نأى «الحرس الثوري» الإيراني بنفسه من اعترافات نادرة للقيادي السابق، محسن رفيق دوست، بشأن مسؤوليته عن تنفيذ اغتيالات سياسية في عدة دول أوروبية استهدف وجوهاً إيرانية معارضة بارزة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
وأفاد الجنرال السابق، الذي شغل حقيبة لـ«الحرس الثوري»، إبان الحرب الإيرانية - العراقية، في حديث صحافي بأنه أمر شخصياً بتنفيذ عمليات اغتيال عدة معارضين يقيمون في الخارج.
كما أشار إلى دور القائد السابق لـ«الحرس الثوري»، محسن رضائي، وهو أحد الأعضاء البارزين في «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، في تنفيذ تلك الاغتيالات.
وكشف رفيق دوست عن تجنيد مقاتلين من منظمة «إيتا» الانفصالية في إقليم الباسك الإسباني، لتنفيذ عمليات الاغتيال مقابل مبالغ مالية. وقال: «عادة ما كان شبان الباسك ينفذون المهام، دون أن يتركوا أي أثر خلفهم، وطلبوا دفع أموال مقابل هذه الجرائم، ودفعنا الأموال لرجل دين مصري مقيم في ألمانيا».
وتطرق إلى عمليات اغتيال منفصلة في فرنسا وألمانيا، في تلك الحقبة، وأبرزها رئيس الوزراء الإيراني الأسبق شاهبور بختيار، والفريق غلام علي أويسي، قائد القوات البرية في الجيش الإيراني، وشهريار شفيق نجل أشرف بهلوي شقيقة شاه إيران السابق. وكذلك الشاعر والمغني البارز، فريدون فرخزاد.
وأشار رفيق دوست إلى محاولة اغتيال بخيار الأولى في باريس سنة 1980، التي سُجن فيها اللبناني أنيس نقاش، وقال إنه هدد وزير الخارجية الفرنسي بتفجيرات وعمليات اختطاف لطائرات مدنية في حال لم يطلق سراح النقاش.
وأصدر الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت، فرنسوا ميتران، عفوا عنه وعمَّن شاركوه في العملية، في عام 1990، قبل عام من اغتيال بخيار في 1991 طعناً بالسكين أمام باب منزله في باريس.
وسارعت وسائل إعلام حكومية إيرانية لنفي تصريحات رفيق دوست، وذلك بما يتماشى مع الموقف الرسمي للسلطات التي تنفي أي دور لها في اغتيالات تطال المعارضين في الخارج.
ولطالما لعب رفيق دوست دور المحلل والمنظر في وسائل الإعلام الإيرانية، خصوصاً تلك المؤيدة لـ«الحرس الثوري».
تأتي اعترافات رفيق دوست بعد نحو شهر من حصوله على تكريم خاص من قوات «الحرس الثوري»، في مراسم حملت عنوان «رفيق الثورة».
ومن شأن تصريحات رفيق دوست، أن تسلط الضوء أكثر على أنشطة «الحرس الثوري» العابرة للحدود، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي، مع سعي أطراف في الكتلة لتصنيف «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب.
وحاولت قوات «الحرس الثوري» نفي تصريحات رفيق دوست، التي أثارت حرجاً داخلياً على مراحل، بدأت ببيان مقتضب من مكتبه، قبل أن يدخل المتحدث باسم «الحرس الثوري» على خط السجال الدائر.
وقال مكتبه في بداية الأمر إنه «خضع في السنوات الماضية لعملية جراحية في الدماغ، وترتبت عليها آثار جانبية، مما قد يجعله يخطئ في تذكر بعض الذكريات والأسماء». وأضاف: «لا يمكن اعتماد التصريحات المذكورة من الناحيتين القانونية والتاريخية».
وقال المتحدث باسم «الحرس الثوري»، علي محمد نائيني، الثلاثاء، إن «التصريحات الأخيرة لمحسن رفيق دوست في إحدى وسائل الإعلام غير صحيحة وغير واقعية»، مضيفاً أنها «تعبر عن آرائه الشخصية فقط».
وأضاف نائيني أن «رفيق دوست لم يكن له أي مسؤولية أو دور في القضايا الاستخباراتية أو الأمنية أو العملياتية لـ(الحرس الثوري)».
وبحسب المتحدث، كانت معظم مسؤوليات رفيق دوست «تقتصر على تأمين الإمدادات والدعم اللوجيستي لـ(الحرس الثوري) خلال فترة حرب الخليج الأولى».