طفت أزمة جديدة على السطح بين تركيا واليونان الجارتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على خلفية ترديد جنود يونانيين هتافات تحمل إهانات لتركيا في عرض عسكري بأثينا خلال احتفالات يوم الاستقلال. وقالت وزارة الدفاع التركية إن «للخدمة العسكرية قواعد مكتوبة وأخرى غير مكتوبة، وأولى هذه القواعد غير المكتوبة هي عدم تكرار ما يحدث في اليونان». وخلال العرض العسكري الرسمي الذي أقيم في أثينا، الثلاثاء، بمناسبة يوم الاستقلال، ردد جنود من مشاة البحرية اليونانية شعارات تنطوي على إهانات لتركيا؛ ما أثار غضباً واسعاً في أوساط الشعب التركي. وقال المتحدث الإعلامي باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، في إفادة صحافية، الخميس، إن «للجيش قواعد مكتوبة وغير مكتوبة. أولى هذه القواعد غير المكتوبة هي عدم جواز تكرار ما حدث في اليونان. لقد تميزت القوات المسلحة التركية بانضباطها وأخلاقها وتعاطفها». وأضاف أن «الجيش التركي يتميز بفاعليته وقدرته على الردع واحترامه. لن تروا مثل هذا السلوك من القوات المسلحة التركية، ولن تتمكنوا من رؤيته أبداً».

وكانت وزارة الخارجية التركية طلبت، الأربعاء، توضيحاً من السلطات في أثينا بعد انتشار مشاهد أظهرت ترديد جنود يونانيين هتافات تحمل إهانات لتركيا. وقالت مصادر بالخارجية التركية إن ما ردده أفراد بالقوات المسلحة اليونانية في عرض عسكري أقيم بالعاصمة أثينا، الثلاثاء، هو «هتافات وقحة»، مؤكدة أن هذا السلوك الذي يهدف إلى تقويض العلاقات التركية - اليونانية «أمر غير مقبول». وبحسب وسائل إعلام يونانية، اتخذت وزارة الدفاع في البلاد إجراءات فورية، وقررت قيادة القوات البحرية بدء تحقيق تأديبي في الأمر. وعدّ حزب «سيريزا» المعارض في اليونان، أن الشعارات التي أُطلقت غير مقبولة، وطالب بالتحقيق في الأمر.
وتتسم العلاقات التركية - اليونانية بالتأرجح، ويعترض جهود التقارب بين البلدين الجارين الكثير من العقبات. وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية، بافلوس ماريناكيس، في مؤتمر صحافي، الاثنين، إنه من غير المرجح عقد اجتماع رفيع المستوى مع تركيا في المستقبل القريب، لمناقشة الخلافات العالقة بينهما منذ وقت طويل، وذلك عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو الذي يعد أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا. وهناك خلافات بين البلدين منذ عقودٍ، حول حدودهما البحرية في بحر إيجه والمجال الجوي، فضلاً عن قضية قبرص المقسّمة عرقياً، وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط...

وبعد اتفاقهما عام 2023 على طي صفحة الماضي وإصلاح العلاقات، عقد البَلدان اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023، وكان مقرراً عقد دورته الجديدة هذا العام في تركيا، لمناقشة القضايا الثنائية. وقال ماريناكيس إن الوضع في تركيا «مُقلق»، وإن اليونان تُراقبه، وإنها متمسكة بموقفها الرافض لما وصفته بالتنازلات على حساب «سيادة القانون والحريات السياسية». وأضاف: «في ظل الظروف الراهنة، من الصعب، كما تعلمون، عقد اجتماع مجلس التعاون رفيع المستوى بين اليونان وتركيا في أنقرة قريباً». وشهدت العلاقات بين تركيا واليونان مساعي للتقارب بعد الأزمة بينهما حول البحث عن الغاز في شرق البحر المتوسط عام 2020، والتي زالت آثارها بعد الموقف اليوناني المتضامن مع تركيا إزاء كارثة زلزال 6 فبراير (شباط) 2023.

وعقد البلدان اجتماعات لبناء الثقة بتدخل من حلف «ناتو»، كما استأنفا خلال عام 2024 المشاورات السياسية لبحث الملفات الخلافية والعالقة، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. وتبادل وزيرا خارجية البلدين الزيارات واللقاءات في محافل مختلفة، وتناولت الاجتماعات الخاصة بحل القضايا العالقة قضايا التجارة البينية، والتعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والنقل والتعليم والصحة والبيئة والهجرة، إلى جانب استعراض مجالات التعاون الجديدة التي يمكن إدراجها في هذه العملية ومستقبلها. واتفق البلدان على مواصلة العمل على مبادرات وأجندة إيجابية للحوار غير المشروط من أجل التوصل إلى حلول للمشكلات العالقة بينهما.