دعوات إيرانية لتبني مقاربة جديدة للتفاوض مع ترمب

والتز: الضغط على طهران سيستمر لعرقلة أنشطتها في المنطقة

مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز يتحدث في مؤتمر العمل السياسي المحافظ «سي باك» يوم الجمعة في ولاية ماريلاند (أ.ب)
مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز يتحدث في مؤتمر العمل السياسي المحافظ «سي باك» يوم الجمعة في ولاية ماريلاند (أ.ب)
TT

دعوات إيرانية لتبني مقاربة جديدة للتفاوض مع ترمب

مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز يتحدث في مؤتمر العمل السياسي المحافظ «سي باك» يوم الجمعة في ولاية ماريلاند (أ.ب)
مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز يتحدث في مؤتمر العمل السياسي المحافظ «سي باك» يوم الجمعة في ولاية ماريلاند (أ.ب)

دعت صحيفة إيرانية مقربة من حكومة الرئيس مسعود بزشكيان، إلى تبني مقاربة جديدة للتفاوض مع الولايات المتحدة، مستندةً إلى «تشجيع» عدد من الدول العربية وعروض الوساطة لذلك، بالإضافة إلى تغيير لهجة المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم الرئيس دونالد ترمب، مفسرةً هذه التطورات بأنها «مؤشر» على تهدئة الأجواء بين طهران وواشنطن.

جاء ذلك في وقت أكد فيه مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، فاعلية استراتيجية «الضغط القصوى» التي تتبعها الإدارة الأميركية تجاه إيران، مشيراً إلى استمرار هذه السياسة في عرقلة الأنشطة الإيرانية المقلقة، بما في ذلك برنامجها النووي ودعمها «الوكلاء» في المنطقة.

وطالبت صحيفة «جمهوري إسلامي» المحسوبة على المعتدلين في إيران، بضرورة دراسة مبادرات الوساطة التي تلقتها طهران من دول مجاورة، للدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة، لكنها شددت في الوقت نفسه على «عدم ضرورة أن تلعب الدول الوسطية دوراً في مراحل التفاوض».

وقالت: «يمكن أن تكون المفاوضات المباشرة أكثر فائدة من نواحٍ عديدة، وإيران لديها القدرة العالية على الدفاع عن مصالحها الوطنية وتأمين حقوق شعبها بفضل منطقها القوي وخبراتها وقدراتها الذاتية». وقالت: «يجب استغلال هذه الفرصة للتفاوض من موقع القوة، كما حدث في مفاوضات سابقة حيث لم تخسر إيران بل حققت مكاسب كبيرة».

وأشارت إلى أن إيران «تمتلك تجربة ناجحة» في التفاوض مع حكومات مختلفة، مثل مفاوضاتها مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين في نهاية حرب الثمانينات. وقالت: «تجب الاستفادة من هذه التجارب في التفاوض مع دول أخرى، مع تأكيد حظر التفاوض مع الكيان الصهيوني لعدم شرعيته».

ورأت الصحيفة أنه «بعد التطورات الأخيرة في سوريا، يظهر الوضع الإقليمي أكثر تعقيداً مما يبدو. هناك منافسة حادة بين الدول الفاعلة حول مستقبل سوريا، مع استبعاد إيران من هذه المنافسة. لذا، حان الوقت لتعزيز دورنا الإقليمي لضمان حماية مصالحنا الوطنية وأمن المنطقة».

وأضافت: «حان الوقت لأن تركز الحكومات على الشؤون الداخلية، حيث أدى التركيز على القضايا الخارجية إلى إهمال تحسين الوضع المعيشي للمواطنين». وقالت أيضاً إن «قوة النظام تأتِ من داخله، عبر تلبية احتياجات الشعب وضمان حقوقه. القوة الدفاعية تكون فعّالة فقط إذا كانت مدعومة بثقة الشعب. لذا، يجب أن تكون الأولوية لتحسين معيشة المواطنين، مما يعزز قوة النظام وشرعيته».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وقع ترمب مذكرة لإعادة العمل باستراتيجية «الضغوط القصوى» على طهران، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام دبلوماسية تؤدي إلى اتفاق جديد مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مسؤولون إيرانيون إن ترمب يحاول نزع الأسلحة الإيرانية، وإزالة برنامجها النووي. وأمر المرشد الإيراني علي خامنئي، بتسريع وتيرة إنتاج الصواريخ الباليستية.

ويرى ترمب أن إعادة «الضغوط القصوى» بعد تراجع القوة العسكرية الإيرانية يجعلها في موقع دفاعي ضعيف، مما يزيد من احتمال لجوئها إلى طاولة المفاوضات بدلاً من التصعيد العسكري.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، قد دافع (الجمعة) عن السياسات الأميركية تجاه إيران، مؤكداً أن إدارة الرئيس ترمب تعمل على تعزيز سياسة «الضغط القصوى» لمواجهة الأنشطة الإيرانية في المنطقة.

وأشار والتز، في حديثه خلال مؤتمر العمل السياسي المحافظ «سي باك»، إلى أن هذه السياسة «ستضع قدماً على رقبة الاقتصاد الإيراني وستمنع إيران من تمويل وكلائها الإرهابيين».

وتجد طهران نفسها أمام خيار التفاوض مع ترمب، وسط انتكاسات لنفوذها الإقليمي وسخط داخلي متزايد بسبب الاقتصاد. ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة» نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الأسد، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

وأوضح والتز أن «إيران ووكلاءها، مثل حزب الله والحوثيين وحماس والميليشيات في العراق، كانوا يعانون سابقاً من نقص التمويل بسبب سياسات الضغط القصوى»، مؤكداً أن الإدارة «تعمل على إعادة تفعيل تلك السياسات الفعالة». وأضاف أن إدارة ترمب «ستستمر في الضغط على إيران لمنعها من تصدير الإرهاب ودعم وكلائها في المنطقة».

كما أكد والتز أن إيران «لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً أبداً»، وقال: «إذا امتلكت إيران سلاحاً نووياً فسيكون تهديداً للعالم وللولايات المتحدة» وأضاف: «سيكون هناك سؤال حول ما إذا كانت جهة عقلانية، وقد تستخدمه لشن هجمات إرهابية تحت مظلة نووية». وأكد أن إدارة ترمب «ستضمن ألا تمتلك إيران سلاحاً نووياً».

وفيما يتعلق بالوضع الحالي في المنطقة، أشار والتز إلى أن «(حزب الله) في لبنان قد تم إضعافه بشكل كبير، وأن هناك فرصة حقيقية في لبنان لم تكن موجودة منذ جيل». كما أكد أن «محور الإرهاب» الذي يمتد من إيران إلى إسرائيل «قد تم تعطيله ويجب الحفاظ على الضغط عليه».

واشنطن ترحب بقرار «فاتف»

في سياق موازٍ، رحبت وزارة الخزانة الأميركية بقرار مجموعة «فاتف» المالية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إبقاء إيران على لائحتها السوداء، وذلك في ختام الاجتماع الفصلي للمجموعة بمقرها في باريس، يوم الجمعة.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت، في بيان: «ترحب الولايات المتحدة بإعادة تأكيد فريق العمل المالي للإجراءات المضادة ضد إيران بسبب مخاطر تمويل الإرهاب الصادرة عن ذلك البلد، وكذلك العمل المستمر لتعزيز النظام المالي الدولي ضد جميع أشكال التمويل غير المشروع».

وتكافح حكومة مسعود بزشكيان من أجل تمرير قوانين تتيح لإيران قبول قواعد مجموعة «فاتف»، بما في ذلك قبول «اتفاقية باليرمو لمكافحة الجريمة المنظمة»، واتفاقية «سي إف تي» لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

صورة نشرها موقع «تشخيص مصلحة النظام» من جلسة أعضائه حول اتفاقية «فاتف» الأسبوع الماضي

وقبل تولي ترمب مهامه، وافق المرشد الإيراني علي خامنئي على إعادة مناقشة مشروع انضمام إيران إلى «فاتف»، حيث ينتظر قرار «مجلس تشخيص مصلحة النظام» بشأن حسم الخلافات بين الأجهزة المعنية بتمرير القانون.

وتجمدت الخطة في عهد حكومة حسن روحاني، بعدما أثارت خطتها خلافات كبيرة مع البرلمان ومجلس صيانة الدستور؛ الهيئة التي تراقب تشريعات البرلمان وقرار الحكومة.

وأدت تلك الخلافات إلى إحالة الملف إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام، الهيئة الاستشارية التي يختار المرشد الإيراني تشكيلها، وتضم كبار المسؤولين، وتنظر في حل الخلافات بين السلطات، وتقدم المشورة للمرشد في القضايا المهمة.

وحينها، قالت الأوساط المؤيدة لأنشطة «الحرس الثوري» في الخارج، إن قبول قواعد «فاتف» سيقيد تمويل جماعات مسلحة يرعاها «فيلق القدس»، الذراع الخارجية للحرس، على رأسها «حزب الله» اللبناني.

وقال عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومستشار المرشد الإيراني، غلام علي حداد عادل، الأحد، إن موضوع «فاتف»، «لم يتم طرحه بعد في مجلس التشخيص مصلحة النظام... لا يمكن التنبؤ بنتيجته».

وأضاف: «يسعى المجلس إلى أن تتم دراسة (فاتف) بشكل منطقي ووفقاً للمصالح الوطنية. سيتم تحديد ما هو في مصلحة الوطن بعد إجراء المراجعات، والاستماع إلى الطعون، والحصول على التصويت النهائي»، حسبما أوردت وكالة «أرنا» الرسمية.

حقائق

مجموعة العمل المالي (فاتف)

• هيئة عالمية للحكومات معنية بمكافحة تدفقات الأموال غير المشروعة.

• أُسست في 1989 ومقرها باريس.

• تدعم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب عبر وضع قواعد عالمية والتحقق مما إذا كانت الدول تحترم تلك القواعد.



مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

نقل تلفزيون «العالم» عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
TT

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله، اليوم (السبت)، إن إيران في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا، مشيراً إلى أن هذه البلدان لا تريد لإيران النهوض.

وأضاف بزشكيان أن إسرائيل اعتقدت أن عدوانها على إيران سيؤدي إلى انهيار النظام، لكن ذلك لم يحدث، مؤكداً قدرة بلاده على تجاوز الضغوط والعقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني أن الجيش أكثر قوة الآن عما كان عليه قبل الحرب مع إسرائيل، وتعهد بتلقين إسرائيل والولايات المتحدة درساً «أشد قسوة» إذا تكررت الاعتداءات الإسرائيلية والأميركية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال، يوم الاثنين الماضي، إن أي تحرك من جانب إيران سيُقابل برد عنيف، مؤكداً أن إسرائيل لا تسعى إلى مواجهة مع إيران، مشيراً إلى أن إسرائيل تتابع مناورات إيرانية.

وشنّت إسرائيل هجوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، وقتلت عدداً من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين في الساعات الأولى من الحرب التي استمرت 12 يوماً، وتدخلت الولايات المتحدة في نهايتها عندما قصفت أهم المنشآت النووية الإيرانية بقنابل خارقة للتحصينات.


عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
TT

عبدي يزور دمشق خلال أيام لبحث تنفيذ اتفاق الاندماج

عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)
عناصر من «قسد» أثناء تحركات في حلب (أ.ف.ب)

يتوقع أن يزور قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي دمشق خلال أيام للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث التنفيذ العملي لاتفاق اندماجها في الجيش السوري الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر في حلب بين فصائل تابعة لوزارة الدفاع السورية و"قسد"، وسط اتهامات سورية وتركية لها بالمماطلة في تنفيذ اتفاق الاندماج.

ونقلت وسائل إعلام تركية، السبت، تصريحات أدلى بها مصدر في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا لوسائل إعلام كردية، أن عبدي سيزور دمشق في الأيام المقبلة للقاء الشرع.

وبحسب ما ذكرت شبكة «روداو» الإخبارية، يؤكد ممثلو الإدارة الذاتية أن المفاوضات بين الإدارة ودمشق تجاوزت مرحلة «المناقشات النظرية» ودخلت مرحلة التنفيذ العملي لاتفاق 10 مارس، وأنها تتمحور حول نقاط رئيسية تُنبئ بتغييرات جوهرية في البنية العسكرية والاقتصادية والإدارية لسوريا.

قائد «قسد» مظلوم عبدي (رويترز)

وأضافت أنه «تماشيًا مع مبدأ (لا جيشين في بلد واحد)، يُخطط لدمج (قسد) في الجيش السوري، وستُقرر لجنة عسكرية مشتركة كيفية توحيد الفصائل المسلحة المختلفة تحت مظلة واحدة».

اتهامات وتحذيرات

في الوقت ذاته، انتقدت قيادات كردية سياسة تركيا تجاه سوريا والتلويح المتكرر بالتدخل العسكري ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مؤكدة أن أكراد سوريا لا يسعون إلى تقسيم البلاد.

وقال القيادي البارز في «العمال الكردستاني» عضو المجلس التنفيذي لاتحاد مجتمعات كردستان، مصطفى كاراصو، إن «مقاربات الدولة التركية بشأن سوريا غير صحيحة، فتركيا تعارض الحرب في غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا، بمعنى أنها تعارض الحرب وتريد السلام، لكنها في الوقت ذاته تقول إنها ستتدخل في سوريا إذا لم تنفذ «قسد» اتفاق الاندماج... كيف يعقل هذا المنطق؟».

وأضاف كاراصو، في تصريحات لوسائل إعلام كردية نقلتها صحف تركية، السبت، أن تركيا تقول إنها تريد السلام في كل المناطق، لكنها تريد الحرب ضد الأكراد، مؤكداً أن «بإمكان الأكراد وحكومة دمشق مناقشة وحل مشاكلهم بأنفسهم؛ لأن هذه مشكلة داخلية والأكراد لا يقولون دعونا نقسم سوريا، لا يوجد مثل هذا النهج».

القيادي في حزب «العمال الكردستاني» مصطفى كاراصو (إعلام تركي)

وشدد على أن تركيا بحاجة إلى تغيير سياستها تجاه سوريا القائمة على محاولة فرض خطواتها من خلال الضغط والتهديد، مضيفاً: «الأمر في أيدي قوى متعددة، نعم، هناك قوى مختلفة متورطة، الأمر لا يقتصر على تركيا وحدها؛ فقوى أخرى تُثير الفتن في سوريا، أفضل ما يُمكن فعله هو ضمان الاستقرار في سوريا، لكن الاستقرار لا يتحقق بإثارة الصراع وزرع الفتنة بين دمشق وإدارة شمال وشرق سوريا».

وحذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مؤخراً، من نفاد صبر تركيا والأطراف الأخرى المعنية باتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري، مؤكداً أنه لا يوجد أي مؤشر على أنها تتخذ خطوات لتنفيذ الاتفاق.

الشرع خلال لقائه مع الوفد التركي في دمشق في 22 ديسمبر (الدفاع التركية - إكس)

كما اتهمت أنقرة ودمشق، خلال مؤتمر صحافي مشترك لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره التركي هاكان فيدان في دمشق، الاثنين الماضي، «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع بين قائدها مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

وبينما كان وفد تركي يضم فيدان ووزير الدفاع، يشار غولر، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، يجري محادثات في دمشق شملت لقاء مع الشرع، أقدمت «قسد» على خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستهدفت نقاطاً قرب دوارَي الشيحان والليرمون شمال حلب، فيما اعتبر رسالة موجهة إلى دمشق وأنقرة.

تصعيد في حلب

وتجددت الاشتباكات، ليل الجمعة - السبت، بين «قسد» وفصائل تابعة للقوات الحكومية السورية في شمال حلب.

مسلحون من «قسد» عند أحد الحواجز في حي الشيخ مقصود في حلب (إكس)

وقالت قوى الأمن الداخلي (الآشايس) التابعة لـ«قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة بدأت هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية على حيي الشيخ مقصود والأشرفية، بعدما استهدفت حاجزاً لها في محيط دوار الشيحان بحي الشيخ مقصود بقذيفتي «آر بي جي»، وإنها قامت بالرد على الهجوم.

ويشكل هذا التصعيد خطراً على مسار المفاوضات بين «قسد» ودمشق بشأن تنفيذ اتفاق 10 مارس.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، الجمعة، إن التصريحات الصادرة عن قيادة «قسد» بشأن الاندماج ووحدة سوريا لم تترجم إلى خطوات عملية أو جداول زمنية واضحة، ما يثير تساؤلات حول جدية الالتزام بالاتفاق.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأكد المصدر أن استمرار وجود تشكيلات مسلحة خارج إطار الجيش السوري، بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، وينسحب الأمر ذاته على السيطرة الأحادية على المعابر والحدود واستخدامها كورقة تفاوض.

وكان وزير الدفاع التركي يشار غولر، طالب، في تصريحات الأسبوع الماضي، «قسد» بإعلان خريطة طريق واضحة بشأن تنفيذ الاتفاق، لافتاً إلى أن تركيا جاهزة لجميع الاحتمالات.

تدخلات تركية

وصرّح عضو الهيئة الرئاسية في حزب «الاتحاد الديمقراطي» (الكردي) في سوريا، صالح مسلم، بأن الفصائل التابعة للحكومة التي تحاصر حيي الشيخ مقصود والأشرفية تتلقى الأوامر بشكل مباشر من تركيا وليس من دمشق.

صالح مسلم (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)

وزعم مسلم أن تركيا تهدف من وراء هذا التصعيد إلى إشعال الساحة السورية وإفشال اتفاق اندماج «قسد»، وأن السياسة التركية تسعى لكسر «الإرادة الكردية والديمقراطية في سوريا».

ولفت إلى أن اتفاق الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بين المجلس العام لحيي الشيخ مقصود والأشرفية مع الحكومة السورية استهدف ترسيخ العيش المشترك وتعزيز السلم الأهلي في مدينة حلب، وأكد خصوصية الحيين، وأن تتولى قوى الأمن الداخلي (الآشايس) مع وزارة الداخلية في الحكومة السورية مسؤولية حماية الحيين، إلا أن المسلحين «المنفلتين» يعرضون هذه الاتفاقية للخطر.


تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
TT

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)
صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة، واستخدامهما المتزايد لأدوات مالية غير تقليدية للالتفاف على القيود المفروضة على أنظمتهما المصرفية.

وذكرت صحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية، في تقرير نشر يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025، أن مصادر متخصصة في تتبّع حركة العملات الرقمية عبر تقنية «البلوكتشين» كشفت عن شبكة معّدة لغسل الأموال، يديرها عنصر كوري شمالي، جرى من خلالها تحويل أموال رقمية إلى جهات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

محفظة عملات

وحسب التقرير، أظهرت تحقيقات أجرتها شركة «تي آر إم لابز» المتخصصة في تحليل الجرائم المالية المرتبطة بالعملات الرقمية، أنه خلال العام الحالي تم تحويل مبالغ بالدولار من محفظة عملات رقمية تعود إلى شخص يُدعى سيم هيون - سوب، وهو كوري شمالي متهم بغسل الأموال، إلى محفظة رقمية يعتقد أنها على صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتُشير الصحيفة إلى أن هذه المعطيات تعزز الشكوك حول لجوء طهران إلى العملات الرقمية بوصفها وسيلة للالتفاف على العقوبات الأميركية، سواء لتحويل الأموال إلى الدولار الأميركي، أو لتسوية مدفوعات مرتبطة بتجارة النفط، في ظل القيود المفروضة على القطاع المصرفي الإيراني.

وأكَّدت «تشوسون» أن إيران وكوريا الشمالية -وكلتاهما خاضعة لعقوبات أميركية صارمة بسبب برنامجيهما النووي والصاروخي- اتجهتا خلال السنوات الأخيرة بشكل متزايد إلى استخدام أدوات مالية غير شفافة، وفي مقدمتها العملات الرقمية، لتأمين مصادر تمويل بديلة.

ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن اكتشاف هذه التحويلات الرقمية يُمثل دليلاً إضافياً على تداخل الشبكات المالية للبلدين في محاولات التحايل على نظام العقوبات الدولي.

غاسل أموال مطلوب دولياً

ويلعب سيم هيون - سوب، المطلوب من قبل «مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي» (FBI) بتهم غسل الأموال والالتفاف على العقوبات، دوراً محورياً في هذه الشبكة. وذكرت الصحيفة أن السلطات الأميركية رفعت مكافأة القبض عليه، في صيف العام الماضي، من 5 ملايين إلى 7 ملايين دولار.

وسيم هيون، المولود عام 1983 في بيونغ يانغ، تعاون لسنوات مع بنك «التجارة الخارجية» الكوري الشمالي، وهو بنك مدرج على قوائم العقوبات الأميركية. وتشير التحقيقات إلى أنه كان حلقة وصل رئيسية بين النظام الكوري الشمالي وشبكات مالية غير رسمية في الخارج.

ووفق «تشوسون»، نشط سيم بشكل أساسي في الكويت والإمارات، مستخدماً أسماء مستعارة مثل «سيم علي» و«سيم حاجيم»؛ حيث قدّم نفسه ممثلاً لبنك «كوانغسون»، وضمت شبكته عدداً من عمال تكنولوجيا المعلومات الكوريين الشماليين، الذين كانوا يحوّلون العملات الرقمية المتحصل عليها من عمليات اختراق إلكتروني أو من أجور عملهم، بعد تمويه مصدرها، إلى محافظ رقمية يسيطر عليها سيم.

لوحة إعلانية تحمل صوراً لقادة في «الحرس الثوري» قتلوا خلال القصف الإسرائيلي معلقة على جسر على طريق سريع في طهران 14 يونيو الماضي (إ.ب.أ)

مسارات غسل الأموال

وتوضح الصحيفة أن الأموال كانت تحول لاحقاً عبر وسطاء في دولة عربية أو الصين إلى الدولار الأميركي، وبعد المرور بسلسلة معقّدة من عمليات غسل الأموال، كانت تودع في حسابات شركات وهمية أُنشئت في هونغ كونغ.

كما أشارت إلى أن عائدات العمال الكوريين الشماليين العاملين في روسيا والصين ودول أفريقية كانت تدخل هي الأخرى إلى شبكة سيم عبر المسار ذاته.

وأضاف التقرير أن جزءاً من هذه الأموال لم يكن يُحوَّل مباشرة إلى كوريا الشمالية، بل كان يُستخدم لشراء سلع ومعدات، وحتى أسلحة، يحتاج إليها نظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. ومن بين الأمثلة التي أوردتها الصحيفة، استخدام شركة في زيمبابوي لشراء مروحية من روسيا بقيمة 300 ألف دولار، وتسليمها لاحقاً إلى كوريا الشمالية.

كما كشف التقرير عن إنفاق نحو 800 ألف دولار لتأمين مواد أولية تُستخدم في إنتاج السجائر المقلدة، التي تُعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للنظام الكوري الشمالي في السوق السوداء.

ثغرات في النظام المالي

في جزء آخر من التقرير، أشارت «تشوسون» إلى أن عدداً من البنوك الأميركية الكبرى، من بينها «سيتي بنك» و«جي بي مورغان» و«ويلز فارجو»، فشلت في رصد أنشطة غسل الأموال التي قام بها سيم وشبكته، حيث تم تمرير ما لا يقل عن 310 معاملات مالية عبر النظام المالي الأميركي، بقيمة إجمالية بلغت نحو 74 مليون دولار.

واستناداً إلى بيانات صادرة عن «مجموعة العمل المالي» (FATF) وشركة «تشيناليسيس» المتخصصة في تحليل العملات الرقمية، أفاد التقرير بأن عشرات ما يُعرفون بـ«مصرفيي الظل» الكوريين الشماليين ينشطون خارج البلاد، وقد تمكنوا على مدى سنوات من غسل أكثر من 6 مليارات دولار من العملات الرقمية المسروقة لصالح نظام بيونغ يانغ.

وأشارت الصحيفة إلى أنه، رغم صدور مذكرة توقيف بحق سيم هيون - سوب من محكمة فيدرالية أميركية في مارس (آذار) 2023، فإن اعتقاله لا يزال بالغ الصعوبة، بل يكاد يكون مستحيلاً، نظراً لتعقيدات ملاحقته عبر الحدود.