوة، في خرقٍ واضح لميثاق الأمم المتحدة، ويعبّر مسؤولوه عن مواقف متناقضة، أمر لا معنى له».

لكنه قال في الوقت نفسه إن «إيران ما زالت ملتزمة بالمسار الدبلوماسي، ومستعدة لاختبار خيار التفاوض غير المباشر».

وقال عراقجي لمسؤولين إيرانيين ودبلوماسيين أجانب إن «رد إيران على رسالة الرئيس الأميركي جاء منسجماً مع محتواها ولهجتها، مع الحفاظ على باب الدبلوماسية مفتوحاً».

وجدّد عراقجي التأكيد على موقف طهران الرافض للتفاوض المباشر مع «أطراف تنتهج التهديد بالقوة»، مضيفاً أن «الالتزام بالدبلوماسية لا يعني التغاضي عن التناقضات الصارخة في مواقف بعض الدول، لكننا ما زلنا منفتحين على مسارات بديلة، مثل التفاوض غير المباشر».

وأردف: «نحن الآن مستعدون، في إطار منطق بناء الثقة مقابل رفع العقوبات الجائرة، لمواصلة الحوار بشأن البرنامج النووي وسبل رفع العقوبات». وأضاف: «إيران، في الوقت الذي تتمسك فيه بالدبلوماسية والحوار لحل الخلافات، فهي أيضاً مستعدة لكل الاحتمالات والتطورات. وكما نُظهر الجدية في المفاوضات، فإننا نُظهر الحزم نفسه في الدفاع عن مصالحنا وسيادتنا الوطنية».

عراقجي يتحدث أمام عدد من المسؤولين الإيرانيين بمقر عمله في يناير الماضي (الخارجية الإيرانية)
عراقجي يتحدث أمام عدد من المسؤولين الإيرانيين بمقر عمله في يناير الماضي (الخارجية الإيرانية)

ودافع عراقجي عن أنشطة إيران النووي، وقال إن «طبيعته سلمية بحتة»، قائلاً: «إيران التزمت سابقاً بإجراءات طوعية ضمن خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) لضمان سلمية برنامجها النووي، لكن الولايات المتحدة هي من انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق». وأتى تعليق عراقجي بعد ساعات من قول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن إيران مستعدة للانخراط في حوار «على قدم المساواة» مع الولايات المتحدة. وسأل بزشكيان: «إذا كان الطرف الآخر يريد التفاوض، فلماذا يقوم بالتهديد؟»، مضيفاً: «اليوم، لا تهين أميركا إيران فحسب، بل العالم أيضاً».

نافذة زمنية قصيرة

وقال مسؤول إيراني رفيع لوكالة «رويترز» شريطة عدم الكشف عن هويته إنه رغم رفض إيران دعوة ترمب لإجراء محادثات مباشرة، فإنها عبَّرت عن استعدادها لمواصلة المفاوضات غير المباشرة عبر الوساطة العمانية التي كانت قناة تواصُل بين البلدين في فترات سابقة.

وقال المسؤول: «المفاوضات غير المباشرة توفر فرصة لتقييم جدية واشنطن في التوصل إلى حل سياسي مع إيران». وأضاف أن هذه المفاوضات ربما تبدأ قريباً إذا كانت الرسائل الأميركية تدعم هذا المسار، رغم أنه أشار إلى أن الطريق قد يكون «وعراً».

ولمح المسؤول الإيراني إلى أن بلاده اقترحت عمل «جولة أولى» من المفاوضات غير المباشرة «ربما تشمل وساطة عُمانية بين الوفدين الإيراني والأميركي»، مشيراً إلى أن « المرشد الإيراني علي خامنئي قد سمح لوزير الخارجية أو نائبه مجيد تخت روانجي بالمشاركة في أي محادثات عبر مسقط».

على الرغم من عدم تلقي تعليق رسمي من الحكومة العمانية، فإن المسؤول يعتقد أن هناك نافذة زمنية تمتد نحو شهرين للتوصل إلى اتفاق، محذراً من أن إسرائيل قد تستغل تأخر المفاوضات لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران؛ ما قد يؤدي إلى استعادة جميع العقوبات الدولية على طهران.

حالة تأهب قصوى

وفي سياق متصل، أفاد المسؤول بأن إيران وجهت تحذيرات إلى العراق والكويت والإمارات وقطر وتركيا والبحرين مفادها أن أي دعم لهجوم أميركي على إيران، بما في ذلك السماح باستخدام الأجواء أو الأراضي لمصلحة القوات الأميركية، «سيعد عملاً عدائياً»، ولم يصدر تعليق رسمي من تلك الدول على تقرير «رويترز».

وقال المسؤول إن مثل هذا التصرف «ستكون له عواقب وخيمة»، مضيفاً أن خامنئي وضع القوات المسلحة الإيرانية في حالة تأهب قصوى.

وحذَّر قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري»، أمير علي حاجي زاده، الاثنين، من أنّ «الأميركيين لديهم ما لا يقلّ عن 10 قواعد في المنطقة المحيطة بإيران، ولديهم 50 ألف جندي». وأضاف أنّ «مَن كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة».

وعاود ترمب العمل باستراتيجية «الضغوط القصوى» التي اتبعها في ولايته الأولى، وتتضمن جهوداً لخفض صادرات إيران النفطية إلى الصفر. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على مبيعات النفط الإيرانية منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني).

وزارة الدفاع الإيرانية تعرض نظام الدفاع الجوي بعيد المدى «أرمان» في حفل بطهران في فبراير الماضي (رويترز)
وزارة الدفاع الإيرانية تعرض نظام الدفاع الجوي بعيد المدى «أرمان» في حفل بطهران في فبراير الماضي (رويترز)

وانسحب ترمب خلال ولايته الأولى من الاتفاق النووي، في مايو (أيار) 2018، بعدما دأب على مدى أشهر مطالباً إيران بالعودة لطاولة المفاوضات لمعالجة «عيوب» الاتفاق النووي لعام 2015، بما في ذلك عدم تطرُّقه لأنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية.

وفشلت جهود إدارة جو بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي. وتقوم طهران منذ أبريل (نيسان) 2021، وحتى الآن، بمراكمة اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء تصل 60 في المائة، أي ما يقرب من الـ 90 في المائة اللازمة لتصنيع أسلحة نووية، وأعلى كثيراً من الحد الأقصى المنصوص عليه في الاتفاق وهو 3.67 في المائة.

ويقول ترمب إن إيران قريبة جداً من صنع قنبلة نووية، وهدد بقصف إيران ما لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي.

وفي حين تقول إيران إن أهدافها سلمية تماماً، وإن لها الحق في التخصيب إلى مستويات عالية لأغراض مدنية، تقول القوى الغربية إنه لا يوجد تفسيرٌ مدنيٌّ موثوقٌ به للتخصيب إلى هذا المستوى، وتقول «الذرية الدولية» إن أي دولة لم تفعل ذلك دون إنتاج قنبلة نووية.

وحذَّرت إسرائيل والولايات المتحدة من أنها لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي، مع تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بزيادة كبيرة في توسع إنتاج طهران من اليورانيوم عالي التخصيب القريب من مستويات الأسلحة.

وحذَّرت أجهزة الاستخبارات الأميركية من أن إسرائيل تدرس تنفيذ ضربات كبيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية، خلال النصف الأول من العام الحالي، مستغلّةً حالة الضعف التي تمر بها إيران، نتيجة انتكاسات إقليمية لتفكك حلفائها، وسقوط حليفها الإقليمي الأبرز بشار الأسد، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني، وسخط داخلي يزداد بسبب تدهور الوضعين المعيشي والاقتصادي.

ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترمب. ويرى ترمب أن تراجُع القوة العسكرية الإيرانية جعلها في موقع دفاعي ضعيف؛ ما يزيد من احتمال لجوئها إلى طاولة المفاوضات، بدلاً من التصعيد العسكري.

وتصاعدت الحرب الكلامية بين إيران وإسرائيل، بعد تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب المنشآت النووية الإيرانية، بدعم من واشنطن.

وأجرى الجيش الإسرائيلي، الشهر الماضي، تدريبات تحاكي ضربةً للمنشآت النووية الإيرانية، وذلك بالتزامن مع طلعات جوية لقاذفات «بي 52» الأميركية، مع مقاتلات إسرائيلية تدرَّبت على التزوُّد بالوقود جواً.

وأرسلت الولايات المتحدة قاذفات استراتيجية إلى جزيرة دييغو غارسيا في أرخبيل، كبرى جزر أرخبيل شاغوس في وسط المحيط الهندي. وأمر «البنتاغون» بتحريك أسطول بحري ليكون الثاني من نوعه، مع تصاعد العلميات العسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن، والتلويح بالخيار العسكري ضد طهران بشأن برنامجها النووي.

وأواخر مارس (آذار)، حذّر علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني من أن طهران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، لكن «لن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك» في حال تعرّضت لهجوم.

وتخشى القوى الغربية من تغيير مسار البرنامج النووي الإيراني، بعدما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة بات يكفي لإنتاج 6 قنابل، إذا أرادت طهران رفع نسبة التخصيب إلى 90 في المائة المطلوب لإنتاج الأسلحة.

من جهة أخرى، أكدت روسيا، الحليف الإيراني، أن التهديدات الأميركية باستخدام القوة ضد إيران غير مقبولة، ودعت إلى ضبط النفس في المنطقة.

وقال مسؤول إيراني إن إيران تسعى لتعزيز دعم روسيا، رغم شكوكها بشأن التزام موسكو التام بحليفتها، مشيراً إلى أن ذلك «يعتمد على ديناميكيات العلاقة» بين ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسبما أوردت «رويترز».

وأثار التحرك العسكري الأميركي تساؤلات بين الخبراء الاستراتيجيين الأوروبيين عما إذا كان بمثابة تمهيد لضربة أميركية على إيران في الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس ترمب سيلعبان دوراً حاسماً في احتمال التفاوض أو زيادة التوترات بين طهران وواشنطن (أ.ف.ب)

طهران وواشنطن: أبرز المحطات بعد رسالة ترمب لخامنئي

انتهت ثاني جولة من المفاوضات الإيرانية - الأميركية، اليوم، بعد نحو 4 ساعات على انطلاقها في السفارة العمانية بروما، على أن يتواصل المسار الدبلوماسي مجدداً بعمان.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني يستقبل غروسي في روما اليوم (إ.ب.أ)

غروسي يلتقي تاياني مع بدء المحادثات النووية بين إيران وأميركا

جرت مشاورات بين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، مع انطلاق ثاني جولات المحادثات الأميركية - الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - روما)
شؤون إقليمية تاياني يستقبل عراقجي في روما اليوم (الخارجية الإيرانية)

اجتماع إيراني-إيطالي يسبق انطلاق مفاوضات روما النووية

أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صباح اليوم مشاورات مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاياني في مقر وزارة الخارجية الإيطالية.

شؤون إقليمية مركبات الوفد الأميركي تغادر السفارة العمانية في روما بعد الجولة الثانية من المحادثات النووية مع إيران (أ.ف.ب) play-circle

تقدّم جزئي في المحادثات الإيرانية-الأميركية... وجلسات فنية مرتقبة في عُمان

انتهت ثاني جولة من المفاوضات بين ستيف ويتكوف وعباس عراقجي في روما بالتفاهم على عقد مباحثات فنية، تليها جولة ثالثة في مسقط خلال أسبوع وفق بيان الخارجية العمانية.

«الشرق الأوسط» (روما)

تقرير: إسرائيل تفضل ضرب إيران قبل رحيل قائد القيادة المركزية الأميركية من منصبه

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
TT
20

تقرير: إسرائيل تفضل ضرب إيران قبل رحيل قائد القيادة المركزية الأميركية من منصبه

قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا (رويترز)

سلطت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية الضوء على قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، الذي وصفته بأنه «الجنرال الأميركي الذي لا تريد إسرائيل ضرب إيران من دونه».

وقالت إن كوريلا يُعد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة وإسرائيل، و يؤيد توجيه ضربة مشتركة للمواقع النووية الإيرانية، ومع اقتراب نهاية ولايته، يتوق المسؤولون الإسرائيليون إلى التحرك ضد طهران، وذكرت أنه بنى «مظلة إقليمية» من العلاقات الدفاعية.

ولفتت إلى أن صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت، السبت، أن الجنرال مايكل كوريلا يُعد أحد أقوى حلفاء إسرائيل في المؤسسة الدفاعية الأميركية، وأصبح الصوت الوحيد داخل الجيش الأميركي الداعي إلى توجيه ضربة مشتركة مع إسرائيل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

الجنرال مايكل إريك كوريلا قائد القيادة المركزية الأميركية يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قاعدة جوية في عمّان الأردن 12 سبتمبر 2022 (رويترز)
الجنرال مايكل إريك كوريلا قائد القيادة المركزية الأميركية يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قاعدة جوية في عمّان الأردن 12 سبتمبر 2022 (رويترز)

وتابعت الصحيفة الإسرائيلية أنه منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لعب كوريلا دوراً محورياً في تعزيز التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بما في ذلك نشر حاملات الطائرات الأميركية في المنطقة.

والآن، وعلى عد بضعة أشهر فقط من انتهاء ولايته، يقود كوريلا فريقاً في واشنطن يدفع باتجاه عمل عسكري منسق ضد إيران وهو موقف يعارضه آخرون في إدارة دونالد ترمب ممن يفضلون الدبلوماسية.

ووفقاً لتقرير «نيويورك تايمز»، انقسمت المناقشات الداخلية الأميركية خلال الأشهر الأخيرة إلى معسكرين: أحدهما بقيادة كوريلا مؤيد لضربة عسكرية مشتركة، والآخر مؤيد للدبلوماسية لكبح طموحات إيران النووية. في النهاية، انحاز الرئيس دونالد ترمب إلى المعسكر الثاني، مؤجلاً الخطط العملياتية الإسرائيلية.

ووفقاً للتقارير، سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في محاولة أخيرة لإقناع ترمب بالموافقة على العملية، لكنه فشل.

وصرح مسؤولون إسرائيليون لصحيفة «نيويورك تايمز» بأن الجيش الإسرائيلي قد وضع خطة تتضمن ضربة جوية وهجوماً مشتركاً للقوات الخاصة، لكنه لم يكن جاهزاً عملياً قبل أكتوبر.

ونتيجة لذلك، تحولت إسرائيل نحو التخطيط لهجوم جوي منفرد، الأمر الذي تطلب دعماً أميركياً.

وقام كوريللا ومستشار الأمن القومي مايك والتز بتقييم كيفية تقديم الولايات المتحدة للمساعدة، حيث نشرت وزارة الدفاع (البنتاغون) أصولاً عسكرية في المنطقة، بما في ذلك حاملتا طائرات، وبطاريات باتريوت وثاد، وقاذفات، وهي خطوة فُسِّرت على نطاق واسع بأنها تحضير لضربة إسرائيلية محتملة.

ويقول محللون دفاعيون إسرائيليون إن فرصة شن هجوم ناجح على البرنامج النووي الإيراني تتضاءل بسرعة.

ووفقاً لمصادر استخباراتية إسرائيلية وأميركية، فإن مزيج المكاسب العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في غزة، والاضطرابات الداخلية في إيران، والتوافق الجيوسياسي الحالي، توفر فرصة نادرة لشن ضربة فعّالة. قد تضيق هذه الفرصة بشكل كبير بمجرد تنحي كوريلا، حيث لا يزال موقف خليفته غير واضح.

ويحظى كوريلا بإشادة واسعة في تل أبيب وواشنطن على حد سواء لأسلوبه القيادي التعاوني وغير المتعالي، وتواصله المباشر مع الجنرالات الإسرائيليين من المستوى المتوسط، وطلبه مساهماتهم.

قائد القيادة الأميركية الوسطى «سينتكوم» الجنرال مايكل كوريلا (أ.ب)
قائد القيادة الأميركية الوسطى «سينتكوم» الجنرال مايكل كوريلا (أ.ب)

وفي عهده، شهدت القيادة المركزية الأميركية تحولاً تكنولوجياً كبيراً، حيث طوّر البنية التحتية السيبرانية، وأطلق قسماً متخصصاً بالتكنولوجيا، كل ذلك مع الحفاظ على القيادة اليومية للعمليات ضد الحوثيين والميليشيات العراقية وإيران.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية: «مع استعداد كوريلا لإنهاء قيادته، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كان خليفته سيحافظ على الموقف العدواني نفسه تجاه إيران وما إذا كانت فرصة العمل العسكري الإسرائيلي ستضيع برحيله».