إيران تتوعد بردّ «مدمر» على أي تهديد ينفذه ترمب

عراقجي: واشنطن لا تملك الحق في إملاء سياستنا الخارجية

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)
TT
20

إيران تتوعد بردّ «مدمر» على أي تهديد ينفذه ترمب

قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)
قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي في مراسم تنصيب القائد الجديد للمنطقة الغربية (سباه نيوز)

حذَّر «الحرس الثوري» الإيراني من «رد مدمر»، في حال تنفيذ أي تهديد ضد البلاد، نافياً أن تكون إيران هي من يتخذ القرارات نيابة عن الجماعات الحليفة. في الوقت نفسه، رفض وزير الخارجية عباس عراقجي «الإملاءات» الأميركية بشأن «سياسة طهران الخارجية»، بعدما وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنذاراً لإيران بضرورة التوقف عن دعم الحوثيين في اليمن.

وقال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، في تصريحات، اليوم الأحد، إن إيران لن تكون أبداً البادئة في أي حرب، لكنه شدَّد على أنه «إذا هددها أحد، فإن إيران ستردُّ بردود حاسمة ومصيرية وقاطعة».

وأمر ترمب بشنّ ضربات عسكرية كبيرة النطاق على جماعة الحوثي في اليمن، وخاطب إيران محذراً من أي تهديد للولايات المتحدة، قائلاً إن «أميركا ستُحمّلكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لُطفاء في هذا الشأن».

تأتي الضربات الأميركية ضد جماعة الحوثيين، التي تُعدّ إيران الداعم الرئيسي لها، وسط أجواء من الترقب في طهران، بعد أن وجّه ترمب رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث وضع أمامه خيارين للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني: إما عبر الخيار العسكري، أو من خلال إبرام اتفاق يمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.

وفي منشور على منصة «إكس»، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغست: «على إيران أن تفهم أن الهجمات الحوثية ضد السفن والطائرات الأميركية لن تمر دون رد».

أما وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، فقد أكد، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن هذه العملية تهدف إلى ردع الحوثيين، المدعومين من إيران، مشدداً على أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع استمرار الهجمات على الجيش الأميركي والسفن التجارية بالبحر الأحمر.

وفي وقت لاحق، قال قال مستشار الأمن القومي مايكل والتز في تصريح لشبكة فوكس نيوز «لقد حذرنا إيران من أن الكيل قد طفح».

وقال والتز في مقابلة أخرى مع شبكة «إيه بي سي»: «لا يمكن لإيران حيازة سلاح نووي. جميع الخيارات مطروحة على الطاولة لضمان عدم حيازتها سلاحا من هذا النوع».

«لا تعمل في الخفاء»

وندّدت طهران، على لسان المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية إسماعيل بقائي، بالهجوم الأميركي «بشدّة»، قائلة إنه «انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للقانون الدولي».

أما إعلام جهاز «الحرس الثوري» فقد نقل عن قائده حسين سلامي قوله: «إذا هددتم إيران، فستتلقون ردود فعل حاسمة وقاطعة... أيّ تهديد يتحول إلى فعل سيُقابَل بردّ فعل مدمر».

وأضاف سلامي: «الجمهورية الإسلامية لا تتخذ القرارات نيابة عن أي حركة من حركات جبهة المقاومة، بما في ذلك الحوثيون في اليمن». وقال إن بلاده «لا تعمل في الخفاء...نحن نظام معترَف به، لسنا ممن ينكرون أفعالهم، إذا هاجمْنا أحداً أو دعّمنا جهة ما، فنحن نعلن ذلك بوضوح وصراحة»، وفق ما أوردت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتان لـ«الحرس الثوري».

وأشار إلى هجومين شنتهما إيران مباشرة على إسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، ردّت عليهما إسرائيل بضربات نادرة، دون أن تؤدي إلى حرب.

في هذا الصدد، قال سلامي: «كما فعلنا في عملية (الوعد الصادق)، كل خطوة نتخذها نتحمل مسؤوليتها علناً. لا حاجة لأن ننكر أعمالنا، أو نتهرب من مسؤوليتها، فهذه ليست طريقتنا».

واستطرد سلامي: «مرةً أخرى، ينسب الرئيس الأميركي عمليات أنصار الله في اليمن إلى إيران، ويطالبنا بوقف دعمهم. لكننا نؤكد أن اليمنيين أحرار ومستقلون في سياساتهم وقراراتهم». وأضاف أن جماعة الحوثي «تتخذ قراراتها الاستراتيجية والعملياتية بنفسها، ولا تتدخل إيران في صياغة سياساتها الوطنية أو العملياتية. هذا هو الواقع، وما يقال خلاف ذلك محضُ افتراء».

وحذر «أعداء» بلاده من أن «أي تهديد يتحول إلى فعلٍ سيواجه ردّاً صارماً ومدمراً». وأضاف: الشعب الإيراني ليس مُحباً للحرب أو ضعيفاً، لكنه مستعد دائماً للدفاع بحزم عن نفسه، ولن يخضع للترهيب، لن نتردد في الرد بحزم على أي تهديد». وتابع أن «إيران لم تبدأ أي حرب، لكنها جاهزة لأي مواجهة... لقد أثبت الشعب الإيراني، خلال خمسين عاماً من المقاومة، أنه قادر على التصدي لتحالف الشياطين العالمي».

وأشار إلى تحذير ترمب ضِمناً دون أن يذكر اسمه، منتقداً السياسات الأميركية. وقال: «العدو لا يتوقف عن التهديد، لكنه لا يتعلم من أخطائه. كلما واجه هزيمة على يد الشعب الإيراني، عاد ليكرر الاستراتيجيات الفاشلة نفسها».

وقال سلامي إن إيران «ستظل متمسكة بمبادئها، ولن ترضخ للضغوط الخارجية».

كان سلامي يتحدث، صباح الأحد، في مراسم تنصيب القائد الجديد لمنطقة غرب البلاد، في أرومية، وقال إن «إيران تتمتع بأقصى درجات الأمن، رغم التهديدات...تحقيق الأمن في عالم مليء بالاضطرابات ومع وجود أعداء، مثل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلفائهما، يُعد (معجزة) تتطلب تضحيات جسيمة». وقال إن ضمان الأمن في بيئة خطرة كهذه لا يأتي بسهولة».

وقال، في جزء من تصريحاته: «انظروا إلى الفوضى والاضطرابات التي تعاني منها دول المنطقة. لم يواجه أي بلد حجم التهديدات التي واجهتها إيران، ومع ذلك لم يكن هناك بلد أكثر أماناً منها». ولفت إلى أن بلاده «تجاوزت الأزمات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والمعلوماتية والاجتماعية، من خلال الوحدة وتحت قيادة ولي الفقيه».

ازدياد التهديدات العسكرية

ومنذ عودة ترمب إلى السلطة، تصاعدت التهديدات بين إسرائيل وإيران التي تتأهب لصدّ هجوم إسرائيلي محتمَل ضد منشآتها النووية. وأعلنت طهران عزمها الرد على أي عدوان عسكري، لكن بعض الدبلوماسيين الغربيين يرون أن إيران ستواجه تحديات كبيرة في هذا السياق.

وكانت إسرائيل قد استهدفت، العام الماضي، منشآت عسكرية إيرانية، بما في ذلك مصانع لإنتاج الصواريخ، وأنظمة الدفاع الجوي؛ رداً على هجمات إيرانية باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيّرة. وأشار محللون ومسؤولون أميركيون إلى أن هذه الضربات أضعفت القدرات العسكرية التقليدية لطهران، وهو ما تنفيه إيران بشدة.

وهدّدت إسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، إذا لم تفلح الدبلوماسية في احتواء الطموحات النووية لطهران. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الشهر الماضي، بعد اجتماع مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إسرائيل والولايات المتحدة عازمتان على إحباط طموحات إيران النووية ونفوذها في الشرق الأوسط.

جاء ذلك بعدما أصدر الرئيس الأميركي مذكرة تأمر باستئناف استراتيجية «الضغوط القصوى»، التي تبنّاها، خلال ولايته الرئاسية الأولى، لعزل إيران عن الاقتصاد العالمي، ووقف صادراتها النفطية بالكامل، لكن ترمب أبدى انفتاحاً بشأن التوصل إلى اتفاق مع طهران.

وحذّر خامنئي، الأربعاء الماضي، من عواقب أي ضربة عسكرية تستهدف إيران، وقال: «إيران لا تسعى إلى الحرب، لكن إذا ارتكب الأميركيون أو حلفاؤهم أي خطأ، فسيكون ردّنا حاسماً وقاطعاً، وستكون أميركا هي الخاسر الأكبر».

وقال خامنئي: «أميركا تهدد باستخدام القوة العسكرية. وفي رأيي، هذا التهديد غير حكيم؛ لأن الحرب ليست هجوماً من طرف واحد. إيران قادرة على الرد، وبالتأكيد ستُوجه الضربة».

وقبل ذلك بأيام، قال خامنئي، لدى استقباله كبار المسؤولين، إن إيران لن تقبل «إملاءات» واشنطن، لافتاً إلى أن العقوبات لن تدفع بلاده إلى تقديم تنازلات استراتيجية.

وتابع: «إصرار بعض الحكومات المستبدّة على التفاوض ليس لحل المشكلات، بل لفرض مطالب جديدة. لا يتعلق الأمر بالمسألة النووية فحسب، بل بقدراتنا الدفاعية ونفوذنا الإقليمي، مع من نتواصل أو لا نتواصل، وحتى مدى صواريخنا».

وفي تكرار لتصريحات خامنئي، قال وزير الخارجية عباس عراقجي، اليوم، إن الولايات المتحدة «ليس لها الحق في إملاء» سياسة إيران الخارجية. وكتب عراقجي، على منصة «إكس»: «الحكومة الأميركية ليس لديها سلطة ولا حق في إملاء سياسة إيران الخارجية»، داعياً إلى «وقف قتل الشعب اليمني».

ورأى الوزير الإيراني أن الوقت الذي كانت فيه واشنطن قادرة على إملاء السياسة الخارجية لطهران، انتهى في عام 1979، في إشارة إلى الثورة التي أطاحت بنظام الشاه، والتي أدت إلى صعود نظام الحكم الثيوقراطي.

مذكرة ترمب

وشددت مذكرة ترمب على أن إيران «عدائية ضد الولايات المتحدة وحلفائها منذ 1979»، وأكد عزمه التصدي لسلوك إيران الإقليمي، خصوصاً دعم الوكالاء». وأكد ترمب، في مذكرته، أن إيران «تُعدّ الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب على مستوى العالم»، قائلاً إن إيران «ساعدت في دعم كثير من الجماعات الإرهابية، مثل (حزب الله) و(حماس) والحوثيين و(طالبان) و(القاعدة)، وشبكات إرهابية أخرى»، بالإضافة إلى التذكير بتصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية.

كما تشير المذكرة إلى أن الحكومة الإيرانية، بما في ذلك «الحرس الثوري»، تستخدم وكلاء ووسائل إلكترونية لاستهداف المواطنين الأميركيين في الداخل والخارج، من خلال الهجمات والاختطاف والقتل.

وقال ترمب إن إيران «تتحمل المسؤولية» عن الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وكذلك «الهجمات الحوثية ضد البحرية الأميركية وحلفائها».

وصنّف ترمب، في ولايته الأولى، قوات «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب في أبريل 2019، ثم أصدر تعليمات بتوجيه ضربة عسكرية قضت على مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، الذي تعهّد حينذاك بأن تشن قواته والجماعات المرتبطة بها حرباً «غير متكافئة» ضد الولايات المتحدة، دون أن تؤدي إلى حرب مباشرة.


مقالات ذات صلة

بوتين يهدي الرئيس الأميركي «لوحة» رسمها لترمب

العالم صورة مدمجة تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

بوتين يهدي الرئيس الأميركي «لوحة» رسمها لترمب

أكد الكرملين، الاثنين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهدى الرئيس الأميركي «لوحة» رسمها لترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك لدى إعلانه آخر سيارات «تسلا» في 14 مارس 2019 (أ.ب)

ماسك: أعضاء «إدارة الكفاءة الحكومية» يتلقون يومياً تهديدات بالقتل

قال الملياردير إيلون ماسك مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، إن أعضاء «إدارة الكفاءة الحكومية» التي يرأسها يتلقون تهديدات بالقتل يومياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في اليوم الثاني من جولته الانتخابية للحزب الليبرالي يشارك بمؤتمر صحافي في نيوفاوندلاند... كندا 24 مارس 2025 (رويترز)

رئيس وزراء كندا: مستعد لإجراء مكالمة مع ترمب لكن بشروطنا

قال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، الاثنين، إنه مستعد لإجراء مكالمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب لكنه سيفعل ذلك «وفقا لشروطنا كدولة ذات سيادة».

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يجريان مكالمة هاتفية (أ.ف.ب)

ترمب يتوقع توقيع اتفاق بشأن معادن أوكرانيا قريباً

قال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، اليوم الاثنين، إنه يتوقع توقيع اتفاق لتقاسم عائدات المعادن الأوكرانية النادرة بين واشنطن وكييف قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلوّح بيده لدى وصوله إلى البيت الأبيض في واشنطن 23 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ترمب يطلب إزالة صورته في مبنى الكابيتول بكولورادو: «لا أحد يحب الصورة السيئة»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقد صورةً مُعلقة في مبنى الكابيتول بولاية كولورادو رُسمت خلال ولايته الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إسرائيل توقع اتفاقا مع «سيكورسكي» لتعديل مروحيات عسكرية

مروحية من طراز «سي.إتش-53 كيه بيري» (أرشيفية)
مروحية من طراز «سي.إتش-53 كيه بيري» (أرشيفية)
TT
20

إسرائيل توقع اتفاقا مع «سيكورسكي» لتعديل مروحيات عسكرية

مروحية من طراز «سي.إتش-53 كيه بيري» (أرشيفية)
مروحية من طراز «سي.إتش-53 كيه بيري» (أرشيفية)

أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية اليوم الاثنين أنها وقعت عقدا بمئات الملايين من الدولارات مع شركة سيكورسكي التابعة للوكهيد مارتن لدمج أنظمة إسرائيلية في 12 مروحية من طراز «سي.إتش-53 كيه بيري»، والتي هي قيد التصنيع حاليا.

وهذه التعديلات من متطلبات سلاح الجو الإسرائيلي، وهي جزء من صفقة مبيعات عسكرية أجنبية مُوقعة بين إسرائيل والولايات المتحدة قبل عدة سنوات، ولكن لم يُعلن عنها إلا اليوم الاثنين. وأضافت الوزارة أن تجميع الطائرات الهليكوبتر جار حاليا في مقر شركة سيكورسكي في ستراتفورد بولاية كونيتيكت.

وستفتح سيكورسكي خط إنتاج منفصلا لتعديل كل طائرة لتصبح متوافقة مع متطلبات مهام عمليات سلاح الجو الإسرائيلي بدلا من وضعها الحالي المتوافق مع معايير سلاح الجو الأميركي.