أزمة جديدة بين تركيا واليونان تعرقل أجندة إيجابية لحل الخلافات العالقة

على خلفية ترديد جنود يونانيين عبارات مسيئة خلال الاحتفال بيوم الاستقلال

جنود يونانيون رددوا هتافات تحمل إهانات لتركيا خلال عرض عسكري في أثينا بمناسبة يوم الاستقلال (رويترز)
جنود يونانيون رددوا هتافات تحمل إهانات لتركيا خلال عرض عسكري في أثينا بمناسبة يوم الاستقلال (رويترز)
TT
20

أزمة جديدة بين تركيا واليونان تعرقل أجندة إيجابية لحل الخلافات العالقة

جنود يونانيون رددوا هتافات تحمل إهانات لتركيا خلال عرض عسكري في أثينا بمناسبة يوم الاستقلال (رويترز)
جنود يونانيون رددوا هتافات تحمل إهانات لتركيا خلال عرض عسكري في أثينا بمناسبة يوم الاستقلال (رويترز)

طفت أزمة جديدة على السطح بين تركيا واليونان الجارتين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على خلفية ترديد جنود يونانيين هتافات تحمل إهانات لتركيا في عرض عسكري بأثينا خلال احتفالات يوم الاستقلال. وقالت وزارة الدفاع التركية إن «للخدمة العسكرية قواعد مكتوبة وأخرى غير مكتوبة، وأولى هذه القواعد غير المكتوبة هي عدم تكرار ما يحدث في اليونان». وخلال العرض العسكري الرسمي الذي أقيم في أثينا، الثلاثاء، بمناسبة يوم الاستقلال، ردد جنود من مشاة البحرية اليونانية شعارات تنطوي على إهانات لتركيا؛ ما أثار غضباً واسعاً في أوساط الشعب التركي. وقال المتحدث الإعلامي باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، في إفادة صحافية، الخميس، إن «للجيش قواعد مكتوبة وغير مكتوبة. أولى هذه القواعد غير المكتوبة هي عدم جواز تكرار ما حدث في اليونان. لقد تميزت القوات المسلحة التركية بانضباطها وأخلاقها وتعاطفها». وأضاف أن «الجيش التركي يتميز بفاعليته وقدرته على الردع واحترامه. لن تروا مثل هذا السلوك من القوات المسلحة التركية، ولن تتمكنوا من رؤيته أبداً».

عرض عسكري للجيش اليوناني بمناسبة يوم الاستقلال (رويترز)
عرض عسكري للجيش اليوناني بمناسبة يوم الاستقلال (رويترز)

وكانت وزارة الخارجية التركية طلبت، الأربعاء، توضيحاً من السلطات في أثينا بعد انتشار مشاهد أظهرت ترديد جنود يونانيين هتافات تحمل إهانات لتركيا. وقالت مصادر بالخارجية التركية إن ما ردده أفراد بالقوات المسلحة اليونانية في عرض عسكري أقيم بالعاصمة أثينا، الثلاثاء، هو «هتافات وقحة»، مؤكدة أن هذا السلوك الذي يهدف إلى تقويض العلاقات التركية - اليونانية «أمر غير مقبول». وبحسب وسائل إعلام يونانية، اتخذت وزارة الدفاع في البلاد إجراءات فورية، وقررت قيادة القوات البحرية بدء تحقيق تأديبي في الأمر. وعدّ حزب «سيريزا» المعارض في اليونان، أن الشعارات التي أُطلقت غير مقبولة، وطالب بالتحقيق في الأمر.

وتتسم العلاقات التركية - اليونانية بالتأرجح، ويعترض جهود التقارب بين البلدين الجارين الكثير من العقبات. وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية، بافلوس ماريناكيس، في مؤتمر صحافي، الاثنين، إنه من غير المرجح عقد اجتماع رفيع المستوى مع تركيا في المستقبل القريب، لمناقشة الخلافات العالقة بينهما منذ وقت طويل، وذلك عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو الذي يعد أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا. وهناك خلافات بين البلدين منذ عقودٍ، حول حدودهما البحرية في بحر إيجه والمجال الجوي، فضلاً عن قضية قبرص المقسّمة عرقياً، وموارد الطاقة في شرق البحر المتوسط...

رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس مستقبِلاً إردوغان خلال زيارته لأثينا في ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس مستقبِلاً إردوغان خلال زيارته لأثينا في ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

وبعد اتفاقهما عام 2023 على طي صفحة الماضي وإصلاح العلاقات، عقد البَلدان اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023، وكان مقرراً عقد دورته الجديدة هذا العام في تركيا، لمناقشة القضايا الثنائية. وقال ماريناكيس إن الوضع في تركيا «مُقلق»، وإن اليونان تُراقبه، وإنها متمسكة بموقفها الرافض لما وصفته بالتنازلات على حساب «سيادة القانون والحريات السياسية». وأضاف: «في ظل الظروف الراهنة، من الصعب، كما تعلمون، عقد اجتماع مجلس التعاون رفيع المستوى بين اليونان وتركيا في أنقرة قريباً». وشهدت العلاقات بين تركيا واليونان مساعي للتقارب بعد الأزمة بينهما حول البحث عن الغاز في شرق البحر المتوسط عام 2020، والتي زالت آثارها بعد الموقف اليوناني المتضامن مع تركيا إزاء كارثة زلزال 6 فبراير (شباط) 2023.

اجتماع تركي - يوناني برئاسة وزيرَي خارجية البلدين في إطار المشاورات السياسية (الخارجية التركية)
اجتماع تركي - يوناني برئاسة وزيرَي خارجية البلدين في إطار المشاورات السياسية (الخارجية التركية)

وعقد البلدان اجتماعات لبناء الثقة بتدخل من حلف «ناتو»، كما استأنفا خلال عام 2024 المشاورات السياسية لبحث الملفات الخلافية والعالقة، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. وتبادل وزيرا خارجية البلدين الزيارات واللقاءات في محافل مختلفة، وتناولت الاجتماعات الخاصة بحل القضايا العالقة قضايا التجارة البينية، والتعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والنقل والتعليم والصحة والبيئة والهجرة، إلى جانب استعراض مجالات التعاون الجديدة التي يمكن إدراجها في هذه العملية ومستقبلها. واتفق البلدان على مواصلة العمل على مبادرات وأجندة إيجابية للحوار غير المشروط من أجل التوصل إلى حلول للمشكلات العالقة بينهما.


مقالات ذات صلة

العثور على جثث 3 من 4 جنود أميركيين فُقدوا في ليتوانيا

أوروبا جنود من الجيش الأميركي إلى جانب أفراد من الجيش الليتواني وخدمات الطوارئ خلال بحثهم عن 4 جنود أميركيين مفقودين بالقرب من منطقة تدريب بالقرب من بابراد... ليتوانيا 27 مارس 2025 (أ.ب)

العثور على جثث 3 من 4 جنود أميركيين فُقدوا في ليتوانيا

أعلن الجيش الأميركي، اليوم الاثنين، العثور على جثث ثلاثة من أربعة جنود أميركيين فقدوا في ليتوانيا الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يدفع حلفاء واشنطن لإعادة فتح النقاش بشأن الأسلحة النووية

يرى خبراء أن هجمات الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حلف «شمال الأطلسي» والنظام العالمي القائم، تقوض ثقة حلفائه تحت المظلة الأمنية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث (أ.ب)

تقرير: زوجة وزير الدفاع الأميركي حضرت اجتماعات حساسة مع مسؤولين عسكريين أجانب

كشفت وول ستريت جورنال أن وزير الدفاع الأميركي الذي يتعرض لانتقادات لمشاركته تفاصيل ضربة عسكرية على الحوثيين عبر «سيغنال» أحضر زوجته اجتماعين تضمنا معلومات حساسة

أوروبا رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن (أ.ف.ب) play-circle

رئيسة وزراء الدنمارك ترد على فانس: نعمل لتعزيز قدراتنا الدفاعية

ردت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن، على ادعاء نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بعدم بذل الدنمارك جهوداً كافية للدفاع في القطب الشمالي.

«الشرق الأوسط» (نوك )
العالم أفراد عسكريون في موقع عملية إنقاذ للجنود الأميركيين المفقودين في ساحة تدريب بابرادي بليتوانيا 28 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ليتوانيا: رجال الإنقاذ وصلوا إلى الدبابة الغارقة في بحثهم عن الجنود الأميركيين المفقودين

تمكن رجال الإنقاذ الذين يبحثون عن 4 جنود أميركيين فُقدوا في ليتوانيا قبل 3 أيام، من الوصول إلى مركبتهم العسكرية، لكن لم يعثروا على الجنود بعد.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)

لاريجاني يحذّر من دفع إيران لإنتاج سلاح نووي

لاريجاني يتحدث للتلفزيون الرسمي الإيراني (الشرق الأوسط)
لاريجاني يتحدث للتلفزيون الرسمي الإيراني (الشرق الأوسط)
TT
20

لاريجاني يحذّر من دفع إيران لإنتاج سلاح نووي

لاريجاني يتحدث للتلفزيون الرسمي الإيراني (الشرق الأوسط)
لاريجاني يتحدث للتلفزيون الرسمي الإيراني (الشرق الأوسط)

حذَّر علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، من تغيير مسار برنامج إيران النووي إذا تعرضت لهجوم من الولايات المتحدة.

وقال المرشد علي خامنئي، الاثنين، إن الولايات المتحدة ستتلقى «صفعة قوية» إذا تصرفت بناءً على تهديدات الرئيس دونالد ترمب بقصف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع واشنطن.

وقال لاريجاني في حديث للتلفزيون الرسمي إن «فتوى المرشد تحرّم السلاح النووي، لكن إذا أخطأت أميركا، قد يضطر الشعب الإيراني إلى المطالبة بتصنيعه».

وأضاف لاريجاني إن «عقلاءهم (الأميركيين) أنفسهم أدركوا أنه إذا هاجموا إيران، فسيدفعونها نحو السلاح النووي».

وسلمت إيران، الاثنين، تحذيراً يتعلق بتهديدات ترمب إلى السفارة السويسرية التي تمثل المصالح الأمريكية وتعمل وسيطاً بين واشنطن وطهران، وعبَّرت طهران في هذا التحذير عن تصميمها على الرد «بحزم وبشكل فوري» على أي تهديد.

وكانت طهران قد تلقت رسالة من الرئيس ترمب مطلع الشهر الحالي، أمهل فيها إيران شهرين لاتخاذ قرار بشأن الدخول في مفاوضات جديدة حول برنامجها النووي، أو مواجهة تحرّك عسكري محتمل.

وقال خامنئي في خطبة عيد الفطر: «في حال اعتدى الأعداء على إيران، فإنهم سيتلقون ضربة شديدة وقوية». وحذَّر الولايات المتحدة وإسرائيل من التفكير في «إثارة الفتنة داخل البلاد مثلما فعلتا في السنوات القليلة الماضية، فإن الشعب الإيراني سيتعامل معهما بنفسه».

وقال لاريجاني إن «الأميركيين لم يوضحوا موقفهم بوضوح في رسالتهم»، وأضاف مخاطباً الولايات المتحدة: «ماذا تريدون من إيران؟ وماذا ستقدمون بالمقابل؟».

وقلَّل لاريجاني من تأثير الخيار العسكري على برنامج بلاده النووي. وقال: «حتى لو هاجمت الولايات المتحدة منشآتنا، فلن تتمكن من تأخير تقدمنا النووي لأكثر من عام أو عامين؛ لأننا اتخذنا التدابير اللازمة لهذا الأمر».

ورأى أن «سلوك ترمب أصبح قضية عالمية، ونعتقد أنه قد يسعى إلى تصرف غير محسوب، رغم أن هذا الاحتمال ضعيف، لكن قواتنا العسكرية في حالة تأهب».

وقال لاريجاني: «لدينا تحليلات خارجية تشير إلى وجود مخططات لخلق الفوضى داخل إيران، بالتزامن مع تحركات من الخارج».

وأضاف: «من المستحيل أن تدفع أي جهة الشعب الإيراني للتخلي عن ثورته».

كما اتهم الولايات المتحدة بممارسة الضغوط على الدول الغربية لمنعها من إقامة علاقات مع طهران. وصرح في هذا الصدد: «معظم الدول الغربية ترغب في إقامة علاقات مستقلة مع إيران، لكنها لا تتخذ موقفاً حاسماً بسبب ضغوط واشنطن».

ودافع لاريجاني في جزء من تصريحاته عن تدخل إيران في سوريا قبل سقوط نظام بشار الأسد. وقال: «الإعلام الغربي يسلّط الضوء على تكاليف إيران في سوريا، لكن الواقع أن هذا التدخل كان ضرورة أمنية وطنية. واجهت إيران وروسيا والعراق وسوريا تهديداً مشتركاً، وكان من المنطقي التعاون لمكافحة الإرهاب».

وأضاف: «ما النتيجة؟ تمكنّا من ردع العدو قبل أن يصل إلى حدودنا، وعززنا أمن المنطقة، وأثبتنا أن الاستثمار في الأمن الوطني كان قراراً صائباً».